اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm مشاركات: 1435
|
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله وآله أجمعين . وبعد
هذه مشاركة متواضعة .. أنقل فيها كلام سيدى الشيخ الأكبر محيى الدين بن العربى الحاتمى عن الرؤى .. والمبشرات ... فيقول رضى الله عنه :
الباب الثامن والثمانون ومائة : فى معرفة مقام الرؤيا وهى المبشرات
اعلم أيدك الله
أن للإنسـان حالتين حالة تسمى النوم وحالة تسمى اليقظة .. وفى كلتى الحالتين قد جعل الله له إدراكا يدرك بـه الأشياء ... تسمـى تلك الإدراكـات فى اليقظة حسا ... وتسمى فى النوم حسا مشتركا .
فكل شىء تبصره فى اليقظة يسمى رؤية ... وكل ما تبصره فى النوم تسمى رؤيا مقصور
وجميع ما يدركه الإنسان فى النوم هو مما ضبطه الخيال فى حال اليقظة من الحواس ... وهو على نوعين : إما ما أدرك صورته فى الحس ... وإما ما أدرك أجزاء صورته التى أدركها فى النوم بالحس لا بد من ذلك
فإن نقصه شىء من إدراك الحواس فى أصل خلقته فلم يدرك فى اليقظة ذلك الأمر الذى فقد المعنى الحسى الذى يدركه به فى أصل خلقته ... فلا يدركه فى النوم أبدا
فالأصل .. الحس والإدراك به فى اليقظة .. والخيال تبع فى ذلك
وقد يتقوى الأمر على بعض الناس فيدركون فى اليقظة ما كانوا يدركونه فى النوم وذلك نادر .. وهو لأهل هذا الطريق من نبى وولى .. هكذا عرفناه .
فإذا علمت هذا .. فاعلم أيضا أن النبوة خطاب الله تعالى أو كلام الله تعالى - كيفما شئت قلت - لمن شاء من عباده فى هاتين الحالتين .. من يقظة ومنام
وهذا الخطاب الإلهى المسمى نبوة على ثلاثة أنواع :
نوع يسمى وحيا ... ونوع يسمعه كلامه من وراء حجاب ... ونوع بوساطة رسول فيوحى ذلك الرسول - من ملَك أو بشر - بإذن الله .. ما يشاء لمن أرسله إليه .. وهو كلام الله .. إذ كان هذا الرسول إنما يترجم عن الله . كما قال تعالى {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا}
فالوحى منه ما يلقيه إلى قلوب عباده من غير واسطة .. فأسمعهم فى قلوبهم حديثا .. لا يكيف سماعه ولا يأخذه حد ولا يصوره خيال .. ومع هذا تعقله ولا تدرى كيف جاء ولا من أين جاء ولا ما سببه .
وقد يكلمه من وراء حجاب صورة ما يكلمه به .. وقد يكون الحجاب بشريته .. وقد يكون الحجاب كما كلم موسى من الشجرة من جانب الطور الأيمن له .. لأنه لو كلمه من الأيسر الذى هو جهة قلبه ربما التبس عليه بكلام نفسه فجاءه الكلام من الجانب الذى لم تجر العادة أن تكلمه نفسه منه .
وقد يكلمه بوساطة رسول من ملَك كقوله {نزل به الروح الأمين • على قلبك} يعنى بالقرآن الذى هو كلام الله .
وقد يكون بوساطة بشر .. وهو قوله {فأجره حتى يسمع كلام الله}.. فأضاف الكلام إلى الله .. وما سمعته الصحابة ولا هذا الأعرابى إلا من لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وليست النبوة بأمر زائد على الإخبار الإلهى بهذه الأقسام .. والقرآن خبر الله وهو النبوة كلها .. لأنه الجامع لجميع ما أراد الله أن يخبر به عباده
وصح فى الحديث " أنه من حفظ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه " .
يتبع بمشيئة الله
|
|