اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm مشاركات: 6426
|
قال حسن قاسم فى كرامات الأولياء
السادة الوفائية وسيدنا محمد وفا (702 – 765 ) وإليه ينسب هذا البيت العظيم





قال القطب الشعرانى رضى الله عنه فى الطبقات : كان سيدنا محمد وفا من أكابر العارفين ، واخبر ولده سيدى على رضى الله عنه أنه هو خاتم الأولياء ، صاحب الرتبة العلية ، وكان أميا ، وله لسان غريب فى علوم القوم ، ومؤلفات كثيرة ، الفها فى صباه ، وهو ابن سبع سنين أو عشر ، فضلا عن كونه كهلا ، وله رموز فى منظوماته ومنثوراته مطلمسة إلى وقتنا هذا ، لم يفك أحد فيما نعلم معناها. وسمى وفا لأن بحر النيل توقف فلميزد إلى أوان الوفا (1) ، معزم أهل مصر على الرحيل ، فجاء إلى البحر ، وقال اطلع بإذن الله تعالى ، فطلع ذلك اليوم سبعة عشر ذراعا ، وأوفى ، فسموه وفا . وله مؤلفات منها كتاب العروش وكتاب الشعائر(2) وديوان عظيم ومؤلفات أخرى ** ولد رضى الله عنه بالأسكندرية سنة 702 ن ونشأ بها ، وسلك طريق الأستاذ أبى الحسن الشاذلى رضى الله عنه على يد الإمام المسلك الكبير سيدى داود بن ماخلا ، ثم توجه إلى إخميم (3) فتزوج بها ، ونشأ بها زاوية كبيرة ، ووفدت عليه الناس أفواجا ، فرادى وأزواجا ، ثم سار إلى مصر ، وأقام بالروضة مبتهلا بالعبادة ، مشتغلا بذكر الله تعالى ، وطار صيته فى الأفاق ، واخترق ذكره مشارق الأرض ومغاربها أى اختراق ، ثم سكن القاهرة ، وتوفى يوم الثلاثاء حادى عشر ربيع الأول سنة 765 ، ودفن بالقرافة بين ضريح الأستاذ سيدى أبى السعود بن أبى العشائر ، وسيدى تاج الدين بن عطاء الله رضى الله عنهما ، بإشارة منه رحمه الله إذ قال : أدفنونى بين سعد وعطا

 ----------------------------------------------------------------------------------------- (1) وفاء النيل : يرتفع منسوب مياة النيل فى شهر آب ، وبه تكثر الخيرات (2) كتاب شعائر العرفان فى ألواح الكتمان ، للشيخ محمد الوفائى الشاذلى المتوفى سنة 760 أوله الحمد لله ما حى السنن بالسنن ومكمل المنن بالمنن ،، إلخ مختصر ذكر فيه شعيرة كذا وشعيرة كذا ( كشف الظنون 1047 ) (3) إخميم : بلد قديم على شاطى النيل بالصعيد،وفى غربيه جبل صغير( معجم البلدان 1/123)
محمد النجم
وأول قادم من المغرب إلى ثغر الاسكندرية جده سيدى محمد النجم : كان رحمه الله من أصحاب الأخوال الباهرة ، والكرامات الظاهرة ، ترجمه غير واحد ، وأجتمع بالقطب سيدى إبراهيم الدسوقى رحمه الله ، وأخذ كل منهما عن صاحبه ، ومولده بتونس ، فإن أصولهم منها ، ومن بلاد صفاقص وأحوازها ، فاستوطن سيدى محمد النجم إسكندرية ، وطابت له الأقامة ، ورزق فيها بابنه سيدى محمد الأوسط أبى مولانا سيدى محمد وفا .
محمد الأوسط
وكان مولانا محمد الوسط مشهورا بالولاية ، ومن اسحاب العلم والفضل وتوفى رحمه الله شابا عن ولده محمد وفا ، ودفن بزاويتهم المعروفة بالزاوية النجمية ، نسبة لوالده محمد النجم المدفون بثغر الإسكندرية . ولما توفة مولانا محمد وفا رضى الله عنه ترك ولدية مولانا على وفا ومولانا شهاب الدين أحمد . على ووفا
وكان مولانا على إذا ذاك صغيرا ، فنشأ مع أخيه فى كفالة وصيهما الشيخ محمد الزيلعى ، ولما بلغ مولانا على من العمر سبع عشر سنة جلس مكان أبيه ، وعمل الميعاد ، فشاع ذكره فى البلاد ، وكثرت أتباعه ومريدوه ، وكان أكثر إقامته بالروضة ، وله احزاب وأوراد وتوجهات وتصانيف كثيرة ، وديوان شعر ، توفى بمنزله فى الروضة يوم الثلاثاء اثنين من ذى الحجة سنة ثمان منه وسبع ، وله من الذكور أبو العباس أحمد ، وأبو الطيب ، وأبو الطاهر ، وابو القاسم ، وقد ترجمه غير واحد من الأعيان . قال القطب الشعرانى رضى الله عنه : كان مولانا على وفا فى غاية الفضل والكمال ، والظرف ، والجمال ، لم ير فى مصر أكمل منه ، ولا أجمل وجها ولا ثيابا ، وله نظم شائع ، وموشحات رقيقة نشج فيها أسرار أهل الطريق ، وأعطى لسان الفرق والتفضيل زيادة على الجمع ، وقليل من الأولياء من اعطى بذلك ** وكان رضى الله عنه كثير التحجب هو وأخوه مولانا شهاب الدين أحمد لا يخرجان إلا عند حمل الميعاد** ولما توفى مولانا على رضى الله عنه لم تر قط جنازة مثل جنازته ، كانت جماعته وأصحابه يمسون أمامها ، ويذكرون الله بطريقة تلين لها القلوب الجفاة ، ومولده بالقاهرة سنة 759 .
شهاب الدين أحمد بن وفا
وأما أخوه شهاب الدين أحمد بن وفا كان رضى الله عنه عارفا جليلا وسيدا نبيلا ، وكان أخوه مولانا على وفا يقول عنه : هذا خزانة العلم ، وأنا أنفق منها ، وكانت وفاته سنة 814 . وينتهى نسبهم الشريف إلى الأشراف الأدارسة سكان المغرب الأقصى وأخوازه ، أولاد الإمام الحسن بن على بن أبى طالب رحمهما الله وجدهم مولانا إدريس الأكبر رضى الله عنه * صاحب زرهون * (1) ودفينها ، المتوفى سنة مائه وخمسين وسبعين عن ولده سيدنا مولانا إدريس (2) الأزهر منشى مدينة فاس رضى الله عنه وسبب إنشائه لها لما تمكن سلطانه فى المغرب ، وصفا له الجو، وكثرت الوفود من العرب عليه ، وضاقت بهم مدينة وليلى(3) ، أراد أنيبنى لنفسه مدينة يسكنها هو وخاصته ، ووجوه زالغ ، فأعجبه ارتفاعه ، وطيب هوائه وتربته ، فشرع فى البناء فيه فبنى بعضا من الدور ، ونحو الثلث من السور ، فأتى السيل فى بعض الليالى فهدم الدور والسور ، فكف البناء إلى أن بعث وزيره عمير بن مصعب الأزدى(4) يرتاب موضعا يبنى فيه المدينة التى عزم عليها ، فنزل هو وجماعة من الحاشية حتى انتهى إلى فحص سايس ن فأعجبه المحل ، فأوغل فيه حتى انتهى إلى العيون التى ينبع منها وادى فاس ، فرأى بها من عناصر نالماء ما ينيف عن الستين عنصرا ، فاستطابه ، فرجع إلى مولانا إدريس الأزهر رضى الله عنه لينظر إلى البقعة ، فأعجبته ، فاشترى الغيضة (5) من بنى الخير وبنى يرغش ، وأسلموا على يديه ، وشرع فى بناء المدينة ، وانتقل إليها هو وأولاده ، وبنى بها الجامع المعروف بجامع الأشياخ(6) ، وأقام فيه الخطبة ، ثم أخذ فى بناء جامع الشرفاء ، فأتمه واقام فيه الخطبة أيضا ، وبنى داره المعروف بدار القيطون(7) ، التى سكنها الشرفاء الجوطيون(8) ، وأدار السواق حوله وامر الناس بالنباء ن وقال لهم : من بنى موضع أو اغترسه فهو له فبنى الناس من ذلك شيئا كثيرا . ولما فرغ من بناء مدينة فاس ، وحضرت الجمعة الأولى صعد المنبر ، وخطب فى الناس ، ورفع يديه ، فقال : اللهم ، إنك تعلم أنى ما أردت ببناء هذه المدينة مباهاة ، ولا مفاخرة ، ولا رياء ، ولا سمعة ، ولا مكاثرة ، وإنما أردت أن تعبد بها ، ويتلى بها كتابك ، وتقام بها حدودك وشرائع دينك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ما بقيت الدنيا ، اللهم ، وفق سكانها وقطانها للخيرة ، واعنهم عليه ، واكفهم مؤونة أعدائك ، وأدرر عليهم الأرزاق ، واغمد عنهم سيف الفتنة والشقاق ، إنك على كل شىء قدير ، فأمن الناس على دعائه ، فكثرت الخيرات بالمدينة ، وظهرت بها البركات ، وقد حقق الله دعاءه بفضله سبجانه وتعالى ، فلما تجد فقيرا إلا وهو فى سعة من الرزق ، وما من عام يمر إلا وقد تخرج منها اولياء وصلحاء لا يحصيهم إلا خالقهم . (1) زرهون : جبل بقرب فاس سفيه أمة لا يحصون إن الحديث عن تاريخ موقع بوعسل القديم يجرنا الى البحث في نتف و إشارات اركيولوجية وإخبارية عن بادية زرهون الغربية و قد استعنا في هذا المجال بمجموعة مراجع تخص التاريخ القديم وأبحاث خاصة ومعاينة في المنطقة المحيطة ببوعسل ,و قد وفرت لنا هذه الطريقة تجميع مادة مهمة ،ان الحديث عن موقع بوعسل يجرنا الى البحث في مجال أوسع هو بادية وليلي خلال الفترة الرومانية :فقد بدأت الحفريات منذ 1915م في موقع وليلي ولازالت مسترسلة الى الآن ,و تعود أقدم الآثار بها الى القرن الثالث قبل الميلاد(1) و قد دلت هذه الأبحاث أن المدينة تتحكم في مجال واسع قدر "فريزول" مساحته بحوالي 150 كلم مربع وحدده بمثلث يبدأ من فج زكوطة , بلاد الكعدة ثم طوكولوسيدا . اثبت " لوكي" في أبحاثه اللاحقة أن هذا المجال أكثر اتساعا فهو يتعدى المثلث المذكور بكثير فهو حسب "لوكي"يمتد من باب تيسرى قرب سيدي قاسم الى طوكولوسيدا ,(من وادي الردم). ومن وادي الردم الى السفوح الشرقية المطلة على المدينة حتى وادي بني مرعاز .وهذا المجال يأخذ بدوره شكل مثلث تمتد على هوامشه معسكران ومراكز للحراسة ومن المراكز القريبة من بوعسل مركز طوكولوسيدا وهو مركز أثري مهم وواسع إلا أن الحفريات لم تبدأ فيه بشكل جدي. أخذ المجال الزراعي يكتسح الموقع كما يوجد جنوب بوعسل موقع أخر يعرف بقصيبة النصراني وهو موقع حصين وصغير قد لا تتعدى مساحته ألفي متر مربع محاط بأجراف من ثلاث جوانب ,لازال سوره الخارجي واضح للمتأمل في المنطقة.وقد كشفت عملية المسح الأثري الني قامت بها بعثة فرنسية-مغربية ما بين 1982-1985 عن (1) مصطفى أوعشي : حدود موريطانيا الطنجية في عهد الإحتلال الروماني مجلة تاريخ المغرب العدد الثالث السنة الثالثة يونيو 3198 الصفحة 72. وجود أزيد من مائتي مركز منها حوالي 176 ضيعة فلاحية و من الضياع الفلاحية التي ظلت بعض آثارها بارزة نسبيا يمكن أن أذكر موقعين قريبين من بوعسل ، الأول قريب من عين بوعسل ، والراجح أن هذا الموقع كان يستفيد من مياه العين وقد عاينت فيه أسوار بارزة على مستوى سطح الأرض من صخورغريبة عن المنطقة في نوعها وشكلها. والنقطة الثانية توجد في أعلى التلة بالمكان العروف بفدان لودايا وهذه النقطة بدورها كانت بها أحجار وأسوار اندثرت مع الاستغلال الفلاحي ،وقد عثر أحد المزارعين بالمنطقة المذكورة على قطعة نقدية رومانية الأصل واضحة المعالم أطلعنا عليها . الغالب أن بوادي زرهون القديمة كانت قبل دخول الإسلام الى المغرب الأقصى (دار مجوس ونصارى) كما ورد عند ابن غازي، وتحكي الروايات أن هذه القرى امتنعت عن تقديم البيعة للمولى إدريس الأول بزعامة (هون) وظل الصراع بين الطرفين اٍلى أن تمكنت الجيوش الخاضعة للقيادة الاٍدريسية من دفع (هون) الى تقديم البيعة وزيارة إدريس في مقر حكمه فقيل زار ـ هون ولأهمية الحدث تردد المصطلح كثيرا فأطلقت على المنطقة بكاملها بعد حذف ألفها لسهولة نطقها . خلال الفترة الإسلامية تحدثت المصادر المرابطية والموحدية ـ خاصة صاحب الروض الهتون ـ عن وجود تجمعات سكانية متفرقة حول مكناسة الزيتون (التي كانت قبل الفتح الإسلامي دار مجوس ونصارى)و يقصد بهم المؤلف الرومان( وحاضرتنا إذاك وليلي بأرض خيبر من ناحية جبل زرهون) . مدينة مكناس في حد ذاتها فلم تكن سوى مجموعة من الحوائر المتفرقة و هي تاورا ، بنو عطوش ، بنوبرنوس ، بنو شلوش ، بنو زياد ،بنو موسى ،قصر تزركين ، السوق القديم ، ورزيغة ،بنو مروان ،بنوغفجوم ،بنو غفجوم وقرية الأندلس. ومن غير المستبعد أن تكون بعض هذه التجمعات ترتبط بجبل زرهون .... (2) دريس بن إدريس (177-213هـ )(793 م – 828م) هو إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن المثنى ، أبو القاسم ، ثانى ملوك الأدارسة فى المغرب الأقصى ، وبانى مدينة فاس ، ولد فى وليلة ، وتوفى أبوه وهو جنين ، فقام بشؤون البربر راشد وقتل راشد سنة 186 هـ فقام بكفالة إدريس أببو خالد العبدى ، حتى بلغ الحادية عشرة ، فبايعه البربر فى جامع وليلى سنة 188هـ ، فتولى ملك أبيه وأحسن تدبيره ، وكان جوادا فصيحا حازما ، أحبته رعيته ، واستمال أهل تونس وطرابلس الغرب والأندلس إليه ، وعصت وليلى بالوفود والسكان فاختط مدينة فاس سنة 192 هـ وانتقل إليها ، وغزا بلاد المصامدة فاستولى عليها ، قبائل نفرة فانقادت إليه ، وزار تلمسان ثم عاد إلى فاس وانتظمت له كلمة البربر وزناتة ، واقتطع المغربين عن دعوة العباسيين من لدن السوس الأقصى إلى وادى شلف ن وصفا له ملك المغرب وضرب السكة باسمه وتوفى بفاس ( الأعلام 1/278) والاستقصا 1/70-75 ، وابن خلدون 4/13 ، والبيان المغرب 1/103 ، وجذزو الاقتاس 95 ) (3) وليلى : مدينة بالمغرب قرب طنجة ( معجم البلدان 5/384) وليلي (باللاتينية: Volubilis) هي مدينة أثرية مغربية تقع على بعد ثلاث كيلومترات غرب مدينة مولاي إدريس زرهون.
(4) عمير بن مصعب ( توفى نحو 225هـ - 840م) – عمير بن مصعب بن خالد بن هرثمة بن يزيد بن المهلب بن أبى صفرة الأزدى ، وزير من الأمراء تنسب إليه ( عين عمير ) على فرسخين من مدينة فاس ، كان مع أبيه فى الأندلس ولما صارت خلافة المغرب إلى غدريس بن إدريس ، وفد عليه عمير مع جماعة من الأزد ، فاستوزره وولاه قيادة جيشه ، وزوجه بنتا له اسمها عاتكة ، ولما بنى إدريس مدينة فاس ، أنزله بالمكان الذى فيه العين فنسبت إليه ، وكان من فرسان العرب وساداتها ، توفى بفاس ، وهو جد ( بنى الملجوم ) من أعلام القضاة فيها . (5) الغيضة : الشجر الكثير الملتف . و - : الموضع يجتمع فيه الماء ، فيبتلعه ، فينبت فيه الشجر (ج) غياض وأغياض ، وغيضات . (6)جامع الأشياخ : “جامع الأنور” أول مسجد بفاس سعيد العفاسي 30 أبريل , 2011
