موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 180 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5 ... 12  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد أكتوبر 15, 2017 10:25 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35527
ذكر خبر بساط سليمان عليه السلام

قال الكسائىّ: وكان سليمان إذا ركب الرّيح تقدّم أمام بساطه البعوض ثم الزنابير وكل ما يطير فى الهواء، ثم الشياطين. وكان إذا أراد أن يركب الريح دعا الرياح الثمانية: الشّمال والجنوب والصّبا والدّبور والصّرصر والعقيم والكرس والراكى «2» ، فيبسط بعضها على بعض، ثم يبسط بساطه على هذه الرياح، وكان من السندس الأخضر، أخضر البطن أحمر الظهر، أهداه الله تعالى إليه من الجنة، لا يعلم طوله وعرضه إلا الله تعالى. وقيل: كان طوله ثلاثمائة وسبعين فرسخا فى عرض عشرة آلاف ذراع. وكان سليمان إذا ركبه جعل الّلون الأخضر مما يلى الأرض، فإذا رفع الناس رءوسهم اليه يرونه على لون السماء. وكان يجلس على كرسيّه وعن يمينه ويساره القضاة والعلماء والأحبار من بنى إسرائيل على كراسىّ معدّة لهم، وهو جالس فى وسط البساط وزمام الريح بيده، ويتغدّى على مسيرة شهر ويتعشى على مسيرة شهر؛ قال الله تعالى: غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ «3» .
قال: وكان سليمان إذا ركب الرياح على بساطه يرى كل شىء عليه من الجنّ والإنس والشياطين والهوامّ وغيرهم، والطير تظلّه، ولا يقف على مدينة إلا فتحها.

ذكر خبر صخر الجنى

يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد أكتوبر 22, 2017 10:15 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35527
ذكر خبر صخر الجنى
قال: وجمع سليمان- عليه السلام- عفاريت الجنّ والشياطين وأمرهم بإحضار صخر الجنىّ، فقالوا: يا نبىّ الله، إنّ الله قد أعطاه قوّة جماعة منّا؛ ويصعب علينا حمله إليك، وما لنا إلا أمر واحد وهو أنه يأتى فى كل شهر الى عين فى جزيرة فيشرب ماءها. والرأى أن ننزفه منها ونملأها خمرا، فإذا جاء وشربه وسكر ذهبت قوّته فنحمله ونأتيك به. ثم خرجوا ففعلوا ذلك، واختفوا فى تلك الجزيرة. فجاء صخر ليشرب فاشتمّ رائحة الخمر وقال: أيتها الخمرة إنك لطيّبة غير أنك تسلبين العقل وتجعلين الحليم جاهلا، وأمرك كلّه ندامة، وانصرف ولم يشرب. ثم عاد فى اليوم الثانى وقد أجهده العطش فقال: ما من قضاء يأتى من الله إلا كان مبرما، ثم نزل على العين فشرب حتى امتلأ، ثم قام ليخرج فسقط، فتبادرت العفاريت إليه ومعهم طابع خاتم سليمان، فلما رآه ذلّ وخضع، فحملوه حتى وقفوه بين يدى سليمان وهو يخرج من فيه لهب النيران، ومن منخريه الدّخان. فلما عاين الخاتم ضعفت قوّته وخرّ ساجدا على وجهه، ثم رفع رأسه وقال: يا نبىّ الله، سيزول هذا الملك عنك ولا يبقى إلا ذكره. قال: صدقت. ثم قال له: يا نبىّ الله، ما الذى أحوجك إلىّ وأنا بالعبد منك لا أختلط بالآدميين؟ فقال له سليمان: إنّ الناس قد اشتكوا من وقع الحديد وصوته على الحجر. فقال: عليك بوكر العقاب وعشّه وبيضه، فليس شىء من الطيور أبصر منه، فأتى به. فوضعه فى البرّيّة وغطّاه بجام من القوارير شديد الصفاء فوضعه على عشّ العقاب. فجاء العقاب فلم يرعشّه، فطار فى الهواء حتى نظر إلى عشّه فى تلك البرّيّة، فانقضّ عليه وضرب الجام برجله ليكسره فلم يقدر على ذلك، فطار وتعلّق فى الهواء وغاب يومه وليلته، ثم أقبل صبيحة اليوم الثانى وفى منقاره قطعة من حجر السامور، فانقضّ على الجام بذلك الحجر

فضربه به، فانشقّ الجام نصفين ولم يسمع له صوت، وأخذ العقاب عشّه وبيضه وترك حجر السامور هناك، فأخذه صخر وهو فى صفاء المرآة وحرّ النار. فدعا سليمان بالعقاب وسأله عن حجر السامور من أين احتمله، فأخبره أنه من جبل شامخ. فبعث سليمان الجن والشياطين فحملوا منه ما قدروا، فكان يقطع به الأحجار والصخور والجزع من غير أن يسمع له وقع.
قال: ثم قال صخر: يا نبىّ الله، أتحبّ أن أتّخذ لك مدينة؟ قال نعم؛ فاتخذها. فعجب سليمان من ذلك، وأمره أن يتّخذ له مدينة دون تلك المدينة حتى يحملها معه على بساطه حيثما ذهب

يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة أكتوبر 27, 2017 9:58 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35527
قال: يا نبىّ الله، لك كلّما أردت السفر مدينة على أىّ لون شئت. فبنى له مدينة فى طول عسكره وعرضه، وجعل لكل سبط من الأسباط قصرا فى طول ألف ذراع وعرضه مثل ذلك، وفى كل قصر بيوت وغرف، ثم بنى بعد ذلك مجلسا من القوارير فى طول ألف ذراع، وعرضه مثل ذلك، يجلس فيه العلماء والقضاة. وبنى لسليمان قصرا عجيبا فى طول خمسة آلاف ذراع، وعرضه مثلها، وزخرفه بألوان القوارير ورصّعه بأنواع الجواهر، وجعل فيه جميع الصور والتماثيل وأتقن صنعته. وكان مما صنع صخر لسليمان الكرسىّ.
ذكر صفة كرسىّ سليمان عليه السلام وما انتهى إليه أمره
قالوا: وكان مما عمله صخر الجنىّ لسليمان- عليه السلام- الكرسىّ، وكان سليمان أمره باتخاذه ليجلس عليه للقضاء، وأمره بأن يعمله بديعا مهولا بحيث إنه إذا رآه مبطل أو شاهد زور ارتدع وتهيّب.
قال: فعمل له الكرسىّ وكان من أنياب الفيلة وفصّصه بالياقوت واللؤلؤ، والزّبرجد وأنواع الجوهر، وحفّه بأربع نخلات من ذهب، شماريخها من الياقوت

الأحمر والزّبرجد الأخضر، على رأس نخلتين طاووسان من ذهب، وعلى رأس النخلتين الأخربين نسران من ذهب، بعضها يقابل بعضا، وجعل مقابل جنبى الكرسىّ أسدين من ذهب، على رأس كل أسد منهما عمود من الزّمرّد الأخضر، وعقد على النخلات أشجار كروم من الذهب، عناقيدها من الياقوت الأحمر.
قالوا: وكان سليمان إذا أراد صعوده وضع قدميه على الدرجة السفلى فيستدير الكرسىّ كله بما فيه دوران الرحا المسرعة، وتنشر تلك النسور والطواويس أجنحتها، ويبسط الأسدان أيديهما ويضربان الأرض بأذنابهما، وكذلك كان يفعل فى كل درجة يصعد فيها سليمان. فإذا استوى سليمان بأعلاه أخذ النسران اللذان على النخلتين تاج سليمان فوضعاه على رأس سليمان، ثم يستدير الكرسىّ بما فيه ويدور معه النسران والطاووسان، والأسدان مائلان برءوسهما إلى سليمان، ينضحن عليه من أجوافها المسك والعنبر، ثم تناوله حمامة من ذهب جاثمة على عمود من جوهر من أعمدة الكرسىّ التوراة، فيفتحها سليمان- عليه السلام- ويقرؤها على الناس ويدعوهم إلى فصل القضاء. فإذا دعا بالبيّنات [و] تقدّمت الشهود لإقامة الشهادات دار الكرسىّ بما فيه من جميع ما حوله دوران الرحا المسرعة.
قال أبو إسحاق الثعلبىّ قال معاوية لوهب بن منبّه: ما الذى كان يدير ذلك الكرسىّ؟ قال: بلبلتان «1» من ذهب. قال: فإذا دار الكرسىّ بسط الأسدان أيديهما ويضربان الأرض بأذنابهما، وينشر النسران والطاووسان أجنحتها فتفزع منها الشهود ويداخلهم الرعب الشديد، فلا يشهدون إلا بالحق.
قال: فلمّا توفّى الله سليمان- عليه السلام- وجاء بختنصّر إلى بيت المقدس أخذ الكرسىّ وحمله الى أنطاكية «1» ، وأراد أن يصعد عليه ولم يكن له علم بالصعود عليه ولا معرفة بأحواله. فلما وضع قدمه على الدرجة رفع الأسد يده اليمنى فضربه ضربة شديدة دقّه ورماه، فحمل بختنصّر، فلم يزل يعرج منها ويتوجّع إلى أن مات. وبقى الكرسىّ بأنطاكية حتى غزاهم ملك من ملوك الشام يقال له كداس بن سدارس فهزم خليفة بختنصّر وردّ الكرسى الى بيت المقدس، فلم يستطع أحد من الملوك الصعود اليه. فوضع تحت الصخرة فغاب فلم يعرف له خبر ولا يدرى أين هو.
والله أعلم بالصواب.
ذكر خبر بلقيس وابتداء أمرها

يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس نوفمبر 16, 2017 10:53 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35527
ذكر خبر بلقيس وابتداء أمرها
قال الكسائىّ قال كعب: هى بلقيس بنة ذى شرح «2» ، وهى متولّدة من الإنس والجنّ. وأمّها عميرة بنت ملك الجنّ. وكان لاتصال ذى شرح والد بلقيس بعميرة بنت ملك الجنّ سبب عجيب نذكره على ما حكاه الكسائىّ، قال: أهلك الله تعالى مساكن سبأ بسيل العرم، على ما نذكر ذلك فى كتابنا هذا إن شاء الله تعالى، وهو يلى أخبار ملوك قحطان، وذلك فى الباب الثانى من القسم الرابع من الفن الخامس

فى السفر الثالث عشر «1» من هذه النسخة. قال: فلما انقرضوا وأبادهم الفناء توارثها بعدهم جماعة من الملوك ليس هذا موضع ذكرهم، حتى انتهى الملك إلى رجل فظّ غليظ يقال له شراحى الحميرىّ. وكان من عادته مع قومه أنه افترض على أهل مملكته فى كل أسبوع أن يأتوه بجارية من بناتهم فيفتضّها ثم يردّها إلى أهلها. وكان ذو شرح وزيره وهو من أبناء ملوك حمير من ولد سبأ، وكان لذى شرح ألف قصر وألف فرس عتيق «2» وألف سيف يمان، وكان يرجع الى حسن وجمال وعقل، وكان مولعا بالصيد، فكانت الجنّ تتصوّر له فى صورة الظبى، فإذا صادهم وهمّ بذبحهم كلّموه وقالوا له: لا تعجل فإنّا إنما جئنا لننظر الى محاسن وجهك. وكانت الجنّ تؤذى أهل اليمن، فأقسم ذو شرح أن يقتل ملك الجنّ ويتزوّج بابنته. قال: وكان اسم ملك الجنّ عمير، وكان حسن الوجه، وابنته عميرة. فمرّ ذو شرح ذات يوم فى واد من بلاد اليمن كثير الأشجار فنزل به، حتى جنّة الليل، وكان فى جمع قليل من أصحابه، وكان الوادى الذى نزل به من مساكن الجنّ. فلما مضى بعض الليل سمع همهمة الجنّ، فقام ونادى: يا معشر الجنّ، قد نزلت بكم الليلة على أن تضيفونى فإنى جار لكم، فأسمعونى من أشعاركم. قال: فأنشدته الجنّ من أشعارها، وجاءته عميرة بنت عمير ملك الجن على أحسن صورة. فلما نظر إليها ذهل عقله من حسنها، وغابت عن عينه فشغف بحبّها فقال: يا معشر الجنّ، إن أنتم زوّجتموها منى وإلّا كنت حربا لكم ما عشت أبدا. فنادوه: يا ذا شرح، إنك آدمىّ فكيف تقاتل الجنّ ومسكنهم الهواء وظلمات الأرض! مهلا أيها الآدمىّ لا تعرّض نفسك الى ما لا تقدر عليه وارجع، فإن قدّر لك أمر فسوف تناله. فلما سمع ذلك أيس من التزويج وأخذ فى مستأنف أمره فى مؤالفة الجنّ،فكان يهاديهم بما يصلح لهم من الهدايا، فصافاه عمير ملك الجنّ وآخاه وألفه حتى صار عنده كالأخ. فلما رأى ذلك ذو شرح وأنه قد تمكّن من ملك الجنّ قال له: هل لك أن تزوّجنى ابنتك عميرة ليكون لى فى ذلك شرف الى الممات! فرغب فيه عمير ملك الجنّ لحسنه وجماله وشرفه وماله؛ فزوّجه ابنته بحضرة سادات الجنّ. وانصرف ذو شرح الى مدينة سبأ وأهدى هدايا كثيرة الى ملك الجنّ وسادات قومه، ثم زفّت إليه فوطئها فحملت منه.


ذكر خبر ميلاد بلقيس وكيف كان وسبب ملكها

يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء نوفمبر 21, 2017 11:01 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35527
ذكر خبر ميلاد بلقيس وكيف كان وسبب ملكها
قال: وولدت عميرة بنت ملك الجنّ بلقيس بنت ذى شرح على أحسن ما تكون من الصّور، ثم ماتت أمها بعد ذلك بقليل، فربّتها الجنّ. فلمّا بلغت مبلغ النساء قالت لأبيها: إنّى كرهت المقام عند الجن فاحملنى الى بلاد الإنس فإنهم أحبّ إلىّ.
فقال لها: إنّ للإنس ملكا ظالما وذكر لها سنّته فى بلاد قومه، وأنه يفتضّ الأبكار ثم يردّهن الى أهلهنّ. قالت: لا تخش ذلك علىّ وانقلنى، وسترى ما يكون منّى. فبنى لها قصرا خارج مدينة سبأ من أعظم ما يكون من الأبنية، واتّخذ لها عريشا من العاج والآبنوس والذهب والفضة، ونقلها الى القصر واتّخذ لها أوانى الجوهر.
فأقامت بلقيس فى قصرها زمنا طويلا، وانتشر خبرها إلى ملك سبأ، فركب فى موكبه حتى وقف على باب القصر ورأى حسن بنائه، فرجع وأرسل بجارية من جواريه إلى بلقيس، فدخلت عليها ونظرت إليها وإلى ما فى قصرها من التّحف العظيمة وما عندها من جوارى الإنس والجنّ، فعادت إلى الملك وأخبرته بما هى عليه من الجمال وأنها ابنة وزيره. فأحضره وأنكر عليه وقال: كيف اتّخذت
مثل هذا القصر ولك مثل هذه البنت وأنت وزيرى ولم تعلمنى ولا استأذنتنى فى بنائه!. فقال: أيها الملك، أمّا القصر فإنى أنفقت عليه المال الذى ورثته من أبى. وأمّا البنت فإنها ابنة عميرة بنت ملك الجن، ورغبت فى السكن فى بلاد الإنس، فحملتها الى هذا المكان، فهذه قصتها. فقال: صدقت فزوّجنيها ولابدّ من ذلك. فقال: أحتاج فى ذلك إلى إذنها. قال: استأذنها. فجاء اليها وقال:
يا بنيّة، قد وقعت فيما كنت أخشاه عليك، وذكر لها مقالة الملك. فقالت:
زوّجنى منه ولا تخف، فإنه لا يصل إلىّ. فزوّجها منه بحضور أكابر أهل المملكة.
ولمّا تمّ التزويج كتب الملك كتابا إليها يقول: إنى قد عشقت اسمك قبل أن أنظر إليك، فإذا قرأت هذه الرقعة فعجّلى بحضورك إلىّ. فكتبت إليه: إنى لمشتاقة إلى وجهك أشوق منك إلىّ، غير أن قصرى هذا هو من بناء الجن، وفيه عجائب كثيرة، وقد جمعت فيه ما لا يصلح إلا لمثلك. فإن رأيت أن تتحوّل إلى قصرى فافعل. فلما ورد جوابها عليه ركب لوقته فى حشمه وجنوده وسادات قومه.
فبلغ بلقيس فقالت لأبيها: امض إلى الملك وقل له: إنّ ابنتى من بنات الجن ولم تنظر قطّ الى مثل هذه الجنود، ففرّق هؤلاء وادخل إليها منفردا. فقال ذلك للملك، ففرّق جنوده وأتى إليها بمفرده، ودخل القصر وله سبعة أبواب. وكانت بلقيس قد جعلت عند كل باب جارية من بنات الجن من أحسن ما تكون من النساء، وفى أيديهنّ أطباق الذّهب فيها الدنانير والدراهم والطّيب، وأمرتهن أن ينثرن ذلك على الملك. فلمّا دخل توهّم أنّ كل واحدة منهنّ امرأته ، فتقول: أنا خادمتها وهى أمامك، حتى انتهى إلى آخر الأبواب، فتقدّمت إليه جارية وأصعدته إلى العرش، فنظر الى القصر وما فيه من الآلات والزينة، فرأى ما لم يخطر بباله. ثم أقبلت بلقيس والجوارى بين يديها ينثرن على الملك من
أنواع النّثار وعلى رأسها تاج، فصعدت على عرشها. فلمّا رآها الملك فتن بها وكاد يذهل عقله. وأخذت فى مخادعته ، ثم أمرت بالطعام فأحضر بين يديه.
فآمتنع من الأكل وقال: ما أريد أن أغفل عن وجهك. فأمرت بإحضار الشراب فأتى به فى آلات الجوهر النفيس. وأخذا فى الشرب، فلم تزل به حتى أسكرته وغاب عن عقله ووقع على قفاه لا يعقل من أمره شيئا. فذبحته بلقيس، ثم دعت بأبيها وأعلمته بما فعلت. ففرح وكتب إلى خزّان الملك عن الملك: إنّى قد أحببت النزول بهذا القصر فأجمعوا ما فى الخزائن من الأموال وأنفذوه إلى عندى «1» . فجمعوا الأموال وأنفذوها الى القصر. ثم أمرت بعد ذلك باتخاذ الأطعمة فصنعت ودعت سادات ملوك اليمن. فلمّا جلسوا قدّمت إليهم الأطعمة فأكلوا، ثم قدّم إليهم الشراب فشربوا. فلما أخذ منهم أشرفت بلقيس عليهم وقالت: إنّ الملك يأمركم أن توجّهوا إليه بنسائكم وبناتكم. فغضبوا وقالوا: أما يكفيه أنه فضح بنات العرب حتى طمع فينا نحن!. فقالت لهم: لا تغضبوا حتى أرجع إليه وأعرّفه غضبكم.
ثم أمرت أن يعاد عليهم الشراب ثانيا فشربوا ساعة، فعادت إليهم وقالت:
قد أخبرت الملك بغضبكم ومقالتكم فقال: لابدّ من ذلك. فازداد القوم غضبا وصاحوا. فقالت: على رسلكم حتى أراجعه وأسأله. ومضت وعادت فقالت:
إنى عدت الى الملك فوجدته قد نام، فما رأيكم فى أمر أفعله وأريحكم مما أنتم فيه من شرّه على أن تملّكونى على أنفسكم؟ قالوا نعم. فحلّفتهم على ذلك وأخذت عليهم العهود والمواثيق، وغابت ساعة وعادت ومعها رأس الملك فألقته إليهم، ففرحوا بذلك واستبشروا وملّكوها عليهم. فملكت بضع عشرة سنة حتى بعث الله سليمان نبيّا.
ذكر خبر سليمان وبلقيس وسبب زواجه بها
يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت ديسمبر 09, 2017 10:50 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35527

ذكر خبر سليمان وبلقيس وسبب زواجه بها

قال: وكان سبب اتّصال خبرها بسليمان عليه السلام أنه بينما هو يسير على بساطه، وكان الهدهد دليله على الماء لأنه يراه من عدّة فراسخ، فارتفع فى الهواء لطلب الماء، فنظر الى هدهد قد أقبل من ناحية اليمن، فالتقيا. فقال له الهدهد السليمانىّ: من أين أنت؟ قال: من اليمن. وسأله الآخر فقال: أنا من الشام من طيور الملك سليمان. قال: ومن سليمان؟ قال: نبىّ الله ملك الجنّ والإنس والطير وجميع المخلوقات. قال: إنّ هذا ملك عظيم. قال: وهل فى اليمن ملك؟ قال:
نعم، ملكة يقال لها «بلقيس» تحت يدها عشرة آلاف قائد، تحت يد كلّ قائد كذا وكذا ألفا من العساكر.
وحكى الثعلبىّ أنه قال لمّا أخبره بملك سليمان: إن لصاحبكم ملكا عظيما، ولكن ليس ملك بلقيس دونه، فإنها ملكة اليمن وتحت يدها اثنا عشر ألف قيل مع كل قيل مائة ألف مقاتل- والقيل هو القائد بلغة أهل اليمن- فهل أنت منطلق معى حتّى تراها؟ قال نعم. فانطلق الهدهدان حتى أتيا بلاد اليمن وصارا إلى قصرها؛ فنظر إليها [الهدهد «1» السليمانىّ] وإلى قصرها وملكها. وحضر وقت الصلاة لسليمان فلم يجد الهدهد، فقال ما أخبر الله به عنه: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ* لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ «2»
أى بحجة بيّنة. ثم دعا العقاب وقال: أنت عريف الطير، فتعرّف لى خبر الهدهد.
فطار فى الشرق والغرب، وإذا هو بالهدهد قد أقبل من جهة اليمن، فجاء به إلى سليمان.
فاستخبره عن سبب غيبته فقال: «أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبإ
يقين. إنى وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كلّ شىء ولها عرش عظيم» .
وذكر صفة عرشها وما فيه من أصناف الجواهر وغيرها ثم قال: «وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله» وخرّ ساجدا لله، ثم رفع رأسه وقال: «ألّا يسجدوا لله الذى يخرج الخبء «1» فى السّموات والأرض» . قال سليمان: «سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين» !. ثم سأله عن الماء فقال: هو تحت قائمة كرسيّك.
فأمر سليمان بتحويل البساط، فحوّل ونقر الهدهد بمنقاره فخرج الماء، فشرب الناس وصلّوا. ثم قال لهدهد: «اذهب بكتابى هذا فألقه إليهم ثم تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون» وأقبل سليمان على آصف بن برخيا وقال: أكتب إلى هذه المرأة كتابا لطيفا. فدعا بصحيفة من فضّة وكتب: «بسم الله الرحمن الرحيم. إنه من سليمان. ألّا تعلوا علىّ وأتونى مسلمين» . وختم الكتاب وبعثه مع الهدهد فى زمرة من الطير، فأقبلوا نحو اليمن وانقضّوا على قصرها، ودخل الهدهد إلى قبّتها من كوّة «2» من كوى القبّة وهى نائمة، وقد وضعت خاتم ملكها على صدرها، فوضع الكتاب على نحرها وطار. فلما استيقظت أخذت الكتاب وجمعت قومها ثم قالت: «إنّى ألقى إلىّ كتاب كريم» وفتحته وقالت: إنه من سليمان، وقرأته عليهم وعلمت أنه من قبل رجل عظيم. وجمعت أكابر قومها وأهل العقل والعلم الذين فى مملكتها و «قالت يأيها الملأ أفتونى فى أمرى ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون. قالوا نحن أولو قوّة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظرى ماذا تأمرين» . فعلمت عند ذلك أنهم قد أخطلوا الرأى فى عزمهم على الحرب و «قالت إنّ الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلّة وكذلك يفعلون. وإنّى مرسلة إليهم بهديّة فناظرة بم يرجع المرسلون» .
قال: وأرادت أن تختبر حال سليمان عليه السلام فقالت: إن طلب الدنيا أرضيناه بالمال وصرفنا أذاه عنّا، وإن كان من الأنبياء ولم ترغّبه الدنيا لم يكن لنا أمر إلا الطاعة له، فمضوا على رأيها، فأمرت باتّخاذ الهدايا. فعاد الهدهد إلى سليمان وأخبره بما كان من أمرها مع قومها. فأمر سليمان أن يفرش ميدانه بلبن الذهب والفضّة، وأن يبنى حول الميدان حائط من الفضة شرفاته من الذهب، على كل شرفة تاج من الذهب مرصّع بالجوهر، وأمر الجنّ أن يأتوا بأولادهم من الذكور والإناث، وأمر بإحضار كل فرس عجيب الخلق.
قال الثعلبىّ: إنّ سليمان عليه السلام سأل الجنّ عن أحسن دوابّ رأوها فى البحر. قالوا: رأينا دوابّ فى بحر كذا وكذا منمّرة منقّطة مختلفة ألوانها، لها اجنحة وأعراف ونواص. قال: علىّ بها الساعة، فأتوه بها. قال: شدّوها عن يمين الميدان ويساره، ففعلوا. قالوا: وأمر سليمان الشياطين أن يظهروا من التهويلات ما لم يظهروه قبل ذلك اليوم.
قال الكسائىّ: وكانت بلقيس قد أعدّت مائة لبنة من الذهب، ومائة لبنة من الفضّة، ومائة غلام أمرد، لكل غلام ضفائر كضفائر النساء، ومائة وصيفة مضمومات الشعر.
قال الثعلبىّ: واختلفوا فى عددهم، فقال الكلبىّ: عشرة غلمان وعشر جوار.
وقال مقاتل: مائة وصيف ومائة وصيفة. وقال مجاهد: مائتا غلام ومائتا جارية.
وقال وهب: خمسائة غلام وخمسائة جارية. وألبست الغلمان ثياب الوصائف، وألبست الوصائف ثياب الغلمان.
وقال الثعلبىّ: قال وهب وغيره من أهل الكتب: عمدت بلقيس إلى خمسمائة جارية وخمسائة غلام، فألبست الجوارى لباس الغلمان، وألبست الغلمان
لباس الجوارى، وجعلت فى سواعدهم أساور من ذهب، وفى أعناقهم أطواقا من ذهب، وفى آذانهم أقراطا وشنوفا «1» من ذهب مرصّعات بألوان الجواهر، وحملت الجوارى على خمسمائة رمكة «2» ، والغلمان على خمسمائة برذون، على كل فرس لجام من ذهب مرصّع بالجواهر، وغواشيها من الدّيباج الملوّن، وبعث إليه خمسمائة لبنة من ذهب، وخمسمائة لبنة من فضة.
قالوا: وعمدت الىّ تاج من ذهب مرصّع بالجواهر، ومائة فرس من جياد خيول اليمن، عليها براقع الحرير وأجلّة الديباج، وبعث بحقّة من ذهب فيها درّة غير مثقوبة، وجزع يمانىّ مثقوب معوّج الثّقب، [وقارورة «3» ] وبعثت ذلك مع وزيرها، وكتبت جواب كتاب سليمان وقالت: قد بعثت إليك بمائتى وصيف ووصيفة على سنّ واحدة، وأحبّ أن تميّز ذكورهم من إناثهم من غير أن تكشف عنهم، ودرّة غير مثقوبة تأمر من يثقبها من غير أن تستعين بأحد من الإنس والجنّ والشياطين، وجزع مثقوب تدخل فيه خيطا، وقارورة تملؤها ماء ما نزل من السماء ولا نبع من الأرض.
فلمّا جاء الرسول ونظر الىّ ميدان سليمان وحيطانه وما على شرفاتها من التّيجان والخيول حول الميدان، دخل على سليمان بالجوارى والغلمان والحقّة والقارورة، ولم يظهر الذهب والفضة والخيل لأنه استحقرها بالنسبة إلى ما رآه.
وقال الثعلبىّ: إنه كان مما بعثته خمسمائة لبنة من ذهب، وخمسمائة لبنة من فضة. قال: فلمّا دنا القوم من الميدان ونظروا الى ملك سليمان ورأوا الدوابّ تروث على لبن الذهب والفضة رموا ما معهم من الهدايا. قال: وفى بعض الروايات أنّ سليمان لمّا أمر بفراش الميدان بلبن الذّهب والفضّة أمرهم أن يتركوا على طريقهم موضعا على قدر اللّبنات التى معهم. فلمّا رأت الرسل موضع اللّبنات خاليا وكل الأرض مفروشة خافوا أن يتّهموا بذلك، وطرحوا ما معهم فى ذلك المكان.
قال: ثم مرّوا على الشياطين، فلمّا نظروا إليهم فزعوا. فقيل لهم: جوزوا فلا بأس عليكم. وكانوا يمرّون على كردوس «1» كردوس من الجنّ والإنس والطير والسباع والوحش حتى وقفوا بين يدى سليمان عليه السلام.
قال الكسائىّ: فقدّم الكتاب إلى سليمان، فأخبر سليمان الرسول بما فيه قبل فتحه وقراءته، وميّز الوصفاء من الوصائف، وأمر دودة فثقبت الدّرّة وأدخلت الخيط فى الجزع، وأمر أن تساق الخيل حتى تعرق وتملأ القارورة من عرقها، وأقبل على وزير بلقيس وقال: ارجع إلى صاحبتك بما جئت به من الهديّة وقل لها: «أتمدّوننى بمال فما آتانى الله خير ممّا آتاكم بل أنتم بهديّتكم تفرحون.
ارجع إليهم فلنأتينّهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنّهم منها أذلّة وهم صاغرون» .
قال: فعاد الوزير إليها بما جاء به من الهديّة وأخبرها بما كان من أمر سليمان.
فقالت لقومها: هل علمتم الان أنّ رأيى كان أصوب من رأيكم فى ترك المحاربة؟
ومن أين لنا طاقة بحرب نبىّ!! ثم جمعت أموالها وكنوزها واستصحبت ذلك معها
إلّا عرشها فإنّها تركته بقصرها وأغلقت عليه سبعة أبواب وسارت إلى سليمان ومعها ملوك اليمن وأكابرها وساداتها، فبلغ ذلك سليمان.
قال أبو إسحاق الثعلبىّ رحمه الله تعالى: شخصت بلقيس إلى سليمان عليه السلام فى اثنى عشر ألف قيل من ملوك اليمن، تحت يد كل قيل منهم مائة ألف. قال ابن عبّاس رضى الله عنهما: وكان سليمان رجلا مهيبا، لا يبتدأ بشىء حتى يكون هو الذى يسأل عنه. فخرج يوما فجلس على سرير ملكه فرأى رهجا «1» قريبا منه، فقال: ما هذا؟ قالوا: بلقيس. قال: وقد نزلت منّا بهذا المكان؟ قالوا نعم. قال ابن عبّاس رضى الله عنهما: كما بين الكوفة والحيرة قدر فرسخ.
قال: فأقبل حينئذ سليمان على جنوده فقال: «يأيها الملأ أيّكم يأتينى بعرشها قبل أن يأتونى مسلمين. قال عفريت من الجنّ أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإنّى عليه لقوىّ أمين» قال: أريد أسرع من ذلك. «قال الّذى عنده علم من الكتاب- وهو آصف بن برخيا- أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك» . قال:
وكان عنده اسم الله الأعظم. «فلمّا رآه مستقرّا عنده قال هذا من فضل ربّى ليبلونى أأشكرأم أكفر ومن شكر فإنّما يشكر لنفسه ومن كفر فإنّ ربّى غنىّ كريم» . ثم قال سليمان: «نكّروا لها عرشها ننظر أتهتدى أم تكون من الذين لا يهتدون» . فأقبل عفريت من الجنّ وقال: يا نبىّ الله، إنّ رجليها كحافر حمار. قال له سليمان: إن كان ذلك كما قلت وإلا عاقبتك. قال: يا نبىّ الله، أريد أن أتّخذ لك صرحا «2» من قوارير، وأجرى فيه ماء، وأنزل فيه الحيتان والسمك، فلا يشكّ من رآه أنه
ماء جار، فاتّخذه كذلك. فلمّا فرغ منه شكره. فقال: يا نبىّ الله، أعف عنّى فإنّى كذبت على بلقيس فى رجليها، فعفا سليمان عنه.
وأقبلت بلقيس فجعلت تنظر إلى الجنّ والإنس والطير والوحش وغيرهم، وهم قيام لا يضرّ بعضهم بعضا. فلما قاربت الصّرح الممرّد إذا بعرشها، فتعجّبت.
فقيل: أهكذا عرشك؟ قالت: كأنه هو، وعلمت أنّه هو، وأنه من قدرة الأنبياء.
قال: فلمّا أقبلت إلى الصرح حسبته لجّة وكشفت عن ساقيها. فناداها سليمان:
إنه صرح ممرّد من قوارير. فأرسلت ثوبها على ساقيها حياء من سليمان، ثم «قالت ربّ إنّى ظلمت نفسى وأسلمت مع سليمان لله ربّ العالمين» ثم أسلم قومها.
قال الثعلبىّ: اختلف العلماء فى أمرها بعد إسلامها، فقال أكثرهم: لمّا أسلمت بلقيس أراد سليمان أن يتزوّجها. فلمّا همّ بذلك كره ما رأى من كثرة شعر ساقيها وقال: ما أقبح هذا!. فسأل الإنس: بم يذهب هذا؟ فقالوا: بالموسى.
فقالت المرأة: لم يمسّنى الحديد قطّ، فكرهه سليمان. فسأل الجنّ، فقالوا: لا ندرى.
فسأل الشياطين فمكروا عليه، فلمّا ألحّ عليهم قالوا: نحن نحتال عليه حتى يكون كالفضّة البيضاء، فآتّخذوا لها النّورة «1» والحمّام. قال ابن عبّاس رضى الله عنهما:
هو أوّل يوم اتّخذت فيه النّورة. وقال الكسائىّ فى سياقة خبره: ثم قالت بلقيس: يا نبىّ الله، أرى خاتمك منقوشا، فما الذى عليه؟ قال: «لا إله إلا الله محمد رسول الله» . قالت: ومن محمد؟ قال: نبىّ يخرج فى آخر الزمان، فآمنت
بلقيس به. ثم قال لها بعد إيمانها: أتحبّين أن ترجعى إلى بلادك وما كنت فيه؟
قالت: لا، بل أكون معك من بعض نسائك، فتزوّج بها سليمان عليه السلام.
هذا ما أورده الكسائىّ. وفيه زيادات نقلها أبو إسحاق الثعلبىّ قد ذكرناها فى أثناء القصّة ونبّهنا عليها ونسبناها إلى قائلها. وحكى الثعلبىّ أيضا فى هذه القصة زيادات قد رأينا إثباتها؛ فمن ذلك وصف قصرها وعرشها.
ذكر صفة القصر الذى بنته بلقيس وصفة عرشها
قال أبو إسحاق الثعلبىّ قال الشعبىّ: يروى أنّ بلقيس لمّا ملكت أمرت فحمل إليها خمسمائة أسطوانة من الرّخام، كلّ أسطوانة خمسون ذراعا، وأمرت بها فنصبت على تلّ قريب من مدينة صنعاء، وخطّت بين كلّ أسطوانتين عشرة أذرع، ثم جعلت على ذلك سقفا مبسوطا بألواح الرّخام وألحم بعضها إلى بعض بالرّصاص حتى صارت كانها لوح واحد. ثم بنت فوق ذلك قصرا مربّعا من آجرّ وجعلت فى كل زاوية من زواياه قبّة من ذهب مشرفة فى الهواء، وفيما بين ذلك مجالس حيطانها من ذهب وفضّة مرصّعة بأنواع الجواهر الملوّنة، فكانت الشمس إذا طلعت على ذلك القصر التهب الذهب والجوهر فيكاد يعش العيون وتحار فيه الأبصار. وجعلت باب ذلك القصر مما يلى المدينة بدرج من الرخام الأبيض والأحمر والأخضر، وفى جانبه حجرا لحجّابها وبوّابيها وحرسها وخدمها وحشمها على قدر مراتبهم.
قال: وأمّا صفة عرشها فكان مقدّمه من ذهب مفصّص بالياقوت الأحمر والزّمرّد الأخضر، ومؤخّره من فضّة مكلّل بأنواع الجواهر، وله أربع قوائم:
قائمة من ياقوت أحمر، وقائمة من ياقوت أصفر، وقائمة من زمرّد أخضر، وقائمة من درّ أصفر، وصفائح السرير من ذهب. وعليه سبعة بيوت، على كل بيت باب مغلق، وكان ثمانين ذراعا فى ثمانين ذراعا، وطوله فى الهواء ثمانون ذراعا، فذلك قوله: وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ
. أى سرير ضخم.
ذكر خبر وادى القردة
قال الكسائىّ: وبينما سليمان عليه السلام مع بلقيس ذات يوم إذ قال لها: أكل اليمن فى طاعتك؟ قالت: نعم، إلّا واد عن يمين سبأ، فيه أشجار ومياه غلبت عليه القردة وأزاحوا عنه سكّانه، وهو واد طويل عريض، وهم فى كثرة، وإنهم على سنن اليهود لا يتبايعون يوم السبت. فبعث سليمان العقاب ليأتيه بخبرهم. فطار إلى الوادى وعاد اليه قبل أن يقوم من مقامه ذلك، وأخبره بكثرتهم. فركب سليمان الريح على بساطه فى قبّة القوارير، وسار فى نفر من بنى إسرائيل حتى نزل على شفير الوادى، فعلم القردة أنه سليمان، فبادروا إلى طاعته وأتوه، وقالوا: يا نبىّ الله، إنّا من نسل اليهود الذين اعتدوا فى السبت، ونحن على دين موسى نعمل بأحكام التوراة، وسألوه أن يقرّهم فى ذلك الوادى، فأقرّهم فيه وكتب لهم سجلّا على لوح من نحاس وجعله فى عنق كبيرهم يتوارثونه، ثم انصرف عنهم. هكذا نقل. والصحيح أنّ الذين اعتدوا فى السبت وغيرهم ممن مسخ لم يعقبوا. وفى الصحيح: إنّ الله لم يجعل لمسيخ «1» نسلا.

ذكر خبر الرجل الذى قبض بأرض الهند

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد ديسمبر 10, 2017 8:59 am 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 7810
اللهم صل على سيدنا محمد وآله وسلم
متابعة لا مقاطعة
جزاكم الله خيرا
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين ديسمبر 11, 2017 10:20 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35527
فراج يعقوب كتب:
اللهم صل على سيدنا محمد وآله وسلم
متابعة لا مقاطعة
جزاكم الله خيرا
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم





اللهم آمين اللهم آمين ربنا يحفظكم شيخنا الجليل الفاضل الشيخ فراج يعقوب و لا يحرمنا من متابعتكم الطيبة العطرة أكرمكم الله و أعزكم دنيا و دين و جزاكم الله خيرا كثيرا اللهم صل و سلم و بارك على سيدنا النبى و آله الكرام الطيبين


ذكر خبر الرجل الذي قبض بأرض الهند

قال الكسائي : كان سليمان - عليه السلام - قد سأل الله تعالى أن يريه ملك الموت فأراه إياه ، وكان يعوده ويأتيه في كل خميس . فأتاه في بعض الأيام على صورة البشر ، وجعل يطيل النظر إلى رجل في مجلس سليمان حتى أرعب ذلك الرجل . فلما فارقه ملك الموت قال : يا نبي الله ، لقد فزعني هذا الرجل الذي كن في مجلسك من نظره إلي ، فمن هو ؟ قال : هو ملك الموت . قال : يا نبي الله أسألك أن تأمر الريح أن تحملني إلى أرض الهند ، فأمرها سليمان فحملته من مجلسه ووضعته بأرض الهند . ثم جاء ملك الموت إلى سليمان ، فقال له : قد كنت اليوم عندي وأنت تنظر إلى ذلك الرجل نظراً شافياً حتى خاف منك . قال : يا نبي الله ، إني كنت قد أمرت بقبض روحه في موضع من أرض الهند في هذا اليوم ، فلما رأيته عندك عجبت متى يصل إلى الهند ، فإذا الريح قد جاءت به ، فألقته في بالبقعة التي أمرت بقبض روحه فيها ، فقبضت روحه هناك . فعجب سليمان - عليه السلام من ذلك .


