magdymansour كتب:
بسم الله الرحمن الرحيم : الأخ العزيز : طلحة :ـ أما الصوفية : فقد اختلف فى تحديد وصف الصوفى على أقوال كثيرة جداً ، فقيل : التصوف : الجد فى السلوك إلى ملك الملوك ، وقيل : الصوفى : مَن صا عن الكدر ، وامتلأ من الفكر ، وانقطع إلى الله من البشر ، واستوى عنده الذهب والمدر ، وقيل : تصفية القلب عن موافقة البرية ، ومفارقة الأخلاق الطبيعية ، إخماد صفات البشرية ، ومجانبة الدواعى النفسانية ، ومنازلة الصفات الروحانية ، والتعلق بالعلوم الحقيقة ، واستعمال ما هو أولى على الأبدية ، والنصح لجميع الأمة ، والوفاء لله على الحقيقة ، واتباع الرسول فى الشريعة .إلى غير ذلك من الأقوال والتعريفات وذلك يدل على شرف اسمه ومسماه ، وعن عظيم منزلته وغايته ومرماه .
ـ كما تناوعوا فى اشتقاق الاسم ، ومن أفضل ما قيل فيه ، ما أنشده الإمام السبكى رحمه الله تعالى :
تنازع الناس فى الصوفى واختلفوا قذماً وظنوه مشتقاً من الصوف
ولستُ أنحل هذا الاسم غير فتى صافى فصوفى حتى لقب الصوفى
ـ وهذا البيتان لأبى الفتح البستى .
ـ ومما جاء عن الإمام مالك إمام دار الهجرة قوله : من تصوف ولم يتفقه فقد تنزدق ، ومن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق ، ومن جمع بينهما فقد تحقق .
ـ نقلها الشيخ زروق فى قواعده ، وهذه الكلمة من الإمام مالك رحمه الله تعالى تنبئ عن قدر الصوفية وعظيم شأنها ، وتبين حال بعض المتلبسين بها المدعين الانتماء إليها .
ـ كما أنشد الإمام الشافعى رحمه الله تعالى فى ملازمة التصوف للفقه :
فقيهاً وصوفياً فكن ليس واحداً فإنى وحق الله إياك أنصح
فذاك قاس لم يذق قلبه تقى وهذا جهول فكيف يصلح
ـ ومما روى عنه أيضاً قوله : صحبت الصوفية فلم استفد منهم سوى حرفين ـ وفى رواية : سوى ثلاث كلمات ـ : قولهم : الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك ، وقولهم : نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل ، وقولهم : العدم عصمة .
ـ كما روى الخطيب بسند صحيح والحاكم عن إسماعيل بن إسحاق السراج قال : قال لى أحمد بن حنبل يبلغنى أن الحارث هذا ـ يعنى المحاسبى ـ يكثر الكون عندك ، فلو أحضرته منزلك وأجلستنى فى مكان اسمع كلامه ، ففعلت ، وحضر الحارث وأصحابه ، فأكلوا وصلوا العتمة ، ثم قعدوا بين يدى الحارث وهم سكوت إلى قريب نصف الليل ، ثم أخذ الحارث فى الكلام ، وكأن على رؤوسهم الطير ، فمنهم من يبكى ، ومنهم من يخرّ ، ومنهم من يزعق ، وهو فى كلامه ، فصعدت الغرفة فوجدت أحمد قد بكى حتى غشى عليه ، فلما تفرقوا قال أحمد : ما أعلم أنى رأيت مثل هؤلاء ولا سمعت فى علم الحقائق مثل كلام هذا ، وعلى هذا فلا أرى لك صحبتهم .اهـ
ـ قال الحافظ فى التهذيب : إنما نهاه عن صحبتهم لعلمه بقصوره عن مقامهم ، لإغنه مقام ضيق لايسلكه كل أحد ، ويخاف على من يسلكه إى يوفيه حقه .اهـ
ـ وروى الخطيب فى تاريخه عن محمد بن الحسن البغدادى يحكى عن ابن الأعرابى قال : قال ابو حمزة : كان الإمام أحمد بن حنبل يسألنى فى مجلسه عن مسائل ويقول : ما تقول فى فيها يا صوفى ؟
ـ وهذا شهادة من الإمام أحمد ـ الذى يدعون الانتساب إلى مذهبه ـ للصوفية وعلمهم .