هذا الحبيب
السيرة النبوية العطرة
الحلقة «21 »
(( حادثة شق الصدر ، ))
تقول حليمة رضي الله عنها : رجعنا إلى ديار بني سعد
وأخذ النبي يشب شبابه مع إخوته في الرضاعة بعدما فطمته عن الرضاعة {{ هنا نبدأ بالسيرة ، و أول نطقه وكلامه، صلى الله عليه وسلم }} .
تقول حليمة : نطق مبكراً ، وكان أفصح الصبيان نطقاً وكلاماً .
تقول :جاء محمد {{ صلى الله عليه وسلم }} في يوم من الأيام فقال لي : يا أماه مالي لا أرى إخوتي في النهار ؟ فقلت له :يا بني ، إنّ لنا أغناماً يسرحون بها ، إلى الليل .
فقال :إني أحب أن أراهم في النهار .
وفي اليوم التالي أرادإخوته الخروج لرعاية الأغنام فقال لها :يا أماه ، هل تأذنين لي أن أرعى الغنم معهم ؟؟ فقلت له :يا بني ، أنت صغير !!فقال إخوته :يا أماه يا أماه ، دعي محمداً يسرح معنا ، نحن نرعاه ، لا تخافي عليه ، سنعتني به .
[[ إخوته من حليمة هم ، الشيماء ، وعبدالله ، وأنيسة]] ، وكانت الشيماء دائما تلاعبه وتقوم برعايته مع أمها وتحبه ،وعندما تبحث عنه حليمة تجده مع الشيماء تلاعبه وهي تنشد له الشعر (هذا أخٌ لي لم تلدهُ أمي .. وليسَ من نسلِ أبي وعمي) ويكون حولها يضحك ويلعب. -رضي الله عن الشيماء ،فقد أسلمت وكانوا يسمونها أيضا أم النبي صلى الله عليه وسلم - فخرج النبي معهم ، ولم يُكمل العام الثالث من عمره ،فأصبح يخرج ويسرح معهم بالأغنام ، ولا يفارق إخوته ، وما كاد النبي أن يتم العام الرابع من عمره.
تقول حليمة : وفي يوم من الأيام ، خرج معهم كعادته فما إن انتصف النهار حتى جاء ابني عبد الله ومعه أخ له وعدد من الصبية يركضون ويصرخون يا أمااااه يا أمااااه ، أدركي أخي القرشي ، ولا أراك تدركينه [[ بمعنى إما أن تلحقيه أو لا ]] .
تقول حليمة :ففزعت وقمت أنا وأبوه بسرعة و قلنا :ماالخبر ما بال محمد ؟!! قالوا :ونحن بين الأغنام ، جاء إلينا رجلان ، طوال القامة ، عليهما ثياب بيضاء ، أخذا محمداً من بيننا ، ثم صعدا به إلى أعلى الجبل ، فلحقناهما ونحن نقول لهما ماذا تريدان منه ، اتركاه ، إنه ليس منا اتركاه ، إنه قرشي انه ابن سيد مكة ، فلم ينطقا بأية كلمة ، ولم نستطع اللحاق بهما ورأيناهما من بعيد قد أضجعاه في طشت معهما ، وأخذا يشقان بطنه وتقول حليمة : فانطلقت أنا وأبوه مسرعين فزعين ، وأخذت أصيح بأعلى صوتي وااا ضعيفاه ،يا وحيداه ، يا يتيماه .
فلما وصلت حليمة وزوجها ، نظرا إلى الجبل فرأياه جالساً على قمته وهو منتقع اللون أصفر ، ينظر الى السماء ... تقول : فانطلقت نحوه مسرعة ، ثم احتنضته وقبلته ، ثم احتضنه أبوه ، ثم قلت يا بني : ماالذي جرى لك أخبرني ؟!
فقال لها : إني بخير ، بينما أنا بين إخوتي أقبل إلينا رجلان عليهما ثياب بيضاء فأخذاني من بين الصبية ،وقال أحدهم للآخر .. أهو؟ فقال له :هو ثم وضعاني في شيء معهما بكل لطف ثم شق أحدهما صدري إلى منتهى عانتي وأنا أنظر إليه ولم أجد لذلك مساً [[ يعني لايوجد وجع أوألم ]] وأخرج أحشائي ثم أخرج منها شيئاً لا أعرفه ثم غسلها بالثلج ، ثم أعادها مكانها فقال له صاحبه :قد قُمت بما وُكّل إليك فتنحى [[ بمعنى أن مهمتك التي قد وُكلت بها قد انتهت ]]ثم جاء الآخر فوضع يده على صدري ومسح عليه فرجع صدري والتحم كما كان، وكشف لهم (صلى الله عليه وسلم) عن بطنه أي انظروا .. فلما نظروا رأوا مثل جرح قد التحم من جديد ثم تابع النبي كلامه وقال ذلك الرجل لصاحبه : زنه بعشرة من قومه [[ أي ضع الميزان أو زنه]] فوضعاني في شيء ووضعا عشرة رجال في شيء آخر [[يعني مثل كفتي الميزان ]] فوزنتهم ثم قال له : زنه بمئة ، فوضعا مئة رجل فرجحتهم وطاش الميزان [[ في لغتنا اليوم ، طبش الميزان ]]ثم قال : زنه بمئة ألف،فوضعا مئة ألف في كفة ، فلما وضعاني في الأخرى، رجح الميزان ، وتتطاير الرجال في السماء ، فرأيتهم كأنهم يتساقطون عليّ ، فقال له : دعه ، فوالله لو وزنته بأهل الأرض جميعاً لرجحهم .
ثم قالا :لا تخف يا {{ حبيب الله }} فإنك لو تعلم ما يُراد منك لقرت عينك ثم ضمّاني لصدريهما وقبلاني. ثم طارا في السماء وأنا أنظر إليهما
يا أمي ، هل سيعودان ؟ [[ هذا حديث صبي عمره أربعة أعوام ، سبحانك يارب ]] .
ويتابع النبي صلى الله عليه وسلم حديثه لأصحابه عن حادِثة شق الصدر : عندما أقبلت حليمة وهي تصيح وتقول وااضعيفاه وااوحيداه واا يتيماه ،سمعتها الملائكة من بعيد فلما قالت :وااضعيفاه ، يقول صلى الله عليه وسلم فأكبوا عليّ ـ يعني الملائكة - وضموني إلى صدورهم وقبّلوا رأسي وما بين عينيّ ، وقالوا حبذا أنت من ضعيف ثم قالت : يا وحيداه ، فأكبوا علي وضموني إلى صدورهم مرة أخرى وقبّلوا رأسي وما بين عيني ، وقالوا :حبذا أنت من وحيد وما …
هذا_الحبيب
الحلقة « 22 »
السيرة النبوية العطرة
(( تكملة لما حدث ، بعد حادثة شق الصدر ))
قبل أن نُكمل {{ معذرة فقد فاتني أن أذكر لكم ،في حادثة شق الصدر ، كيف خُتم كتف النبي صلى الله عليه وسلم ، بخاتم النبوة }} يقول صلى الله عليه وسلم عن يوم شق الصدر
قال أحد الملائكة للآخر اختمه بختم النبوة قال فوضع شيئاً كأنه النجمة بين كتفيّ ، فأصبح صلى الله عليه وسلم يشعر وكأن بين أكتافه خاتم. .
