ومن درر ما قال أحد المحبين ويدعى مصطفى :
إذا الدهر قد واساك يوماً بريبة
وأصبحت منها في عناء وشدة
ووالاك خطب لا يسوغ انكشافه
وحلت بك الآفات من كل وجهة
وصارت صروف الدهر تبدي عواصفاً
بإعصارنا فيه أحلاك ظلمة
وقد ضاق منك الذرع وانقطع الرجا
وآيست من أجلاه تلك الغيومة
فبادر وسر وأسع إلى نحو طندتا
بصدق وإخلاص وإصراف همة
تجدها إذا تلقاك تبدي تبسماً
وقد عمها إشراق نور الكرامة
وأضحت بثوب العز تبدي تفاخراً
على سائر البلدان في حسن بهجة
وقد شرفت قدراً ومجداً ورفعة
بإمداد قطب الله كنز العناية
همام عظيم الشأن خير مهذب
همام له بأس شديد الصرامة
فلا تصطلي الأبطال نيران حربه
كذا الأسد تخشى منه بأساً وسطوة
هو الأسمر العطاب قد شاع ذكره
وسيف الوغى المشهور ماضي العزيمة
هو الوابل الهطال عم انتفاعه
على الكون أحيا كل أرض جديدة
هو الحوض للوراد شرباً ومنهلاً
فمن أمه قد نال كل السعادة
هو البحر ذو الأمداد والفيض والندى
عزيز الجد مبدأه عين الشريعة
هو الجوهر المكنون في معدن الرضا
بأسراره جلت شموس الحقيقة
هو الكعبة الغراء إذ بالتياذه
تحط الخطايا عن أناس وجنة
هو المنجا المنجي لمن جاء قاصداً
هو الملجأ المرجو لكل ملمة
هو العروة الوثقى إلى خير مرسل
وباب اتصال وهو خير الوسيلة
هو المرتضى نجل الحسين وسبطه
فأنعم به نجلاً سعيد الأبوة
هو السيد القطب الملثم أحمد
يكنى أبا الفتيان بحر الفتوة
له همة عليا إذا ما ذكرته
يناجيك عن قرب بتفريج أزمة
له سطوة تعمي وتصمي أعاديا
وتحمي أسارى من لئام بغيبة
له سؤدد سام أكيد مؤبد
كذا نسبة سادت على كل نسبة
له واهب الأسرار أوهب عفة
بها قد سمى فحل الرجال الزكية
له مدد ينمو ويعلو افتخاره
إلى منتهى الأزمان حقاً بصحة
له روضة عم المريدين فضلها
بإيناع إرشاد وإنباء حكمة
له مولد ليست تضاهي صفاته
به مورد عذب مرء العذوبة
له عالم الأحياء يسعى لنحوه
ويأتونه الأموات من كل بقعة
له جملة الأقطاب تأتي بأسرها
رجالاً وركباناً بإشهاد حضرة
له ينصب الكرسي من شاهد العلا
ويقضي بأمر الله بين الخليقة
وما زال للإسعاد يرقى مراقياً
بها خصه الرحمن دنيا وأخرة
إذا أمه المكروب زالت كروبه
وتهدى له الأفراح طيب المسرة
ويمتد إمداداً عظيماً مباركاً
ويحظى بإقبال المنى والسعادة
فيا أيها الملهوف لازم جنابه
ولذ بالحمى والبس ثياب المذلة
وقبل ثرى الأعتاب وأبدأ تحية
بتحسين ألفاظ واتقان فطنة
وكن خاشعاً قلباً وكن في رحابه
أدوباً خضوعاً ذا حياء وخشية
وذر هاملات الدمع تبدو سواجما
على صفحة الخدين تجري بعبرة
وقل يا عظيم الجاه يا عمدة الرجا
أيا شيخ كل العرب وابن النبوة
أتيتك ملهوفاً وقلبي موله
أجرني أبا العباس من نار لهفتي
اغثني وأدركني فإني من اللظى
حريق غريق السر في بحر لوعتي
وزادت مهماتي وقل تجلدي
وقد تهت في بيداء فكري وحيرتي
تعدى علي الدهر بغياً بحيفه
وعدواً فبادأني بكل كريهة
رماني بسيف الغدر والبغي والردى
وقوى وثاقي حين كلت مطيتي
وجرعني بالرغم كأساء معلقما
وكدر طيب العيش بعد الصفاوة
فقضيت عمري في عناء وساءني
خطوب بها قل احتيالي وحيلتي
فوالاني الشيطان والنفس والهوى
وقد عمت البلوى بدنيا دنية
أضلوا هدى لبي وبي قد تلاعبوا
وأصبحت مأسور البلا والبلية
وقلبي بآثامي مهان مصفد
وفي ظلمة الأغيار كفت سريرتي
وقد صرت حيراناً على الوجه هائماً
عمياً فلا أدري سبيل الهداية
وضاق خناقي ثم ضاقت مذاهبي
ففرج أبا فراج كربي وضيقتي
ومن غير مأمور لعليا جنابكم
تكرم وجد واسمح يا مناح لمحة
عسى القلب أن يصفو عن الرين والصدا
ويحيا نشاط النفس بعد الأمانة
ويحسن إخلاصي وتنفى شوائبي
ويوقد مصباحي وتفقد ظلمتي
وينفك غيم البأس والضر والعنا
وتذهب أحزاني وتأتي مسرتي
لك الفضل مشهور وسرك واضح
وحظك موفور لأهل المكانة
بهذا أبا الفرحات جئتك قاصداً
وأملت من جدواك أمداد نفحة
وألقيت أحمالي بباب الرجا فلا
تردن صفر اليدين بخيبة
فبالله صل ميماً وصاداً وطاءها
وفاء وياء منك وصل الكرامة
ومن فيض بحر الفضل أنعم بزورة
لدى الموت كي أحظى بنيل السعادة
فإني بحسن الظن أرجو نوالكم
قريباً فحقق باليقين مظنتي
وثبت رجائي فيك يا سبط من أتى
بشيراً لكل العالمين برحمة
شفيع الورى من خص بالحوض واللوا
محمد المختار خير البرية
عليه صلاة الله ثم سلامه
مدى الدهر ما هب النسيم بدوحة
كذا الآل والأصحاب ما قال قائل
إذا الدهر قد واساك يوماً بريبة
***