النيل الخالد كتب:
قال لى جدى :
بنيتى عندما قال الله تعالى وعجلت إليك ربى لترضى على لسان موسى
وعجلت إليك
لا أصبر عن بعدك ربى يعجلنى الشوق فيأتى بى على جناح السرعة
تفقدا لرضاك فلا صبر لى على بعدك
ثم يقول تعالى رب أرنى أنظر إليك
على لسان موسى أيضا فتدعم هذه الآية الآية السابقة من شدة لهفة موسى على لقاء ربه ورؤيته
المحب بنيتى عنده لهفة اللقاء والرؤية وكأنه يعتريه أنين يورقه فى جميع أوقاته يدعوه إلى هذا الشوق
فيصير ليله نهاره فى فلك هذا الإطار وكأن حياته تلخصت فى هذا الشوق وهذا الإلحاح على الله للإنجماع عليه
وعليه تتحدد مرتبتك فى القرب فقد كان رد الله سبحانه وتعالى
على موسى لن ترانى ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف ترانى فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا
وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين
لن ترانى
أعلمه الله إنه لن يراه حتى يتهيأ لتحمل تجلى الله على الجبل لإن حتى التجلى كان شديد على موسى
ولم يتحمل موسى رؤية ربه
ولكنه تحمل تجلي أنواره مع صاعقه
أفاق منها يستغفر الله سبحانه وتعالى فى إلحاحة فى طلب الرؤية
فحتى التجلى له أنوار تصعق من لم يهيأ لتحملها
هنا لطيفة جميلة ورقيقة تنجلى فى هذه الأية الكريمة
لقد عجلت يا موسى لأرضى
ولقد تلهفت لترانى
ولقد أصطنعتك لنفسى
ولكن لن تتحمل سوى تجلى الأنوار
لإن الرؤية حجبت لعبد واحد اسمه محمد هو الحبيب من الأزل المهيئ للرؤية
فقال تعالى
سبحان الذى أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى لنريه من آياتنا الكبري
وقال أيضا
ولقد رءاه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى
ما زاغ البصر وما طغى لقدرأى من آيات ربه الكبرى
لذا بنيتى كان من أقوال العارفين
إنه سبحانه وتعالى إذا هيئك لمهمة فسيعينك عليها
فلا تطلب بنفسك حتى لا توكل إلىها وعندها لن تستطيع
ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مبعوث للعالم كافة
فقد هيئه الله سبحانه وتعالى لهذه المهمة وكانت الرؤية للتمكين والتثبيت
والقوة بالله واليقين الذى لا يتزعزع به سبحانه وتعالى
فعلى قدر المهمة التى وكلت إليه تكون المنح والعطايا التى تدعمها وتثيتها
ولكل مقام معلوم
أرأيت بنيتى بين طيات هذه الإشارات رسالة ألا وهى
مقام حيرة يقف أمامه من يطلب الله بشوق وبلهفة
يتمنى الرؤية والقرب ولكنه فى نفس الوقت يخشى طلبه
يوكله إلى نفسه فلا يقوى
هنا ليس له إلا الأستسلام لما يجريه الله عليه والإستغفار والإنابه إليه سبحانه وتعالى
وكأنه يقول له أنا عبدك ربى أنطوى بكليتى فى كنف إحاطتك ورعايتك وتدبيرك
واستسلم لما تجريه على وقلبى معلق بك ولا طمع لى فى أى شئ ولا أتشوف إلى أى شئ
لإنى لا أريد أى شئ يكفينى إنى احدثك يكفينى إنى أدعوك يكفينى أنك ربى وأنا عبد
هنا عندما يخرج العبد من ثوب الأنا يكون محل نظر الله سبحانه وتعالى وما يقسم له من الأزل
سيراه ولكن بإعانه منه سبحانه وتعالى له لإنى أسلم واستسلم له
الله الله
جزاكم الله خيراً