النووي كتب:
بدء أمر الكعبة المشرفة
قال الله تعالى:( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة)
عن أبي ذر- رضي الله تعالى عنه- قال: قلت يا رسول الله أي مسجد وضع أول؟ قال:
( المسجد الحرام ). قلت: ثم أي؟ قال:( المسجد الأقصى). قلت: كم بينهما؟ قال( أربعون سنة) .
عن سيدنا علي- رضي الله تعالى عنه- في الآية قال: ( كانت البيوت قبله ولكنه أول بيت وضع لعبادة الله تعالى ).
عن عطاء بن أبي رباح- رحمه الله تعالى- قال: لما أهبط الله تعالى آدم كان رجلاه في الأرض ورأسه في السماء يسمع دعاء أهل السماء فأنس بهم، فهابت الملائكة منه حتى شكت إلى الله- تعالى- في دعائها وفي صلاتها فأخفضه الله إلى الأرض، فلما فقد ما كان يسمع منهم استوحش حتى شكا إلى الله عز وجل- في دعائه وفي صلاته فتوجه إلى مكة فكان موضع قدميه قرية وخطوه مفازة حتى انتهى إلي مكة، وأنزل الله- تعالى- عليه ياقوتة من ياقوت الجنة فكان على موضع البيت الآن فلم يزل يطاف به حتى أنزل الله- تعالى- الطوفان فرفعت تلك الياقوتة.
عدد المرات التي بنيها البيت
الأولى: عمارة الملائكة
عن علي بن الحسين- رضي الله تعالى عنهما- أن رجلا سأله: ما بدء هذا الطواف بهذا البيت لم كان؟ وأنى كان؟ وحيث كان: فقال: أما بدء هذا الطواف بهذا البيت فإن الله تعالى قال للملائكة: إني جاعل في الأرض خليفة فقال الملائكة: أي رب خليفة من غيرنا ممن يفسد فيها ويسفك الدماء ويتحاسدون ويتباغضون ويتباعدون أي رب اجعل ذلك الخليفة منا، فنحن لا نفسد فيها ولا نسفك الدماء ولا نتباغض ولا نتحاسد، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ونطيعك ولا نعصيك. قال الله سبحانه وتعالى: إني أعلم ما لا تعلمون.
قال: فظنت الملائكة أن ما قالوا رد على ربهم عز وجل، وأنه قد غضب عليهم من قولهم، فلاذوا بالعرش ورفعوا رؤوسهم وأشاروا بالأصابع يتضرعون ويبكون إشفاقا لغضبه فطافوا بالعرش ثلاث ساعات، فنظر الله تعالى إليهم فنزلت الرحمة عليهم، فوضع الله سبحانه وتعالى تحت العرش بيتا على أربع أساطين من زبرجد وغشاهن بياقوتة حمراء وسمى البيت الضراح ثم قال للملائكة: طوفوا بهذا البيت ودعوا العرش. فطافت الملائكة بالبيت وتركوا العرش فصار أهون عليهم، وهو البيت المعمور الذي ذكره الله تعالى، يدخله كل يوم وليلة سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبدا.
ثم إن الله سبحانه وتعالى بعث ملائكة فقال: ابنوا لي بيتا في الأرض بمثاله وقدره. فأمر الله سبحانه وتعالى من في الأرض من خلقه أن يطوفوا بهذا البيت كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور.
المرة الثانية: عمارة سيدنا آدم صلى الله عليه وسلم
عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بعث الله تعالى جبريل إلى آدم وحواء فقال لهما: ابنيا لي بيتا. فخط لهما جبريل- فجعل آدم يحفر وحواء تنقل- حتى أجابه الماء ونودي من تحته: حسبك يا آدم. فلما بناه أوحى الله تعالى إليه أن يطوف به وقيل له: أنت أول الناس، وهذا أول بيت وضع ثم تناسخت القرون حتى حجة نوح، ثم تناسخت القرون، حتى رفع إبراهيم القواعد من البيت»
لمرة الثالثة: عمارة أولاد سيدنا آدم صلى الله عليه وسلم
عن وهب بن منبه- رحمه الله تعالى- أن آدم صلى الله عليه وسلم لما توفي رفعه الله تعالى إلى الجنة ورفع الله تعالى إليه الخيمة التي تقدم ذكرها. قال: وبنى بنو آدم من بعدها مكانها بيتا بالطين والحجارة فلم يزل معمورا يعمرونه ومن بعدهم حتى كان زمن نوح فنسفه الغرق وخفي مكانه.
وذكر السهيلي- رحمه الله تعالى- أن الذي بناه سيدنا شيث بن سيدنا آدم صلى الله عليه وسلم.
المرة الرابعة: عمارة سيدنا إبراهيم وإسماعيل صلى الله عليهما وسلم
عن وهب بن منبه- رحمه الله تعالى- قال: لما أغرق الله الأرض رفع البيت فوضع تحت العرش، ومكثت الأرض خرابا ألفي سنة، فلم تزل على ذلك حتى كان إبراهيم صلى الله عليه وسلم فأمره الله سبحانه وتعالى أن يبني بيته، فجاءت السكينة كأنها سحابة فيها رأس يتكلم، ولها وجه كوجه الإنسان، فقالت: يا إبراهيم، خذ قدر ظلي فابن عليه ولا تزد شيئا ولا تنقص. فأخذ إبراهيم قدر ظلها ثم بنى هو وإسماعيل البيت، ولم يجعل له سقفا، وكان الناس يلقون فيه الحلي والمتاع، حتى إذا كاد أن يمتلئ اتعد له خمسة نفر ليسرقوا ما فيه، فقام كل واحد على زاوية واقتحم الخامس فسقط على رأسه فهلك، وبعث الله سبحانه- عند ذلك حية بيضاء سوداء الرأس والذنب، فحرست البيت خمسمائة عام لا يقربه أحد إلا أهلكته، فلم تزل كذلك حتى بنته قريش.
المرة الخامسة والسادسة: عمارة العمالقة وجرهم
[color=]
المرة السابعة: عمارة قصي بن كلاب[/color]
المرة الثامنة: عمارة قريش
المرة التاسعة: عمارة عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد