جامع خوند بركة ( مدرسة أم السلطان )
أثر رثم 125 ( سنة 772 هـ / 1370 م )
هذا الجامع بشارع باب الوزير مقابل مدرسة ألجاى المعروفة بتكية الهنود ، أنشأها السلطان الملك الأشرف شعبان لوالدته الخاتون خوند بركة ، المعروفة بأم السلطان برسم مدرسة للشافعية والحنفية وتم إنشاؤها فى سنة 772هـ / 1370 م (1)
قال المقريزى وهى من المدارس الجليلة (2) والمدخل إليها من الباب العمومى المجاور للباب القبلى لسراى قايتباى وهو باب شاهق كتب بأعلاه مذكرة تاريخية تبتدىء بالبسملة ، وبقوله تعالى ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم )
وبجانبى الباب مذكرة أخرى خالية من التاريخ يقرأ فيها ما يأىى : -
بسم الله الرحمن الرحيم ، وأقاموا الصلاة وأتو الزكاة وأمروا بالمعروف
أمر بإنشاء هذه المدرسة المباركة لوالدته
مولانا السلطان الملك الأشرف شعبان بن المرحوم
حسين سلطان الإسلام والمسلمين قاتل الكفرة
والمشركين محيي العدل فى العالمين مظهر الحق
والبراهين حامى حوزة الدين عز نصره
ويجاور الباب سبيل تعلوه مذكرة أخرى نصها :
أمر بإنشاء هذا السبيل المبارك لوالدته السلطان
الملك الأشرف شعبان بن حسين عز نصره فى شهور
سنة ( سبعمائة وسبعين )
وصف المسجد والمدخل إلى هذا الجامع من بابين أحدهما الباب العمومى بشارع التبانة ، وهو باب شاهق أعلاه مقرنصات ويكتنفه من الجانبين الكتبا والسبيل ، وفيه الواجهه العمومية للسمجد يعلوها مئذنة مثمنة بها أثر تصليح حديث فى دوراتها وقمتها ضائعة ، والباب الثانى من عطفة الكاشف ، ومنه إلى صحن مكشوف يحدق به أربعة أواوين : إيوانان منهما متماثلان طولا وعرضا فى الشرق والغرب ، ومثلها فى الجنوب والشمال ، وبالإيوان الشرقى محراب ، رخام دقيق ملون يكتنفه عامودان منقوشان يجاوره منبرا متأخرا نقل إليه من بعض مساجد القاهرة وعليه مذكرة تاريخية نصها :ك
إ ن الله وملائكته يصلون على النبى يا أيها الذين
آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ، أمر بإنشاء هذا
المنبر الشريف صاحب المقام المنيف مولانا الأمير
على أحد الجراكسة فى رمضان .
وفى زاوية الصحن أربعة أبواب اثنان فى الزاويتين القبليتين ، أحدهما الباب المذكور ىنفا والآخر باب يؤدى الى إلى دورة المياة القديمة ، ويقايلهما ، بالزاويتين البحريتين بابان آخران يؤدى أخدهما إلى الباب العمومى للمسجد والثانى غلى قبة خوند بركة والنساء ، وداخلها يشتمل على قاعة مثمنة حوائطكها مؤزرة بالرخام الملون ويتوسطها تركيبة من رخام عليها المذكرة المتقدمة لخوند زهرة وعلى كل باب من هذه الأبواب الأربعة مذكرة النص الأتى :
أمر بإنشاء هذه المدرسة المباركة لوالدته مولانا
السلطان الملك الأشرف شعبان عز نصره
ويجاور البال القبلى باب آخر يؤدى إلى قبة شعبان
ويحيط بالصحن طراز مزخرف بتكتابة قرآنية من
سورة آل عرمان ، وهى آية قوله تعالى
إن فىخلق السموات والأرض ..إلخ
والقبتان المذكورتان من القباب الحجرية المضلعة ذات التضليع الصغير الحجم ، ويحيط بها طراز قوامه زخرفة قرآنية ، والجامع على شكله الحالى أثر هام حافظ لأصل صنعه ، وقد أصلح ما تهدم منه فى سنة 1324- 1326 هـ / 1906م – 1908 م
ترجمة المنشئ الملك الأشرف شعبان الأول بن حسين من ملوك الدولة القلاوونية ، تولى عرش مصر وعمره 112 سنة ، وقام وصيا عليه يلبغا العمرى نائب السلطنة وأتابك العساكر ( قائد الجيوش )
