فيا من لا وجود لسواك في طلعتك أنت العالم أجمع ولا وجود لأحد غيرك ، الروح خفية في الجسد أما أنت ففي الروح اختفيت ، فيا خفياً فيما هو خفي ، ويا روح الروح ، ويا من أعظم من الجميع ومقدم على الكل ، إنها جميعاً ترى من خلالك كما ترى أنت من خلال الجميع ، محرابك غاص بالحراس والجند ، فكيف يتمكن إنسان قط أن يسلك الطريق صوبك وليس للعقل والروح طريق للطواف حولك كما لن يستطيع شخص قط أن يدرك كنه صفاتك ، وإن كان هناك كنز خفي في الروح فهو أنت وما وضح في صورة الجسم والروح هو أنت أيضاً ، وما أصابت جميع الأرواح شيئاً من ذاتك وقد نثر الأنبياء أرواحهم على تراب طريقك وإذا قدر للعقل أن يدرك أثراً من آثار وجودك فلن يستطيع مواصلة الطريق لإدراك كنهك ، ولما كنت الخالد الأوحد في الوجود فالفناء نصيب الجميع على الدوام .
فيا خفياً في الروح وأنت خارجها ، إن كل ما أقوله ليس أنت وهو أنت أيضاً ، ويا من وقف العقل مشدوهاً أمام أعتابك لقد أفقدته الاتزان في المسير صوبك ، بك أرى العالم عياناً بالتمام ولكن لا أرى أي علامة منك في هذا العالم ، لقد استمد كل شخص منك علامة ولكنني يا عالم الأسرار لم أجد لنفسي منك أي علامة ، ومهما أمعن الفلك النظر بعيونه العديدة فما رأى ذرة تراب واحدة في طريقك وما رأت الأرض قط ذرة من ترابك مهما بعثرت من تراب على رأسها لهفة عليك ، أما الشمس فطار عقلها شوقاً إليك كما أخذت تمسح التراب بأذنيها كل ليلة شوقاً إليك والبدر يتناقص من جراء محبتك حتى أسلم الروح مرة كل شهر نثاراً في طريقك ، أما البحر فقد سعى مشتاقاً إليك ، فعاد صادي الشفة بعد أن كان بالماء زاخراً ، ووقفت مئات العقبات في طريق الجبل حيث غاصت أقدامه في الوحل حتى الوسط ، واضطرمت النار شوقاً إليك وزاد لهيبها وحرقتها وكأنها فرس جامح ، وأقبلت الريح فاقدة اتزانها بسببك ، كما أقبل التراب معلقاً على أكف الرياح ونضب ماء النهر بعد أن فاض شوقاً إليك ، ووقف التراب على باب محلتك وذل الغبار يجلل مفرقه .. وما أكثر قولي ما دمت لا تخضع لصفة ، وماذا أصنع ما دمت لا أستطيع المعرفة ؟..
_________________ ( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد . قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .
|