فراج يعقوب كتب:
اللهم صل على سيدنا محمد وآله وسلم
متابعة لا مقاطعة
جزاكم الله خيرا
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
اللهم آمين اللهم آمين ربنا يحفظكم شيخنا الجليل الفاضل الشيخ فراج يعقوب و لا يحرمنا من متابعتكم الطيبة العطرة أكرمكم الله و أعزكم دنيا و دين و جزاكم الله خيرا كثيرا اللهم صل و سلم و بارك على سيدنا النبى و آله الكرام الطيبين
ذكر خبر الرجل الذي قبض بأرض الهند
قال الكسائي : كان سليمان - عليه السلام - قد سأل الله تعالى أن يريه ملك الموت فأراه إياه ، وكان يعوده ويأتيه في كل خميس . فأتاه في بعض الأيام على صورة البشر ، وجعل يطيل النظر إلى رجل في مجلس سليمان حتى أرعب ذلك الرجل . فلما فارقه ملك الموت قال : يا نبي الله ، لقد فزعني هذا الرجل الذي كن في مجلسك من نظره إلي ، فمن هو ؟ قال : هو ملك الموت . قال : يا نبي الله أسألك أن تأمر الريح أن تحملني إلى أرض الهند ، فأمرها سليمان فحملته من مجلسه ووضعته بأرض الهند . ثم جاء ملك الموت إلى سليمان ، فقال له : قد كنت اليوم عندي وأنت تنظر إلى ذلك الرجل نظراً شافياً حتى خاف منك . قال : يا نبي الله ، إني كنت قد أمرت بقبض روحه في موضع من أرض الهند في هذا اليوم ، فلما رأيته عندك عجبت متى يصل إلى الهند ، فإذا الريح قد جاءت به ، فألقته في بالبقعة التي أمرت بقبض روحه فيها ، فقبضت روحه هناك . فعجب سليمان - عليه السلام من ذلك .
ذكر خبر الفتنة وذهاب خاتم سليمان عليه السلام ورجوعه إليه
قال الكسائي : كان سليمان - ع - كلما نزل بمنزل من البراري بنت الجن والشياطين له قصراً بديعاً ، فإذا تحول عنه خربوه . وكان له قصر على ساحل البحر من بناء الجن ، فأمرهم أن يتركوه على حالته . فجاء سليمان إلى ذلك القصر فنزله ، وكان صخر الجني معه وهو شديد الحرص على أن يسلبه الخاتم ؛ لأنه كان قد علم أن ملكه في خاتمه . وكان لسليمان جارية اسمها الأمينة فكان إذا أراد الدخول إلى الخلوة بنسائه يسلم الخاتم إليها ، فإذا اغتسل أخذ خاتمه منها ، وكذلك إذا أراد الوضوء . فجاء سليمان في بعض الأيام فنزل ذلك القصر وأراد الوضوء ، فدفع الخاتم إلى الجارية ، فجاء صخر وقد ألقى على نفسه صورة سليمان ، فقال للجارية : هات الخاتم ، فناولته إياه وهي لا تعلم . فلما صار الخاتم في يد صخر لم يستقر في يده لأنه شيطان ، فرماه في البحر ، فجاء حوت بإذن الله فابتلعه . ومضى صخر وهو على صورة سليمان فجلس على كرسيه ومعه الناس وهم يظنون أنه سليمان ؛ فذلك قوله تعالى : " ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب " قيل : الجسد هو صخر الجني . قال : وخرج سليمان من الخلاء وقد غير الله صورته إلى صورة صخر ، فطلب الخاتم ، فقالت الجارية : أعوذ بالله منك ، قد دفعت الخاتم إلى سليمان . فعلم أن الله قد
أوقع به البلية ، فخرج يريد القصر ويقول للناس : أنا سليمان ، والناس يهزءون بقوله ويقولون : لست سليمان أنت صخر الجني . فجعل سليمان يدور على جميع الناس وهم على كلمة واحدة في إنكاره ، وجعل يدور في القرى ويقول : أنا سليمان والناس يشتمونه حتى لزق بطنه بظهره من الجوع ، فقال : إلهي إنك ابتليت كثيراً من الأنبياء ولم تحرمهم رزقك . إلهي إني تائب إليك من خطيئتي . فلم يزل سليمان كذلك أربعين يوماً لم يطعم شيئاً ، ثم وجد قرصة يابسة ملقاة ، فأخذها ولم يقدر على أكلها ليبسها ، فأقبل إلى ساحل البحر وقعد يبل القرصة فاستلبتها الأمواج من يده . فقال : إلهي رزقتني بعد أربعين يوماً قرصة يابسة نزلت حتى أبلها فاستلبتها الأمواج من يدي وأنت المتكفل بأرزاق العباد ، وأنا عبدك المذنب ، فارزقني فأنت الرزاق الكريم . ثم جعل يمشي على الساحل وهو يبكي ، فإذا هو بقوم يصطادون السمك ، فسألهم شيئاً من الطعام فمنعوه وطردوه وقالوا له . انصرف عنا ، فما رأينا أوحش من وجهك . قال : ما عليكم من وجهي إذا أطعمتموني ؟ قالوا : وحق سليمان إن قمنا إليك لنوجعنك ضرباً إن لم ترح عنا . قال : يا قوم ، فأنا والله سليمان . فضربه رجل منهم على رأسه وقال : أتكذب على نبي الله فبكى حتى بكت الملائكة لبكائه ورحمه أولئك القوم وناولوه سمكة وأعطوه سكيناً ، فشق بطنها ليصلحها ويشويها ويأكلها ، فخرج الخاتم من بطنها فغسله وجعله في إصبعه ، وعاد إليه حسنه وجماله ، فوضع السمكة وسار يريد قصره ، فجعل يمر بتلك القرى ، فكل من كان قد أنكره عرفه وسجد له . فبلغ ذلك صخراً الجني فهرب . وعاد سليمان إلى قصره واجتمع له الإنس والجن والشياطين والسباع والهوام كما كانوا أول مرة . فبعث العفاريت في طلب صخر فأتوه به ، فأمر أن ينقروا له صخرتين وصفده بالحديد وجعله بينهما وأطبقهما عليه وختم عليه بخاتمه وطرحه في بحيرة طبرية . فقال : إنه فيها إلى يوم القيامة . ثم أمر الله الرياح أن تحشر له سائر الشياطين فحشرت له ، فصفد مردتهم بالحديد وحبسهم . هذا ما أورده الكسائي في قصة الفتنة ، وهو أولى ما أورده وأشبه ما نقل .
يتبع