وفى عصره أغار حاكم قبرص على الإسكندرية فدخلها بأسطوله فى سنة 767هـ / 1365 م وعاث فيها فلم يمهله السلطان حتى جهز له أسطولا مكونا من مائة قطعة مزودة باحدث الآلات الحربية ، وعين له الأمير بكتمر الشريف وكان مشهورا بالإقدام والشجاعة ، فما أن وصل بالأسطول إلى المدينة حتى ألقى الرعب فى قلوبهم جميعا فأقلعوا عن المدينة وبعد ذلك بعامين عاودوا الكرة على طربلس الشام ، فأرسل إليهم السلطان حملة قوية دمرتهم واسترجعت منهم البلد
وهذه صحيفة خالدة تكتب فى تاريخ هذه الملك ، وفى عصره وقع بمصر غلاء شديد دام حوالىاثنى عشر شهرا وسببه إصابة الأرض ونزول القحط ، ثم قامت حروب داخليه راح ضحيتها الملك فقتل فى ذى القعدة من سنة 778 هـ / 1376م ودفن بقبة هذه المدرسة
ترجمة خوند بركة
وأم اتلسلطان المذكور هى الخاتون خوند بركة كانت متزوجة بالأمير ألجاى اليوسفى صاحب الأثر المنسوب إليه الآتى ، وتوصف بالصلاح والعبادة والكرم وفعل الخيرات
يقول المقريزى فى ترجمتها ( كانت خيرة عفيفة لها بر كثير ومعروف واعتقاد فى أهل الخير ومحبة فى الصالحين توفيت فى ذى القعدة سنة اربع وسبعين وسبعمائة ودفنت بهذه المدرسة تحت القبة
قبة مدرسة أم السلطان وقد دفن بقبة هذه المدرسة جماعة من أفراد هذه الأسرة منهم الملك الصالح حاجى بن الأشرف شعبان الذى توفى عرش مصر سنة 783هـ / 1381 م إلى سنة 784 هـ / 1382م وعمره ست سنوات وكان ختام هذه الدولة وكان ختام هذه الدولة ، وابتداء دولة المماليك الثانية التى أسسها برقوق
ودفن بها هوند زهرة بنت الأشرف شعبان ، وقرأنا على بلاطة صنوقها الرخام فى 4 أسطر ما نصه :
بسم الله الرحمن الرحيم ... هذا ضريح ريحانة الجنة الست المرحومة
الدرة المكنونة ست الستات زين الخواتين الست زهرة
النبة المقام المرحوم الأمجد سيدى حسنين ولد المقام
الشهيد المرحوم الملك الناصر كريمة سيدنا ومولانا
المقام الشريف المالك الملك الأشرف ناصر الدنيا
والدين شعبان بن حسين توفيت يوم الاثنين ثانى
عشر جمادى الآخر سنة إحدى وسبعين وبسبعمائة
ودفن بها شقرا بنت حسين بن الناصر محمد بن قلاوون أخت الأشرف شعبان ، ماتت فى المحرم سنة 804 هـ / 1401م قال السخاوى فى ترجمتها : ودفنت فى مدرسة أمها أم السلطان شعبان من التبانة ودفن بها قاسم بن شعبان بن حسين بن قلاوون ، مات فى ربيع الأول سنة 801 هـ / 1398 م ، قال السخاوى ودفن بمدرسة جدته ام السلطان بالتبانة
وقد امتدت ذرية السلطان شعبان فى ولده إسماعيل من طريق البطون وانتهت غلى السيد عفيف الدين المحرزى من أشراف أسيوط المجاورة بيد أن هذه الصلة لم تظهر إلا فى سنة 1159 هـ / 1746 م ففى الثالث من ربيع الأول فى هذه السنة أقيمت الدعوى رقم 290 بطلب الحكم لمقيمها باستحقاق لوقف السلطان شعبان وبوراثته له فحكم له ، وفى وفتها تداول هذا الفرع الجزرى النظر على الوقف والاستحقاق فيه وآخر من عرفنا فى نظارة المرحوم محمود كامل بن عبد الرحيم الخطيب بنى حسين بنى إبراهيم بن زينب احمد الأسيوطى بن محمد بن عبد الله بن أحمد عبد الرحيم بن عفيف الدين المحرزى المذكور ، وهذا ما تحققته فى السجل رثم 257 وسجل التقارير قم 30 ص 68ج/1 سنة 1900 والسجل رثم 14 تقارير والسجل رقم 328 ص 394 سنة 1219 ، والأستاذ محمود كامل المذكور
وفى أنباء الغمر يقول : بركة خاتون بنت عبد الله والدة الملك الأشرف ، تزوجت ألجاى فى سلطنة ولدها وماتت فى عصمته فى ذى القعدة ولها مدرسة بالتبانة وكان الأشرف كثير البر بها بحيث أنه عادها مرارا حتى بالروضة مقابل مصر وماتت فى ذى القعدة فدفنها ولدها بمدرستها التى أنشأتها بالتبانة بالقرب من القعلة فأراد الأشرف ا، يروج ألجاى ابنته فقيل له لا تحل له ، فجمع القضاة فأفتوه بالمنع لأن بنت الربيب ربيبة فعوضه عنها بسرية كان يحبها اسمها بستان فأعتقها وزوجها له ، ثم وقع بينهما منافرة بسبب تركة أم الشرف التى ماتت
