موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 5 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: أضواء حول حديث : لا تشد الرحال
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت أكتوبر 25, 2008 2:50 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14717
مكان: مصـــــر المحروسة
[font=Tahoma][align=justify]
[لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ]

جملة قد يسمعها الكثير من الأحباب في زماننا هذا من بعض المتنطعين أو من بعض العوام الجهلاء المضلَلَين المغرر بهم .

وهذه الجملة تصدر من هؤلاء ، معتقدين أنهم بذلك قد أقاموا الحجة وأبانوا المحجة على من يشد الرحال ، ويحط بعصى التسيار في رحاب أحد السادة من آل البيت أو أحد السادة من أهل الولاية والعرفان والفضل - رضوان الله عليهم جميعا - .

بل لا يستغرب من هذا الردي ، المنكر بجهله على زائري هذا الإمام أو ذاك الولي ، أن يتمادى في ضلاله وبهتانه وينكر بفهمه المنكوس لتصوص الشريعة على زائري الحبيب المصطفى - صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله -

وهو في فهمه المنكوس لأئمة الضلال متابعا ، وللحق مجانبا ، محجوج بالكتاب والسنة وبما سارت وأجمعت عليه الأئمة الأعلام هداة الأمة .

وفي هذه العجالة المختصرة أحبتي في الله أحببت أن ألقي - بما تحصل لدي - ببعض الأضواء على هذا الحديث الشريف : لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد .... الحديث ، من خلال الآتي :

المبحث الأول : حديث لا تشد الرحال وفهم الصحابة رضي الله عنهم .

المبحث الثاني : الفهم الصحيح لحديث " لا تشد الرحال " كما بينه الأئمة الأعلام المعتبرين .

المبحث الثالث : فهم العلماء للنهي الوارد في الحديث هل هو للتحريم أم لبيان الأفضلية ؟

خاتمة مختصرة : أعرض فيها لتقرير الأئمة الأعلام بشذوذ ابن تيمية في مسألة الزيارة وشد الرحال .

يتبع إن شاء الله [/align]
[/font]

_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين أكتوبر 27, 2008 6:36 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14717
مكان: مصـــــر المحروسة
[font=Tahoma][align=center]
المبحث الأول : حديث لا تشد الرحال وفهم الصحابة رضي الله عنهم[/align]
[/font]

[font=Tahoma][align=justify]الصحابة رضوان الله عليهم ، هم من تلقوا علوم الشريعة عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، وهم من نقل لنا شرائع الدين ، ولذلك فهم ولا شك أعلم منا جميعا بمقاصد الشريعة الغراء .

فكيف كان تعامل الصحابة رضي الله عنهم مع حديث " لا تشد الرحال "،وما هو فهمهم له ؟

هل فهموا منه أن النهي الوارد فيه نهي مطلق ؟

أم فهموا منه التخصيص ؟

أم فهموا منه أنه مقصود به بيان لأفضلية المساجد الثلاث ؟

كيف كان تعامل الصحابة رضوان الله عليهم مع قبر نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم ؟

بالطبع لأن الصحابة رضي الله عنهم لم يكن فيهم ذووا أفهام فاسدة ، ولم يكن فيهم من ينتقص قدر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فلن تجد منهم أخي القارئ من يحرم زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو شد الرحال لها ، ولكن ستجد فيهم الفطرة السليمة والحب الصادق والفهم الصائب .

[1] قد صح عن قتادة أن عمر بن الخطاب قال لكعب [1]:

[ ألا تتحول إلى المدينة ، فيها مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقبره . قال كعب : إني وجدت في كتاب الله المنزل أن الشام كنز الله من أرضه ، وبها كنزه من خلقه .]اهـ

فمذهب عمر بن الخطاب وقتادة شد الرحال إلى زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

[2] ففي تاريخ دمشق لابن عساكر ( 7 / 137 ) والغساني في أخباره ( 1 / 45 -46 ) برقم ( 75 ) :

[أن بلالا – مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم - رأى في منامه النبي صلى الله علي وسلم وهو يقول له : ما هذه الجفوة يا بلال أما آن لك أن تزورني يا بلال فانتبه حزينا وجلا خائفا فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يبكي عنده ويمرغ وجهه عليه وأقبل الحسن والحسين فجعل يضمهما ويقبلهما ، فقالا له : يا بلال نشتهي نسمع آذانك الذي كنت تؤذنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم في السحر ، ففعل ، فعلا سطح المسجد فوقف موقفه الذي كان يقف فيه فلما أن قال : الله أكبر الله أكبر ارتجت المدينة فلما أن قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، زاد تعاجيجها فلما أن قال : أشهد أن محمدا رسول الله خرج العواتق من خدورهن فقالوا : أبعث رسول الله ، فما رئي يوم أكثر باكيا ولا باكية بعد رسول الله من ذلك اليوم .]اهـ

وهذه الحادثة قال عنها الشوكاني في نيل الأوطار ( 5 / 180 ) : وقد رويت زيارته صلى الله عليه وآله وسلم عن جماعة من الصحابة منهم بلال عند ابن عساكر بسند جيد وحسنه غير واحد من العلماء وإن قال عنها الذهبي في السير ( 1 / 358 ) إسناده لين . اهـ

وقد ذكر هذه القصة دون نكير الحافظ المزي صاحب ابن تيمية في كتابه تهذيب الكمال ، والإمام النووي في تهذيب الأسماء وغيرهما . [2]

قلت :

وقد جود إسناد هذه الرواية :الإمام السبكي في شفاء السقام ( صـ 55 ) وقال : ( روينا ذلك بإسناد جيد إليه وهو نص في الباب ) اهـ .