في سنة 190 للهجرة، عندما استقام الأمر للمولى إدريس الثاني له وعظم ملكه وكثر جيشه وضاقت بهم أوربة، عزم على الانتقال عنها، فخرج يتخير البقاع، فوصل على جبل “زالغ” وتعني بالأمازيغية الجدي، فأعجبه ارتفاعه وطيب تربته واعتدال هوائه، فقرر اختطاط مدينة بسنده مما يلي الجوف، وأمر بالبناء، وبنى جزء من سورها وشرع في بناء المسجد المسور، فهبط السيل من أعلى الجبل دفعة واحدة فهدم ما كان مبنيا وأفسد الزرع والضرع، فأقام الإمام إدريس إلى أن دخل شهر المحرم من مفتتح سنة 191ه فخرج يتصيد ويرتاد المواقع، فوصل إلى واد سبو حيث هي حمة خولان ” وهي الحمة المعروفة اليوم بسيدي حرازم” فأعجبه الموضع فعزم على أن يبني به المدينة، وشرع في حفر الأساس وعمل الجير وقطع الخشب، ثم أعمل النظر في الأمر فخاف على الناس الهلكة من واد سبو الذي يحمل المدود العظيمة زمن الشتاء، فرفع يده عنها ورجع إلى مدينة وليلي، وبعث وزيره عمير بن مصعب الأزدي يرتاد له موضعا يبني فيه، فسار عمير في رهط من قومه، فاخترق تلك النواحي حتى وصل إلى فحص سايس، فنزل على عين غزيرة من ماء تطرد في مروج مخضرة*1 فنسبت العين إليه وسميت به إلى اليوم ” وتوجد بسهل زواغة غير بعيدة عن دار الدبيبغ’ مسجد الأنور بفاس: فسار عمير حتى وصل إلى العيون التي ينبعث منها النهر، واتبع مجرى النهر حتى وجد خيام يسكنها قبائل من زناتة يعرفون بزواغة وبني يزغتن، وكانوا أهل أهواء مختلفة في عداوة مستمرة، فرجع عمير إلى إدريس وأعلمه بما رأى، فجاء إدريس لينظر إلى البقعة، ثم اشترى منهم الغيضة التي بنى فيها المدينة، بستة آلاف درهم فرضوا بذلك، وكتب العقد بشرائها منهم كاتبه الفقيه عبد الله بن مالك الخزرجي الأنصاري، وشرع في بناء السور وضرب أبنية وقبابه بالموضع المعروف اليوم بجرواوة. ويذكر ليون الأفريقي*3، انه لما تكاثر عدد الأسر والجنود التابعين للمولى إدريس تكاثرا عظيما وتبين له أن دار مقام أبيه لم تعد تكفيه وعزم على
أن يغادر الجبل ويؤسس مدينة يستقر فيها وقد جمع لهذه الغاية عددا من المعماريين والمهندسين وفحصوا بدقة كل السهول المجاورة للجبل ونصحوه ببناء المدينة في الموقع الذي بنيت فيه، كانت هناك عيون عديدة ونهر كبير ينبع من سهل لا يبعد كثيرا من تلك العيون، كما كانت هناك غابة كبيرة في الجنوب تنفع المدينة كثيرا وتسد حاجاتها وهذا هو السبب الذي من أجله بنيت على الضفة الشرقية للوادي مدينة صغيرة تضم حوالي ثلاثة آلاف كانون. باب مسجد الأنور بفاس : ذكر بن الغالب في تاريخه أن الإمام إدريس الثاني لما عزم على بناء المدينة مر به شيخ كبير راهب وقد نيف على مئة وخمسين سنة كان مترهبا في صومعة قريبة من تلك الجهة، ولما اخبره إدريس بما عزم عليه من أمر بناء مدينة لسكناه وسكنى أولاده من بعده يعبد فيها الله، ويتلى بها كتابه وتقام بها حدوده، قال الراهب: “أخبرني راهب كان قبلي في هذا الدير توفي منذ مئة سنة أنه وجد في كتاب علمه أنه كان بهذا الموضع مدينة تسمى ساف خربت منذ ألف وسبعمئة سنة، أنه سيجددها رجل من آل بيت النبوة يكون لها شأن عظيم وقدر جسيم” فقال إدريس الثاني : ” الحمد لله أنا من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ” فكان ذلك مما قوى عزم إدريس على بناء المدينة. باحة الصلاة لمسجد الانور بفاس : وكان تأسيس الإمام إدريس لمدينة فاس على ما ذكره المؤرخون الذين اعتنوا بتاريخها، عن ابتداء أمرها في يوم الخميس غرة ربيع الأول عام 192ه، بعدوة الأندلس وأدار بها السور، وبعدها بسنة أسست عدوة القرويين وذلك غرة ربيع الآخر من سنة 193ه.وابتدأ ببناء سور عدوة الأندلس القبلي، فأدار السور على جميعها، وبنى بها الجامع الذي برحبته البئر المعروف بجامع الأشياخ” المسجد الموجود بأعلى عقبة الصفاح برحبة الدجاج عند بداية زنقة سيدي بوجيدة ويعرف بجامع الأنور أو جامع النور” وأقام فيه الخطبة، ولم تزل به طول أيام الادارسة، وأول من نقل الخطبة من مسجد الشرفاء إلى جامع القرويين الأمير حامد بن حمدان الهمداني عامل عبيد الله الشيعي على المغرب، وذلك في سنة 321 ه، ونقل الخطبة من مسجد الأشياخ “الأنور” بالعدوة إلى جامع الأندلس، وكان أول خطيب خطب به الفقيه الصالح علي بن محمد الصدفي*2، وعدد الخطبة بفاس على مقابل الشهور من مذهب الإمام مالك، لأن المشهور عدم تعدد الخطبة في المصر الواحد. وبهذا الحديث يكون أول مسجد بني بفاس هو جامع الأشياخ، لأن المولى إدريس الثاني كان يجمع فيه أشياخ القبائل للمشاورة والتدارس، وبهذا أطلق عليه جامع الأشياخ، أما جامع الأنور فيرجع تسميته تيمنا ببانيه المولى إدريس بن إدريس، المعروف بإدريس الأنور، وبإدريس الأزهر، وبإدريس صاحب التاج، وبإدريس المثنى، وبإدريس الفاسي، ويعبر عنه بعض من لن يراع كمال الأدب معه بإدريس الأصغر والعذر له أنه لم يرد بذلك تنقيصا وإنما أراد تعريفه وتمييزه عن أبيه إدريس الأكبر. وهو القطب الأشهر مولانا إدريس الأكبر الحجازي المغربي الزرهوني بن القطب مولانا عبد الله الكامل بن القطب الكامل مولانا الحسن المثنى بن أول الأقطاب مولانا الحسن السبط بن الخلفاء، وإمام العلماء والفصحاء، مولانا علي، وسيدة نساء الدنيا والآخرة، مولاتنا فاطمة الزهراء البتول بنت سيد الكونين وعروس الدارين وشفيع الخلائق أجمعين وممد الأولياء والأنبياء سيدنا ومولانا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ورضي عن جميع آله وأصحابه، وأنصاره وأصهاره، وجميع من انتمى لجناته. مسجد الأنور اليوم له باب موصدة في وجه الطالع في نهاية عقبة الصفاح حيث رحبة الدجاج، وهي باب حديدية بقفل عادي تتراكم أمام الباب أقفاص الدجاج والباعة والأزبال والروائح الكريهة التي تنفر المرء من الاقتراب من باب الجامع، وله باب من جهة مقبرة الادارسة في اتجاه زنقة سيدي بوجيدة حيث أول باب على يمين المار من هناك، وعندما ندخل نعرج يمينا لنجد بابا بمصراعين من خشب يبلغ طولها حوالي ثلاثة أمتار وعرضها مترين، بدون طلاء أو نقش، عندما ندخل هذه الباب نجد أمامنا باب الجامع التي تفضي إلى رحبة الدجاج، وعلى بعد خطوتين نجد البئر التي كان يتوضأ من مائها المصلين والوافدين على الجامع منذ بداية تأسيسه، وعلى يسارنا نجد بابا صغيرة مقوسة تفضي إلى فناء الجامع ويقع على حوالي عشرة أمتار طولا وأربع أمتار عرضا والظاهر أنه كانت هناك تغيرات كثيرة فيه، دون زخرفة أو نقش أو زليج وحتى خشب السقف يخلو من الزخرفة، ومن وراء المحراب نجد بعض الأشجار ” شجرتين للزيتون وشجرتين للتوت وبعض الشجيرات الطفيلية ” وكثير من الأزبال التي تقذف من خارج السور في اتجاه الجامع حيث تحول المكان إلى خربة تجمع جميع أصناف القاذورات والهوام والحشرات، في وسط الجامع الذي يعتمد على ساريتين كبيرتين، وجدت الكثير من الأزبال ورائحة البول والغائط وجلسات صغيرة للعب الورق أو القمار وكثير من الأحجار والأوساخ، إذ لا بد من الداخل إلى الجامع أن يضع يده على أنفه لأن الرائحة الكريهة ستزكم أنفه. قرب البئر وجدت العديد من المقابر في حالة مزرية إذ لا نظافة ولا حرمة للمقابر، بل أوساخ وغائط و بول وأزبال وقارورات الخمر الفارغة وهلم عدا. ويبدو أن الجامع قد بدأت به أشغال الترميم من الداخل والخارج حيث الحيطان مبلطة لكنها غير منتهية، لكن الفضاء الداخلي به ركام الأزبال وبقايا نفايات مختلفة. محراب جامع الأنور بفاس : هذا هو حال أول مسجد بني بفاس اليوم، وحال أول بقعة مقدسة في المدينة بعدوة الأندلس، حال يستحي المرء من ذكره، إذ من العار أن تنسى هذه البقعة وتترك مرتعا للمنحرفين ومخبأ للجناة ووكرا للفساد وخربة مهجورة. كلنا معنيون سلطات ومجالس منتخبة وساكنة ومجتمع مدني ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزارة الثقافة وكل المتدخلين من خاص وعام، من أجل إنقاذ جامع الأنور من الإهمال الذي حاق به وجعله نسيا منسيا، كما يتوجب إدماجه ضمن المخطط المدار السياحي العام لمدينة فاس، وفتحه للزوار سواء من ساكنة فاس –الذين يجهلون قيمة هذا الجامع الذي أدى وظيفته على أحسن وجه- أو من خارج المدينة من سياح مغاربة وأجانبه والتعريف به أكثر لكي يستعيد بعضا من قدسيته. *1 الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس لمؤلفه علي بن أبي زرع الفاسي/ الطبعة الثانية 1420ه *2 نفس المرجع.*3 كتاب “وصف إفريقيا” لحسن بن محمد الوزان الفاسي ترجمة محمد حجي ومحمد الأخضر طبعة1400ه. (7) دار القيطون : التى ينتسب إليها الأدارسة القيطونيون هى الدار المتصلة بجامع الشرفاء والتى سكنها إدريس الأزهر بعد وفادة القرويين حينما انتقل لبناء هذه العدوة من مدينة فاس وهم ينتمون الى القاسم بنى إدريس الازهر المعروف بالزاهد الذى كانت طنجة وسبتة وبلاد الهبط من نصيبه لما قام الخليفة محمد بن إدريس عام 213 هـ بتقسيم أقاليم المغرب على إخوته الأثنى عشر بإيعاز من جدتهم كنزة ، إلا إن القاسم تنازل عن ولايته لأخيه عمر وأثر النسك والعبادة إلى أن مات وضريحه مشهور على شاطىء المحيط بين طنجة واصيلا (8) o الشرفاء الجوطيون : يقول عنهم الدكتور عبدالهادي التازي، الجوطيون نسبة الى جوطة قرية عظيمة كانت على نهر سبو حيث توجد اليوم بلاد اولاد عمران كانت ميناءً هاماً يتوفر على دار لبناء السفن، كان يربط المنطقة بأعالي البحار عبر النهر المذكور، ادركها الخراب وتحيفها النهر على حد تعبير المؤرخين . كان اول من نزل بجوطة يحيى بن القاسم الملقب بالعدّام لكثر ما يقوم به اثناء الجهاد من اعدامات لخصوم الاسلام
ومن محاسن جضرة فاس(1) أن نهرها يشقها نصفين ، وتتشعب جداوله فى دورها وحماماتها وشوارعها وأسواقها ، وبها مساجد كثيرة ، منها مسجد القرويين وهذا المسجد يعد أعظم مساجد الدنيا طولا وعرضا ، له أربعون بابا وسمى بالقرويين (2) لما قيلل أن سبب انشائه فتاة من القيوان وجامع الأندلس وجامع الديوان وفيها غير ذلك ، وقد مدحها الفقية ابن عبد الله المغيلى لما كان يلى خطة القضاء يمدينة آزمور ، ويتشوق إلى حضرة فاس حرسها الله من كل باس: (1)فاس مدينة مغربية تتميّز بموقعها الجميل الذي تحيط به التّلال من كلّ جانبٍ، وتتكوّن من قسمين: فاس البالية أي القديمة والتّي تُعَدّ من مدن القرون الوسطى والتي ما زالت مأهولة؛ وفاس الجديدة التي تكوّنت سنة 1276 وتوسّعت جنوبًا. تأسّست فاس على يد إدريس الثّاني سنة 809م في الموقع نفسه الذي اختاره والده إدريس بن عبد الله. وكان إدريس الثّاني هو الذي طوّر المملكة الإدريسيّة، فتطوّرت فاس معها. وأمّت فاس جموع النازحين المُسلمين من الأندلس بعد حركة العصيان في قرطبة، سنة 818م، واستقرّوا في المكان الذي عُرِفَ بِعَدوة الأندلس.
(2) جامع القيروان : جامع القرويين أو مسجد القرويينهو جامع في مدينة فاس المغربية، بني عام 245 هـ/859 م.قامت ببنائه فاطمة الفهرية حيث وهبت كل ما ورثته لبناء المسجد. كان أهل المدينة وحكامها يقومون بتوسعة المسجد وترميمه والقيام بشؤونه. أضاف الأمراء الزناتيون بمساعدة من أمويي الأندلس حوالي 3 آلاف متر مربع إلى المسجد وقام بعدهم المرابطون بإجراء توسعة أخرى. و قد سمي الجامع بالقرويين نسبة إلى القيروان مدينة فاطمة الفهرية. لا تزال الصومعة المربعة الواسعة في المسجد قائمة إلى الآن من يوم توسعة الأمراء الزناتيين عمال عبد الرحمن الناصر على المدينة، تعد هذه الصومعة أقدم منارة مربعة في بلاد المغرب العربي. قام المرابطون بإجراء إضافات على المسجد فغيروا من شكل المسجد الذي كان يتسم بالبساطة في عمارته وزخرفته وبنائه إلا أنهم حافظوا على ملامحه العامة. كان هناك تفنن من قبل المعماريين في صنع القباب ووضع الأقواس ونقش آيات القرآن والأدعية. أبرز ما تركه المرابطون في المسجد هو المنبر الذي لا يزال قائما إلى اليوم. بعد المرابطين، قام الموحدون بوضع الثريا الكبرى والتي تزين المسجد الفاسي إلى اليوم. لمسجد القرويين سبعة عشر بابا وجناحان يلتقيان في طرفي الصحن الذي يتوسط المسجد. كل جناح يحتوي على مكان للوضوء من المرمر، وهو تصميم مشابه لتصميم صحن الأسود في قصر الحمراء في الأندلس. عرف الجامع المزيد من الاهتمام في مجال المرافق الضرورية فزين بالعديد من الثريات والساعات الشمسية والرملية وأضيفت للمسجد مقصورة القاضي والمحراب الواسع وخزانة الكتب والمصاحف. طراز الجامع المعماري بشكل عام هو الطراز المعماري الأندلسي
الأندلس القيروان
يا فاس حيا الله أرضك من برى *** وسقاك من صوب الغمام المسبل يا جنة الدنيا التى أربت على *** حمص بمنظرها البهى الأجمل غرف على غرف ويجرى تحتها *** ماء ألذ من الرحيق السلسل (1) وبساتن من سندس قد زخرفت *** بجداول كالأيم او كالمفصل (2) وكان ةفاة مولانا إدريس الأزهر رضى الله عنه ثانى جمادى الآخر سنة ثلاث عشرة ومئتين ، وعمره نحو ست وثلاثين سنة ن ودفن بمسجده بإذار الحائط الشرقى منه ومقامه فى حضرة فاس من الأماكن المقدسة ، تستشفى به أهل المغرب قاطبة وهو بمثابة الامام أبى عبد الله الحسينى رضى الله عنه بمصر ، تقصده الزوار من الأماكن البعيدة ، ويقرؤون عنده الدلائل (3) والأحزاب وله أوقاف كثيرة اللهم أنفعنا بهم وبأسرارهم . (1) الرحيق : الخمر أو أطيبها ,افضلها أو الشراب لا غش فيه – السلسل : الماء العذب السلس السهل فى الحلق (2) السندس : ضرب من رقيق الديباج أو الحرير المنسوج الذى يتلون أوالنا – الأيم : الحية أوذكر الأفعى (3) كتاب دلائل الخيرات : وشوارق الأنوار فى ذكر الصلاة على النبى المختار للشيخ أبى عبد الله محمد بن سليمان بن أبى بكر الجزولى السملانى الشريف الحسنى المتوفى سنة 854 وهذا الكتاب آية من ىيات الله فى الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم يواظب بقراءته فى المشارق والمغارب لا سيما فى بلاد الروم بعض صور المساجد بالأندلس
|
|