وهذه المدرسة ( أى ) أم السلطان أو مدرسة التبانة وقد حددها المقريزى فىخططه بأنها خراج باب زويلة بالقرب من قلعة الجبل وإلى ذلك ايضا أشارت الدرر الكامنة وذكر المقريزى أن بركة خاتون شرعت فى بنائها سنة 770هـ ويستفاد من تحقيقات المرحوم محمد رمزى فى النجوم الزاهرة أنه يستدل من الكتابة المنقوشة على الحجر سواء التى بأعلى بوابة المدرسة تحت المقرنصات أو التى باعلى شباك السبيل – على أن الأشرف شعبان هو الذى أمر بإنشائها وهذا يؤيد قول ابن حجر فى المتن من أنه كان كثير البر بها وجاء فى السلوك انها هى التى بنت المدرسة كما أن أبا المحاسن يعود فيقول فى المنهل الصافى بانها دفنت فى مدرستها التى أنشأتها بخط التبانة خارج القاهرة
وفى الضوء اللامع للسخاوى يقول :( شقراء ) ابنة حسين بن الناصر محمد بن قلاوون أخت الاشرف شعبان ماتت فى المحرم سنة أربع ودفنت فى مدرسة أمها أم السلطن شعبان من التبانة وخلفت موجودا كثيرا ، ذكرها شيخنا والعينى
وفى المنهل الصافى يقول :أم الأشرف شعبان بن حسين
بركة خاتون خوند والدة السلطان الملك الأشرف شعبان بن حسين وزوجة الأتابك ألجاى اليوسفى
كانت من أعظم نساء عصرها خيرا ، ودينا ، وبرا ، وجمالا ، وكرما
ولما حجت فى سنة سبعين وسبعمائة توجهت فى أبهة عظيمة إلى الغاية ، وفى خدمتها الأمراء والخاصطية والخدم ، وفرقت بالحرمين الشريفين أموالا عظيمة ، وعادت إلى القاهرة ن ولم يعظم ألجاى إلا بزواجها وصار له ميزة على أكابر الأمراء بذلك
توفيت فى حياة ولدها الملك الأشرف فى يوم الثلاثاء آخر ذى الحجة سنة أربع وسبعين وسبعمائة ودفنت بمدرستها التى أنشأتها بخط التبانة خارج القاهرة –ترعف بمدرسة أم السلطان ووجد إبنها الأشرف عليها وجدا عظيما
وبسبب ميراثها خرج زوجها ألجاى عن الطاعة
ومن الإتفاق العجيب البيتان اللذان عملهما شهاب الدين الأعرج السعدى عند وفاتها ن وتفائل بهما على زوجها ألجاى اليوسفى وهما :
فى مستهل العشر من ذى حجة كانت صبيحة موت أم الأشرف
فالله يرحمها ويعظم أجره ويكون فى عاشور موت اليوسفى
والأعرج هذا هو احمد بن يحيي بن مخلوف بن مرى بن فضل الله بن سعد بن ساعد البارع المقرىء ، شهاب الدين ابوالعباس ين محيى الدين بن عمادالدين بن سعد السعدى الأعرج الأديب الشاعر توفى سنة 785هـ / 1383م
كان له فضيلة وقدرة على نظم الفريض ، وكان عارفا بالقراءات ، قيل أنه قال الشعر وعمره دون عشر سنين وكانت وفاته سنة خمسة وثمانين وسبعمائة رحمه الله تعالى وقدس الله سره
وفى النجوم الزاهرة يقول : قال الشعر وسنة دون العشرين سنة ومن شعره رحمه الله
إن الكريم إذا تنجبس عرضه لو ظهروه بزمزم لم يظهر
مما أعتراه من القذاوة والقذى لم ينق من نجس بسبعة أبجر
الملك الأشرف :
هو الملك الأشرف أبو المفاخر زين الدين شعبان بن حسين بن الناصر محمد بن قلاوون ولد فى سنة 754هـ 1353م تولى حكم مصر سنة 764هـ / 1363م بينما كان يلبغا العمرى وطيبغا الطويل الحكام الفعليين للبلاد لصغر سنة ، ولم يطل به العهد حتى نجح فى التخلص منهما ، وفى عهده حدثت واقعة القبارصة بالإسكندرية ( 767هـ / 1365م ) ، قتل على يد أمرائه سنة 778 هـ / 1376 م ودفن فى مدرسة ام السلطان شعبان بالدرب الأحمر جنوبى القاهرة .