#على_أعتاب_الحضرة_المحمدية
(429)
الجزء الثاني: شرح حادثة الإسراء والمعراج في خطوات:
قال تعالى: ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)
(الإسراء 1)
سبحان: تعظم وتنزه وتقدس عن كل ما يخطر ببال المخلوقات.
الذي: لم يقل اسم الله, ولا الرب ولا الرحمن الرحيم ولا أي اسم, أخفى الاسم غيرة على معرفة كنه ما بسببه قال: سبحان.
أسرى: لم يقل الله تعالى: سرى, سار بليل, ولكن أسرى أي: أن السير والحركة كلها لم تكن منه, فكان صلى الله عليه وآله وسلّم محمولاً, لم يسر بنفسه الشريفة, وكل الروايات تجدها بلغة: "أُريت, لِنُرِيَهُ, عُرضت, فُغمست أو فغمسني ...وهذا مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلّم : «حُبِّبَ إِلَيَّ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ».
فلا تتعجب من المعراج, فإنه بقدرة الله, وقل آمنت بالله العظيم, الذي لا يعجزه شيء.
قال السلمي: قال الواسطي: نزه نفسه، أن يكون لأحد في تسيير نبيه عليه السلام حركة أو حظرة فيكون شريكاً في الإسراء والتسيير. وقال أبو يزيد : نزه عما أبدا ولا تعرفه بما أخفى. وقال ابن عطاء : طهر مكان القربة وموقف الدنو عن أن يكون فيه تأثير لمخلوق بحال، فسار بنفسه وسرا بروحه، وسبر بسره فلا السر علم ما فيه الروح، ولا الروح علم ما يشاهد السر، ولا النفس عندها شيء من خبرهما وما هما فيه، وكل واقف مع حده متلق عنه بلا واسطة ولا بقاء بشرية، بل حق تحقق بعبده فحققه وأقامه حيث لا مقام، وخاطبه وأوحى إليه جل ربنا وتعالى.
وقال النصرآباذي: أسقط الأعمال والاعتراضات عن المعراج بقوله: أسرى: ولم يقل سرى؛ لأن القدرة تحمل كل شيء.
بِعَبْدِهِ: لم يقل الله عز وجل اسمه صلى الله عليه وآله وسلّم , مع وصفه بالعبودية, وعبده تقتضي أنه كان صلى الله عليه وآله وسلّم في هذه الليلة روحاً وجسداً, فلو كان روحاً لنص على ذلك, ووصف الله عز وجل لنبيه في حال الإسراء بالعبودية دلالة على أن العبودية أعلى المقامات, ووجود الهاء كضمير (بعبده) دالة على الغيرة في ذكر اسم المحبوب, كما أخفى الحبيب اسمه.
بعبده, دالة على ثاني استخدام للباء, فكانت الباء الأولى باء بسم الله الرحمن الرحيم, على ما شرحناه, وهذه هي الباء الثانية, فعما قريب يكون قاب قوسين أو أدنى.
لَيْلًا: في الليل أسرار الدنو والقرب والنزول, وتكشف عوالم الغيب, ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم نهى أن يسافر الرجل بليل وحده, ففي السفر ليلاً انكشاف عوالم, كما سيأتي في جزئية البرزخ إن شاء الله تعالى.
و "ليل": لامان بينهما ياء, فراجع شرح دعاء سورة يس في لام الأزل, ولام الأبد
مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ: بمكة المكرمة. إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ: وهو في القدس الشريفة, بارك الله فيه وحوله؛ لأنه قبلة معظم الأنبياء والمرسلين, وقال بعض الناس في عصرنا هذا: إن في هذه الآية إعجازاً في أنه لا يمكن العروج إلى السماوات إلا من القدس حيث إن للأرض أبواباً, والباب الرئيسي القريب هو بوابة القدس السماوية. ونسوا أن في ذلك حكمة أعلى, وهي أن البيت المعمور فوق الكعبة بحذائها, فباب السماء فوق الكعبة يختصر المسافة بما لا يتخيل, فإن صعد منها النبي صلى الله عليه وآله وسلّم حُرمت السماوات السبع وسكانها وعمارها من نصيبهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم , فكيف يكون ذلك والمملكة كلها ملك وملكوت في تشوق إلى تشريف سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لها, مابين الكعبة والبيت المرفوع ما نسميه بلغة كمبيوتر في عصرنا هذا Short Cut
وتعظيم الشام عن الحجاز خطة في غاية الخطورة, لا نستطرد فيها في هذا الكتاب.
يتبع بمشيئة الله تعالى
https://www.facebook.com/88810296465583 ... 972200053/