[font=Arial][align=center]الله يرضى لكم ويكره لكم[/align] عن أبى هريرة رضى الله عنه , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إن الله تعالى يرضى لكم ثلاثاً , ويكره لكم ثلاثاً , فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً , وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا , وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم , ويكره لكم : قيل وقال , وكثرة السؤال , وإضاعة المال . "
فى هذا الحديث الشريف , من رقائق أحكام المعرفة بالله , ما يكفى العارف عن غيره , فإن الأسرار المطوية فيه , هى سُلَّمُ المصطفين الأخيار إلى الله تعالى . إن لله تعالى عباداً اصطفاهم لمعرفته , وخصصهم بمحبته , واختارهم لصحبته , واجتباهم لمؤانسته , وقربهم لمناجاته , وحرَّضهم على ذكره , وأنطقهم بحكمته , وأذاقهم من كأس محبته , وفضلهم على جميع خلقه . حتى لم يريدوا به بدلاً , ولا سواه كفيلاً , ولا دونه ناصراً ومعيناً ووكيلاً .
ولقد سبقوا من دونهم سبقاً , لا بكثرة الأعمال , ولكن بصحة الإرادات , وحسن اليقين , مع دقائق الورع , والانقطاع بالقلب إليه , وتصفية السر عن كل ما دون الحق .
فأذاقهم الله طعم لباب معرفته , وأنزلهم فى حظيرة قدسه , لا يصبرون عن ذكره , ولا يشبعون من برَّه ولا يستريحون لغيره .
فيا طوبى لهم ! هم الأقلون عدداً , والأعظمون خطراً , بهم يحفظ الله محبته , حتى يؤدوها إلى نظرائهم .
فيا طوبى لهم ! هم الزاهدون فيما رغب فيه الغافلون , والمستأنسون فيما استوحش منه الجاهلون , والمشتاقون إلى ما هرب عنه الساهون , هم الذين نظروا بأعين القلوب , إلى حجب الغيوب , وجالت أرواحهم فى الملكوت , فهمتهم فى سرهم , وسرهم عند ربهم , به يستمعون , وبه ينظرون , وبه يريدون , وبه يتحركون , قلوبهم بحبها مستأنسة بأنسها .[/font]
|