موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 108 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 4, 5, 6, 7, 8
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: المزارات الإسلامية والآثار المصرية ( للعلامة حسن قاسم )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يونيو 02, 2025 1:05 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6411


التعليم فى عصر أحمد بن طولون

وقد بلغ التعليم فى مصر فى عصر ابن طولون مبلغا عاليا لم يبلغه فى عصور أخرى ، أما الأدب العربى فقد بلغ شأوا بعيد المدى ،وحسبك أن تقرأ كتاب المكافأة لأحمد بن يوسف وهو من كتاب الدولة الطولونية وأحد أدبائها النجباء فنجد فيه لوننا من الأدب العربى قد جمع إلىجزالة اللقظ وسلامة المعنى ودفة التصوير وحسن التعبير وفيه ثروة لغوية كبرى ، وهذا القاضى أبو عمرو عثمان النابلسى مؤلف كتاب حسن السيرة فى اتخاذ الحصن بالجزيرة يقول : (( رأيت كتابا قدره اثنتا عشرة كراسة مضمونة فهرست شعراء الميدان الذى لأحمد بن طولون قال : فإذا كانت أسماء الشعراء فى اثنتى عشرة كراسة ، طكم يكون شعرهم ؟ )) وهذا مسجد أحمد بن طولون كان الجامعة العلمية الثانية فى مصر الإسلامية ،تخرج فيها عدد كبير من العلماء كانت لهم نهضة علمية كبرى .

أبناء أحمد بن طولون

مات أحمد بن طولون عن أبناء كثيرة بلغ الذكور منهم غلى سبعة عشرا ابنا رزق بهم من زوجتيه ( مى العراقية – وأبنة أمير إياس فرج القوقاسية ) وبرز من أبنائه خماروية والعباس ونصر وربيعة وشيبان وعدى وفاطمة وعائشة وهذه صاحبة المسجد بالفسطاط .

( والعباسة المنسوب إيها قرية العباسة بمديرية الشرقية ) وكان لابنه خماروية جيش ، وهارون وقطر الندى وهذه خطبت إلى المعتضد وزفت إليه فى مصر فى سنة 281هـ / 894م وعمل لها فرح صار مضرب الأمثال إلى يومنا ، وبقيت أغنية قطر الندى أثرا من هذا الفرح وقبر قطر الندى مع أبيها خماروية بفناء مشهد الأشراف باليصريين ( آل طباطبا 9 على قبر غلوة من عين الصيرة

الوقف الطولونى

لما أتم أحمد بن طولون المسجد وقف عليه أمكنة بمصر منها سوق كامل عرف بسوق الرقيق وأعيان بسوق الأساكفة ( شارع الصليبية حاليا ) وضم إلى وقفه هذا وقفه الآخر على البيمارستان الطولونى الذى بناه فى سنة 259 هـ / 872 م بمدينة العسكر العاصمة الثانية ، وقد تنظر على الوقفين معا حسام الدين لاجين وجدد ما جدده للمسجد مما سلف بيانه من أوقافه ثم تتابع النظر عليه من واحد إلى أخر حتى آل إلى ديوان الأوقاف وما بقى من أعيان الوقف هو ما أدركته الوزارة بسوق الأساكفة وحدرة الحنا وسوق البزازين وقلعة الكبش

( وقف عليه وقفا مستقلا بكتاب وقف صادر فى 21 من ربيع الثانى سنة 697هـ / 1297 م وهو من محفوظات شرعية مصر محصورة برقم 17/3 وقد دفع حسام الدين لاجين هذا الى تجديد المسجد والوقف على مصالحه ما وصلت إليه حال المسجد من تقويض لبعض مفرداته وما أصابه من خلل منذ حريفه فى عهد السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبى على شيوخ الموحدين المغاربة منذ نزولهم به عقب معاهدة الحلف والوحدة والتى عقدت بين هذا السلطان وسلطان المغرب أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدى ( 580 هـ - 5959 هـ ) ( 1184م – 1199م ) وقد تمت هذه المعاهدة بينهما فى سنة 585هـ / 1189م وكان من نصوصها أن يتعاون البلدان على رد العدوان الصليبى وقتال فلوله الرابطة على مشارف الشام ن وقد اشتركت جيوش كل من البلدين فى رد هذا العدوان حتى كفى الله المؤمنين القتال وأحرزت الجيوش العربية نصرا مؤزرا نتيجة هذا التعاون والترابط الوحدوى وقد صار مسجد احمد بن طولون منذ ذلك التاريخ وحى ابن طولون سكنا للمغاربة من المغارب الثلاثة ن ومنهم من أثرى وصارت له ممتلكات بهذا الحى منها الموقوف وغير الموقوف وأظهر آثار هذه الممتلكات قصر المرحوم الحاج محمد بن سالم جلجام من مغاربة جربة بتونس شرقى المسجد وقد أدركنا من المغاربة نزلاء هذا الحى المرحوم الشيخ سعيد الشحافى الجربى وكانينظر على اوقاف المغاربة الحربيين من قاطنى هذا الحى وراعيا لهم )

وقد ذكر ياقوت المستعصمى أن أحمد بنطولون أراد أن يكتب وثائق أحباسه التىحبسها بمصر على المسجد العتيق والبيماستان ، فتولى كتابة ذلك أبو حازم قاضى دمشق واشترك معه أبو جعفر بن محمد بن سلامة الطحاوى الإمام الفقيه الحنفى المعروف ن ويذكر ياقوت فى سياق حديثه لونا من أدب العلماء فيما بينهم فيما يصححون به أغلاط بعضهم البعض بما أسكن الهيبة فى قلوبهم حتى خافهم الناس وأجلوهم وأنزلوهم منازلهم

مهندس مسجد أحمد بن طولون

هذا ما وسعنا أننذكره عن هذا الأثر الخالد المقدس بقى أن نشير إلى تلك الإشارة التى أثيرت حوله وعلق عليها فريق من المستشرقين المتعصبين الذين يكيدون للإسلام والمسلمين واساعين فيما ينشرونه عن المقدسات الإسلامية فى الأمصار ،وهى ان مهندس هذا الأثر نصرانى ليصلوا من ذلك إلى أن الإسلام عرى عن فن إسلامى أصيل ، وأنه إنما يستمد ريادتها من نماذج البيع والكنائس النصرانية واستندوا فى ذلك إلى عبارة واهية وردت فى خطط المقريزى لدى ترجمته لهذا المسجد الجامع من أن ابن طولون كلف احد النصارى السابق تكليفه بحفر عين المغافر ظاهر الفسطاط ببناء مسجده هذا

وهذه العبارة إن لم تكن تحريفا من النساخ من فرغانى إلى نصرانى فما أغناها عن التكذيب إذا علمنا ان ابن طولون فيما ذكر المقريزى فى نفس الترجمة أنه تحاشى ان يدخل فى مسجده أى أثر كنائسى تنزيها له من مخلفات الكنائس ، فرغب فى أن يبنى أساطينه عل ىشكل دعائم سميكة تندمج فى زواياها ، ومنشأ هذه الرغبة فى نفس ابن طولون ابنعت من مشاهدته لجامع المعتصم الذى بناه فى سامراء أى سر من رأى بالعراق غذ كان هدفه من ذلك قوة الاحتمال وبالتالى ما تتميز به هذه الدعائم عن العمد بتيجانها وقواعدها ، فدفعته هذه الرغبة إلى أن يستقدم هذا المهندس الفرغانى نزيل العراق لهذا الغربض ، بل إن ابن طولون لم تقف رغبته عند هذه الدعائم فحسب ، بل رغب فى أن تتوج بنفس الزخارف الجصية التى توجت بها زخارف دعائم مسجد المعتصم وقصره فى عاصمة ملكة سامراء

وقد أبانت البقية الباقية من مسجد المعتصم إلى مخلفات قصره القائمة إلى يومنا بعاصمة ملكه سامرا أن ما يوجد منها فى عقود المسجد الطولونى إلى الزخارف التى تتحلى بها إلى الحفريات الحشبية هى صورة مطابقة للأصل من عقود وزخارف المسجد السامرى ، بل إن وضع المسجد وتصميمه ومئذنته بوضعها الحالى خارج بهو المسجد صورة منقولة منه إلى مسجد ابن طولون ، وقد ايد ذلك ما ذكره المقريزى فى نفس الصدد وما قام به علماء الآثار الإسلامية فى الغرب بالمقارنة بين مفردات جامع سامراء وجامع بن طولون ولا أريد ان استقصاء ذلك إلا بالقدر الذى يرد هذا الزعم الخاطىء والذى يكذب هذه المقالة ويهوى بها ( ويراجع ما كتبه فى هذا الصدر الدكتور احمد فمرى ابن المرحوم صديقنا على بك فكرى فى كتابه مساجد القاهرة ومدراسها )

المعتصم ومسجده

ونستطيع بعد ذلك اأن نبحص مسجد المعتصم لنصل منه إلىتكذيب هذه المقالة تكذيبا قاطعا فوق ما هو بها هذه الأدلة القاطعة ، وهل كان مهندس مسجد المعتصم مصريا أو عراقيا ؟ ونصرانيا أو مسلما ؟

المعتصم هو أبو إسحاق بن محمد بن الخليفة هارون الرشيد العباسى ، ولد سنة 180هـ / 796م وبويع للخلافة سنة 218هـ / 833م ومات سنة 227 هـ / 841م ، وأسس مدينة سامراء فى سنة 221هـ / 835م واتخذ منها قاعدة وأشاد بها قصره العجيب ومسجده الجامع الذى لم يبن مثله فى العراق بما تميز به من المرايا والمئذنة الملوية ذات المنظر العجيب

والثابت فى تاريخ العباسيين أن كل ما بنوه من مساجد ودور وقصور كان بأيد عربية لا دخل للنصرانية فيها ، فالذى تولى بناء مسجد المنصور فى عاصمته بغداد عربى اسمه الحجاج ابن أرطأة والذى مصر له بغداد عبد الله بن محرز يشاركه عمران بن الوضاح ، وليس فى هؤلاء من هو مصرى ، وقد ترجم غير واحد من مؤرخى بغداد لطائفة من المهندسين الذين كانت تضمهم عاصمة الخلافة العباسية الولى والثانية عاشوا فى القرن الثانى الهجرى إلى الرابع ، وكانوا هم القائمون بإشادة مما أسسه الخلفاء من أبنيتهم المختلفة ومن هؤلاء هشام بن عمرو ، وعمارة بن حمزة وربض بن عبد الله وسليمان بنمجالد وغيره هؤلاء فهل يقال بعد ذلك إن ابن طولون يبنى مسجده ويقيم دعائمه على النحو المودود ومنها صورة طبق الأصل بمسجد المعتصم ويعهد ببنائه غلى نصرانى ؟ وهل يجوز بعد ما نزه احمد بنطولون مسجده عن إدخال أى أثر نصرانى فيه ان يقال إن ذلك النصرانى الفكر هو الذى أقام له هذه الدعائم بما يحليها من زخارف جصية تحمل طابعا عربيا خالصا بسكل واضح لا يدع مجالا للشك فآ ان اليدى التى صنعته أيد عربية وهل بعدما ثبت أن ابن طولون لم يستخدم فى عمارة المسجد بناء إلى نجار إلى جصاص إلى نقاش إلى غير ذلك إلا من كان مسلما تقيا يصلى ويصوم كما ذكر ذلك المقريزى فى المصدر نفسه أن يدخل فى مسجده نصرانى يقيم دعائمه ؟ وبعدما ثبت أيضا أن سقف المسجد تحمل اسم أحد من اشتركوا فى تشييده وهو محمد ابن عبيد وآخر اسمه محمد ؟ وبعدما سن ابن طولون إدخال الفن العباسى فى بناء الدور فى مصر لشدة إعجابه به ؟ هذا ما يجله العقل ولا سبيل للوثوق به ولا فرض صحته ، وفضلا عن ذلك فقد تواطأ عدد من المؤرخين على ان مهندس جامع ابن طولون اسمه الفرغانى أى من أهالى فرغانة وبالرغم من ذوبان اسمه بين احمد وسعيد فقدكفانا هذا اللقب وبالبحث عنه ، ونحن لا يهمنا إن كان الفرغانى فى هذا او ذاك هو مهندس الجام عالطولونى إنما الذى يهمنا تكذيب هذه المقالة المرذولة لا لشىء سوى تعليق نفر من متعصبى الاستشراق عليها نيلا من قدسية هذا المسجد الجامع وحين ظهر كذبهم وافتراؤهم وقلبهم الحقائق بما كسفت عنه حفريات مسجد المعتصم وجوسقه بسامراء وقورن ما وجد من دعائم المسجد وزخارف المسجد بما وجد من مثيلها فى مسجج أحمد بنطولون قدما بقدم وحذوا بحذو خرصوا ولم يجدوا بعد منفذا ينفذون بسهامهم إليه والى المقدسات الاسلامية ومسجد ابن طولون وإن ثبت أنهصورة مصغرة من مسجد المعتصم بيد أن هذه الصورة تبدو فى دعائمه وزخارفه الجصية والبعض من مفرداته ، أما باقى شكل المسجد فيصور لنا نظاما يحمل الطابع الاسلامى الذى بنيت عليه المساجد الاسلامية الأولى ويبدو ذلك فى تربيعة وصحنه الكشوف إلى بعض مفردات أخرى تحمل الطابع العربى الأول

ومما هو جديد بالذكر أن احمد بن طولون قضى وقتا طويلا من حياته الأولى فى العراق متنقلا بين بغداد وسامراء متأثرا بكل ما فى العاصمتين فى بناء لقصور العباسيين ومنشآتهم إذ كان جميها مما يلفت النظر ويدعو الى الأعجاب بما كانت تحمله من طابع ريادى رائع ، وهذا ماأتى تأثره بالفن العباسى الذى ادخله العباسيون عل ىمنشآتهم بالاقتباس من الفن الساسانى بعد ما أصقلوه بالفن العربى الأصيل واكثر ما تأثر به بن طولون الصور التى بناها كل من المعتصم والمتوكل بسامراء ما بين سنتى 220هـ - 240 هـ / 835 – 854م كفصر المنقود جنوبى سامراء والجوسق والمسجد بسامراء ، وقد ظهر تأثره فى هذا فيما أدخله من هذا الفن فىمسجده وقصره ، وفيما رسم به لأهل مصر ان يدخلوه فى دورهم وقصورهم ليجعل فى مصر صورة تحمل هذا الطابع الفريد وفى هذا الوجه مضت مصر فى الفترة التى قضاها ابن طولون فى مصر متأثرة بهذا الفن إلىحد كبير ن وهذا ما اكدته حفريات الفسطاط عن وجود دار عظيمة بجهة كرم الجارح ( خرطة أبو السعود الجارحى ) كانت مملوكة لأحد سراة مصر وهو المدعو إبراهيم البغدادى ، وتأكد من المفردات التى تخلف منها أنها صورة مصغرة طبق الأصل من قصور سامراء وأخصها قصر المعتصم ، فدعائمها ذات التيجان وزخارفها الجصية المماثلة لدعائم المسجد الطولونى وزخارفه هى نفس دعائم وزخارف الجوسق الخاقانى بسامراء

