قائمة الأنبياء لا تطابق الاعتقادات السنية أو التيار الشيعي المركزي
إن كُلاًّ من المسلمين السُّنة والتيار الشيعي المركزي – الذي بات يُعرف لاحقًا بالتيار الشيعي الاثني عشري – يقبلان قائمة الخمسة وعشرين نَبيًّا الواردة في القرآن، كما أن كليهما يقبلان أن محمدًا هو آخر الأنبياء، ورغم أن السُّنة يقبلون بالمَهْدِيِّ على أنه مسيح وإمام، وسيعيد تنصيب طهارة الإسلام، ولكنهم لا يشددون عليه كثيرًا.
أما الشيعة فيشددون بقوة على المَهْدِيِّ، ويقولون بأنه سينتقم لمقتل الحسين مظلومًا.
ولكن السنة والتيار الشيعي المركزي لا يعتقدان أن المَهْدِيَّ نبيٌّ.
وبذلك، واعتمادًا على دليل قائمة الأنبياء الوارد ذكرهم في فقرة التانترا، فإن تعبير الغزاة غير الهنود لا يشير إلى العباسيين السنة، ولا إلى التيار الشيعي المركزي الذي عارضهم.
ويمكن عمل حجة مضادة معتمدة على الاقتباس من "نور بدون شوائب"، وهو تعليق على الكلاتشاكرا تانترا الموجزة.
وطبقًا للتقاليد فإن كِلا النَّصَّيْن كُتِبا في الشمبالا، وهي التانترا الخاصة بالحاكم الكلكي الأول مانجوشري ياشاس، والتعليق قد كتبه ولده الحاكم الكلكي الثاني بونداريكا.
يشير التعليق إلى محمد باعتباره "معلم الدارما للغزاة غير الهنود, معلم وسيد المليتشا تاييس". والتاي السنسكريتية هي النسخ الصوتي للكلمة العربية أو الأرامية طي ( والجمع طيايا, طيايي) أو الشكل الفارسي لها: تازي.
الطيايا كانوا أقوى القبائل العربية في الجاهلية، وهم الطائيون، وبالتالي استخدمت كلمة "طيايا" في السريانية والعبرانية اسمًا مُعَمَّمًا للعرب منذ القرن الأول. النصارى السيريانيون بدورهم استخدموا المصطلح للمسلمين الأوائل، بينما الشكل الفارسي الحديث تازي هو المصطلح الذي استُخدم للإشارة إلى الفاتحين العرب لإيران، فعلى سبيل المثال، من قِبَلِ آخر الحكام الساسانيين يزدجرد الثالث (حكم من عام ٦٣٢ إلى عام ٦٥١ م).
ولقد قدَّم الصينيون صوتِيًّا الكلمة الفارسية نفسها ك"داشي"، واستخدموه أيضًا للعرب.
وهكذا فاعتمادًا على المصطلح "طاي" يمكن للمرء أن يجادل بأن الغُزاةَ غير الهنود سيكونون عربًا، وتحديدًا عرب السُّنَّة العباسيين.
إن ظهور مصطلح "طاي" في أدب الكلاتشاكرا للإشارة إلى الغزاة غير الهنود مع ذلك لا يُرَسِّخُ الغزاة بوصفهم عرب السنة العباسيين، ناهيك عن العرب أصلاً.
ويمكن أن يشير أيضًا إلى أن الغزاة سيكونون من منطقة ثقافية إيرانية، أو أي منطقة غير عربية أخرى؛ حيث حُكْم العباسيين، وليس بالضرورة المسلمين السنيين. فالتبتيون – على سبيل المثال – ترجموا "طايي" إلى "ستاغ-زيغ" وتنطق "تازي"، وهي بلا شك مشتقة من الكلمة الفارسية الوسطى"تازي"، أو البارثيانية "تازيغ".
وهذا يُشِير إلى أن التبتيين كانوا على دراية فِعلاً بالمصطلح تازيغ قبل ظهوره بلفظ: "تاي" في أدب الكلاتشكرا.
وهذا بسبب أن التبتيين يستخدمون أيضًا "تاغزيغ" للموطن الأصلي لديانتهم الأصلية قبل البوذية (البونية) – وهي المنطقة الثقافية الإيرانية قبل الإسلام بآسيا الوسطى غرب شانغ – شُنغ (غرب التبت).
لاحظ أن الطاجيك اليوم يتحدثون لغة إيرانية، ولا علاقة لهم بالعرب.
وبدلاً من ذلك، فإن مصطلح تاي يمكن أن يشير إلى أن مؤلفي أدب الكلاتشاكرا لم يُفَرِّقوا بوضوحٍ بين الخلفيات العِرقِيَّة للمجموعات الدينية المختلفة في أزمانهم.
ونستمد تأييد الدليل على هذه النتيجة من حقيقة أن المعلقين التبتيين على الكلاتشاكرا تانترا الموجزة، مثل بوتون (١٢٩٠ – ١٣٦٤ م) وكايدروبجي (١٣٨٥-١٤٣٨) استخدموا "تاي" كـ: "سوغ-بو" و"أرض مكة" كـ: "سوغ-يول" (أرض الـ "سوغ-بو") في تعليقاتهم على نصوص الكلاتشاكرا.
وفي زمن هذين المعلقين من التبت أشارت كلمة "سوغ-بو" أساسًا إلى مجموعات مغولية متباينة، ففي زمن بوتون, وعلى الرغم من أن الحكام المغوليين لمنغوليا والصين تبعوا البوذية التبتيَّة, فإن معظم الحكام الصينيين لمقاطعات أخرى من العالم المغولي دخلوا في الإسلام.
فقد قَبِل الإسلامَ آلُ كيبتشيك خان فيما يسمى اليوم بكازاخستان ووسط روسيا حوالي عام ١٢٦٠ م, وأسرة خان الثانية قرابة عام ١٣٠٠ م، وآل خان في جغتاي الغربية فيما يسمى اليوم بأوزبكستان وأفغانستان عام ١٣٢١ م.
وفي زمن كايدروبجي فإن المغول الذين تبعوا البوذية التبتية لم يعودوا يحكمون الصين؛ ومع هذا فإن التواصل التبتي مع المغول في حياة كلٍّ من معلقِي الكلاتشاكرا هذين كان مع المغول البوذيين لا المغول المسلمين.
وعلى أية حال, فقد أضحى المغول قوة عظمى في آسيا الوسطى, فقط على مشارف القرن الثالث عشر الميلادي, بينما نصوص الكلاتشاكرا السنسكريتية نفسها سبقت هذا الحدث بعدة قرون.
وهكذا, فإن استخدام مصطلحي سوغ-بو وسوغ-يول في سياق شروح الكلاتشاكرا لا يمكن أن يكون إشارة للمغول أنفسهم.
ولذا فنحن بحاجة لفحص المجموعات الدينية والإثنية قبل المغولية والتي طَبَّق أهل التبت اسم سوغ-بو عليها.
وفي بعض النصوص خارج الكلاتشاكرا فإن مصطلح سوغ-بو مقترنا بـ ستاغ-زيغ أشار إلى أهل السُّنة من العرب، لكن ليس بالضرورة إلى أهل السنة العرب في العصر العباسي.
فعلى سبيل المثال، فالمؤرخ التبتي تاراناثا في أوائل القرن السابع عشر الميلادي يشير في كتابه "تاريخ البوذية في الهند" إلى الحَجَّاج بن يوسف الثقفي حاكم الأقاليم الشرقية للدولة الأموية بوصفه "ستاغ-غزيغ سوغ-بو ها-لا-لو"، أي تابعًا لدين المليتشا، وقد شمل حكم الحجاج أصلاً ما يُعرف بشرق إيران اليوم وبلوشستان (مكران) وجنوب أفعانستان.
لكن في عام ٧١٧ م مَدَّ ابن أخيه وصهره محمد بن القاسم هذا الحكم إلى السند وسوراشترا.
لقد ذكر تاراناثا حكم الحَجَّاج بوصفها الفترة التي وصل فيها حكم المليتشات أول ما وصلوا إلى الهند. لقد كان الأمويون من العرب السنة.
ويظهر الالتباس التاريخي عند تاراناثا بوضوح، رغم ذلك حينما ذكر أيضًا أن الحجاج جاء من مدينة با – جا – دا (بغداد) في أرض مول – تا – نا (مولتان)، وهي شمال السند وتعرف بباكستان اليوم.
لقد بنى العباسيون بغداد عام ٧٦٢ م بعد سقوط الخلافة الأموية.
وقد نتذكر أن فقرة الكلاتشاكرا التي تُعَدِّدُ أسماءَ أنبياء المليتشا ذكرت أن محمدًا جاء إلى بغداد في أرض مكة.
وتاريخيًّا فإن التبتيين طبقوا اسم سوغ-بو والمشتق من "سغديا" (وهي أوزبكستان الحالية)، على كل أواسط آسيا، وليس على المغول أو العرب السُّنة فقط.
وإبَّان القرن الثامن والنصف الأول من القرن التاسع الميلادي حارب الحكام العرب والصينيون والترك والتبتيون بعضهم البعض من أجل السيطرة على سغديا (أوزبكستان) والمناطق المجاورة لآسيا الوسطى.
إن اسم سوغ-بو لم يكن بالضرورة يشير إلى العرب السُّنة فقط في هذه الأيام والمناطق، بل ربما شمل أيضًا السغديين وسكان آسيا الوسطى الذين التحقوا بالجيش العربي أيضا.
وعلاوة على ذلك، فبالرغم من أن العديد من السغديين دخلوا في الإسلام زمن الخلافة العباسية، فإن العديد منهم بقوا على دياناتهم القديمة، بوذيةً كانت أو مانوية.
وهكذا كما في حالة مصطلح "تاي"، فإن مصطلح سوغ-بو يمكن أن يشير إما إلى المنطقة الثقافية في آسيا الوسطى، أو إلى تمييز غير دقيق للمجموعات الدينية أو الإثنية.
فعلى سبيل المثال، ففي مكان سابق على النص المذكور آنفًا يتحدث تاراناثا أيضًا عن أهل ستاغ-زيغ سوغ-بو ودينهم المليتشا في منطقة ملتان.
غير أنه في هذه الحالة فإن الإشارة ليست للعرب السُّنة في محيط ملتان، ولكن بطريقة أكثر وضوحًا إلى الهون البيض من المغول.
إن المناقشة هنا تشير إلى هارشا إمبراطور غوبتا، وهو الراعي الكبير للبوذية، الذي غزا المنطقة التي حكمها الهونيون البيض.
ولقد حكم هارشا من عام ٦٠٦ إلى عام ٦٤٧ م، وهكذا فإن دين المليتشا الذي أشار إليه تاراناثا لا يمكن أن يكون الإسلام، فالأديرة البوذية في المنطقة حول ملتان دَمَرها الحاكم الهوني الأبيض ميهيراكولا عام ٥١٥ م، ولقد استمرَّ حكام الهيفثاليين في حكم المنطقة حتى غزاها هارشا.
وعلى الرغم من أن الحكام الهياطلة الأوائل كانوا رعاة للبوذية فإن ميهيراكولا كان معاديًا لها، وكانت هجماته على الأديرة من المفترض أن من آثاره عليها هم قساوسة النصارى النسطوريين والمانويون.
ومن غير الواضح ماذا كانت سياسة الحكام الهياطلة ما بعد ميهيراكولا تجاه البوذية، لكن يمكننا أن نخمن أن دين المليتشا في إشارة تاراناثا كان على الأرجح المانوية، وهو أحد الأديان الرئيسة للسغديين.