يصف الصحابة رضوان الله عليهم ، خاتم النبوة !!قالوا : من نظر إليه ، هو لحمٌ بارز وفيه شعرات ، والشعرات التي في هذا اللحم ، من تأملها وأمعن النظر في ترتيب الشعرات يقرأ فيها {{ منصور }} بمعنى أنك يارسول الله صلى الله عليه وسلم ، منصور وأمرك ظاهر .
[[خاتم النبوة سيأتي ذكره كثيراً في السيرة ، لهذا أحببت أن أشرحه ]]
وهو من بعض العلامات الموجودة عند أهل الكتاب من اليهود والنصارى فمن وُجد بين كتفيه فهو نبي آخر الزمان وخاتم الأنبياء والمرسلين .
تقول حليمة :فأخذناه وحدثنا قومنا بني سعد فخافوا عليه من الجن والشيطان وقالوا يا حليمة : أحضري له كاهنًا ليرى ما القصة ؟!
تقول حليمة : فأخذنا محمداً إلى كاهن ومحمد يقول مالي ومال الكاهن ليس بي شيء أنا بخير ،ولكن لأنه كان صغيراً غلبناه وأخذناه إلى الكاهن .
هذا الكاهن يهودي كان يسكن في قرية بجانب ديار بني سعد ، تقول حليمة :دخلنا على الكاهن ، وأخذت أقصّ عليه ، ما رآه محمد من أمور غريبة فقال لي الكاهن : اُصمتي يا امرأة ، ودعيني أسمع الصبي ونظر إلى محمد ، وقال حدثني يا غلام ماذا جرى لك ؟
تقول حليمة :فحدثه كما حدثنا أنا وأباه من قبل ، فلم يزد كلمة ولم ينقص كلمة قالت فلما سمع الكاهن حديثه كاملاً.. قام من مكانه فزعاً ووقف على قدميه،ثم أمسك بمحمد وضمه إليه ،وصاح بأعلى صوته : يااا للعرب ياااا للعرب من شرٍ قد اقترب ، اقتلوا هذا الصبي ، واقتلوني معه ، لئن تركتموه ، وبلغ مبلغ الرجال [[ أي أصبح رجلا" ]] ليبدلنّ دينكم ، وليسفهنّ عقولكم ، وعقول آبائكم وليخالفنّ أمركم وليأتينّكم بدين لم تسمعوا به من قبل، اقتلوه واقتلوني معه تقول حليمة :فانتزعت الصبي من بين يديه ، وصرخت في وجهه ، أجّن أعتّه [[ يعني أنت واحد مجنون ، ومعتوه ]] اُطلب لنفسك من يقتلك ،أما نحن فلا نقتل ولدنا ، ثم أخذتُ محمدا ، وخرجتُ به مسرعة ، فما زال يصرخ ، اقتلوه لا تدعوه اقتلوه واقتلوني معه حتى وقع مغشياً عليه .
تقول حليمة :ثم علمت بعد حين أنه قد هلك [[ما كان مغمى عليه بل سقط ميتا]] هكذا هم اليهود أعداء الله ورسله .
تقول حليمة :رجعت بمحمد ، إلى ديار بني سعد ، ففاح ريح المسك ، أكثر مما كنّا نجد من قبل ، تقول : وأصبحنا نتخوف على محمد بعد تلك الحادثة فقال قومُنا لزوجي أبي كبشة : نرى أن تُرجع الصبي لأهله قبل أن يظهر منه شيء [[ أي نخاف أن يحدث له مكروه ، وتظهر له أمور عجيبة أخرى ]] يا أبا كبشة : أرجعه إلى أهله ، فقد انتهت مدة كفالته
تقول حليمة :وأنا لا أريد أن أرجعه ، فقد تعلق قلبي به ولكن قومنا غلبونا وخوفونا من الأمر فقررنا أن نرجعه لأهله .
تقول حليمة :فلما كنا على مشارف مكة[[ أي اقتربنا بالوصول إلى مكة ]] غفلت عن محمد ساعة فلم أجده ، بحثنا عليه بين الركب فلم أجده !!!
بحثنا حولنا فلم نجده حتى كادت الشمس أن تغيب ، وأنا أصيح وأقول و اا محمداه فقال أبوه : لنذهب إلى مكة ، ولنخبر جده عبدالمطلب بما حدث تقول حليمة : فدخلنا مكة وكان عبد المطلب ، جالساً في حجر الكعبة.
__ _
هذا_الحبيب
الحلقة « 23 »
السيرة االنبوية العطرة
(( انتهاء حضانته عند حليمة ، ورجوعه لمكة)) صلى الله عليه وسلم :
فلما دخلوا إلى مكة ، وجدوا عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم ، جالساً في حجر الكعبة
تقول حليمة فقلنا : لقد قدمنا بمحمد ، فقاطعهم وقال ، ليس الآن موعد قدومكم [[ أي رجعتم مبكرين قبل انتهاء فترة حضانته]]قالوا قدمنا لشأن [[ لسبب ]] ولكن أضللناه في مشارف مكة ، ضاع منا فلا ندري أين هو !!فوثب عبد المطلب على قدميه مفزوعاً لمّا سمع الخبر .
ثم وقف على باب الكعبة الملتزم ، وذرف الدموع الغزيرة ثم رفع يديه عند باب الملتزم وقال : لاهما [[ أي في لغة العرب ، اللهم ]]لاهما ردّ لي محمداً ، رده لي ، ثم اتخذ عندي يداً
أنت الذي سميته محمداً [[ تذكر الهاتف الذي قال لأمه آمنة إذا ولدته فسميه محمداً ]]تقول حليمة : فإذا عبد المطلب يسكت ، ويضع أذنه على باب الكعبة ، وكأنه ينصت لشيء بالكعبة يكلمه ونحن لا نسمع
ثم قال : هااا .. أين نجده ؟
فقلنا : ما الأمر يا شيخ مكة ؟!!
قال : عرفت أين محمداً
[[ عبد المطلب سمع صوتاً من داخل الكعبة وهو يدعو الله أن يردّ له محمداً صلى الله عليه وسلم ويقول له :لا تخافوا على محمد من الضياع فإن له ربّاً يحميه]]فقال عبد المطلب هاا .أين نجده ؟فسمع الصوت نفسه
يقول : بوادي تهامة عند الشجرة اليمنى .
تقول حليمة : فأسرع عبد المطلب وركب فرساً وركب خلفه ورقة بن نوفل [[ سيأتي ذكر ورقة بن نوفل بعد نزول الوحي ]]تقول : وانطلقا وانتظرناهما عند البيت .
لما ذهب عبد المطلب إلى وادي تهامة ، مثل ما سمع من الهاتف [[ كان يعرف محمداً صلى الله عليه وسلم ،الصبيّ ذا العامين ، والآن أصبح عمره أربعة أعوام فتغير شكله وملامحه وكبر ]]لما وصل رآه يمسك بغصن شجرة يسحبه ويتركه .. يسحبه ويتركه فقال عبد المطلب : من أنت يا غلام ؟ فقال : {{ أنا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب شيخ مكة }} ،فبكى عبد المطلب ، و ذرفت دموعه على خديه وقال :وأنا جدك يا حبيبي ، فداك نفسي ، ثم اقترب منه وحمله ، وحضنه ، وأخذ يقبّله ، وأجلسه في مقدمة فرسه في حضنه ، ثم رجع إلى مكة وهو يحمد الله ثم نحر عشرين ناقة وعدداً من الغنم
وأولم وليمة و دعا أهل مكة كلهم لفرحة برجوع محمد صلى الله عليه وسلم .
بعض العلماء يقول :إن سبب نزول قوله تعالى {{ ألم يجدك يتيما فآوى ، ووجدك ضالا فهدى }}هو سبب هذه الحادثة .
تقول حليمة : ونمنا تلك الليلة في ضيافتهم وأكرمونا فقالت آمنة :يا حليمة لِم أسرعت بعودة محمد ولم تنته مدة كفالته ؟ كُنتِ حريصة على أن يمضي عندك عامين أو أكثر ولم ينته العامان بعد ؟
قالت حليمة :قد أدّينا ما علينا[[ أي انتهت تربيتنا له ]] وأحببت أن أرده إليكِ سالماً معافى ، لأن الأم تشتاق لولدها !! فضحكت آمنة
و قالت : ما هذا شأنك أبدا [[ لا ليست هذه هي القصة فأنا لم أقتنع ]] يا حليمة لن أدعك تتركين هذا المنزل حتى تخبريني خبر محمد ، [[ تكلمي الصدق لماذا رجعت قبل أن ينتهي موعد حضانته ما الذي حصل ]] .
تقول حليمة :وقد علمت آمنة أني أُخفي عنها شيئاً فقلتُ سأحدثك ولكن ما جرى ليس لنا به شأن [[ ليس لنا علاقة ]]فهو خارج عن إرادتنا قالت آمنة : تحدثي ولا تخافي من شيء، تقول حليمة : فحدثتها بكل ما جرى ثم التفتت آمنة لمحمد وقالت : ما الذي جرى معك يا ولدي ؟؟فحدثها القصة كاملة صلى الله عليه وسلم فضحكت آمنة وقالت يا حليمة أوَخفتِ عليه من الشياطين ؟ [[ أي يا حليمة من كل عقلك خايفة عليه من الشياطين ]] قالت :نعم تخوفنا عليه .
قالت آمنة يا حليمة : ألم أخبركِ خبر حملهِ ، وولادته ، وأنّ لابني هذا شأناً وأني لما حملت به قيل لي قد حملت بسيد هذه الأمة فإذا وضعته فسميه محمداً .
يا حليمة : إن لابني هذا شأناً لا سبيل للشياطين عليه أبداً دعيه وارجعي راشدةً .
تقول حليمة : فأكرموني أكثر مما يكرم قوم مرضعاً فرجعنا ونحن فرحون أن محمداً الذي ربيناه سيكون له شأن كبير أكثر من فرحتنا بالعطايا التي أعطونا إياها {{ وحق لك أن تفرحي ، يا حليمة ، هنيئاً لكِ ، يا مرضعة حبيبنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم }} .
رجعت حليمة رضي الله عنها وأرضاها وقد شهدت الإسلام وأسلمت هي وزوجها أبو كبشة وابنها .
تقول حليمة :رجعت [[ وهي تكمل حديثها هذا الذي ترويه لعبدالله بن جعفر رضي الله عنه ]] فتقول :فما رأيت محمدًا صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إلا مرتين ؛ بعد زواجه بخديجة رضي الله عنها جئت أبارك زواجهما .. وشكوت إليه ضعف حالنا فكلم خديجة رضي الله عنها فأعطتني عشرين ناقة وأعطتني خيراً كثيراً ورأيته يوم حُنين حين ظفر بأعدائه [[ انتصر عليهم]]
جلس يقسم غنائم حُنين فأقبلت إليه فلما رآني وثب قائمًا على قدميه وفتح ذراعيه مرّحباً وهو يقول : أمي .. أمي ..مرحبا بأمي !!وأفسح لي ثم خلع رداءه عن كتفيه ووضعه على الأرض وأجلسني عليه وأكرمني غاية الإكرام صلى الله عليه وسلم.
هذا_الحبيب
الحلقة « 24 »
السيرة النبوية العطرة
(( آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم))
رجع الرسول صلى الله عليه وسلم لأمه آمنة وانتهت مدة الحضانة عند حليمة السعدية ، فأصبحت آمنة ترى من محمد خصالاً تتعجب منها {وكان صلى الله عليه وسلم ، له أدب رفيع } فقد كان دائماً يجلس وينظر إلى السماء ،أكثر من الأرض .
تقول أمه آمنة :كان ينظر إلى السماء أكثر من نظره إلى الأرض ، وخلوته أكثر من جلوته [[يعني أنه كان معتزلاً أكثر من أن يختلط بالصبية والأهل ]] .
وكان إذا وُضع الطعام ينتظر ولا يبدأ ولا يمد يده قبل الآخرين ، فإذا قيل له كُل مد يده وأكل ، وهكذا ما زالت آمنة ترى خصائصه حتى أمضى عندها عامين وأصبح في عامه السادس.
والآن ستروي لنا بركة الحبشية أم أيمن رضي الله عنها وأرضاها -وهي صحابية جليلة كانت من أوائل العبيد الذين أسلموا وكان الذي يملكها أبو النبي عبد الله المتوفى وانتقلت بالوراثةللنبي صلى الله عليه وسلم فأعتقها النبي وزوّجها لزيد بن حارثة رضي الله عنه فأنجبت لزيد (أسامة) ، ستروي لنا ما الذي حدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند آمنة .
والجدير بالذكر أن بركةكانت حاضنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، تقوم برعايته وخدمة آمنة أم النبي ، وكانت تلازمهما دائماً .
تقول بركة : قالت آمنة لعبد المطلب يوماً ، ألا تأذن لنا يا شيخ مكة أن نذهب إلى يثرب بالقافلة ، فنزور أنا و محمد قبر عبد الله و أعرّفه على قبر والده ؟ قال :نعم يا آمنة ، ولكن حتى أجد قوماً آمن عليكم معهم فإذا وجدتهم أرسلتكم معهم قالت : فلمّا خرج قوم من أشراف مكة إلى يثرب ، جهزنا عبد المطلب وأرسلنا معهم .
خرجت آمنة مع ولدها ومعها (بركة) حتى وصلوا إلى يثرب {{ المدينة المنورة }} فذهبت القافلة تكمل تجارتها ونزلت آمنة والرسول صلى الله عليه وسلم وبركة ضيوفاً عند بني النجار أخواله .
أخذت آمنة بيد ابنها محمد، ووقفت عند قبر أبيه وقالت له : يا بني هذا قبر والدك عبدالله فقال لها : ولِم يا أمي ، لا يكلمنا ؟!
فقالت : يا بني إنه قد مات ، والذي يموت ، لا يتكلم أبداً ، ولا يرجع إلى أهله ، يا بني هذا مكان جسده ، ولن نلتقي به أبداً [[ هنا تعرّف صلى الله عليه وسلم على معنى الموت ، ولم يكن يعرف معنى الموت الحقيقي ، حتى وقف على قبر أبيه ، وأن والده بهذا المكان وأنه لن يراه أبداً ]] صلى الله عليه وسلم .
جلسوا في يثرب حوالي شهر ، وكان يخرج صلى الله عليه وسلم فيلعب مع الصبيان من بني النجار فتعلم السباحة عندهم .
وكان يلعب كما يلعب الصبية ، و لكن كان مميزاً بينهم ، بأدبه وأخلاقه وكان اليهود منتشرين حول يثرب ، وهم أهل كتاب فلفت انتباههم أمر غريب ! إذ كانوا يسمعون صراخ الأطفال وهم يلعبون {{ ها قد جاء محمد المكي ، محمد القرشي ذهب ، محمد المكي تعال معنا هنا ، محمد القرشي هيا نذهب هناك }} كأي أطفال يلعبون ، ويعلو صوتهم باللعب ، ومعروف عندهم في كتبهم ، بهذه الأسماء من صفات نبي آخر الزمن {{ محمد المكي المدني القرشي }} وقد لاحظ اليهود غمامة [[ غيمة]] تظلهم وهم يلعبون فإذا كان محمداً وحده ، وبقي الصبية لوحدهم أصبحت الغمامة فوق رأسه ، فأصبح أهل الكتاب ينتبهون ويتابعون أخبار هذا الصبي .
هذا الحبيب
الحلقة « 25 »
السيرة النبوية العطرة
(( وفاة آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم ))
أصبح أهل الكتاب ينتبهون ويتابعون أخبار هذا الصبي .
تقول بركة :كنت لا أفارقه بوصية من أمه آمنة ، فرأيت أهل الكتاب ، يختلفون إليه كثيراً [[ تقصد اليهود ، يأتي واحد ويذهب الآخر ، يراقبون النبي صلى الله عليه وسلم ]] ويترددون إليه كثيراً ، ويسألونها عنه ، كيف ينام ؟ كيف يأكل ؟ ماذا يعمل ؟ يسألونها عن أحواله .
تقول : جاء إليه حبران من اليهود
فقالوا : ما اسمك يا غلام ؟
قال صلى الله عليه وسلم : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب قالت : فأخذوا ينظرون في عينيه ورأسه ويتفحصونه كثيراً ثم كشف أحدهم عن كتفيه ووضع يده على خاتم النبوة ، وقال :هو ، هو ، وربِ عيسى وموسى إنه هو !!!
فقال الآخر : أأنت واثق مما تقول ؟
قال : نعم وهذا خاتم النبوة بين كتفيه ، ثم انصرفا .
تقول بركة أم أيمن :ثم رجعتُ به إلى أمه ، ولم ينتصف النهار حتى جاء رهط منهم إلينا [[ رهط يعني مجموعة]] ، قالوا يا بركة : أخرجي لنا أحمد [[ معروف في كتبهم اسمه أحمد ]] ،قالت لهم : ما عندنا أحمد ، قالوا لها:هذاالذي تقولون عنه محمداً فقالت لهم :اسمه محمد وليس أحمد قالوا :محمد أو أحمد شيء واحد ، أخرجي لنا محمداً،فقلت لهم : إنه نائم ، ولم أخرجه لهم وأخبرت أمه بالأمر وبما سمعت من أهل الكتاب فأخبَرت آمنة أخواله من بني النجار ، فخافوا عليه من اليهود ، وسمحوا لها أن ترجع إلى مكة ،وكان هناك قافلة راجعة إلى مكة ، فخرجت آمنة ومعها ابنها محمد وبركة معهم .
وفي الطريق عصفت الريح والرمال ، فتوقفت القافلة أياماً وأصاب آمنة المرض فتأخرت القافلة ، فاستأذن أهل القافلة بالرحيل وتركوا معها بعض الناس يرعونها وكان مرضها في قرية يقال لها الأبواء [[ الأبواء منطقة بين مكة والمدينة، وهي أقرب إلى المدينة ، وسميت بذلك لأن السيول تتبوّأها ، يعني تحل وتستقر فيها ]] .
تقول بركة:فمكثنا أياماً نعالج مرضها ولكنها لاتستجيب ،والمرض يشتد بها
وذات ليلة أخذ المرض يشتد بها أكثر وأكثر فعلمت آمنة أنها ستموت فقالت آمنة: يابركةقربي مني محمداً قالت :فقربته ، فوضعت يدها على رأسه تتلمسه وتنظر إليه -وعمره ستةأعوام -وتقول :
بـارك الله بك مـن غلام
ياابن الذي من حومة الحمام
نجا بعـون الملك المنعـام ..
فُودي غداة الضرب بالسهام
بمائـة مـن إبـل سـوام ..
إن صح ما أبصرت في المنام
فأنـت مبعوث إلى الأنـام ..
من عند ذي الجلال والإكرام
تقول بركة : كانت آمنة ، تكرر بيت الشعر أكثر من مرة ،وهي تنظر إلى ابنها ،وكأنها تودعه ثم قالت : يا بركة لا تغفلي عن محمد ، فإن أهل الكتاب يعتقدون أنه نبي مبعوث ، و إن ألدّ أعدائه اليهود فأنا لا آمنهم عليه فلا تجعليه يغيب عن ناظرك .
ثم قالت :{{ يا بني ،كل حي ميت وكل جديد بال وكل كبير يفنى وأنا ميتة وذكري باقِ وقد تركت خيراً وولدت طهراً }} ثم ماتت ويدها على النبي صلى الله عليه وسلم .
قالت بركة : وأخذ محمد يكلمها فلا ترد عليه،فأغمضتُ عينيها ،وضممتُ يدها إلى صدرها ، وحاولت أن أبعد الصبي عنها ،ولكنه تمسك بها ،وهو يقول وينادي : أمي أمي ثم نظر إليّ وقال :لمَ لا ترد أمي عليّ ؟؟!! تقول بركة :فاضطررت أن أقول له لقد ماتت يا بني !!! [[ هنا تذكر كلام أمه عن الموت ، قبل أيام عند قبر أبيه ، و أن الذي يموت لا يرجع إلى أهله أبداً ]] قالت : فذرفَ محمد دمعاً غزيراً وهو متعلق بها ،وحاولت أن أبعده عنها فقال القوم الذين معي : دعيه يابركة بجانب أمه فبقي طوال الليل بجانبها ولم ينم ،يضمها ويبكي ولانسمع إلا بكاءه وتنهده ، فكنت آتي إليه ، كي أُدير وجهه عن أمه ، من شدة البكاء ،كي لا يراها صلى الله عليه وسلم .
قالت فلما كان النهار شققنا لها قبراً في الرمال ، وأخذنا نحفر لها القبر ، وهو يحفر معنا ويبكي فلما هممنا بدفنها ، تعلق بها وأصر أن ينزل معها في حفرتها ولما أتعبنا قال القوم لا بأس أنزلوه في حفرتها قليلاً ،قالت : فنزل وتمدد بجانبها بالحفرة وضمها إليه وهو يبكي فأنزل دمعاً كثيراً ، ثم أخرجوه من الحفرة ،ووضعوا عليها الرمال و أخذت أم أيمن يده لتذهب به، فقال لها :نأخذ أمي معنا !! فلم ترد عليه .
وبعد أن انتهى الدفن تابعت (بركة) سيرها إلى مكة ومعها محمد ولما وصلتها توجهت مباشرة إلى بيت جده عبد المطلب، ثم طرقت الباب فإذا بعبد المطلب يفتح الباب ثم ينظر للصبي ويقول : أين أمك يا محمد ؟ فبكى وأخذ يردد ماتت ، ماتت ، فضمه عبد المطلب إلى صدره، وقال له : أنت ابني ، أنت ابني .
رجعت ام أيمن تحضن اليتيم المضاعف يتمه ،وقد كفله جده عبد المطلب .
صلى الله وسلم عليك يا حبيبي يا رسول الله
هذا_الحبيب
الحلقة « 26»
السيرة النبوية العطرة
(( كفالة عبدالمطلب للنبي صلى الله عليه وسلم ))
_________
رجع الصبي المضاعف يتمه إلى جده بعد وفاة أمه آمنة تقول بركة :_ لما رجعت مكة وأنا أحتضن محمدا ، نظر إلينا عبد المطلب ، بعد أن علم بوفاة آمنة، واحتضن الصبي ، وبكى
ثم أخذنا وأسكننا في داره [[ أي في دار عبد المطلب ]] وقال :_ يا بركة لا تدعي محمد يغيب عن نظرك ليلاً ولا نهاراً فإني لا آمن عليه أهل الكتاب
________
يقول العباس رضي الله عنه ، عم النبي صلى الله عليه وسلم يقول :_ فَرَقَّ له رقة لم نعهدها من قبل !!! [[ يقصد عبد المطلب ، كان الحنان بقلبه للنبي بشكل لا أحد يتخيله ]]
وصب به صبابة لم يصبها بولد من أبنائه .أصبح النبي صلى الله عليه وسلم ، عند جده عبد المطلب كل شيء بحياته تعلق فيه كثيراً
فكان إذا وضع الطعام لا يقربه ، إلا إذا جاء محمد ووضعه في حجره وأعطاه أفضل طعامه
________
يقول العباس رضي الله عنه :_كان لعبد المطلب سيد مكة فِراش في حجر الكعبة يجلس عليه ولا يجلس عليه غيره .كان له فراش فيه ، لا يجلس عليه غيره حتى كان حرب بن أمية [[ حرب بن أمية ، وهو شيخ من شيوخ قريش يكون أبوه لأبو سفيان ، وكان بمثابة السيد الثاني في مكة بعد عبد المطلب ]]حتى حرب بن أمية ومن دونه ، يجلسون على الأرض حول الفراش وعبد المطلب يجلس على الفراش فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غلام يافع في السابعة من عمره فيجلس عليه ، يجلس على مفرش جده عبد المطلب
فيذهب أعمامه يبعدونه !!!فيقول عبد المطلب :_ دعوا ابني يجلس عليه فإنه يحس من نفسه بشرف [[ يعني يحس أن له مكانة ]] وأرجو من الله أن يبلغ من الشرف مالم يبلغه عربي قبله ولا بعده [[ والله يا جد نبينا ، لقد حقق الله رجاءك ، فأي مخلوق من خلق الله جميعا ، بلغ الشرف الذي بلغه صلى الله عليه وسلم ؟ ونحن الآن بعد 1400 سنة ، نفديه بأرواحنا صلى الله عليه وسلم]]ثم يجلس عبد المطلب ويجلسه على يمينه يمسح على ظهره ورأسه ويقول :_ إن لإبني هذا شأن فاعرفوه يا أبنائي [[ يكلم أولاده عن ابن أخيهم محمد ]]
________
يقول العباس :وكان عبد المطلب جالس يوم في حجر الكعبة وعنده ضيف وهو أسقف نجران وهو من أهل اليمن [[الأسقف يعني أعلى رتبة عند الرهبان النصارى]]وكما قلنا من قبل ، أن عبد المطلب عنده أصدقاء كثير ومعارف من اليمن ، عندما كان يسافر رحلة الشتاء إلى اليمن . هذا الأسقف كان جالساً مع عبد المطلب ، ويتكلم معه فقال الأسقف لعبد المطلب : إنا نجد في كتبنا صفة نبي من ولد إسماعيل ، في هذا البلد مولده [[ أي مكة ]] وإن من صفاته كذا وكذا ، وأخذ يحكي له أوصافه ، وهو يتحدث معه أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عمره 8 سنين دخل على جده ، فنظر الأسقف إليه فقام الأسقف وأخذ يتفحصه وينظر إلى عيونه وظهره وقدميه
________
قال له عبد المطلب :_ ما الأمر ؟
فقال الأسقف :هو ذا ، هو ذا ، يا شيخ مكة قال عبد المطلب: ما هو ؟ !!قال الأسقف :_ هو ذا الذي أحدثك عنه نبي هذه الأمة
يا عبد المطلب :_ من يكون هذا الغلام قال له :_ هذا إبني قال الأسقف :_ لا ؛ إنه يولد يتيماً !!!
فقال عبد المطلب :_ نعم إنه ابن ابني عبد الله قال الأسقف :_ما فعل أبوه ؟ فقال له :_مات وأمه حبلة به
قال الأسقف :_الآن أنت صدقتني ، إنا نجد في كتبنا أنه يولد يتيماً ويموت أبوه وهو في بطن أمه
يا عبد المطلب هل تضاعف يتمه ؟ ألم يفقد أمه ؟ قال :_ بلى ماتت أمه وهو الآن في حضانتي فقال الأسقف :_ أنظر يا عبد المطلب إلى قدم هذا الصبي ، ثم أنظر إلى قدم جدكم إبراهيم [[قصده عن مقام إبراهيم عند الكعبة الذين ذهبوا للعمرة ورأوا علامات قدم سيدنا إبراهيم بالصخر في مقام إبراهيم عليه السلام الذي بجنب الكعبة قفص ذهبي]] أنظر يا عبدالمطلب إلى قدم هذا الصبي ، ثم أنظر إلى قدم جدكم إبراهيم التي في المقام
فهل تجد قدم أشبه بها من قدم هذا الصبي ؟؟قالوا :_ فنظرنا فوجدناها تشبهها ، مع فارق الحجم فنظر عبد المطلب إلى أولاده {{يقول العباس كنا إذا جاء أبونا عبد المطلب سيد مكة وجلس على فراشه في حجر الكعبة وقفنا على رأسه ، وكان عدد أولاده تسعة يقول كنا نقف على رأسه وحوله ، خدمة له وتعظيماً }} فنظر عبد المطلب إلى أولاده وهم واقفين
وقال :_ يا أبنائي تحفظوا على ابن أخيكم محمداً ألا تسمعون ما يقال فيه ؟!!!!!فقال الأسقف :_ إني أوصيك يا عبد المطلب أن تحذر عليه يهود
هل لاحظتم كم تحذير جاء في السيرة من اليهود حتى النصارى يعرفون بأن ألد أعداء محمد وأمته هم يهود ..وعندما وصل المدينة صلى الله عليه وسلم وكان اليهود يسكنون حولها ينتظرون نبي آخر الأمة يخرج منهم ، نزلت عليه صلى الله عليه وسلم ، أطول سورة في القرآن {{ سورة البقرة }} جلها تتكلم عن اليهود وغدرهم وملخصها
{{ يهود .. وعهود .. لا يلتقيان أبداً .. أبداً ..
هذا_الحبيب
الحلقة « 27 »
السيرة النبوية العطرة
(( وفاة عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم ))
________
ومازال النبي صلى الله عليه وسلم بكفالة جده عبد المطلب يرعاه خير رعاية ، ويعزه ويقدمه على أعمامه
حتى بلغ صلى الله عليه وسلم سن الثامنة من عمره
______
تقول بركة :_ غفلت عنه يوماً [[ أي لم تنتبه له ، نامت ]]
وإذا بعبد المطلب عند رأسي يصرخ بي بأعلى صوته يا بركة !!!
ألم أقل لك لا تغفلي عن محمد ؟
قلت له :_ هو ذا يلعب عندي
قال :_ أين هو ؟ أتعلمي أين وجدته ؟
وجدته عند الصبية عند السدرة ، ألم أقل لك أني لا آمن عليه يهود ؟
[[ هل لاحظتم ، عبد المطلب هنا أيقن أن اليهود لا أمان لهم]] لا تجعليه يا بركة يغيب عن نظرك
________
بلغ صلى الله عليه وسلم من العمر 8 سنين مرض عبد المطلب وجلس في سريره وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، بقى جالساً عند سريره لا يفارقه شعر شيخ مكة عبد المطلب بدنو الأجل فأرسل لأولاده وبناته الستة و وقفوا حول سريره تسعة رجال ومحمد صلى الله عليه وسلم واقف عند رأسه ثم نظر إليهم وبكى بكاءً مُراً ، فقال له أبو طالب [[ وأبو طالب لم يكن أكبر أولاده]]
قال أبو طالب :_ ما هذا الخوف يا شيخ مكة ما عهدناك كذلك ؟ [[ أي لماذا هذا الخوف لم نعهدك تخاف من شيء ، كل حياتك رجل شجاع ،وسيد قومك ]] قال :_ يا بني إني لا أخاف الموت فإن الموت مصير كل حي ، لقد مات إبراهيم وإسماعيل وهما عند الله خير مني ولكن الذي يحزنني ويؤلم قلبي {{ هذا اليتيم }} إني أوقن [[ أي متأكد ]] أن له شأن وأنّ كل أهل الكتاب رأيتهم يجمعون أنه نبي منتظر ليتني أدرك ذلك الزمن [[ تمنى عبد المطلب أن يرى محمد صلى الله عليه وسلم لما يبعث ]] فقال أبو طالب :_ لا تحزن يا شيخ مكة نحن نعاهد الله ونعاهدك أن يكون محمداً أحب إلينا من أولادنا وأنفسنا
________
فوكّل عبد المطلب كفالة محمد إلى أبي طالب [[ أبو طالب العم الشقيق للرسول صلى الله عليه وسلم يعني أبو طالب وعبد الله والد النبي أخوة من أب وأم واحدة ]] انتقلت الكفالة إلى ابي طالب ومازال عبد المطلب حي على سريره ثم نظر عبد المطلب إلى الصبي اليتيم الذي تعلق فيه كثيراً [[وأيضاً تعلق صلى الله عليه وسلم فيه كثيراً ، فقد رأى منه حنان الأب والأم رأى منه كل العطف ]]
نظر للنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يبلغ من العمر 8 سنين ووضع يده عبد المطلب على رأس النبي ومسح عليه وهو ينظر إليه ثم خرجت روحه ويده على رأس النبي وعينيه تنظر إليه .
_______
هنا أدرك صلى الله عليه وسلم أن جده منبع الحنان بعد أمه قد مات
وتذكر قول أمه [[ يا بني الذي يموت لا يرجع إلى أهله ولا نلتقي به أبداً]]
تقول بركة :_ فبكى الصبي بكاءً مُراً ، وأنا أنظر إلى محمد يقف عند سرير جده يصب دمعاً غزيراً فما استطعنا أن نبعده عنه .ثم دفن عبد المطلب في الحجون [[مقبرة معروفة بمكة لحد الآن ]]و انتقل صلى الله عليه وسلم إلى كفالة عمه أبو طالب
هذا الحبيب
لحلقة « 28 »
من\السيرة النبوية العطرة
(( كفالة أبي طالب للنبي صلى الله عليه وسلم ))
انتقل صلى الله عليه وسلم ، مع حاضنته بركة {{ أم أيمن }} إلى كفالة عمه أبي طالب ، بعد وفاة جده عبد المطلب ، (أبو طالب كنية وليس اسمه ، أما اسمه الحقيقي فهو عبد مناف) .
أبو طالب هو أبو علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته فاطمة رضي الله عنها .
*زعم شيعة علي رضي الله عنه ، أن اسم أبي طالب هو {{ عمران }} ،
لقوله تعالى {{إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين }} وقد أخطؤوا في ذلك خطأً كبيراً ، ولم يتأملوا القرآن من قبل أن يقولوا هذا البهتان ، فلو تابعوا تتمة قراءة الآيات لوجدوا بعدها قوله تعالى {{إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محرراً }} وكانت تعتقد أن الذي في بطنها ذكر ، فولدت أنثى ، وهي السيدة مريم ابنة عمران ، فعمران هو أبو السيدة مريم أم نبي الله عيسى عليه السلام ، وعمران وهو جد نبي الله عيسى عليه السلام .
كان أبو طالب ، قليل المال ، إذ لم يكن من أصحاب الأموال الوفيرة ، لأن عنده أولاداً كثيرين ، ولكنه كان صاحب شرف وكرم في قومه .
حرّم الخمر على نفسه كما حرمها أبوه عبد المطلب على نفسه من قبل
وكان محبوباً لدى الجميع فورث الزعامة من أبيه عبد المطلب وأصبح شيخ مكة .
انتقل صلى الله عليه وسلم ، إلى دار عمه أبي طالب ، وعاش بينهم وكأنه واحد من أولاد أبي طالب ، حتى أن أبا طالب كان يعزه أكثر من أولاده ، وكان أبو طالب لا يقبل أن ينام إلا
أن ينام النبي صلى الله عليه وسلم بجانبه ، ويفضله على جميع أولاده . عاش النبي صلى الله عليه وسلم في كفالة عمه وعمره ثمانية أعوام إلى أن بلغ مبلغ الرجولة ، ولم ينفصل عن عمه إلا بعد زواجه بالسيدة خديجة رضي الله عنهاوأرضاها[[يعني عاش في بيت عمه أبي طالب من عمر ثمانية أعوام حتى 25 عاماً ]] .
تقول بركة (( أم أيمن )) انتقلنا إلى دار أبي طالب وكان كثير الأولاد قليل المال ، كان إذا وضع الطعام انتشلت الصبية الطعام انتشالا .. حرصاً على الشبع[[ أي مثل السباق قبل أن ينفد الطعام ]] .
تقول بركة : كان عيال ، أبي طالب إذا أكلوا جميعاً ، أو فرادى لم يشبعوا وكانوا إذا شربوا لبناً من القعب ، شربوه بسرعة [[ القعب ما نسميه الآن ، زبدية مصنوعة من الخشب ]] لأن اللبن قليل،وغيرمتوفر وكان أبو طالب يؤثر الحجيج وزوار البيت على أولاده في الدار [[ يعني كان يكرم ضيوف الحرم أكثر من أولاده ]] .
تقول بركة :فلما كان صلى الله عليه وسلم يأكل معهم يشبعون جميعاً ، وتزيد فضلة من الطعام وإذا أكلوا ولم يكن موجوداً معهم لم يشبعوا ولم يكفهم الطعام .
وقد لاحظ أبو طالب هذا الأمر فأصبح يضع الطعام فطوراً وغداءً وعشاءً [[يعني الوجبات كلها ]] ثم يقول لأولاده :مكانكم لا تأكلوا حتى يمد محمد يده لأنه كان صلى عليه وسلم ، لا يمد يده قبل أحد [الصبية كانوا يأكلون مباشرة فينتشلون الأكل وما كان صلى الله عليه وسلم ، يمد يده إلا إذا زاد الطعام ، فيمد يده ويأكل ]] فمنع أبوطالب ، أولاده أن يمدوا أيديهم قبل أن يبدأ محمد بالأكل فإذا بدأ وأكل شبعوا جميعاً وزاد من الطعام ، ويحضر أبو طالب القعب من اللبن ، ويعطيه لمحمد أولاً
ويقول له :اشرب يا بني فيقول له صلى الله عليه وسلم :بل أنت يا عم [[يعني أنت أولاً يا عمي ]] ،فيقول له أبو طالب : لا أنت أولاً ، إنك نسمة مباركة فإذا بدأ محمد بالشرب شربوا جميعاً وشبعوا، وبقي من اللبن زيادة وإذا شربوا قبله لا يشبعون فكان يقول أبو طالب : إن محمداً صبي مبارك .
تقول بركة : كانت الصبية يصبحون كعادتهم شعثاً رمصاً [[ وهذا شيء طبيعي عند كل الأطفال من اللعب والركض والغبرة فتجد شعرهم غير مرتب ومجعداً ومنفوشاً ، والرمص هو الصفار الذي يكون في عيون الصغار ، عندما يصحون من النوم ]] وكان محمد من دون كل الصبية يصبح كحيلاً دهيناً طيب الرائحة كأنما الدهن على رأسه [[يعني أن شعره صلى الله عليه وسلم مرتب وناعم ما فيه تجاعيد كأنه مدهون بالزيت ، وعيناه كحيلتان لا أثر للرمص فيهما ]] .
تقول بركة :وكان كلما تقدّم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمر نلتمس من بركاته صلى الله عليه وسلم أحداثاً كثيرة .
وسنذكر بعض كرامته صلى الله عليه وسلم ، وهو في كفالة أبي طالب ، قبل نزول الوحي وللتنبيه كي لانقع في الخطأ لا نقول {{ قبل النبوة ، وبعد النبوة }}هذا خطأ يقع فيه كثير من الناس {{ رسولنا الكريم نبي قبل أن ينفخ بآدم الروح ، (كنت نبياً وآدم منجدل في طينته) ، فهو في بطن أمه كان نبياً ، وولد وهو نبي وكبر وهو نبي ، و عاش في كفالة عبد المطلب وهو نبي ،وعاش في كفالة أبي طالب وهو نبي }}لا نقول قبل النبوة وبعدها بل نقول [[ قبل البعثة ، وبعد البعثة ،أو قبل نزول الوحي ، وبعد نزول الوحي ]]
هذا الحبيب
السيرة النبوية العطرة
الحلقة 《 29 》
(( قصة الراهب بحيرا )) :
ولم يزل صلى الله عليه وسلم ينشأ النشأة الطيبة الصالحة ، برعاية من الله عز وجل ويشب مع شباب مكة ، حتى بلغ من العمر اثني عشر عاماً، وجاء موسم رحلة الصيف إلى الشام ، وكان من عاداتهم برحلة الشتاء والصيف ، أن يخرج مع القافلة الزعماء [[ من أجل أن يحافظوا على القافلة ، ولايستطيع أحد أن يعترضها في الطريق ]] ، وكان أبو طالب يستعد للسفر على رأس هذه القافلة فلما جاء يوم السفر وقف أبو طالب يودع أهله .
يقول العباس رضي الله عنه : فبدأ بالنبي صلى الله عليه وسلم فعانقه صلى الله عليه وسلم ، وتعلق بعنقه ، وتمسك فيه وصب دمعاً غزيراً[[حال نبيناصلى الله عليه وسلم ،كأي صبي عمره اثنا عشرعاماً ، لا يوجد له أب ، ولا أم ، ولاجد ، وقد تعوّد على عمه وحنانه ،وعطفه ،فأصبح لا يقدر على فراقه]] قال :يا عم لمن تتركني في مكة ؟؟ قال أبو طالب : لقد أصبحت رجلاً يا بني !!
قال : ولكن لا أحب أن أفارقك ، وأحب أن أرحل معك وأتعلم التجارة .
يقول العباس : فرّق له قلب أبي طالب وفاض حنانه عليه فقال : لاوالله لن أدعك لأحد وإني عند عهدي لعبد المطلب ، ستذهب معي يا محمد فودع أبو طالب الأهل وأركب محمداً أمامه على البعير وانطلق به إلى بلاد الشام .
يقول العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم وهو راوي الحديث :فو الله الذي لا إله إلا هو .. ما أن خرجت القافلة من أرض الحرم والموسم صيف حتى رأينا غمامة (غيمة) جاءت من بعيدوأظلت البعير الذي يركبه صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب وانتبهت لذلك قريش فكانوا لايجدون الظل إلا على البعير الذي يركبه أبو طالب ومحمد إذا مشى تمشي الغمامة معه ، وإذا توقف توقفت فوقه .. فعلمت قريش أن هذه الغمامة تظل محمداً [[ و لم يعطوا لهذا الأمر أهمية ، وكانوا يقولون يتيم ،تعطف عليه السماء ]] .
وصلت القافلة إلى مشارف الشام [[ المقصود بمشارف الشام هنا ، أول الدخول من المنطقة الجنوبية من الأردن لفلسطين ]] ، وكان هناك راهب من رهبان النصارى اسمه (بحيرا) يسكن هناك فمن هو بحيرا ؟
[[بحيرا لقب عند النصارى وليس اسمه الحقيقي يُطلق على كل من يعلم علم النصرانية الحق من غير تحريف ، أي وراثة من فلان إلى فلان إلى فلان إلى سيدنا عيسى عليه السلام ]] لقبه بحيرا ، أما اسمه الحقيقي فهو {{ جورج }} وكان هذا الراهب يعلم العلم الكبير علم الكتاب الحق .
مرت القافلةالتي أتت من مكةوتحمل الرسول صلى الله عليه وسلم مرت من جانب صومعة العابد بحيرا وكانت قريش تمر كل سنة من جانبه ولم يكن يتكلم معهم ، إلا في حال إذا طلبوا منه الماء فيسقيهم ويسلم عليهم ولا يهتم بهم .
فلما كان الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه القافلة [[ طبعاً بحيرا ، كان عنده علم بمولد نبي آخر الزمن مثل باقي الأحبار والرهبان ، فقد عرف ليلة مولده وطلوع نجمه ، لأنه يعلم الكتاب وأسرار النجوم كغيره من الرهبان،فلمّارأى الأحبار والرهبان النجم عرفوا أنه ولد نبي آخر الزمن ، ومولده في أرض الحرم ]] .
كان بحيرا ، يجلس في صومعته ، ويراقب القوافل فلما قدمت قافلة مكة [[ وكان لقافلة مكة موعد ؛متى تأتي ، ومتى ترجع من الشام ]] .
نظر بحيرا من صومعته ، فرأى قافلة قريش ، فوقها غمامة ، تظل الركب ، تمشي إذا مشوا ، وتقف إذا وقفوا ، فتذكر بحيرا ما كان يقرؤه ، من بقايا تعاليم الكتاب (أحمد المظلل بالغمام ، نبي آخر الزمان ) ،فأخذ يراقب الطريق فرأى أمراً غريباً وإشارة عجيبة،لقد رأى الشجريسجد كلّما مرت القافلة من عنده [[ وهذه إشارة كان يعرفها الرهبان ، لا يستطيع باقي الناس من العوام أن يراها ]] رأى الشجر يسجد سجوداً [[ليس كسجودنا ]] كانت القافلة كل ما اقتربت منه ، تتدلى أغصانها إلى الأرض فتهبط[[ ليس سجود عبادة بل انحناء ، يسمونه سجوداً ]] كأن الأشجار تقول :{{ مرحباً بك يا نبي الله ، مرحباً بك يا حبيب الله ، مرحباً بك يا خير خلق الله ، صلى الله عليه وسلم }} .
نزل بحيرا من صومعته مسرعاً يسلم عليهم ويستكشف الأمر فقال : من شيخ القوم ؟ قالوا :شيخنا أبو طالب ، فقال : يا أبا طالب يا سيد القوم ، قد صنعت لكم طعاماً وأريد أن تحضروا جميعاً ، ولا يتخلف منكم رجل واحد ، وربِ موسى وعيسى إن هذا الغلام ابن أخيك هو خاتم الأنبياء والمرسلين ، وكشف قميصَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : انظر هذا هو خاتم النبوة بين كتفيه ، وربِ موسى وعيسى لئن رآه اليهود ، ليكيدوا له الشر فإن ألد أعدائه اليهود ،فارجعْ به مسرعاً إلى مكة .
سمع أبو طالب نصيحة بحيرا ، وتعجل الرجعة للحرم ووضع أميراً غيره على القافلة .
رجع بعدد من الرجال ولم يدخل بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى الشام أبداً .
هذا الحبيب
الحلقة« 30 »
من السيرة النبوية العطرة
((شبابه صلى الله عليه وسلم وعمله في رعي الأغنام ))
رجع النبي صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب إلى مكة وما زال الله ينبته نباتاً حسناً على مكارم الأخلاق استعداداً لمايعدّهُ له من حمل الرسالة
الشريفة .
كان شباب من الصحابة من أهل المدينة جالسين حول رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحبوا أن يتعرفوا على حياة الرسول أكثر مما يعرفونه عنه فقالوا : يا رسول الله حدثنا عن بدء أمرك فقال لهم صلى الله عليه وسلم : (بُعثت وأنا أرعى الغنم لقومي وما بعث الله نبياً إلا ورعى الغنم ) .
ما الحكمة من رعي الأغنام ؟؟ ولماذا اختار الله لنبيه صلى الله عليه وسلم هذه المهنة ؟؟ .
إن رعاية الأغنام ، تعلّم الصبر ، وتعلم الرحمة ، تعلمك كيف تعتني بصغير الغنم ، فإذا وُلد مولود صغيرحمله الراعي وصبر عليه حتى يكبرويرعى بنفسه ، وكذلك يصبر على الكبار عندما يسرحون ،لأن الذي يصبر على هذه المخلوقات الضعيفة ، ويرعاها ويألفها،ويصبر على تفرقها ، وتجمعها ويساعد الضعيف منها ، ويرد العدو من الحيوانات المفترسة عنها يتعلم كيف يرعى أمور الرعية ، فينتقل من رعاية الغنم إلى رعاية الأمم ، ويقود أمته صلى الله عليه وسلم قيادة حكيمة .
يقول صلى الله عليه وسلم في حدث آخر : كنت أرعى الأغنام خارج مكة ، فإذا كان الليل أتيت أطراف مكة راجعاً بالأغنام ثم أسرح بها في اليوم الثاني ، فسمعت يوماً عزفاً [[ مثل صوت عرس من بعيد]] فقال صاحب لي : يا محمد اعتنِ أنت بغنمي حتى أسمر مع من يسمرون [يعني أروح أسهر معهم في الحفلة] وسمعنا عزفاً على الغرابيل [[ يعني صوت عزف على الدفوف الكبيرة وغناء][ يقول :صلى الله عليه وسلم وجاءصاحبي يحدثناسمعت وسمعت وكان عرساً لأحد أبناء مكة ، يقول صلى الله عليه وسلم : (فتشوقت للذهاب إلى العرس وأنا شاب في السادسة عشرة من عمري ) (أحبَّ أن يذهب ليرى تلك السهرة عندما سمع كلام صاحبه) .
قال صلى الله عليه وسلم:فقلت له في الليلة الثانية :اعتن أنت بأغنامي لعلي أذهب إلى مكة وأسمر كما سمرتَ ، يقول صلى الله عليه وسلم:فذهبت حتى إذا كنت عند أطراف مكة بمكان أكاد أسمع منه الصوت ، فضرب الله على أذنيّ فنمت فما أيقظني إلا حرّ الشمس ، فلما رجعت قال لي صاحبي :ماذا صنعت ، قلت لا شيء ضرب الله على أذنيّ فنمت قبل أن أصل قال :لا عليك لعلك كنت متعباً اذهب الليلة قال :فلما كانت الليلة التالية ذهبت فلما وصلت إلى المكان نفسه الذي وصلت إليه في الليلة السابقة ، ضرب الله على أذنيّ ونمت مرة أخرى في مكاني ولم أصل إليهم ، فلما رأيت ذلك علمت أن الله لا يحبه لي ،فلم أرجع إليه أبداً {{العصمة للأنبياء قبل البعثة وبعد البعثة}} .
الله عزوجل عصم نبيه من المعازف والغناء ، فماذا يعني ذلك ؟؟
يعني ذلك أن الغناء والمعازف لا يجوز الاستماع إليها .
أصبح الرسول صلى الله عليه وسلم يكسب قوته من تعبه فيرعى أغنام قريش فيعطونه الأجر على ذلك ، فينفق على نفسه من عرق جبينه وتعبه صلى الله عليه وسلم ، ومازال صلى الله عليه وسلم يرعى الأغنام ويعمل بها ، إلى أن بعثه الله سبحانه وتعالى نبياً .
لم يزل صلى الله عليه وسلم ينشأ النشأة الصالحة على مكارم الأخلاق حتى بلغ من العمر 25 عاماً ،حيث هناك حدث جديد وجميل ينتظر الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد استعدت قريش للخروج في رحلة الصيف إلى بلاد الشام ، وكان هناك في مكة سيدة فاضلة اسمها {{خديجة بنت خويلد الأسدية}} رضي الله عنها وأرضاها .
(( يتبع إن شاء الله تعالى ))