وهذا الدليل الحى مما تقدم من أدلة اخرى يعطينا فكرة صحيحة واضحة عن نزاهة المسجد الطولونى فى كل ما يشينه عن قدسيته واستبعاد كل أثر غير إسلامى عنه ، وهو ما عبر عنه أحمد بن طولون نفسه فقد ذكر عنه المقريزى أنه قال ( بنيت هذا الجامع من مال حلال وما كنت لأشوب بغيره وهذا العمد إما أن تكون من مسجد أو كنيسة نزهته عنها ) وقد أكد المقريزى فيما نقل عن ابن كولون أن صناع هذا المسجد من بناء إلى نجار إلى غير ذلك ليس فيهم إلا من هو عربى يصلى ويصوم رمضان .

ونقل رينه ديسو فىكتابه العرب فى سوريا قبل الاسلام المطبوع فى باريس نقد العالم الأثرى شترز زيجوفسكى على من زعم أن العقد المنحنى الذى أدخله احمد بنطولون فى مسجده متأثرا بالفن القبطى ، وهو فى نقده يفرض أن هذه النظرية ليس لها أساس علمى صحيح ، فقد ثبت من شهادة القضاعى أنه أقيم على نمط مسجد سامراء بالجزيرة ، ثم انتهى فى نقده بمقارنة طرز هذا العقد بما يوجد نظيره فى مقياس النيل وفى قصر المشتى بشرق الأردن

وهذه شهادة القضاعى التى يشير اليها العالم الأثرى المذكور وردت فى خطط المقريزى فيما نقله عن القضاعى فىكتابه الخطط وهو قوله : ( إن السبب فى بنائه أن أهل مصر شكو إليه ضيق المسجد الجامع يوم الجمعة من جنده وسودانه فأمر بإنشاء المسجد الجامع بجبل يشكر بن جديلة من لخم فابتدأ بنيانه سنة ثلاث وستين ومائتين وفرغ منه فى سنة خمس وستين ومائتين ) وانتهى من قوله هذا الى ( أنه بناه على بناء جامع سامراء وكذلك المنارة )
وفى كتاب مرشد الزوار لابن عثمان ومصباح الدياجى لابن الناسخ والكواكب السيارة لابن الزيات وتحفة الأحباب للسخاوى ما يفيد معاصرة القضاعى صاحب الخطط لابن طولون ومشاهدته بناء المسجد فى اولى مراحلة ، فذكر كل هؤلاء ( أن أحمد بن طولون رأى رؤيا أثناء بنائه للمسجد ، فجمع المفسرين من الشيوخ وغيرهم فلم يوفق احدج منهم لتعبيرها ، فسأل : هل بقى أحد من العلماء ؟ قالوا : رجل من قضاعة فقال : على به ، فجاءوا به فوجده شيخا كبيرا فأخبره بالرؤيا بما ذكره هؤلاء المصنفون ، قال السخاوى عقب هذه الحادثة : ( وهو جد جماعة من القضاعيين بمصر ن وله من الأولاد أبو محمد سلامة بن على القضاعى ، ومن عقبة القاضى أبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعى ، ومن عقبه القاضى أبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعى مؤلف كتاب الشهاب فى الحديث المتوفى ذى ذى القعدة سنة 454هـ / 1062م

فيكون القضاعى هذا من معاصرى احمد بن طولون حقيقة وشاهد عيان لبناء السمجد وشهادته هذه تكفى لانهيار كل ما قيل عن المسجد فى بنائه وبناء كل مفرداته حدسا وتخمينا او لحاجة فى النفس

ويؤكد ذلك كل التوكيد أن القضاعى هذا من صحابة الإمام المزنى من أئمة الشافعية المتوفى سنة 264هـ / 877م كما فى الكواكب السيارة ، وكان يسمع عليه ويكتب عنه وتووفى سنة 299هـ / 908م والنص المتقدم يؤكد أنه كان شيخا كبيرا عندما سأله ابن طولون عن الرؤيا وهذا يعنى أنه كان مسنا قد بلغ السبعين او تعداها

وكتابه الخطط وإن لم يوجد بين اليدى حاليا إلا إن المصنفين نقلوا لنا منه مقتطفات تقف عند بداية القرن الثالث الهجرى 286هـ / 899م وقد ضمنه ذكر المشاهد والمزارات بالقرافة وما وجد فيها من مساجد وخلافه ، وقد ذيله حفيده القاضى محمد بن سلامة القضاعى المذكور آنفا وحقق فيه إلى سنة 422هـ / 1050 م وهو المسمى بالمختار من كتاب الخطط والآثار ، وهذبه واختصر ابن دقماق فى كتابه الانتصار المطبوع منه قطعة والمود كاملا بالمكتبة الأهلية بباريس



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: المزارات الإسلامية والآثار المصرية ( للعلامة حسن قاسم )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يونيو 02, 2025 4:07 pm 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 8021
رضي الله تعلى عن العلامة الجليل والمؤرخ النبيل الأصيل السيد حسن قاسم وعن ذريته وأحفاده وأسباطه وأحبابه ونفعنا بهم ..
و جزاكم الله خيرا ونفع بكم أمة السيد السند صلى الله عليه وآله وسلم

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: المزارات الإسلامية والآثار المصرية ( للعلامة حسن قاسم )
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يونيو 04, 2025 5:56 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm
مشاركات: 6411

فهذه الأدلة كلها تقطع بأن مسجد ابن طولون لم تمتد إلى بنائه غير ايد عربية وأنه صورة مطابقة إلى حد ما لجامع المعتصم فى سامراء والجامع الذى ينسب إلى ابنه المتوكل حاليا المتوفى قتلا فى شوال سنة 247هـ / 861م كما فى تاريخ الأربلى ونسبة هذا المسجد الجامع كما يعرف بسامراء اليوم الى المعتصم ذكرها المؤرخ المذكور بقوله : ( وبنى الجامع الكبير وأنفق على ذلك خمسمائة ألف دينار وجعل حيطانه مرايا وبنى المنارة التى يقال إنها من إحدى العجائب )

وقد كشف حفائر سنة 1962هـ / 1963 م عن مفردات هذا الجامع وترميم بعضها وظهر من مفرداته التى عثر عليها نماذج من العقد المنحنى الذى اقتبسه احمد بن طولون وأدخله فى مسجده ، كما ظهرت شبابيك ونوافذ جصية مقرنصة مما يوجد نظيره فى المسجد الطولونى ،وينسب القائمون على الصيانة مسجد المعتصم إلى ابنه المتوكل ، وهذا مردود بما ذكره الأربلى فيما قدمناه وفيما ورد بهذا الصدد نفسه ولعل هذا نتيجة التشابه بين مسجدى الأب وأبنه فى كل مفرداتها كما هو ظاهر من شكل المئذنة

ووالمعروف عن سامراء انها أسست سنة 221هـ / 836م ومؤسسها المعتصم العباسى ، وقد جعل منها قاعدة لسلطانه ، ثم أنشأ بها مسجده هذا وقصوره ، ولما آل الحكم إلى ابنه المتوكل عزف عن سارماء غلى ضعية تقع فى الجزء الشمالى منها ، وأسس بها مدينة سماها الجعفرية ، وهى التى تعرف اليوم بالمتوكلية ، ومن منشآته فيها الجامع المنسوب إليه بما أنشأه فى سنة 232هـ / 847م ، أقامه على مسطح من الرض يبلغ 38 ألف متر مربع ،واقام مئذنة خارج المسجد كمئذنة أبيه ، ولكى يصل قاعدتها بالمسجد جل بينهما قنظرة يعبر عليها من الزيادة الشمالية إلى داخل المسجد

والنظام الذى أتخذه ابن طولون فى بناء مئذنته هو نفس النظام الذى نراه فىجامع المتوكل بسامراء وجامع أبيه المعتصم ، لا فى شكلها فحسب بل فى أطوالها وعروضها فمقاس قاعدتها 95/10فى 60/10 متر ، وعدد جدرجها 172 ، ودرج الدور العلوى منها 16 ، واربفتاعها عن أرض الجامع 39 متر ،وطول كل درجة 55ر1 متر ،وقاعدة مئذنة المتوكل مربعة ، طول جانبيها الشمالى والجنوبى 85/10 متر ، والشرقى والغربى 10/10 متر وقاعدتها تعلو عن مستوى الأرض 70/2 متر، وهذا النظام الذى نراه فى بناء هذه المساجد الثلاثة يشبه إلى حد كبير النظام الفارسى الممتاز فى بناء المساجد ن ومن ثم انعقد إجماع علماء الآثار من عراقيين وغيرهم على انمهندس جامع المتوكل وجامع أيه فارسى ، وهذا يؤكد ما سبق به القول بأن مهندس جام ابن طولون فارسى أيضا وهو محمد أو أحمد الفرغانى وإنه من متوطنى العراق .

======================================================

هجرة الأشراف إلى مصر



وفى عصر ابن طولون كانت مصر مثابة لطائفة من الأشراف الذين اضطهدتهم الخلافة العباسية وشردتهم فى الأصقاع والبقاع ن وكتب أحمد بن طولون يستقدمهم ، وكان إذا قدم وقد منهم ، يستقبله بنفسه ويتزله منزلا كريما ويغدق عليهم ،وقد حفظ لنا التاريخ فى طوائف الأشراف ووفودها جماعة منهم الأشراف القاسمية والفاطمية والباهرية وأشراف البصرة إلى طوائف اخرى ذخرت بهم مصر ، وكان يجالسهم وينزل إلىزيارتهم وقد حمد له اهل مصر هذا الصنيع وحبب إيهم ولهجتالألسنة بالثناء عليه .

وأهم من وصل من الأشراف بطلب أحمد بن طولون يقول فى مرشد الزوار

سيدى يحيى الشبيه رضى الله تعالى عنه كان شبيها بحضرة سيدنا النبى سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فى كثير من اوصافه ،حتى إنه كان له فى موضع الخاتم شامة عظيمة ن وكان غذا دخل الحمام وراى الناس ذلك كبروا وصلوا على حضرة سيدنا النبى سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وكان أحمد بن طولون أحضره من أرض الحجاز فى مصادرة الرسيين من بنى طباطبا وهم عبد الله بن القاسم ،وابنه القاسم بن عبد الله وأبو جعفر بن القاسم ولما وصل إلى مصر وسمع اهل مصر بقدومه خرجوا إلى لقائه ، وخلت دور مصر للة قدومه ، فلما قدم كان مبرقع الوجه ، وخرج من جملة من خرج له مع الناس أبو إسرائيل اليهودى ، وكان قد عمى ، فقال لابنته : خدى بيدى ، وإن رأيت هذا الرجل فأخبرينى به ، فلما رأته قالت له : ها هنا يا أبت ، فقال : اللهم إن كان هذا شبيها بنبيك فى شىء من خلقه ، وهو على الحق ، فاردد على بصرى ، فما أتم كلامه حتى رد الله بصره عليه ، فما عاد إلى مصر إلا وهو يمشى مع الناس بصيرا ، فأسلم وحسن إسلامة

وكان أحمد بن طولون له الفضل الأعظم فى قدوم الأشراف إلى مصر والترحيب بهم وكان يجلهم ويرفع شأنهم

( هذا هو أحمد بن طولون ) فرضى الله تعالى عنه حفظ مصر وأهتم بشئون البلاد
==============================================


وقد ذكر فى مجلة الرسالة العدد 144 بتاريخ 9/)/1934 تحت عنوان ( أقطاب الرواية المصرية )


أبو عبد الله القضاعي
فقيه ومؤرخ وسياسي
للأستاذ محمد عبد الله عنان



عنيت منذ أعوام بدراسة طائفة من أقطاب الرواية التاريخية عن مصر الإسلامية ودرس آثارهم، ما دثر منها وما تبقى؛ وكتبت بالفعل عدة فصول عن ابن عبد الحكم والكندي وابن زولاق استقصيت فيها حياتهم وآثارهم؛ ثم تناولت بعد ذلك عدة أخرى من مؤرخي مصر الإسلامية في عصور متأخرة، مثل النويري والمقريزي وابن تغري بردي والسخاوي وابن إياس؛ وقصدي بذلك أن أترجم لمؤرخي مصر الإسلامية كلما سنحت الفرص، وأن أستوعب مصادر التاريخ المصري

والآن نستأنف هذا الدرس، ونخصص هذا الفصل لأستاذ من أساتذة الرواية المصرية، هو أبو عبد الله القضاعي، وهو مؤرخ وفقيه وسياسي معاً، عاش في فترة من أدق الفترات التي جازتها مصر الاسلامية، وشهد الدولة الفاطمية في ذروة القوة والعظمة، ثم شهدها تنحدر سراعاً إلى دور من الانحلال والتفكك يكاد يؤذن بذهابها، وشهد محنة من أشنع المحن التي عانتها مصر الإسلامية، وانتدب أيام المحنة ليكون سفيراً لأمته في طلب العون والغوث؛ وكتب عن مصر الإسلامية وعن حوادث عصره آثاراً هامة، لم تصل للأسف كلها الينا، ولكن ما انتهى إلينا منها على يد المؤرخين المتأخرين يدل على أهميتها وقيمتها

وهو القاضي أبو عبد الله بن سلامة بن جعفر القضاعي الشافعي المصري؛ ولد بمصر في أواخر القرن الرابع الهجري، في عصر الحاكم بأمر الله، ودرس الحديث، والفقه على مذهب الشافعي وبرع فيه، وبرز في التاريخ والأدب؛ وبدأ حياته العامة بتولي القضاء، ولبث يليه حيناً بالنيابة كلما خلا منصب قاضي القضاة بالوفاة أو العزل، ثم تولى التوقيع (أو العلامة) لأبي القاسم الجرجائي المعروف بالقطع وزير الخليفة الظاهر لاعزاز الله ابن الحاكم بأمر الله، ثم وزير ولده المستنصر بالله من بعده. ولما توفي الوزير أبو القاسم (سنة 436هـ) تقلب القضاعي في عدة وظائف ومهام رسمية؛ وكان المستنصر بالله يقربه ويث بحكمته وحسن تصريفه للأمور؛ وتجول القضاعي ودرس في بغداد ومكة والشام؛ ووقف على أحوال الدول الإسلامية يومئذ، وجرى السياسة في القصور المختلفة، وتبوأ في البلاط المصري ذروة الثقة والنفوذ. ثم جاء ظرف عهد فيه إلى القضاعي بمهمة سياسية دقيقة. ذلك أن الأزمات والفتن الداخلية التي توالت على مصر في عهد المستنصر بالله لبثت تتفاقم حتى انتهت بوقوع الغلاء والقحط؛ ثم كانت الطامة الكبرى بوقوع الوباء في سنة 446 هـ 1053م؛ وعانت مصر يومئذ آلاماً ومحناً مروعة. وتعرف هذه النكبة في تاريخ مصر الإسلامية (بالشدة العظمى). وقد بدأت كالعادة بالغلاء وندرة الأقوات، وكان بين مصر والدولة البيزنطية يومئذ علائق حسنة، فأرسل المستنصر بالله في سنة 446 هـ إلى إمبراطور قسطنطينية، وهو يومئذ قسطنطين السابع، أن يمد يده بالغلال والمؤن؛ وكانت الدولة البيزنطية تواجه يومئذ خطر السلاجقة الذين أشرفوا على حدودها الشرقية وعاثوا في آسا الصغرى؛ وكانت ترى أن تقوي صداقتها وتحالفها مع مصر التي كانت تخشى غزواتها من الجنوب ومن البحر؛ فاستجاب قسطنطين لدعوة المستنصر، وتم الاتفاق على أن ترسل المؤن من قسطنطينية إلى مصر، وأعدت بالفعل لتلك الغاية مقادير وافرة من الغلال تقدرها الرواية الإسلامية بأربعمائة ألف أردب ولكن قسطنطين السابع توفي قبل تنفيذ الاتفاق، وخلفه على عرش قسطنطينية الإمبراطورة تيودورا، واشترطت لإرسال المؤن إلى مصر شروطاً أباها الستنصر، ومنها أن يمدها بالجند لمحاربة السلاجقة؛ فانقطعت المفاوضات بين الفريقين، وسير المستنصر جيوشه إلى الحدود الشمالية، ونشبت بين الفريقين معارك انتصر فيها المصريون بادئ ذي بدء. ولكن الأسطول البيزنطي غزا مياه الشام، وهزم المصريين في عدة مواقع؛ فكف المستنصر عن متابعة الحرب، وعاد إلى المهادنة والمفاوضة، وأرسل إلى بلاط قسطنطينية سفيراً مختاراً يسعى إلى عقد الصلح وتنظيم العلائق بين الفريقين

وكان ذلك السفير المصري إلى بلاط القياصرة، هو أبو عبد الله القضاعي الذي يحبوه المستنصر بثقته وتقديره. فقصد القضاعي إلى بيزنطية عن طريق الشام؛ وتضع الرواية الإسلامية تاريخ هذه السفارة الشهيرة في سنة (446 هـ 1055م) ويقع هذا التاريخ في عصر الإمبراطورة تيودورا التي جلست على العرش سنة 1545م وتوفيت في أغسطس سنة 1075م؛ وعلى هذا فقد كانت سفارة المستنصر إلى الإمبراطورة تيودورا. وهذا ما يذكره ابن ميسر مؤرخ مصر بوضوح في حوادث سنة 447 هـ إذ يقول: (وفيها سير المستنصر، فقبض على جميع ما في كنيسة القمامة؛ وسبب ذلك أن أبا عبد الله القضاعي كان قد توجه من مصر برسالة إلى القسطنطينية، فقدم إليها رسول طغرلبك يلتمس من ملكتها أن يصلي رسوله في جامع قسطنطينية، فأذنت له في ذلك؛ فدخل وصلى بجامعها، وخطب للخليفة القائم؛ فبعث القضاعي بذلك إلى المستنصر فأخذ ما كان بقمامة؛ وكان هذا من الأسباب الموجبة للفساد بين المصريين والروم) بيد أن هنالك من جهة أخرى ما يدل على أن الجالس على عرش قسطنطينية وقت مقدم القضاعي إليها لم يكن الإمبراطورة تيودورا، وأن الذي استقبل السفير المصري هو خلف تيودورا الإمبراطور ميخائيل السادس (ستراتيو تيكوس) الذي تولى عرش قسطنطينية في أغسطس سنة 1057م؛ فقد نقل المقريزي في كتابه (المقفى) في ترجمة القضاعي ما يأتي: (وقال أبو بكر محمد بن سامع الصنوبري، سمعت القاضي أبا عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي يقول: لما دخلت على ملك الروم اليون، رسولاً من قبل المستنصر بالله، وأحضرت المائدة، فلما رفعت جعلت ألتقط الفتات؛ فأمر الفراش أن يحضر أخرى، ففعل؛ فقال لي الملك أصبت منه وإنك لم تشبع، فقلت أنا والله مستكف؛ فقال لي لم أكلت الفتات؟ فقلت: بلغني مرفوعاً إلى النبي ﷺ أنه قال: من التقط ما سقط من المائدة برئ من الحمق والفقر؛ فأمر الخازن في الحال بإحضار ألف دينار وإعطائها؛ فقلت صدق رسول الله ﷺ، فاستغنيت وبريت من الحمق)؛ وذكر المقريزي في الخطط أيضاً ما يؤيد هذه الرواية. على أننا نستطيع أن نوفق بين الروايتين فنفترض أن القضاعي وصل إلى قسطنطينية في أواخر عهد الإمبراطورة تيودورا؛ واستمر في أداء مهمته بعد وفاتها لدى الإمبراطور ميخائيل السادس؛ ومكث حيناً بقسطنطينية؛ ومما يؤيد طول مكث القضاعي بعاصمة القياصرة أنه عني هنالك بالدرس وجمع المواد التاريخية عن المدينة وخططها. أما مهمة السفير المصري لدى البلاط البيزنطي فلم تحددها الرواية الإسلامية تحديداً واضحاً، ولكنا نستنتج مما قدمنا من الظروف والحوادث أنها كانت تقوم على السعي في إقناع البلاط البيزنطي بالتحالف مع مصر ضد السلاجقة، وإعانة مصر بالأقوات والمؤن، تنفيذاً للعهود التي قطعها قسطنطين السابع للمستنصر وتوفي قبل الوفاء بها

ولكن القضاعي أخفق في مهمته. ذلك أن السياسة البيزنطية آثرت جانب السلاجقة، لأنهم كانوا يومئذ أشد خطراً على الدولة الشرقية من مصر، وآثر القيصرأن يتعاقد مع رسول طغرلبك؛ وبعث القضاعي بذلك إلى المستنصر، فرد المستنصر بالقبض على أحبار قمامة ومصادرة نفائسها، واضطربت العلائق بين مصر وبيزنطية كرة أخرى؛ وعاد القضاعي إلى مصر على أثر هذا الفشل، ونستطيع أن نضع تاريخ عودته في سنة 450 هـ (1058م) أعني بعد أن أنفق أكثر من عامين في رحلته. ثم توفي القضاعي بعد ذلك ببضعة أعوام، في 16 ذي القعدة سنة 454

كتب القضاعي عدة مصنفات في الفقه والتاريخ منها كتاب (الشهاب) وكتاب (مناقب الإمام الشافعي وأخباره) وكتاب (الأنباء عن الأنبياء وتواريخ الخلفاء) وكتاب (المختار في ذكر الخطط والآثار) وكتاب (عيون المعارف)، وقد دثر معظم هذه الآثار، ولم يصلنا منها سوى كتاب (الشهاب) و (مسند الشهاب) أو (مسند الصحابة) وهما في الحديث، وكلاهما بمكتبة الأسكوريال بمدريد؛ وانتهى إلينا أيضاً، كتاب (عيون المعارف) وهو على ما يصفه مؤلفه في مقدمته (موجز في ذكر الأنبياء وتاريخ الخلفاء وولايات الملوك والخلفاء إلى سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة من الهجرة)، وتوجد من عيون المعارف نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية، ولكنا نرتاب في أنها مختصر لكتاب أكبر ربما كان هو المعروف (بتاريخ القضاعي) وهو الذي يقتبس منه كثير من المؤرخين المتأخرين، والظاهر أيضاً أن (عيون المعارف) و (الأنباء عن الأنبياء وتواريخ الخلفاء) هما اسمان لمؤلف واحد حسبما يبدو من مقدمة (عيون المعارف) المشار أليها

بيد أن أهم آثار القضاعي هو بلا ريب كتابه الشهير في الخطط وهو المسمى: (المختار في ذكر الخطط والآثار)؛ ولم يصلنا هذا الأثر، ولكن انتهت إلينا منه على يد الكتاب والمؤرخين المتأخرين، ولا سيما القلقشندي والمقريزي وابن تغري بردي والسيوطي شذور كثيرة تدل على قيمته وأهميته؛ وقد كان لمؤلف القضاعي في الخطط أهمية خاصة لأنه آخر رواية كتبت عن خطط مصر والقاهرة قبل أن تغير معالمها فترة الشدة والخراب التي نزلت بمصر أيام المستنصر بالله، وقبل أن تبعث بعد ذلك خلقاً جديداً في معظم معالمها وصروحها، وهي حقيقة ينوه بها المقريزي في مقدمة (الخطط) إذ يذكر كتاب القضاعي (المختار) ضمن مصادره ثم يقول: (ومات (أي القضاعي) في سنة سبع وخمسين وأربعمائة قبل سني الشدة فدثرا أكثر ما ذكر ولم يبق إلا يلمع وموضع بقلع) والظاهر مما نقل ألينا من كتاب القضاعي أنه أثر ضخم تناول فيه خطط مصر وآثارها وتاريخها منذ الفتح الإسلامي بإفاضة، وأضاف أليه ما انتهت إليه أحوال القاهرة المعزية حتى منتصف القرن الخامس والظاهر أيضاً أن كتاب (المختار) إنما هو المنعوت (بتاريخ القضاعي) لأن ما نقل إلينا منه من الشذوذ يمتاز بإفاضة واضحة، ولا وجود له في الموجز المسمى (عيون المعارف)
وقد كان القضاعي، كما يبدو من آثاره، مؤرخاً دقيقاً ثقة، يزن روايته ويمحصها، وكانت روايته عن مصر الإسلامية، ولاسيما عن حوادث عصره، مستقى خصباً لكثير من المؤرخين المتأخرين؛ وما زالت هذه الرواية ذائعة تتخذ مكانها بين مصادر التاريخ المصري حتى أواخر القرن التاسع حيث نرى السيوطي ينقل في حوادث فتح مصر عن كتاب (الخطط) للقضاعي مكتوباً بخطه، وفي ذلك ما يؤيد أيضاً أن الكتاب المنعوت (بتاريخ القضاعي) إنما هو كتاب يحتجب عنا هذا الأثر الهام بين مصادر التاريخ المصري، ولاسيما بين مصادر العصر الفاطمي الأول، الذي احتجب عنا معظم الآثار الخاصة به، والتي غدت كالحلقة المفقودة في مصادر تاريخ مصر الإسلامية



أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 108 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 4, 5, 6, 7, 8

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 3 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
cron
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط