مدى مشروعية هدم الآثار للتوسعة في الحرم المكي؟
أجاز مفتي عام السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ هدم الآثار بمكة المكرمة لتوسعة الحرمين الشريفين.

وأكد المفتي العام، خلال تعقيب له بعد إحدى محاضراته "إن ما هُدم من آثار في الحرمين الشريفين لا مانع منه، بل إنه من الضرورة، مشيراً إلى أن توسعة الحرمين عمل شريف، وتُشكر عليه الدولة".
وأضاف أن "ما يظن أنه آثار ليس له اعتبار، وإزالة هذه الأشياء، لتدخل ضمن التوسعة، أمر ضروري ولا إشكال فيه".
وكانت صحيفة ''الاندبندنت'' البريطانية قد نشرت تحقيقاً بعنوان "الصور التي لا تريد السعودية للعالم رؤيتها وأدلة على هدم أقدس الآثار الاسلامية في مكة". وجاء في التحقيق أن السلطات السعودية بدأت بهدم بعض أقدم الاقسام في أكثر مساجد الاسلام أهمية، وذلك في إطار عملية توسيع للكعبة تقدر كلفتها بمليارات الدولارات وتثير جدلا واسعا.

وأضافت الصحيفة أنأعمال الهدم بدأت في الجانب الشرقي من المسجد الحرام في مكة المكرمة في أجزاء من آثار تعود للعصرين العثماني والعباسي، مشيرة الى أن الأعمدة هي آخر ما تبقى من أقسام المسجد التي تعود الى مئات السنين، وتشكل المحيط الداخلي على مشارف الأرض الرخامية البيضاء المحيطة بالكعبة.
غير أن خطة التوسيع تواجه انتقادات من بعض علماء الآثار المسلمين الذين يرون أنها قد تنتهي إلى إزالة مواقع تاريخيّة في غاية الأهمية، بحسب ما رصدت الصحيفة البريطانية .
ويقول الدكتور عبد الرحمن الطيب الأنصاري، أستاذ التاريخ في جامعة الملك سعود سابقاً ومؤسس جمعية الآثاريين العرب في مقابلة مع بي بي سي العربية: "عندما نطق مفتي المملكة فقد أفتى عن علم. فمنذ العصر الأموي هدم الأمويون كثيراً من المعالم الإسلامية. وليس بغريب أن يهدم أيضاً كثيرًا من المعالم الاسلامية تحقيقا لمصلحة المسلمين.".
ويضيف الأنصاري "لو كانت هناك حلول أخرى لما هدمت الدولة هذه الآثار. لكن لا توجد حلول أخرى، ولذلك فإن هدمها هو في مصلحة المسلمين. الهوية الإسلامية هي في الحرمين الشريفين".
وفي المقابل شدد الكثيرون على ضرورة الحفاظ على آثار مدينة مكة المكرمة والمدينة المنورة ومساجدهما وكل الأحياء التي لها صلة بالتاريخ القديم. وقالوا إن تلك الآثار تخص جميع المسلمين وليست ملكا لأحد باعتبارها موروثا ثقافيا وجزءا من الهوية الاسلامية. واعتبر البعض أن هدم تلك الآثار هو هدم للتاريخ.
هذه الرؤية عبر عنها الدكتور محمد الكحلاوي الأمين عام لاتحاد الآثاريين العرب، وأستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة، في مقابلة مع بي بي سي العربية، قال فيها "ليس من حق مفتي السعودية أن يصدر فتوى بهذا الأمر... في تاريخ الاسلام احترم النبي محمد (ص) نفسه عمارة الغير، فكيف لمفتي المملكة أن يفتي بهدم تراث إسلامي وإضافات معمارية تسجل عمارة المسلمين لهذا الحرم الذي ليس حكرا على السعودية ومفتى السعودية؟".
ويضيف "هدم هذه الآثار هو هدم للهوية الإسلامية لأن التراث الاسلامي يمثل اهتمام العالم الإسلامي بعمارة الحرمين الشريفين. فهذا تراث إنساني وله قوانين دولية تحميه ويخضع لمواثيق دولية وليس ملكا لشخص. ومن يقول أن هذا الهدم هو في مصلحة المسلمين فهو مردود عليه. فبالإمكان بدء التوسعة من الخارج وليس من الداخل... وما تبقى من تراث الحرم المكي يعود إلى العهد العثماني. فكيف بهم يحافظون على آثار الدرعية ويهدموا تراث أمة؟.
وينتهي الكحلاوي إلى أن هذا الاتجاه سيضر بالحكومة السعودية.
نفس الخلاف حول هذا الموضوع انعكس على موقعي التواصل الاجتماعي "تويتر وفيسبوك". فمن الناشطين من رأى وجود حاجة ماسة للتوسعة لان في ذلك مصلحة أهم وهي تزايد أعداد المصلين والحجاج والمعتمرين كل سنة، ومنهم من يرى أن هذه الآثار تمثل هوية المسلمين ويجب الحفاظ عليها.
http://www.bbc.co.uk/arabic/interactivi ... ties.shtml