اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm مشاركات: 1435
|
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله وآله أجمعين
هذه مشاركة متواضعة .. موضوعها كلام سيدنا الولى الكبير محيى الدين بن العربى وفتوحاته فى معانى وأسرار سجدات التلاوة الواردة فى القرآن الكريم ... أنقلها لحضراتكم من كتابه المبارك المسمى بالفتوحات المكية ... والله المستعان ومنه القبول .
قال الشيخ الأكبر رحمه الله :
وصل فى ذكر سجود القرآن العزيز
اعلم أن سجدات القرآن العزيز من إحدى عشرة سجدة إلى خمس عشرة سجدة فمنها ما ورد بصيغة الخبر ومنها ما ورد بصيغة الأمر .
السجدة الأولى فمن ذلك فى سورة الأعراف ، فى خاتمتها .
أما الأعراف فهو سور بين الجنة والنار ، باطنه فيه الرحمة - وهو ما يلى الجنة ، وظاهره من قبله العذاب - وهو ما يلى النار منه . وعليه رجال تساوت حسناتهم وسيئاتهم فلم ترجح فى الوزن كفة على كفة ، فلم تثقل موازينهم ولا خفت ، فإنه ما وضع الله لأحد منهم فى ميزانه تلفظه بلا إله إلا الله ، فإنه ما ثم سيئة تعادلها إلا الشرك . وكما لا يجتمع الشرك والتوحيد فى قلب شخص واحد كذلك لا يدخل فى الميزان إلا لصاحب السجلات لسبب آخر نذكره فى هذا الكتاب أو قد ذكرناه فى باب القيامة فيما تقدم .
وأما خاتمة هذه السورة فقوله تعالى ( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا ) وهذه الآية روينا أنها نزلت فى القراءة فى الصلاة ، والسجود ركن من أركان الصلاة .
وختم هذه السورة بذكر الملائكة وسجودهم لله فوصفهم فقال ( إن الذين عند ربك ) وهم المقربون من الملائكة ( لا يستكبرون عن عبادته ) يقول يذلون ويخضعون له ( ويسبحونه ) أى ينزهونه عن الصفات التى لا تليق بهم به وهى التى تقربوا بها إليه من الذلة والخضوع وصدقهم الله فى هذه الآية فى قولهم ( ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) فأخبر الله عنهم بما أخبروه عن نفوسهم ( وله يسجدون ) وصفهم بالسجود له عز وجل مع هذه الأحوال المذكورة .
وقال الله تعالى لما ذكر النبيين عليهم السلام لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وذكر أنه تعالى آتاهم الكتاب والحكم والنبوة قال له ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) وهم بشر مثله فما ظنك بالملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون , وأى هدى أعظم مما هدى الله تعالى به الملائكة .
فسجد هذا التالى فى هذه السجدة اقتداء بسجود الملإ الأعلى وبهديهم .
فمن سجد فيها ولم يحصل له نفحة مما حصل للملائكة فى سجودها من حيث ملكيته الخاصة به ، فما سجدها . وهكذا فى كل سجدة ترد .
ورأى أصحاب الأعراف أن موطن القيامة قد سجد فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما طلب من ربه فتح باب الشفاعة تعظيما لله وهيبة وجلالا ، وسمع الله تعالى يقول ( يوم يكشف عن ساق ) وهو الأمر العظيم الذى قيل فيه ( والتفت الساق بالساق ) أى التف أمر الدنيا بأمر الآخرة ، تقول العرب : كشفت الحرب عن ساقها وهو إذا حمى الوطيس واشتد الحرب وعظم الخطب ، فعلموا أنه موطن سجود .
فلما دعوا إلى السجود هنالك سجد أصحاب الأعراف امتثالا لأمر الله ، فرجحت كفة حسناتهم بهذه السجدة وثقلت فسعدوا لأنها سجدة تكليف مشروعة فى ذلك الموطن عن أمر إلهى فيدخلون الجنة .
|
|