وقال في ( صـ 57 ) : [ وليس اعتمادنا في الاستدلال بهذا الحديث على رؤيا المنام فقط ، بل على فعل بلال ، وهو صحابي ، لاسيما في خلافة عمر رضي الله عنه والصحابة متوافرون ، ولا يخفى عنهم هذه القصة ، ومنام بلال ورؤياه للنبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يتمثل به الشيطان ، وليس فيه ما يخالف ما ثبت في اليقظة فيتأكد به فعل الصحابي .

وجود إسنادها أيضا الإمام ابن حجر الهيتمي في الجوهر المنظم ( صـ 65 ) .

وانظر رحمك الله إلى فهم وفقه الصحابة رضي الله عنهم وقارن بينه وبين المتعالمين والمتفيهقين وفهمهم الفاسد للحديث الشريف .

[3] فقد روى عن عمر بن شبه في " تاريخ المدينة " (1/42) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثنا صخر بن جويرية ، عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص قالت: سمعت أبي يقول :

[ لأن أصلي في مسجد قباء ركعتين أحب إلىَّ من أن آتي بيت المقدس مرتين، ولو يعلمون ما في قباء لضربوا إليه أكباد الإبل .] اهـ

قال الحافظ ابن حجر : إسناده صحيح ( الفتح : 3 /69 ) .

وروى ابن أبي شيبة نحوه في المصنف (2/373) .

[4] وروى عبد الرازق في المصنف (5 / 133 ) عن الثوري ، عن يعقوب بن مجمع بن جارية ، عن أبيه ، عن عمر بن الخطاب أنه قال:

[ لو كان مسجد قباء في أفق من الآفاق، ضربنا إليه أكباد المطي .]اهـ

إسناده حسن ، فإن يعقوب بن مجمع وثقة ابن حبان وروى عنه إمام كالثوري .

وقال الحافظ الذهبي في الكاشف(2/395) :وثق ومجمع بن جارية صحابي .

ولهذا الأثر طريق آخر أخرجه عمر بن شبه في أخبار المدينة (1 / 49 ) فيه أسامة بن زيد بن أسلم وهو وإن ضعف من قبل حفظه ، فهو يصلح في المتابعات والشواهد .

وعمر رضي الله عنه من رواة حديث " لا تشد الرحال " فلو علم أن النهي في الحديث للتحريم لما قال مقولته في مسجد قباء .

فتدبر تستفد .

[5] وأخرج الفاكهي في تاريخ مكة (رقم 2596) بإسناد لا بأس به حدثنا أحمد بن صالح قال : ثنا محمد بن عبد الله ، عن صخر بن جويرية ، عن عائشة بنت سعد قالت :

[ كان سعد رضي الله عنه يقول : لو كنت من أهل مكة ما أخطأني جمعة لا أصلي فيه _ يعني مسجد الخيف _ ولو يعلم الناس ما فيه لضربوا إليه أكباد الإبل ، لأن أصلي في مسجد الخيف ركعتين أحب إلي من أن آتي بيت المقدس مرتين فأصلي فيه .]اهـ

وغير خفي أن سعد بن أبي وقاص كان من أكابر الصحابة، ولو علم أن النهي في الحديث للتحريم لعلم أن كلامه فيه ردٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

[6] وروى أحمد في المسند (6/397)، الطبراني في المعجم الكبير ( 2 / 310 ) :

من حديث مرثد بن عبد الله اليزني عن أبي بصرة الغفاري قال : لقيت أبا هريرة وهو يسير إلى مسجد الطور ليصلي فيه قال :

[ فقلت له : لو أدركتك قبل أن ترتحل ما ارتحلت قال : فقال ولم ؟ قال : فقلت: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، المسجد الأقصى ، ومسجدي .] اهـ

فأبو هريرة لقي أبا بصرة رضي الله عنهما : وكان أبو هريرة يسير إلى مسجد الطور ، ولما أعلمه أبو بصرة بنص الحديث لم يرجع أبو هريرة . ولو كان أبو هريرة قد فهم من الحديث التحريم لرجع ولكنه لم يفعل، بل ولم يخرج أصلاً لأنه من رواة هذا الحديث، فدل فعله على أن النهي الذي في الحديث لا يفيد التحريم عند أبي هريرة رضي الله عنه .

فأي حجةٍ، وأي برهان، وأي دليلٍ، يطلب بعد فهم أكابر الصحابة رضي الله عنهم للحديث ؟

وحتى من فهم من الصحابة من الحديث الشريف النهي عن شد الرحال فقد فهم أن المقصود منه النهي عن شد الرحال إلى مسجد غير المساجد الثلاثة ، ولم يتعدى فهمه للقبور بصفة عامة أو قبر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بصفة خاصة .