ذكر خبر الفتنة وذهاب خاتم سليمان عليه السلام ورجوعه إليه


قال الكسائي : كان سليمان - ع - كلما نزل بمنزل من البراري بنت الجن والشياطين له قصراً بديعاً ، فإذا تحول عنه خربوه . وكان له قصر على ساحل البحر من بناء الجن ، فأمرهم أن يتركوه على حالته . فجاء سليمان إلى ذلك القصر فنزله ، وكان صخر الجني معه وهو شديد الحرص على أن يسلبه الخاتم ؛ لأنه كان قد علم أن ملكه في خاتمه . وكان لسليمان جارية اسمها الأمينة فكان إذا أراد الدخول إلى الخلوة بنسائه يسلم الخاتم إليها ، فإذا اغتسل أخذ خاتمه منها ، وكذلك إذا أراد الوضوء . فجاء سليمان في بعض الأيام فنزل ذلك القصر وأراد الوضوء ، فدفع الخاتم إلى الجارية ، فجاء صخر وقد ألقى على نفسه صورة سليمان ، فقال للجارية : هات الخاتم ، فناولته إياه وهي لا تعلم . فلما صار الخاتم في يد صخر لم يستقر في يده لأنه شيطان ، فرماه في البحر ، فجاء حوت بإذن الله فابتلعه . ومضى صخر وهو على صورة سليمان فجلس على كرسيه ومعه الناس وهم يظنون أنه سليمان ؛ فذلك قوله تعالى : " ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب " قيل : الجسد هو صخر الجني . قال : وخرج سليمان من الخلاء وقد غير الله صورته إلى صورة صخر ، فطلب الخاتم ، فقالت الجارية : أعوذ بالله منك ، قد دفعت الخاتم إلى سليمان . فعلم أن الله قد
أوقع به البلية ، فخرج يريد القصر ويقول للناس : أنا سليمان ، والناس يهزءون بقوله ويقولون : لست سليمان أنت صخر الجني . فجعل سليمان يدور على جميع الناس وهم على كلمة واحدة في إنكاره ، وجعل يدور في القرى ويقول : أنا سليمان والناس يشتمونه حتى لزق بطنه بظهره من الجوع ، فقال : إلهي إنك ابتليت كثيراً من الأنبياء ولم تحرمهم رزقك . إلهي إني تائب إليك من خطيئتي . فلم يزل سليمان كذلك أربعين يوماً لم يطعم شيئاً ، ثم وجد قرصة يابسة ملقاة ، فأخذها ولم يقدر على أكلها ليبسها ، فأقبل إلى ساحل البحر وقعد يبل القرصة فاستلبتها الأمواج من يده . فقال : إلهي رزقتني بعد أربعين يوماً قرصة يابسة نزلت حتى أبلها فاستلبتها الأمواج من يدي وأنت المتكفل بأرزاق العباد ، وأنا عبدك المذنب ، فارزقني فأنت الرزاق الكريم . ثم جعل يمشي على الساحل وهو يبكي ، فإذا هو بقوم يصطادون السمك ، فسألهم شيئاً من الطعام فمنعوه وطردوه وقالوا له . انصرف عنا ، فما رأينا أوحش من وجهك . قال : ما عليكم من وجهي إذا أطعمتموني ؟ قالوا : وحق سليمان إن قمنا إليك لنوجعنك ضرباً إن لم ترح عنا . قال : يا قوم ، فأنا والله سليمان . فضربه رجل منهم على رأسه وقال : أتكذب على نبي الله فبكى حتى بكت الملائكة لبكائه ورحمه أولئك القوم وناولوه سمكة وأعطوه سكيناً ، فشق بطنها ليصلحها ويشويها ويأكلها ، فخرج الخاتم من بطنها فغسله وجعله في إصبعه ، وعاد إليه حسنه وجماله ، فوضع السمكة وسار يريد قصره ، فجعل يمر بتلك القرى ، فكل من كان قد أنكره عرفه وسجد له . فبلغ ذلك صخراً الجني فهرب . وعاد سليمان إلى قصره واجتمع له الإنس والجن والشياطين والسباع والهوام كما كانوا أول مرة . فبعث العفاريت في طلب صخر فأتوه به ، فأمر أن ينقروا له صخرتين وصفده بالحديد وجعله بينهما وأطبقهما عليه وختم عليه بخاتمه وطرحه في بحيرة طبرية . فقال : إنه فيها إلى يوم القيامة . ثم أمر الله الرياح أن تحشر له سائر الشياطين فحشرت له ، فصفد مردتهم بالحديد وحبسهم . هذا ما أورده الكسائي في قصة الفتنة ، وهو أولى ما أورده وأشبه ما نقل .

يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة ديسمبر 22, 2017 10:17 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35527
قال: وفى بعض الروايات أنّ سليمان لمّا افتتن سقط الخاتم من يده، فأخذه سليمان فأعاده الى يده، فسقط من يده. فلما رآه لا يثبت فى يده أيقن بالفتنة.
وقال آصف لسليمان: إنّك مفتون بذنبك والخاتم لا يتماسك أربعة عشر يوما؛ ففرّ إلى الله تعالى تائبا من ذنبك وأنا أقوم مقامك وأسير فى عملك وأهل بيوتك بسيرتك حتى يتوب الله عليك ويردّك إلى ملكك. ففرّ سليمان هاربا إلى ربه، وأخذ آصف الخاتم ووضعه فى يده فثبت. وإنّ الجسد الذى قال الله تعالى: وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً
هو آصف كاتب سليمان، وكان عنده علم من الكتاب. فأقام آصف فى ملك سليمان يسير سيرته ويعمل بعمله أربعة عشر يوما، إلى أن رجع سليمان إلى منزله تائبا إلى الله تعالى، وردّ الله تعالى عليه ملكه، وقام آصف من مجلسه وجلس سليمان على كرسيّه وأعاد الخاتم فى يده فثبت فيها.
قال أبو إسحاق: وقيل فى سبب ذلك ما روى عن سعيد بن المسيّب أنّ سليمان احتجب عن الناس ثلاثة أيّام، فأوحى الله تعالى إليه أن يا سليمان احتجبت عن عبادى ثلاثة أيّام فلم تنظر فى أمورهم ولم تنصف مظلوما من ظالم. وذكر

حديث الخاتم وأخذ الشيطان إيّاه كما تقدّم، وقال فى آخره: قال علىّ: فذكرت ذلك للحسن فقال: ما كان الله ليسلّطه على نسائه «1» .
قال وقال بعض المفسّرين: كان سبب فتنة سليمان أنه أمر ألّا يتزوّج امرأة إلّا من بنى إسرائيل، فتزوّج من غيرهم فعوقب على ذلك.
وقيل: إن سليمان لمّا أصاب ابنة الملك صيدون أعجب بها، فعرض عليها الإسلام فأبت وامتنعت، فخوّفها فقالت: إن أكرهتنى على الإسلام قتلت نفسى.
فخاف سليمان أن تقتل نفسها، فتزوّج بها وهى مشركة أربعين يوما، وكانت تعبد صنما لها فى خفية من سليمان إلى أن أسلمت، فعوقب سليمان بزوال ملكه أربعين يوما.
قال وقال الشعبىّ فى سبب ذلك: إنّ سليمان ولد له ولد، فاجتمعت الشياطين وقال بعضهم لبعض: إن عاش له ولد لم ننفكّ مما نحن فيه من البلاء والسّخرة، وما لنا إلا أن نقتل ولده أو نخبله. فعلم سليمان بذلك، فأمر السحاب أن يأخذ ابنه، وأمر الريح فحملته، وغدا ابنه فى السحاب خوفا من مضرّة الشيطان. فعاقبه الله تعالى بخوفه من الشيطان، ومات الولد فألقى ميّتا على كرسيّه، فهو الجسد الذى ذكره الله تعالى فى كتابه العزيز؛ قال الله تعالى: وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ.

ذكر عزم سليمان عليه السلام أن يطوف على نسائه

قال الكسائىّ: كان سليمان عليه السلام قد أعطى من القوّة ما إنه يأتى على خمسمائة حرّة وسبعمائة سرّيّة. فقال فى يوم: لأطوفنّ على ألف امرأة وأجامعهنّ كلهنّ، فتحمل كل واحدة منهنّ بغلامين فارسين يركبون الخيل ويغزون البلاد، ولم يقل إن شاء الله. وطاف عليهنّ فلم تحمل منهنّ غير واحدة، حملت بنصف إنسان، قيل: إنه الجسد الذى ألقى على كرسىّ سليمان. والله تعالى أعلم.
والذى ثبت من هذه القصة ما رويناه من صحيح البخارىّ بسندنا المتقدّم اليه.
قال البخارىّ حدّثنا خالد بن مخلد حدّثنا مغيرة بن عبد الرحمن عن أبى الزّناد عن الأعرج عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبىّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «قال سليمان بن داود لأطوفنّ الليلة على سبعين امرأة تحمل كل امرأة فارسا يجاهد فى سبيل الله فقال له صاحبه إن شاء الله فلم يقل، ولم تحمل شيئا إلا واحدا ساقطا إحدى شقّيه فقال النبىّ صلّى الله عليه وسلّم لو قالها لجاهدوا فى سبيل الله. قال شعيب وابن أبى الزناد تسعين وهو أصح «1» » .
ذكر وفاة بلقيس زوجة سليمان عليه السلام

يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 26, 2017 11:23 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35527
ذكر وفاة بلقيس زوجة سليمان عليه السلام

قال الكسائىّ: أقامت بلقيس عند سليمان سبع سنين وسبعة أشهر ثم توفّيت، فدفنها بمدينة » تدمر من أرض الشام تحت حائط، ولم يعلم أحد بموضع قبرها إلى أيّام الوليد بن عبد الملك بن مروان.
قال موسى بن نصير: بعثت فى أيّام الوليد إلى مدينة تدمر ومعى العباس بن الوليد بن عبد الملك، فجاء مطر عظيم فانهار بعض حائط المدينة، فانكشفت عن تابوت طوله ستون ذراعا وعرضه أربعون ذراعا متّخذ من حجر كالزّعفران مكتوب عليه: «هذا تابوت بلقيس الصالحة أسلمت لثلاث عشرة سنة خلت من ملك سليمان، وتزوّج بها يوم عاشوراء سنة أربع عشرة خلت من ملكه، وتوفّيت يوم الاثنين من ربيع الأوّل سنة إحدى وعشرين مضت من ملكه، وقد دفنت ليلا فى حائط مدينة تدمر، ولم يطّلع على دفنها إنس ولا جنّ ولا شيطان» . قال:
فرفعنا غطاء التابوت واذا هى غضّة كانها دفنت ليلتها. فكتبتا بذلك إلى الوليد فأمر بتركه فى مكانه، وأن يبنى عليه بالصخر والمرمر، ففعلنا ذلك.
ذكر خبر وفاة سليمان بن داود عليهما السلام
قال الكسائىّ: ملك سليمان شرق الأرض وغربها وطاف أقطارها حتى انتهى إلى السّدّ «1» الذى هو بالقرب من جبل قاف «2» ، فوقف هناك ثم قال للريح: هل
جريت هاهنا قطّ؟ قالت: لا يا نبىّ الله، وإنه آخر الدنيا وليس وراءه إلا علم الله تعالى. ثم أمر الريح فاحتملته حتى نظر إلى التّنّين المحدق بالعالم، فسار أياما على طرف من أطرافه فإذا هو بملك، فقال: يابن داود إن هذا التّنين محيط بالعالم الذى هو مسيرة خمسائة عام. ثم ارتفع إلى مستقرّ الغام ونظر إلى مجمع القطر، ونزل من هناك إلى مسكن الليل والنهار فاذا هو بملك يقول: اللهم أعط كل منفق خلفا وكل ممسك تلفا. ثم أمر الريح أن تحطّ بساطه إلى الأرض المقدّسة، وكانت مدّة غيبته مائة وثلاثين يوما. وكان فى طول سفرته هذه يرى شخصا بين يديه يسبق كل شىء، فسأله من هو؟ فأخبره أنه ملك الموت، فوقعت عليه الرّعدة وتغيّر لونه وجعل ابنه رحبعم خليفته، وأوصى الناس بالسمع والطاعة له. وأخذ فى الصوم والصلاة طول ليله، فإذا أصبح خرج من محرابه إلى روضة هناك فيها نبات حسن يتسلّى به. فخرج فى بعض الأيام فرأى نبتا غريبا لم يكن قد رآه قبل ذلك اليوم. فقال: أيها النبت ما أنت؟ قال: أنا الخرنوب الذى لا أنبت فى موضع إلا خرّبته. فقال سليمان: فما تصنع هاهنا فلست من نبات الرياض بل من نبات البرارى؟ قال: قد أمرت أن أنبت هاهنا. فعاد سليمان من الغد وهو على حاله وقد زاد نباته. فقال له سليمان: ألم آمرك أن تلحق بموضعك من البرراى!. قال الخرنوب: يا نبىّ الله. إنّ هذا الموضع سيخرب عن قريب، فسكت سليمان. فلما ضعف عن العبادة توكأ على عصاه. فبينا هو فى محرابه متوكئا قائما يتلو الزّبور والتوراة إذ أتاه ملك الموت، فرفع رأسه إليه فناوله شمّة فشمّها فمات.
وبقى سليمان على حالته لم يسقط إلى الأرض ولم يتحرّك ولا مال. فهابوه وما جسروا أن يتقدّموا إليه. وقالوا: إنه لم يمت، ولم تزل الإنس والجنّ والشياطين والوحش
والطير فى الطاعة والأعمال حتى مضت سنة، ثم وقعت الأرضة فى أسفل العصا؛ فذلك قوله تعالى: فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ
. فخرّ سليمان عند ذلك كالخشبة اليابسة، وكانت الجنّ قبل ذلك تدّعى علم الغيب؛ قال الله تعالى: فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ «
أى فى تلك السنة فى نقل الصخور والبنيان وغير ذلك.
يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس ديسمبر 28, 2017 11:31 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35527
وحكى أبو إسحاق الثعلبىّ رحمه الله تعالى فى خبر وفاة سليمان عليه السلام:

قال أهل التاريخ: لبث سليمان فى ملكه بعد أن ردّه الله عليه تعمل له الجنّ ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجوابى وقدور راسيات وغير ذلك، ويعذّب من الشياطين من يشاء، ويأمرهم بحمل الحجارة الثقيلة ونقلها إلى حيث أحبّ. فأتاهم إبليس وهم فى العمل فقال: كيف أنتم؟ فقالوا: ما بنا طاقة لما نحن فيه. فقال لهم: تذهبون تحملون الحجارة وترجعون فرّاغا لا تحملون شيئا؟
قالوا نعم. قال: فأنتم فى راحة. فأبلغت الريح ذلك سليمان، فأمرهم أن يحملوا ذاهبين وراجعين. فقال لهم إبليس: تعملون بالليل؟ قالوا لا. قال: فأنتم فى راحة. فأبلغت الريح ذلك سليمان، فأمرهم أن يعملوا بالليل والنهار. فأتاهم إبليس فسألهم فشكوا إليه أنهم يعملون بالليل والنهار. فقال لهم إبليس: وفعلها؟ قالوا:
نعم. قال: فتوقّعوا الفرج، فقد بلغ الأمر منتهاه. فما لبثوا إلا يسيرا حتى مات سليمان.
قال ابن عبّاس وغيره: كان سليمان يتحنّث «1» فى بيت المقدس السنة والسنتين والشهر والشهرين وأقلّ من ذلك وأكثر، يدخله ومعه طعامه وشرابه، فدخله فى المرّة التى مات فيها. قال: وكان بدء ذلك أنه لم يكن يوما يصبح فيه إلا نبت فى بيت المقدس شجرة فيسألها سليمان ما اسمك؟ فتقول الشجرة: اسمى كذا وكذا.
فيقول: لأى شىء تصلحين؟ فتقول: لكذا وكذا؛ [فيأمر «2» بها فتقطع] ، فإن كانت تنبت لغرس غرسها، وإن كانت لدواء كتب عليها لكذا وكذا. فبينا هو يصلّى ذات يوم إذ رأى شجرة بين يديه، فقال لها: ما اسمك؟ فقالت: الخرنوبة.
قال: ولأىّ شىء نبتّى؟ قالت: لخراب هذا المسجد. فقال سليمان: ما كان الله ليخربه وأنا حىّ، أنت الذى على وجهك هلاكى وخراب بيت المقدس. فنزعها وغرسها فى حائط له، ثم قال: اللهمّ عمّ عن الجنّ موتى حتى يعلم الإنس أنّ الجنّ لا يعلمون الغيب. وكانت الجنّ يخبرون الإنس أنهم يعلمون الغيب وأنهم يعلمون ما فى غد.
قال: ثم دخل سليمان المحراب فقام يصلّى متكئا على عصاه، فمات على تلك الحالة، ولم يعلم بذلك أحد من الشياطين، وهم فى ذلك يعملون له يخافون أن يخرج فيعاقبهم.
قال وقال عبد الرحمن [بن زيد «3» ] قال سليمان لملك الموت: إذا أمرت بى فأعلمنى. قال: فأتاه فقال: يا سليمان قد أمرت بك وقد بقيت لك سويعة.
فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحا من قوارير ليس له باب، فقام يصلّى واتكأ على عصاه، فدخل عليه ملك الموت فقبض روحه وهو متكئ على عصاه.
قال وفى رواية أخرى: أنّ سليمان قال ذات يوم لأصحابه: قد آتانى الله من الملك ما ترون، وما مرّ علىّ يوم فى ملكى بحيث صفا لى من الكدر، وقد أحببت أن يكون لى يوم واحد يصفولى إلى الليل ولا أغتمّ فيه، وليكن ذلك غدا. فلما كان من الغد دخل قصرا له، وأمر بإغلاق أبوابه ومنع الناس من الدخول عليه ورفع الأخبار إليه لئلا يسمع شيئا يسوءه، ثم أخذ عصاه بيده وصعد فوق قصره واتكأ عليها ينظر فى ممالكه، إذ نظر إلى شابّ حسن الوجه، عليه ثياب بيض قد خرج عليه من جانب قصره فقال: السلام عليك يا سليمان. فقال سليمان: وعليكم السلام، كيف دخلت هذا القصر وقد منعت من دخوله؟ أما منعك البوّاب والحجّاب!.
أما هبتنى حين دخلت قصرى بغير إذنى!! فقال: أنا الذى لا يحجبنى حاجب، ولا يمنعنى بوّاب، ولا أهاب الملوك، ولا أقبل الرّشا، وما كنت لأدخل هذا القصر بغير إذن. فقال سليمان: فمن أذن لك فى دخوله؟ قال: ربّه. فارتعد سليمان وعلم أنه ملك الموت. فقال له: أنت ملك الموت؟ قال نعم. قال: فيم جئت؟
قال: جئت لأقبض روحك. قال: يا ملك الموت، هذا يوم أردت أن يصفو لى وما أسمع فيه ما يغمّنى. قال له: يا سليمان، إنك أردت يوما يصفو لك فيه عيشك حتى لا تغتمّ فيه، وذلك اليوم لم يخلق فى الدنيا، فارض بقضاء ربك فإنه لا مردّ له. قال: فاقبض كما أمرت، فقبض ملك الموت روحه وهو متكئ على عصاه.
قال الثعلبىّ قالوا: وكانت الشياطين تجتمع حول محرابه ومصلّاه أينما كان.
وكان للمحراب كوى بين يديه ومن خلفه، فكان الشيطان الذى يريد أن يدخل يقول: ألست جليدا إن دخلت فخرجت من ذلك الجانب، فيدخل حتى يخرج من الجانب الآخر. فدخل شيطان من أولئك فمرّ، ولم يكن شيطان ينظر إلى سليمان
فى المحراب إلا احترق، فمرّ ولم يسمع صوت سليمان، ثم رجع ولم يسمع، ثم رجع فوقع فى البيت فلم يحترق، ونظر إلى سليمان عليه السلام قد سقط ميّتا، فخرج فأخبر الناس أنّ سليمان قد مات، ففتحوا عنه وأخرجوه ووجدوا منسأته- وهى العصا بلسان الحبشة «1» - قد أكلتها «2» الأرضة، فمكثوا يدأبون له من بعد موته حولا كاملا، فأيقن الناس أنّ الجنّ كانوا يكذبونهم، ولو أنهم علموا الغيب لعلموا بموت سليمان، فلم يلبثوا فى العذاب سنة يعملون.
قال: ثم إنّ الشياطين قالوا للأرضة: لو كنت تأكلين الطعام لأتيناك بأطيب طعام، ولو كنت تشربين الشراب سقيناك أطيب الشراب، ولكننا سننقل إليك الماء والطين. قال: فهم ينقلون إليها ذلك حيث كانت. قال:
ألم تر إلى الطين الذى يكون فى جوف الخشب فهو مما تأتيها به الشياطين شكرا لها؛ فذلك قوله تعالى: فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ
وهى الأرضة، ويقال لها القادح أيضا، وهى دويبّة تأكل العيدان تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ
أى عصاه فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ ...
الآية.
قال أهل التاريخ: كان عمر سليمان ثلاثا وخمسين سنة، ومدّة ملكه أربعين سنة، وملّك يوم ملّك وهو ابن ثلاث عشرة سنة.
وقال الكسائىّ قال وهب: عاش سليمان ستين سنة، منها فى الملك والنبوّة أربعون سنة. قال: وتفرّقت الإنس والجنّ وغيرهم، فتفرّق بنو إسرائيل بعده
ثلاث فرق: فرقة كفروا واتبعوا السحرة، وفرقة اعتزلوا وقالوا: لا نطيع بعده أحدا، وفرقة اتبعوا ابنه رحبعم «1» .
قال الثعلبىّ: ملك بعد سليمان عليه السلام ابنه رحبعم، وكان قد استخلفه فنبّأه الله تعالى ولم يكن رسولا ثم قبض، وكان ملكه سبع عشرة سنة.
ثم ملك بعده ابنه أيشا «2» بن رحبعم، وكان ملكه ثلاثا وستين سنة. ثم ابنه أينا.
وقال الكسائىّ: ملك بعد رحبعم ابنه لايى، وملك بعد لايى ابنه أيشا بن لايى، ثم بعث الله تعالى بعد أن قبض أيشا، شعيا «3» وهو من ولد هارون بن عمران.
وقال الثعلبىّ فى سياقه: لمّا ملك أينا بن أيشا، وكان رجلا صالحا، وكان أعرج، وكان به عرق النّسا، فطمعت الملوك فيه لضعفه، وافترقت ملوك بنى إسرائيل، فغزاهم ملك من ملوك الهند يقال له «زرج «4» الهندىّ» فى جمع كثير، فبعث الله تعالى عليهم ملائكة فهزموهم، فقصدوا البحر حتى ركبوه جميعا، فبعث الله تعالى عليهم الرياح والأمواج حتى ضربت سفنهم بعضا ببعض، فتكسّرت وغرق زرج ومن كان معه، وألقت الأمواج أثقالهم وأموالهم وسلبهم إلى محلّة بنى إسرائيل، ونودوا أن خذوا ما غنمكم الله وكونوا فيه من الشاكرين. ثم لم يزل يغزوهم الملك بعد الملك من ملوك العراق وغيرهم، فيهلكهم الله تعالى الى أن ظهر فيهم الظلم والفساد، وفشت فيهم المعاصى، وعبد بعض ملوكهم الأصنام، فكان من أمرهم ما نذكره إن شاء الله تعالى.

الباب الثالث من القسم الثالث من الفن الخامس فى أخبار شعيا وإرميا عليهما السلام وخبر بختنصّر وخراب بيت المقدس وعمارته وما يتصل بذلك من خبر عزير وفتنة اليهود


ذكر قصة شعيا عليه السلام

يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يناير 06, 2018 10:18 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35527
ذكر قصة شعيا عليه السلام

قال أبو إسحاق الثعلبىّ رحمه الله: كان الملك اذا ملك من بنى إسرائيل بعث الله معه نبيّا يرشده ويسدّده ويكون فيما بين الناس وبين الله تعالى، ولا ينزل الله تعالى عليه كتابا إنما يأمر بأحكام التوراة وينهى عن المعصية، ويدعو الناس الى ما تركوا من الطاعة. وكان ممن ملك منهم «صديقة». فلمّا ملك بعث الله تعالى شعيا بن أمصيا «1» ، فملك ذلك الملك بنى إسرائيل وبيت المقدس زمانا، ثم كثرت فى بنى إسرائيل الأحداث، فبعث الله سنحاريب «2» ملك بابل، معه ستمائة ألف راية، فأقبل حتى نزل حول بيت المقدس والملك إذ ذاك مريض فى ساقه قرحة، فجاء النبىّ شعيا عليه السلام فقال لملك بنى إسرائيل: إن سنحاريب ملك بابل قد أقبل ونزل بك فى ستمائة ألف راية، وقد هابهم الناس وفرقوا منهم.فكبر ذلك على الملك وقال: يا نبىّ الله، هل أتاك وحى فيما حدث فتخبرنا به كيف يفعل الله تعالى بنا وسنحاريب؟ قال: لم يأتنى وحى. فبينما هم كذلك أوحى الله تعالى إلى شعيا أن ائت ملك بنى إسرائيل فمره أن يوصى بوصية ويستخلف على ملكه من يشاء من أهل بيته. فأتاه شعيا فقال: إنّ ربك عز وجل قد أوحى إلىّ أن آمرك أن توصى وصيّتك وتستخلف من شئت على ملكك من أهل بيتك فإنك ميّت. فلمّا قال له شعيا ذلك أقبل صديقة الملك على القبلة فصلّى ودعا وبكى، فقال وهو يبكى ويتضرّع إلى الله عز وجل بقلب مخلص وتوكّل وصبر: [اللهم ربّ الأرباب وإله الآلهة القدّوس المقدس، يا رحمن يا رحيم، يا رءوف يا من لا تأخذه سنة ولا نوم، اذكرنى بنيّتى وفعلى وحسن قضائى فى بنى إسرائيل، وذلك كله كان منك وأنت أعلم به منّى سرّى وعلانيتى لك «1» ] ، فاستجاب الله تعالى دعاءه، وكان عبدا صالحا. فأوحى الله تعالى إلى شعيا أن أخبر صديقة أن الله استجاب له وقبل منه ورحمه وأخّر أجله خمس عشرة سنة، وأنجاه من عدوّه سنحاريب وجنوده. فأتاه شعيا فأخبره بذلك، فذهب عنه الجزع وخرّ ساجدا لله تعالى ودعاه. فلما رفع رأسه أوحى الله تعالى إلى شعيا أن قل للملك صديقة يأمر عبدا من عبيده فيأتيه بماء التين فيجعله على قرحة ساقه فيشفى ويبرأ، ففعل ذلك فشفى. وقال الملك لشعيا: سل ربّك أن يجعل لنا علما بما هو صانع بعدوّنا هذا. فقال الله تعالى لشعيا: قل له إنى كفيتك عدوّك وأنجيتك منهم، وإنهم سيصبحون موتى إلا سنحاريب وخمسة نفر من كتّابه.
يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يناير 10, 2018 9:42 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35527

تابع قصة
شعيا عليه السلام


فلمّا أصبحوا جاء صارخ فصرخ على باب المدينة: يا ملك بنى إسرائيل، إن الله تعالى قد كفاك أمر عدوّك؛ فإن سنحاريب ومن معه قد هلكوا. فخرج الملك فالتمس سنحاريب فلم يوجد فى الموتى. فبعث الملك فى طلبه، فأدركه الطّلب فى مغازة وخمسة من كتّابه، أحدهم
بختنصّر، فجعلوهم فى الجوامع «1» ثم أتوا بهم ملك بنى إسرائيل، فلما رآهم خرّ ساجدا لله تعالى من حين طلعت الشمس إلى العصر، ثم قال لسنحاريب: كيف ترى فعل ربّنا؟ ألم يقتلكم بحوله وقوّته ونحن وأنتم غافلون؟! فقال سنحاريب: قد أتانى خبر ربّكم ونصره إيّاكم، ورحمته التى رحمكم بها قبل أن أخرج من بلادى، فلم أطع مرشدا ولم يلقنى فى الشّقوة إلّا قلّة عقلى، ولو سمعت أو عقلت ما غزوتكم، ولكن الشقوة غلبت علىّ وعلى من معى. فقال صديقة: الحمد لله رب العزّة الذى كفاناكم بما شاء. إنّ ربّنا لم يبقك ومن معك لكرامة لك عليه، ولكنّه إنما أبقاك ومن معك لتزدادوا شقوة فى الدنيا وعذابا فى الآخرة، ولتخبروا من وراءكم بما رأيتم من فعل ربنا. ولدمك ودم من معك أهون على الله تعالى من دم قرادة لو قتلت.
ثم أمر صديقة أمير جيشه أن يقذف فى رقابهم الجوامع، فطاف بهم سبعين يوما حول بيت المقدس وإيليا «2» ، وكان يرزقهم فى كل يوم خبزتين من شعير لكل رجل.
فقال سنحاريب لملك بنى إسرائيل: القتل خير مما تفعل بنا، فافعل ما أمرت. فأمر بهم الملك الى سجن القتل، فأوحى الله تعالى إلى شعيا: أن قل لملك بنى إسرائيل: يرسل سنحاريب ومن معه لينذروا من وراءهم، وأن يكرمهم ويحملهم حتى يبلغوا بلادهم.
فبلّغ شعيا الملك ذلك، ففعل ما أمر به، وخرج سنحاريب ومن معه حتى قدموا بابل فلمّا قدموا جمع سنحاريب الناس وأخبرهم كيف فعل الله بجنوده. فقال له كهّانه وسحرته: قد كنا نقصّ عليك خبر ربهم وخبر نبيّهم ووحى الله إلى نبيّهم، فلم تطعنا، وهى أمّة لا يستطيعها أحد من ربّهم. ولبث سنحاريب بعد ذلك سبع سنين ومات. واستخلف بختنصّر ابن ابنه على ما كان عليه جدّه، فعمل بعمله وقضى بقضائه، فلبث سبع عشرة سنة ثم قبض الله تعالى صديقة ملك بنى إسرائيل، فمرج «1» أمر بنى إسرائيل وتنافسوا الملك حتى قتل بعضهم بعضا، ونبيّهم شعيا معهم لا يرجعون إليه ولا يقبلون منه. فلما فعلوا ذلك أوحى الله تعالى إلى شعيا: أن قم فى قومك أوح على لسانك. فلمّا قام أوحى الله تعالى على لسانه وأنطقه بالوحى فقال: يا سماء اسمعى، ويا أرض أنصتى؛ فإنّ الله يريد أن يقصّ شأن بنى إسرائيل الذين ربّاهم بنعمته، واصطنعهم لنفسه، وخصّهم بكرامته، وفضّلهم على عباده، واستقبلهم بالكرامة، وهم كالغنم الضائعة التى لا راعى لها؛ فآوى شاردها، وجمع ضالّها، وجبر كسيرها، وداوى مريضها، وأسمن مهزولها، وحفظ سمينها. فلمّا فعل ذلك بها تناطحت كباشها فقتل بعضها بعضا، حتى لم يبق منهم عظم صحيح يجبر إليه آخر كسير.
فويل لهذه الأمة الخاطئة الذين لا يدرون ما جاءهم من الخير. إنّ البعير مما يذكر وطنه فيأتيه، وإنّ الحمار مما يذكر الآرىّ «2» الذى يشبع عليه فيراجعه، وإنّ الثور مما يذكر المرج «3» الذى يسمن فيه فينتابه، وإن هؤلاء القوم لا يدرون من أين «4» جاءهم الخير وهم أولو الألباب والعقول ليسوا ببقر ولا حمير، وإنى ضارب لهم مثلا فليسمعوه.قل لهم: كيف ترون فى أرض كانت جرزا «1» زمانا خربة مواتا لا عمران فيها، وكان لها ربّ حكيم قوىّ، فأقبل عليها بالعمارة وكره أن تخرب أرضه، فأحاط عليها جدارا وشيّد فيها قصرا وأنبط فيها نهرا، وصفّف فيها غراسا من الزيتون والرمّان والنخيل والأعناب وألوان الثّمار كلها، وولىّ ذلك واستحفظه ذا رأى وهمّة حفيظا قويّا أمينا، فانتظرها، فلمّا أطلعت جاء طلعها خرّوبا؟!. قالوا: بئست الأرض هذه! نرى أن يهدم جدارها وقصرها ويدمّر نهرها ويقبض قيّمها ويحرق غرسها حتى تصير كما كانت أوّل مرّة خرابا موانا لا عمران فيها. قال الله عزّ وجلّ لهم: إنّ الجدار ذمّتى، وإنّ القصر شريعتى، وإنّ النهر كتابى، وإنّ القيّم نبيّى، وإنّ الغراس هم، وإن الخرّوب الذى أطلع الغراس أعمالهم الخبيثة، وإنّى قضيت عليهم قضاءهم على أنفسهم، فإنه مثل ضربه الله لهم. يتقرّبون إلىّ بذبح البقر والغنم، وليس ينالنى اللحم ولا آكله. ويدّعون أنهم يتقرّبون إلىّ بالتقوى والكفّ عن ذبح الأنفس التى حرّمتها، فأيديهم مخضوبة منها، وثيابهم مترمّلة «2» بدمائها؛ يشيّدون لى البيوت مساجد ويطهّرون أجوافها، وينجّسون قلوبهم وأجسادهم ويدنّسونها. فأىّ حاجة لى إلى تشييد البيوت ولست أسكنها! وأىّ حاجة لى إلى تزويق المساجد ولست أدخلها! إنما أمرت برفعها لأذكر فيها ولأسبّح، ولتكون مصلّى لمن أراد أن يصلّى فيها.
يقولون: لو كان الله يقدر على أن يجمع ألفتنا لجمعها، ولو كان الله يقدر على أن يفقه قلوبنا لأفقهها، فاعمد إلى عودين يابسين ثم ائت بهما ناديهم فى أجمع ما يكونون، فقل للعودين
يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يناير 11, 2018 10:57 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35527
تابع قصة
شعيا عليه السلام

إنّ الله يأمركما أن تكونا عودا واحدا. فلمّا قال لهما ذلك اختلطا فصارا واحدا. فقال الله تعالى [قل«3» ] لهم: إنى قد قدّرت على أن أفقه العودين اليابسين،وعلىّ أن أؤلّف بينهما، فكيف لا أقدر على أن أجمع ألفتهم إن شئت! أم كيف لا أقدر على أن أفقه قلوبهم وأنا الذى صوّرتها!. يقولون: صمنا فلم يرفع صيامنا، وصلّينا فلم تنوّر صلاتنا، وتصدّقنا فلم تزك صدقاتنا، ودعونا بمثل حنين الحمام، وبكينا بمثل عواء الذئاب، فى كل ذلك لا يسمع ولا يستجاب لنا. قال الله تعالى:
فسلهم: ما الذى يمنعنى أن أستجيب لهم! ألست أسمع السامعين، وأبصر الناظرين، وأقرب المجيبين، وأرحم الراحمين! الأنّ ذات يدى قلّت! وكيف ويداى مبسوطتان بالخير أنفق كيف أشاء، ومفاتيح الخزائن عندى لا يفتحها غيرى!. أو لأن رحمتى ضاقت! فكيف ورحمتى وسعت كلّ شىء، إنما يتراحم المتراحمون بفضلها!. أو لأنّ البخل يعترينى! أولست أكرم الأكرمين. والنّفّاح بالخيرات أجود من أعطى وأكرم من سئل!. لو أنّ هؤلاء القوم نظروا لأنفسهم بالحكمة التى تورث فى قلوبهم [النور «1» ] فنبذوها واشتروا بها الدنيا، إذا لأبصروا من حيث أتوا، وإذا لأيقنوا أنّ أنفسهم هى أعدى العداة لهم. فكيف أرفع صيامهم وهم يلبسونه بقول الزّور ويتقوّون عليه بطعمة الحرام! وكيف أنوّر صلاتهم وقلوبهم صاغية إلى من يحاربنى وينتهك محارمى! أم كيف تزكو عندى صدقاتهم وهم يتصدّقون بأموال غيرهم! إنما آجر عليها أهلها المغصوبين. أم كيف أستجيب لهم دعاءهم، وإنما هو قول بألسنتهم والفعل من ذلك بعيد!. إنما أستجيب للداعى البرّ، وإنما أسمع قول المستعفّ المستكين. وإنّ من علامة رضاى رضا المساكين. فلو رحموا المساكين، وقرّبوا الضعفاء، وأنصفوا المظلوم، ونصروا المغصوب، وعدلوا للغائب، وأدّوا إلى اليتيم والأرملة والمسكين وكلّ ذى حقّ حقّه، ثم لو كان ينبغى لى أن أكلّم البشر إذا لكلّمتهم؛ وإذا لكنت نور أبصارهم، وسمع آذانهم، ومعقول قلوبهم؛ وإذا لدعمت أركانهم فكنت قوّة أيديهم وأرجلهم؛ وإذا لثبّتّ ألسنتهم وعقولهم.
يقولون لمّا سمعوا كلامى وبلغتهم رسالاتى إنها أقاويل منقولة، وأحاديث متوارثة، وتآليف مما يؤلّف السّحرة والكهنة، وزعموا أنهم لو شاءوا أن يأتوا بحديث مثله فعلوا، وأن يطّلعوا على علم الغيب بما يوحى إليهم الشياطين لاطلعوا، وكلهم يستخفى بالذى يقول ويسرّه، وهم يعلمون أنى أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما يبدون وما يكتمون. وإنى قد قضيت يوم خلقت السماء والأرض قضاء اثبتّه على نفسى وجعلت دونه أجلا مؤجّلا لابدّ أنه واقع، فإن صدقوا فيما ينتحلون من علم الغيب فليخبروك متى أنفذه، وفى أىّ زمان يكون. وإن كانوا يقدرون على أن يأتوا بما يشاءون فليأتوا بمثل القدرة التى بها أقضى؛ فإنّى مظهره على الّدين كله ولو كره المشركون. وإن كانوا يقدرون على أن يؤلّفوا ما يشاءون فليؤلّفوا مثل الحكمة التى أدبّر بها أمر ذلك القضاء إن كانوا صادقين. فإنّى قضيت يوم خلقت السموات والأرض أن أجعل النبوّة فى الأجراء «1» ، وأجعل الملك فى الرّعاء، والعزّ فى الأذلّاء، والقوّة فى الضعفاء، والغنى فى الفقراء، والثروة فى الأقلّاء، والمدائن فى الفلوات، والآجام«2» فى المفاوز، والثّرى فى الغيطان، والعلم فى الجهلة، والحكم فى الأميّيّن.
فسلهم متى هذا ومن القيّم به وعلى يدى من أسبّبه، ومن أعوان هذا الأمر وأنصاره.
وإن كانوا يعلمون فإنى باعث لذلك نبيّا أمّيّا لا أعمى من العميان ولا ضالّا من الضالّين، ليس بفظّ ولا غليظ، ولا صخّاب فى الأسواق، ولا متزيّن بالفحش، ولا قوّال للخنا، أسدّده لكل جميل، وأهب له كلّ خلق كريم، ثم أجعل السكينة لباسه، والبرّ شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة معقوله، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمعروف خلقه، والعدل سيرته، والحقّ شريعته، والهدى إمامه، والإسلام ملّته، أحمد اسمه، أهدى به بعد الضّلالة، وأعلّم به بعد الجهالة، وأرفع به بعد الخمالة، وأشهّر
به بعد النّكرة، وأكثّر به بعد القلّة، وأغنى به بعد العيلة، وأجمع به بعد الفرقة؛ وأؤلّف به قلوبا مختلفة، وأهواء متشتّتة، وأمما متفرّقة، وأجعل أمّته خير أمّة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، إيمانا بى، وتوحيدا لى، وإخلاصا بى «1» ، يصلّون قياما وقعودا، وركّعا وسجودا، ويقاتلون فى سببلى صفوفا وزحوفا، ويخرجون من ديارهم وأموالهم ابتغاء رضوانى [ألوفا «2» ] . ألهمهم التكبير والتوحيد، والتسبيح والتحميد، فى مجالسهم ومسيرهم ومضاجعهم ومتقلّبهم ومثواهم؛ يكبّرون ويهلّلون ويقدّسون على رءوس الأشراف، ويطهّرون لى الوجوه والأطراف، ويعقدون الثياب إلى الأنصاف؛ قربانهم دماؤهم، وأناجيلهم صدورهم؛ رهبان بالليل، ليوث بالنهار. ذلك فضلى أوتيه من أشاء، وأنا ذو الفضل العظيم.
قال: فلمّا فرغ نبيّهم شعيا من مقالته عدوا عليه ليقتلوه فهرب منهم فانفلقت له شجرة فدخل فيها، فأدركه الشيطان فأخذ بهدبة من ثوبه فأراهم إيّاها، فوضعوا المنشار فى وسطها فنشروها حتى قطعوها وقطعوه فى وسطها.

[ذكر قصة إرميا عليه السلام]
يتبع

_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: بعض المقتبس من كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يناير 28, 2018 11:10 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مايو 30, 2013 5:51 am
مشاركات: 35527
ذكر قصة إرميا عليه السلام قال أبو إسحاق الثعلبي رحمه الله : استخلف الله تعالى على بني إسرائيل بعد قتلهم شعيا - ع - رجلاً منهم يقال له ناشية بن آموص ، وبعث لهم الخضر نبياً . قال : واسم الخضر إرميا بن حلقيا ، وكان من سبط هارون ابن عمران . قال : وإنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء فقام عنها وهي تهتز خضراء . فقال الله عز وجل لإرميا حين بعثه إلى بني إسرائيل : يا إرميا ، من قبل أن خلقتك اخترتك ، ومن قبل أن أصورك في بطن أمك قدستك ، ومن قبل أن أخرجك من بطن أمك طهرتك ، ومن قبل أن تبلغ السعي نبأتك ، ولأمر عظيم اجتبيك ؛ فذكر قومك نعمي ، وعرفهم أحداثهم ، وادعهم إلي . وكانت الأحداث قد عظمت في بني إسرائيل فركبوا المعاصي واستحلوا المحارم . فقال إرميا : إني ضعيف إن لم تقوني ، عاجز إن لم تنصرني . فقال الله عز وجل : أنا ألهمك . فقام إرميا فيهم ولم يدر ما يقول ، فألهمه الله عز وجل خطبة طويلة بليغة ، بين لهم فيها ثواب الطاعة وعقاب المعصية ، وقال في آخرها : وإني أحلف بعزتي لأقبض لهم فتنة يتحير فيها الحكيم ، ولأسلطن عليهم جباراً قاسياً قلبه ، ألبسه الهيبة وأنزع من صدره الرحمة ، يتبعه عدد مثل سواد الليل المظلم . ثم أوحى الله تعالى إلى إرميا : إني مهلك بني إسرائيل بيافث ، ويافث أهل بابل ، وهم من ولد يافث بن نوح . فلما سمع ذلك إرميا صاح وبكى وشق ثيابه وسد الرماد على رأسه . فلما سمع الله عز وجل تضرعه وبكاءه ناداه : يا إرميا ، أشق عليك ما أوحيت إليك ؟ قال : نعم يا رب ، أهلكني قبل أن أرى في بني إسرائيل ما لا أسر به . فقال الله عز وجل : وعزتي لا أهلك بني إسرائيل حتى يكون الأمر في ذلك من قبلك . ففرح بذلك إرمياً وطابت نفسه وقال : لا والدي بعث موسى بالحق لا أرضى بهلاك بني إسرائيل . ثم أتى الملك فأخبره بذلك ، وكان ملكاً صالحاً ، ففرح واستبشر وقال : إن يعذبنا ربنا فبذنوب كثيرة ، وإن عفا عنا فبرحمته . ثم إنهم لبثوا بعد الوحي ثلاث سنين لم يزادوا إلا معصية وتمادياً في الشر ، وذلك حين اقترب هلاكهم ودعاهم الملك إلى التوبة فلم يفعلوا ، فسلط الله عليهم بختنصر فخرج في ستمائة ألف راية يريد بيت المقدس . فلما فصل سائر أتى الخبر الملك فقال لإرميا : أين ما زعمت أن الله أوحى إليك ؟ فقال إرميا : إن الله عز وجل لا يخلف الميعاد وأنا به واثق . فلما قرب الأجل وعزم الله عز وجل على

يتبع




_________________



مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم
اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم




أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 180 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5 ... 12  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 10 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط