اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm مشاركات: 1435
|
وصية
وإياكم ومظالم العباد فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ... وظلم العباد أن تمنعهم حقوقهم التى أوجب الله عليك أداءها إليهم
وقد يكون ذلك بالحال فما تراه عليه من الاضطرار وأنت قادر واجد لسد خلته ودفع ضرورته فيتعين عليك أن تعلم أن له بحاله حقا فى مالك ... فإن الله ما أطلعك عليه إلا لتدفع إليه حقه وإلا فأنت مسئول .. فإن لم يكن لك بما تسد خلته فاعلم أن الله ما أطلعك على حاله سدى فاعلم أنه يريد منك أن تعينه بكلمة طيبة عند من تعلم أنه يسد خَلته .. فإن لم تعمل فلا أقل من دعوة تدعو له ولا يكون هذا إلا بعد بذل المجهود واليأس حتى لا يبقى عندك إلا الدعاء
ومهما غفلت عن هذا القدر فأنت من جملة من ظلم صاحب هذا الحال ... هذا كله إن مات ذلك المحتاج من تلك الحاجة .. فإن لم يمت وسد خَلَّته غيرك من المؤمنين فقد أسقط أخوك عنك هذه المطالبة من حيث لا يشعر ... فإن المؤمن أخو المؤمن لا يُسلمه وإن لم ينو المعطى ذلك ولكن هكذا هو فى نفس الأمر وكذا يقبله الله .. فإذا أعطيت أنت سائلا بالحال ضرورته فانو فى ذلك أن تنوب عن أخيك المؤمن الأول الذى حرمه وتجعل ذلك منه إيثارا لجنابك عليه بذلك الخير الذى أبقاه من أجلك حتى تصيبه .. إذ لو أعطاه اقتنع بما أعطاه ولم تجد أنت ذلك الخير
فبهذه النية عطاء العارفين أصحاب الضرورات السائلين بأحوالهم وأقوالهم {وأما السائل فلا تنهر}
وسواء كان ذلك فى القوت المحسوس أو المعنوى .. فإن العلم من هذا الباب والإفادة .. فإن الضالَّ يطلب الهداية والجائع يطلب الإطعام والعارى يطلب الكسوة التى تقيه برد الهواء وحره وتستر عورته والجانى العالم بأنك قادر على مؤاخذته يطلب منك العفو عن جنايته ... فاهد الحيران وأطعم الجائع واسق الظمآن واكس العريان ... واعلم أنك فقير لما يفتقر إليك فيه والله غنى عن العالمين ... ومع هذا يجيب دعاءهم ويقضى حوائجهم ويسألهم أن يسألوه فى دفع المضار عنهم وإيصال المنافع إليهم ... فأنت أولى أن تعامل عباد الله بمثل هذا لحاجتك إلى الله فى هذه الأمور .
خرج مسلم فى الصحيح عن عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام الدارمى عن مروان بن محمد الدمشقى عن سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن أبى إدريس الخولانى عن أبى ذر عن النبى صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال ( يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا .. يا عبادى كلكم ضال إلا من هديته فاستهدونى أهدكم ... يا عبادى كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعمونى أطعمكم .. يا عبادى كلكم عار إلا من كسوته فاستكسونى أكسكم ... يا عبادى أنتم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفرونى أغفر لكم )
والحق تعالى يعطيكم هذا كله من غير سؤال منك إياه فيه .. ولكن مع هذا أمرك أن تسأله فيعطيك إجابة لسؤالك ليريك عنايته بك حيث قبل سؤالك .. وهذه منزلة أخرى زائدة على ما أعطاك ... وإذا كان سؤالك عن أمره وقد علم منك أنك تسأله ولا بد من ضرورة أصل ما خلقت عليه من الحاجة والسؤال لتكون فى سؤالك مؤديا أمرا واجبا .. فتجزى جزاء من امتثل أمر الله فتزيد خيرا إلى خير
فما أمرك إلا رحمة بك وإيصال خير إليك .. ولينبهك على أن حاجتك إليه لا إلى غيره فإنه ما خلقك إلا لعبادته أى لتذل له
يتبع بمشيئة الله
|
|