ومما سبق يعلم أنه ليس من منطوق أو مفهوم حديث " لا تشد الرحال … الحديث " نهي عن شد الرحال لزيارة القبر النبوي الشريف، والله أعلم . [3]

يتبع إن شاء الله

هوامش

[1] من كتاب أخطاء ابن تيمية في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته للسيد الشريف دكتور محمود السيد صبيح( صـ 189 ) . قول عمر لكعب أخرجه معمر بن راشد في جامعه ( 11 / 251 ) قال أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة . وقد أخرجه البغوي في التفسير ( 3 / 251 ) بإسناده عن عبد الرزاق به والحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق ( 1 / 121 ) بإسناده عن عبد الرزاق به . وهذا إسناد رجاله ثقات ، إلا أن قتادة لم يلق عمر بن الخطاب رضي الله عنه فهو صحيح عند قتادة ، ومدار الرواية عليه . إلا أن لهذه القصة شواهد وقد رويت موصولة من طريقين :
1- طريق علقمة بن وقاص الليثي . أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ( 1 / 121 ) بسند حسن .
2- طريق موسى بن طريف أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ( 1 / 121 ) فإنه وليس في إسناده متهم بوضع أو راو شديد الضعف لكن موسى بن طريف ضعيف ولم يلق عمر . فبمجموع تلك الطرق ترتقي هذه الرواية إلى الصحة . والله أعلم .
قال الطبري في تفسيره ( 17 / 46 ) : قال أبو قلابة : وذكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال يا كعب ألا تحول إلى المدينة فإنها مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وموضع قبره فقال له كعب : يا أمير المؤمنين إني أجد في كتاب الله المنزل أن الشام كنز الله في أرضه وبها كنزه من عباده .

[2] المرجع السابق ( صـ 266 ) .

[3] ( 3 ، 4 ، 5 ، 6 ) من كتاب رفع المنارة للدكتور محمود سعيد ممدوح( صـ 110 – 112 ) مع زيادة يسيرة . [/align]
[/font]

_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين أكتوبر 27, 2008 11:22 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14717
مكان: مصـــــر المحروسة
[font=Tahoma]
[align=center]المبحث الثاني : الفهم الصحيح لحديث " لا تشد الرحال " كما بينه الأئمة الأعلام المعتبرين .[/align]

[align=justify]- شرح الإمام شيخ الإسلام الفيروزآبادي للحديث :

قال الإمام شيخ الإسلام مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي في كتابه " الصلات والبشر في الصلاة على خير البشر ( 127 – 128 ) :

[ وأما حديث " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد " فلا دلالة فيه على النهي عن الزيارة بل هو حجة في ذلك , ومن جعله دليلا على حرمة الزيارة فقد أعظم الجراءة على الله ورسوله , وفيه برهان قاطع على غباوة قائله , وقصوره عن نيل درجة كيفية الاستنباط والاستدلال والحديث فيه دليل على استحباب الزيارة من وجهين :

الوجه الأول : أن موضع قبره صلى الله عليه وآله وسلم أفضل بقاع الأرض , وهو صلى الله عليه وآله وسلم أفضل الخلق وأكرمهم على الله , لأنه لم يقسم بحياة أحد غيره , وأخذ الميثاق من الأنبياء بالإيمان به وبنصره كما في قوله تعالى : " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه " . الآية , وشرفه بفضله على سائر المرسلين , وكرمه بأن ختم به النبيين , ورفع درجته في عليين , فإذا تقرر أنه أفضل المخلوقين وأن تربته أفضل بقاع الأرض استحب شد الرحال إليه وإلى تربته بطريق الأولى .

الوجه الثاني : أنه يستحب شد الرحال إلى مسجد المدينة ولا يتصور من المؤمنين الخالصين انفكاك قصده عنه صلى الله عليه وآله وسلم , وكيف يتصور أن المؤمن المعظم قدر النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدخل مسجده ويشاهد حجرته ويتحقق أنه يسمع كلامه , ثم بعد ذلك يسعه أن لا يقصد الحجرة والقبر ويسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟! هذا ما لا خفاء به عند أحد , وكذلك لو قصد زيارة قبره لم ينفك قصده عن المسجد .

ومن الدليل الأحاديث الكثيرة الصحيحة في فضل زيارة الإخوان في الله فزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أولى وأولى .

ومنها : أن حرمته صلى الله عليه وآله وسلم واجبة حيا وميتا , ولا شك أن الهجرة إليه كانت في حياته من أهم الأشياء , فكذلك بعد موته .

ومنها : الأحاديث الدالة على استحباب زيارة القبور , وهذا في حق الرجال مجمع عليه , وفي حق النساء فيه خلاف , وقد بسطناه في كتاب " إثارة الشجون لزيارة الحجون " ، هذا في غير قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم , وأما زيارة قبره صلى الله عليه وآله وسلم فالإجماع على استحبابها للرجال والنساء .

ومنها : أن الإجماع على جواز شد الرحال للتجارة وتحصيل المنافع الدنيوية , فهذا أولى لأنه من أعظم المصالح الأخروية .

ومنها : إجماع الناس العملي على زيارته صلى الله عليه وآله وسلم وشد الرحال إليه بعد الحج من بعد وفاته إلى زماننا هذا .

ومنها : الإجماع القولي , قال أبو الفضل القاضي : زيارة قبره صلى الله عليه وآله وسلم سنة من سنن المسلمين مجمع عليها , وأما الآثار في الباب فكثيرة جدا . ] اهـ .

- قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم :

[وفي هذا الحديث : فضيلة هذه المساجد الثلاثة ، وفضيلة شد الرحال إليها ، لأن معناه عند جمهور العلماء : لا فضيلة في شد الرحال إلى مسجد غيرها . وقال الشيخ أبو محمد الجويني من أصحابنا : يحرم شد الرحال إلى غيرها وهو غلط ] اهـ

- شرح الإمام الحافظ شيخ الإسلام أحمد بن حجر العسقلاني للحديث .

قال الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني في شرحه لحديث : " لا تشد الرحال " في كتابه : " فتح الباري شرح صحيح البخاري (3 / 66 ) :

[ والحاصل أنهم ألزموا ابن تيمية بتحريم شد الرحل إلى زيارة قبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنكرنا صورة ذلك , وفي شرح ذلك من الطرفين طول , وهي من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية , ومن جملة ما استدل به على دفع ما ادعاه غيره من الإجماع على مشروعية زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ما نقل عن مالك أنه كره أن يقال : زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم .

وقد أجاب عنه المحققون من أصحابه : بأنه كره اللفظ أدبا لا أصل الزيارة فإنها من أفضل الأعمال وأجل القربات الموصلة إلى ذي الجلال وإن مشروعيتها محل إجماع بلا نزاع , والله الهادي إلى الصواب .

قال بعض المحققين قوله :

" إلا إلى ثلاث مساجد " المستثنى منه محذوف , فإما أن يقدر عاما فيصير : لا تشد الرحال إلى أي مكان في أي أمر كان إلا إلى الثلاثة , أو أخص من ذلك , لاسبيل إلى الأول لإفضائه إلى سد باب السفر للتجارة وصلة الرحم وطلب العلم وغيرها فتعين الثاني .

والأولى أن يقدر ما هو أكثر مناسبة وهو : لا تشد الرحال إلى مسجد للصلاة فيه إلا إلى الثلاثة , فيبطل بذلك قول من منع شد الرحال إلى زيارة القبر الشريف وغيره من قبور الصالحين والله تعالى أعلم .

وقال السبكي الكبير : ليس في الأرض بقعة لها فضل لذاتها حتى تشد الرحال إليها غير البلاد الثلاثة , ومرادي بالفضل ما شهد الشرع باعتباره ورتب عليه حكما شرعيا , وأما غيرها من البلاد فلا تشد إليها لذاتها بل لزيارة أو جهاد أو علم أو نحو ذلك من المندوبات أو المباحات.

قال : وقد التبس ذلك على بعضهم فزعم أن شد الرحال إلى الزيارة لمن في غير الثلاثة داخل قي المنع – وهو خطأ – لأن الاستثناء إنما يكون من جنس المستثنى منه.

فمعنى الحديث : لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد أو إلى مكان من الأمكنة لأجل ذلك المكان إلا إلى الثلاثة المذكورة , وشد الرحال إلى زيارة أو طلب علم ليس إلى المكان بل إلى من في ذلك المكان والله أعلم . ] اهـ

- شرح الإمام بدر الدين العيني للحديث .

قال الإمام العلامة بدر الدين العيني في شرحه على البخاري المسمى بعمدة القاري ( 7 / 254 ) عند الكلام على حديث " لا تشد الرحال " :

[ وحكى الرافعي عن القاضي ابن كج أنه قال : إذا نذر أن يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم فعندي أنه يلزمه الوفاء وجها واحدا , قال ولو نذر أن يزور قبر غيره ففيه وجهان عندي , وقال القاضي عياض وأبو محمد الجويني من الشافعية : أنه يحرم شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة لمقتضى النهي , وقال النووي وهو غلط والصحيح عند أصحابنا وهو الذي اختاره إمام الحرمين والمحققون أنه لا يحرم ولا يكره .

وقال الخطابي : لا تشد لفظه خبر ومعناه الإيجاب فيما نذره الإنسان من الصلاة في البقاع التي يتبرك بها أي لا يلزم الوفاء بشيء من ذلك حتى يشد الرحل له ويقطع المسافة إليه غير هذه الثلاثة التي هي مساجد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام , فأما إذا نذر الصلاة في غيرها من البقاع فإن له الخيار في أن يأتيها أو يصليها في موضعه لا يرحل إليها .

قال : والشد إلى المسجد الحرام فرض للحج والعمرة وكانت تشد الرحال إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته للهجرة وكانت واجبة على الكفاية , وأما إلى بيت المقدس فإنما هو فضيلة واستحباب , وأول بعضهم معنى الحديث على وجه آخر وهو أن لا يرحل في الاعتكاف إلا إلى هذه الثلاثة , فقد ذهب بعض السلف إلى أن الاعتكاف لا يصح إلا فيها دون سائر المساجد .

وقال شيخنا زين الدين : من أحسن محامل هذا الحديث أن المراد منه حكم المساجد فقط وأنه لا يشد الرحل إلى مسجد من المساجد غير هذه الثلاثة فأما قصد غير هذه المساجد من الرحلة في طلب العلم وفي التجارة والتنزه وزيارة الصالحين والمشاهد وزيارة الإخوان ونحو ذلك فليس داخلا في النهي .وقد ورد ذلك مصرحا به في بعض طرق الحديث في مسند أحمد حدثنا هاشم حدثنا عبد الحميد حدثني شهر سمعت أبا سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه وذكر عنده الصلاة في الطور فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا ينبغي للمطي أن يشد رحاله إلى مسجد يبتغى فيه الصلاة غير المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا " وإسناده حسن وشهر بن حوشب وثقه جماعة من الأئمة . ] اهـ

- وقال أيضا الإمام العيني ( 6 / 276 ) :

[ وشد الرحل كناية عن السفر لأنه لازم للسفر ، والاستثناء مفرغ ، فتقدير الكلام : لا تشد لرحال إلى موضع أو مكان ، فإن قيل : فعلى هذا يلزم أن لا يجوز السفر إلى ما كان غير المستثنى حتى لا يحوز السفر لزيارة الخليل إبراهيم صلوات الله تعالى وسلامه عليه ونحوه ، لأن المستثنى منه في المفرغ لابد أن يقدر أعم العام .وأجيب :

بأن المراد بأعم العام ما يناسب المستثنى نوعا ووصفا كما إذا قلت : ما رأيت إلا زيدا كان تقديره : ما رأيت رجلا أو أحدا إلا زيدا ، لا ما رأيت شيئا أو حيونا إلا زيدا ، فها هنا تقديره لا تشد إلا إلى ثلاثة .] اهـ

- شرح الإمام الكرماني للحديث .

قال الشيخ الإمام محمد بن يوسف الكرماني في شرحه على صحيح البخاري ( 7 / 12 ) " لا تشد الرحال " :

[ والاستثناء مفرغ , فإن قلت : فتقدير الكلام لا تشد الرحال إلى موضع أو مكان فيلزم أن لا يجوز السفر إلى مكان غير المستثنى منه حتى لا يجوز السفر لزيارة إبراهيم الخليل عليه السلام ونحوه لأن المستثنى منه في المفرغ لا بد أن يقدر أعم العام .

قلت : المراد بأعم العام ما يناسب المستثنى نوعا ووصفا كما إذا قلت : ما رأيت إلا زيدا كان تقديره : ما رأيت رجلا أو أحدا إلا زيدا لا ما رأيت شيئا أو حيوانا إلا زيدا , فههنا تقديره : " لا تشد إلى مسجد إلا إلى الثلاثة " . ] اهـ

- فهم ورأي الإمام الحافظ ابن عساكر لمسألة الزيارة وشد الرحال .

قال الإمام الحافظ أبو اليمن عبد الصمد بن عبد الوهاب المعروف بابن عساكر في كتابه " إتحاف الزائر – مخطوط – [1]

[ وبعد ... فهذا مختصر في زيارة سيدنا سيد البشر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشرف وعظم وكرم , ألفته تحفة للزائر وجعلته نحلة من المقيم يتزودها المسافر , إذ كانت زيارة تربته المقدسة المكرمة من أهم القربات , والمثول في حضرته المعظمة من أنجح المساعي وأكمل الطلبات , والقصد إلى مسجده الشريف من العباد من أوصل الصلات , فإليه تشد الرحال ولديه تحط الأوزار وتعقد الآمال .] اهـ

- فهم ورأي الشيخ منصور البهوتي لمسألة الزيارة وشد الرحال .

قال الشيخ منصور البهوتي في كتابه : " كشاف القناع عن متن الإقناع " ( 2 / 598 ) :

[ تنبيه : قال ابن نصر الله : لازم استحباب زيارة قبره صلى الله عليه وسلم استحباب شد الرحال إليها , لأن زيارته للحاج بعد حجه لا تمكن بدون شد الرحال , فهذا كالتصريح باستحباب شد الرحل لزيارته صلى الله عليه وآله وسلم . ] اهـ

قلت :

قد اتضح من تقريرات هؤلاء الأئمة الأعلام أن الحديث يتكلم عن أفضلية المساجد الثلاث على غيرها من المساجد ، وأن في الحديث الشريف مستثنى يلزمه مستثنى منه من جنسه ، وحيث أن المستثنى في الحديث الشريف كان المساجد الثلاث فلابد أن يكون المستثنى منه من جنسها ألا وهو المساجد .

(وقد وجدنا بحمد الله في السنة النبوية من الروايات المعتبرة ما فيه التصريح بالمستثنى منه )[2]

وهي ما أخرجه أجمد في المسند ( 3 / 64 ، 93 ) واللفظ له ، وأبو يعلى في مسنده ( 2 / 489 ) عن شهر بن حوشب قال :

[سمعت أبا سعيد الخدري وذكرت عنده الصلاة في الطور فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينبغي للمصلي أن يشد رحاله إلى مسجد تبتغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا .]اهـ

وفي لفظ آخر لأحمد أيضا : [ لا ينبغي للمطي أن تشد رحاله إلى مسجد يبتغى فيه الصلاة غير المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا]

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ( 3 / 84 ) : وشهر حسن الحديث وإن كان فيه بعض ضعف .

وذكره الذهبي فيمن تكلم فيه وهو موثق ( صـ 100 ) ، فهو ممن يحسن حديثه عند الذهبي . فالحديث حسن عند كلا من الحافظين .

فيتأكد إذا مما سبق أن كلامه صلى الله عليه وآله وسلم في المساجد ليبين للأمة أن ما عدا هذه المساجد متساو في الفضل ، فلا فائدة في التعب بالسفر إلى غيرها ، أما هي فلها مزيد الفضل ، ولا دخل للمقابر في هذا الحديث فإقحامها في هذا الحديث يعتبر ضربا من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على من يتحمله إثم الكذب عليه صلى الله عليه وآله وسلم ) اهـ. [/align]

[align=center]فائدة بين الحافظين العراقي وابن رجب في الزيارة .[/align]
[align=justify]
قال الحافظ أبو زرعة العراقي في طرح التثريب ( 6 / 43 ) :

[ وكان والدي ( أي الحافظ الكبير ولي الله العراقي ) رحمه الله تعالى يحكي أنه كان معادلا للشيخ زين الدين عبد الرحيم بن رجب الحنبلي في التوجه إلى بلد الخليل عليه السلام فلما دنا من البلد قال :نويت الصلاة في مسجد الخليل ليحترز عن شد الرحل لزيارته على طريق شيخ الحنابلة ابن تيمية , قال :فقلت : نويت زيارة قبر الخليل عليه السلام ,ثم قلت له : أما أنت فقد خالفت النبي صلى الله عليه وسلم لأنه قال :" لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد "وقد شددت الرحل إلى مسجد رابع ,وأما أنا فاتبعت النبي صلى الله عليه وسلم لأنه قال :"زوروا القبور" أفقال إلا قبور الأنبياء ؟ قال : فبهت . ] اهـ

قلت :

ومن هذه الواقعة يتضح أكثر وأكثر الفهم الصحيح للحديث .

يتبع إن شاء الله

هامش [/align]

[1] الزيارة النبوية في ضوء الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمد علوي المالكي (صـ 83) .

[2] المرجع السابق ( صـ 118 ، 119 ) مع زيادة يسيرة .
[/font]

_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أكتوبر 28, 2008 2:09 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14717
مكان: مصـــــر المحروسة
[font=Tahoma][align=center]
المبحث الثالث : فهم العلماء للنهي الوارد في الحديث هل هو للتحريم أم لبيان الأفضلية [/align]
[/font]


[font=Tahoma][align=justify]قد ثبت بفضل الله فيما سبق ما ملخصه :

- زيارة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم من أعظم القربات ومما أجمعت عليه الأمة .

- حديث " لا تشد الرحال " لا علاقة ولا دخل له بموضوع الزيارة النبوية .

هذا وقد ورد في حديث " لا تشد الرحال " نهي عن شد الرحال لمسجد سوى المساجد الثلاثة ، فهل هذا النهي للتحريم أو لبيان أفضلية المساجد الثلاثة على غيرها من المساجد ؟

للإجابة عن هذا السؤال تابع معي أخي القاريء أقوال العلماء في فهمهم للنهي الوارد في الحديث .

قال ابن بطال :

[ هذا الحديث، إنما هو عند العلماء فيمن نذر على نفسه الصلاة في مسجد من سائر المساجد غير المساجد الثلاثة .] اهـ .[1]

وقال الإمام أبو سليمان الخطابي في معالم السنن (2/ 443):

[هذا " أي حديث لا تشد الرحال …" في النذر ، ينذر الإنسان أن يصلي في بعض المساجد فإن شاء وفَّى به ، وإن شاء صلى في غيره إلا أن يكون نذر الصلاة في واحد من هذه المساجد ، فإن الوفاء يلزمه بما نذره فيها . وإنما خصَ هذه المساجد بذلك لأنها مساجد الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين وقد أمرنا بالإقتداء بهم . ا هـ

ومن المقرر أن النذر لا يجب إلا في طاعة ، فمعنى الحديث يجب الوفاء لمن نذر إتيان أحد المساجد الثلاثة للصلاة فيها ، فمن نذر إتيان غير هذه المساجد لا يجب عليه الوفاء بالنذر .

قال الإمام النووي في المجموع ( 8 / 377 ) :

[ لا خلاف في ذلك إلا ما روي عن الليث أنه قال : يجب الوفاء به ، وعن الحنابلة رواية : يلزمه كفارة يمين ، ولا ينعقد نذره ، وعن المالكية رواية : إذا تعلقت به عبادة تختص به كرباط لزمه ، وإلا فلا، وذكر عن محمد بن مسلمة المالكي في مسجد قباء لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتيه كل سبت . اهـ

قال ابن بطال :

[وأما من أراد الصلاة في مساجد الصالحين والتبرك بها متطوعً بلك فمباح إن قصدها بإعمال المطي وغيره ولا يتوجه إليه الذي في هذا الحديث .]

وقال النووي رحمه الله تعالى في شرح صحيح مسلم ( 9 / 106 ):

[ والصحيح عند أصحابنا وهو الذي اختاره إمام الحرمين والمحققون أنه لا يحرم ولا يكره . قالوا : والمراد أن الفضيلة التامة إنما هي في شد الرحال إلى هذه الثلاثة خاصة والله أعلم .]اهـ

وقال أبو محمد ابن قدامة المقدسي الحنبلي في المغني (2/103 - 104) :

[ فإن سافر لزيارة القبور والمشاهد، فقال ابن عقيل:لا يباح له الترخص لأنه منهي عن السفر إليها. قال النبي صلى الله عليه وسلم :(لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد) متفق عليه والصحيح إباحته وجواز القصر فيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء راكباً وماشياً وكان يزور القبور وقال : (زوروها تذكركم الآخرة) ، وأما قوله عليه السلام " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد " فيحمل على نفي التفضيل لا على التحريم وليست الفضيلة شرطاً في إباحة القصر، فلا يضر انتفاؤها ، ".]اهـ ومثله لأبي الفرج ابن قدامة في الشرح الكبير (2 / 93 ) .

وقال إمام الحرمين :

[والظاهر أنه ليس فيه تحريم ، ولا كراهة ، وبه قال الشيخ أبو علي : ومقصود الحديث تخصيص القربة بقصد المساجد الثلاثة ). اهـ (الروضة : 3/324)، و (المجموع: 8/375) .]اهـ

وصفوة ما سبق :

أن الصلاة في هذه المساجد تختص بطاعة زائدة على ما سواها من المساجد ، ولما كان الأمر كذلك فلا يصح الوفاء بالنذر إلا إليها ، أما غيرها من المساجد فيستوي ثواب الصلاة فيها، والسفر إليها سفر مباح يجوز قصر الصلاة فيه .

ولعله خير ختام لهذا المبحث ما نسوقه الآن مما قاله الإمام الحافظ الحليمي في كتابه :" المنهاج في شعب الإيمان "( 1/ 320) :

[الباب الخامس عشر من شعب الإيمان ,وهو باب في تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وإجلاله وتوقيره , وبعد أن ذكر ما جاء في التنزيل من وجوب إجلاله ,وما روي عن الصحابة من تعظيمهم وتوقيرهم له . قال: فهذا كان من الذين ورثوا مشاهدته وصحبته , فأما اليوم فمن تعظيمه زيارته صلى الله عليه وآله وسلم , فقد جاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال :" من زارني بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي " .] اهـ

يتبع إن شاء الله

هامش

[1] رفع المنارة للدكتور محمود سعيد ممدوح ( 108 ، 109 ) .[/align]
[/font]

_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أكتوبر 29, 2008 3:47 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14717
مكان: مصـــــر المحروسة
[font=Tahoma][align=center]
خاتمة مختصرة : تقريرات الأئمة الأعلام بشذوذ ابن تيمية في مسألة الزيارة وشد الرحال .[/align]


[align=justify]قال الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني في شرحه لحديث : " لا تشد الرحال " في كتابه : " فتح الباري شرح صحيح البخاري (3 / 66 ) :

[ والحاصل أنهم ألزموا ابن تيمية بتحريم شد الرحل إلى زيارة قبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنكرنا صورة ذلك , وفي شرح ذلك من الطرفين طول , وهي من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية .] اهـ

قال الحافظ ولي الدين العراقي عن ابن تيمية في جوابه عن سؤال الحافظ ابن فهد المسمى [بالأجوبة المرضية عن الأسئلة المكية] :

[لكنه كما قيل فيه : علمه أكثر من عقله , فأداه اجتهاده إلى خرق الإجماع في مسائل كثيرة قيل أنها تبلغ ستين مسألة , فأخذته الألسنة بسبب ذلك وتطرق إليه اللوم وامتحن بهذا السبب , وأسرع علماء عصره في الرد عليه وتخطئته وتبديعه , ومات مسجونا بسب ذلك والمنتصر له يجعله كغيره من الأئمة بأنه لا تضره المخالفة في مسائل الفروع إذا كان ذلك عن اجتهاد .

لكن المخالف له يقول : ليست مسائله كلها في الفروع بل كثير منها في الأصول , وما كان من الفروع فما كان سوغ له المخالفة فيها بعد انعقاد الإجماع عليها .

ولم يقع للأئمة المتبوعين مخالفة في مسائل انعقد الإجماع عليها قبله , بل ما يقع لأحد منه إلا وهو مسبوق به عن بعض السلف كما صرح به غير واحد من الأئمة .

وما أبشع مسألتي ابن تيمية في الطلاق والزيارة , وقد رد عليه فيهما معا الشيخ الإمام تقي الدين السبكي وأفرد ذلك بالتصنيف فأجاد وأحسن .] اهـ

قال الحافظ العلائي : نقلا عن[ذخائر القصر في تراجم نبلاء العصر(32-33)] لابن طولون :

[ذكر المسائل التي خالف فيها ابن تيمية الناس في الأصول والفروع : أما الفروع فمنها ما خالف فيها الإجماع، ومنها ما خالف فيها الراجح من المذاهب؛ فمن ذلك: ...... وأن إنشاء السفر لزيارة نبينا صلى الله عليه وسلم معصية لا يُقصر فيها الصلاة، وبالغ في ذلك.ولم يقل به أحدٌ من المسلمين قبله .]اهـ مختصرا

قال الإمام الحجة تقي الدين الحصني في كتابه : [ دفع شبه من شبه وتمرد صـ 70 ] عن شذوذ ابن تيمية في هذه المسألة :

[ثم إن الشاميين كتبوا فتيا أيضا في ابن تيمية لكونه أول من أحدث هذه المسألة التي لاتصدر إلا ممن في قلبه ضغينة لسيد الأولين والآخرين فكتب عليها لإمام العلامة برهان الدين الفزاري نحو أربعين سطرا بأشياء وآخر القول أنه أفتى بتكفيره ووافقه على ذلك الشيخ شهاب الدين جهبل الشافعي وكتب تحت خطه كذلك المالكي وكذلك كتب غيرهم ووقع الاتفاق على تضليله بذلك وتبديعه وزندقته]اهـ

وقال الإمام الحافظ العلامة ابن حجر الهيتمي في [الجوهر المنظم (صـ 28 -30 )]: عن شذوذ ابن تيمية في هذه المسألة – شد الرحال –

[قلت:من هو ابن تيمية حتى ينظر إليه أو يعول في شئ من أمور الدين عليه وهل هو إلا -كما قال جماعة من الأئمة الذين تعقبوا كلماته الفاسدة وحججه الكاسدة حتى أظهروا عوار سقطاته وقبائح أوهامه وغلطاته كالعز بن جماعة-عبد أضله الله تعالى وأغواه وألبسه رداء الخزي وأرداه وبوأه من قوة الافتراء والكذب ما أعقبه الهوان وأوجب له الحرمان ؟! قد تصدى شيخ الإسلام وعالم الأنام المجمع على جلالته واجتهاده وصلاحه وإمامته التقى السبكي قدس الله تعالى روحه ونور ضريحه للرد عليه في تصنيف مستقل أفاد فيه وأجاد وأصاب وأوضح بباهر حججه طريق الصواب فشكر الله تعالى مسعاه وأدام عليه شآبيب رحمته ورضاه .آمين

ومن عجائب الوجود ما تجاسر عليه بعض السذج من الحنابلة فغبر في وجوه مخدراته الحسان التي لم يطمثهن إنس قبله ولا جان وأتى بما دل على جهله وأظهر به عوراء غباوته وعدم فضله فليت إذ جهل استحيا من ربه وعساه إذا أفرط وفرط رجع إلى لبه لكن إذا غلبت والعياذ بالله تعالى الشقاوة استحكمت الغباوة فعياذا بك اللهم من ذلك وضراعة إليك يارب عزت قدرتك في أن تديم لنا سلوك أوضح المسالك.

هذا ما وقع من ابن تيمية مما ذكر وان كان عثرة لا تقال أبدا ومصيبة يستمر عليه شؤمها دواما سرمدا ليس بعجيب فانه سولت له نفسه وهواه وشيطانه أنه ضرب مع المجتهدين بسهم وافر وما درى المحروم أنه أتى بأقبح المعايب إذ خالف إجماعهم في مسائل كثيرة وتدارك على أئمتهم سيما الخلفاء الراشدين باعتراضات سخيفة شهيرة وأتى من نحو الخرافات بما تمجه الأسماع وتنفر منه الطباع حتى تجاوز إلى الجناب الأقدس المنزه سبحانه وتعالى عن كل نقص والمستحق لكل كمال أنفس فنسب إليه العظائم والكبائر وأخرق سياج عظمته وكبرياء جلالته بما أظهره للعامة على المنابر من دعوى الجهة والتجسيم وتضليل من لم يعتقد ذلك من المتقدمين والمتأخرين حتى قام عليه علماء عصره وألزمو السلطان بقتله أو حبسه وقهره فحبسه إلى أن مات وخمدت تلك البدع وزالت تلك الظلمات ثم انتصر له أتباع لم يرفع الله لهم رأسا ولم يظهر لهم جاها ولا بأسا بل ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بما عصوا وكانوا يعتدون .]اهـ

-وقال الإمام ملا علي القاري الحنفي في (شرحه على الشفاء):

[وقد فرط ابن تيمية من الحنابلة حيث حرم السفر لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم كما أفرط غيره , حيث قال : كون الزيارة قربة معلومة من الدين بالضرورة , وجاحده محكوم عليه بالكفر , ولعل الثاني أقرب إلى الصواب لأن تحريم ما أجمع العلماء فيه بالاستحباب يكون كفرا لأنه فوق تحريم المباح المتفق عليه في هذا الباب .] اهـ

- وقال الإمام شهاب الدين الخفاجي الحنفي في (شرح الشفاء) بعد قول النبي صلى الله عليه وسلم ( لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ):

[واعلم أن هذا الحديث هو الذي دعا ابن تيمية ومن تبعه كابن القيم إلى مقالته الشنيعة التي كفروه بها , وصنف فيها السبكي مصنفا مستقلا , وهي منعه زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وشد الرحال إليه , وهو كما قيل :[/align]

[align=center]لمهبط الوحي حقا ترحل النجب ........ وعند ذلك المرجى ينتهي الطلب[/align]

[align=justify]فتوهم أنه حمى جانب التوحيد بخرافات لا ينبغي ذكرها , فإنها لا تصدر عن عاقل فضلا عن فاضل سامحه الله تعالى .] اهـ

وقال صلاح الدين الصفدي تلميذ ابن تيمية والتقي السبكي في أعيان العصر وأعوان النصر(1/66)ما نصه:

[انفرد- أي ابن تيمية- بمسائل غريبة، ورجح فيها أقوالا ضعيفة، عند الجمهور معيبة كاد منها يقع في هوّة، ويسلم منها لما عنده من النية المرجوة، والله يعلم قصده وما يترجح من الأدلة عنده، وما دمّر عليه شئ كمسألة الزيارة، ولا شُنّ عليه مثلها إغارة، دخل منها إلى القلعة معتقلا، وجفاه صاحبه وقلا، وما خرج منها إلا على الآلة الحدباء، ولا درج منها إلا إلى البقعة الجدباء] اهـ. قال ذلك فيه بعد مدحه مدحا كثيرا.

قال الإمام العلامة فضيلة الشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية الأسبق في تقديمه لكتاب (شفاء السقام ) :

[ ولما أن تظاهر قوم في هذا العصر بتقليد ابن تيمية في عقائده الكاسدة وتعضيد أقواله الفاسدة وبثها بين العامة والخاصة واستعانوا على ذلك بطبع كتابه المسمى بالواسطة ونشره وقد اشتمل هذا الكتاب على كثير مما ابتدعه ابن تيمية مخالفا في ذلك الكتاب والسنة وجماعة المسلمين فأيقظوا فتنة كانت نائمة فقياما بما يجب علينا كنا عزمنا على جمع مؤلف في الرد على ذلك الكتاب حتى لا يقع المسلمون بواسطة ابن تيمية ومن هم على شاكلته في مهواة الضلال والهلاك الأبدية , غير أنا وجدنا كتاب الإمام الجليل والمجتهد الكبير تقي الدين أبي الحسن السبكي المسمى ( بشفاء السقام في زيارة خير الأنام ) أو شن الغارة على من أنكر فضل الزيارة وافيا بالغرض المقصود , آتيا على ما قاله ابن تيمية في ذلك الكتاب وغيره مقوضا لبنيانه مزعزعا لأركانه ماحيا لآثاره ما حقا لأباطيله مظهرا لفساده مبينا لعناده فاكتفينا بطبعه ونشره بين المسلمين ليطلعوا عليه ويعلموا سوء المقاصد وباطل العقائد فيسلكوا سبيل الرشاد والسداد ويعرضوا عن طرق الغي والعناد , ويضربوا بما قاله ابن تيمية وأمثاله عرض الحائط , والله من ورائهم محيط .] اهـ[/align]
[/font]

[font=Tahoma][align=center]وأخيرا[/align]

[align=justify]- تابع على الرابط التالي :

فتيا الأئمة في إنكار ابن تيمية شد الرحل لزيارة النبي الكريم
[/font][/align]

_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 5 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 3 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط