موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 10, 11, 12, 13, 14, 15, 16 ... 36  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: جزاك الله عنا خيرا
مشاركةمرسل: الثلاثاء نوفمبر 02, 2010 9:27 am 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء أكتوبر 27, 2010 11:40 pm
مشاركات: 42
اختنا المهاجرة

,,, جزاك الله عنا خيرا وجزى الله عنا سيدي احمد ابن عطاء الله السكندري على ماقدمة لنا من نفائس العلوم وان شاء الله سااقوم قريبا بتنزيل كتابه( الحكم العطا ئية ) على هيئة ملف صوتي .

_________________
,,قصم ظهري رجلان:
(عــالـم متهتــك وجــاهـل متـنـسك )
سيدنا علي بن ابي طالب
رضى الله عنه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركةمرسل: الأربعاء نوفمبر 10, 2010 4:40 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
أشكر الأخ جليبيب وجزانا وإياك وبارك الله فيك وزادك الله همة وعمل فى
سبيل الله وفى خدمة حضرة النبى صلى الله عليه وسلم وأهل بيته

---------------------------------------------------

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الخمسون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( ما حجبك عن الله وجوده وجود معه , إذ لا شئ معه
ولكن حجبك عنه توهم موجود معه )

الحق تعالى ظاهر , ونوره للبصائر باهر إنما حجبه مقتضى
اسمه الحكيم واسمه القاهر فما حجبك عن شهود الحق
وجود شئ معه :

{ أإله مع الله , تعالى الله عما يشركون }

ولكن حجبك عن شهوده توهم وجود موجود معه ولا شئ معه
وكما كان ولا شيء , بقى ولا شئ
{ هو الأول والآخر والظاهر والباطن }

واحد في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله , فالفعل لا يصدر من غير
صفة , والصفة لا تفارق الموصوف , فالفعل متحد والفاعل واحد والصفة
متحدة والمتصف بها واحد .
وللششتري رضي الله عنه :
صفاتي لا تخفي لمن نظر
وذاتي معلومة تلك الصور
فافن عن الاحساس ترى عبر

وسبب توهم الغيرية عدم الفكرة , وسبب عدم الفكرة حب العاجلة
فهي الشاغلة للقلوب عن السير إلى حضرة علام الغيوب
وحكمة حب الدنيا ظهور القهرية , فمن قهاريته تعالى أن احتجب
بلا حجاب , وغطي نور شمسه بلا سحاب.

وأيضاً قوالب العبودية حجبت مظاهر أنوار الربوبية , ووجود
الحكمة ستر ظهور القدرة .

وقال بعض العارفين : الحق تعالى منزه عن الأين والجهة والكيف
والمادة والصورة , ومع ذلك لا يخلو منه أين ولا مكان ولا كم
ولا كيف ولا جسم ولا جوهر ولا عرض , لأنه للطفه سار في
كل شئ , ولنوريته ظاهر في كل شيء ولإ طلاقه واحاطته
متكيف بكل كيف غير متقيد بذلك , ومن لم يذق هذا ولم يشهده
فهو أعمى البصيرة , محروم عن مشاهدة الحق اهـ
ومن كلام ابن وفا رضي الله عنه :

هو الحق المحيط بكل شئ ... هو الرحمن ذو العرش المجيد
هو النور المبين بغير شك ... هو الرب المحجب في العبيد
هو المشهود في الإشهاد يبدو ... فيخفيه الشهود عن الشهيد
هو العين العيان لكل غيب..... هو المقصود من بيت القصيد
جميع العالمين له ظلال ... سجود في القريب وفي البعيد
وهذا القدر في التحقيق كاف ... فكف النفس عن طلب المزيد

وقال الشيخ القطب مولاي عبد السلام بن مشيش مخاطباً لوارثه الشيخ
أبى الحسن الشاذلي رضي الله عنهما في وصية له وقد تقدمت :
حدد بصر الإيمان تجد الله تعالى في كل شيء , وعند كل شئ , وقبل كل
شئ , وبعد كل شئ , وفوق كل شئ , وتحت كل شيء ,وقريباً من كل
شئ , ومحيطاً بكل شئ , بقرب هو وصفه , وبحيطة هي نعته , وعد عن
الظرفية والحدود , وعن الأماكن والجهات , وعن الصحبة والقرب في
المسافات , وعن الدور بالمخلوقات , وامحق الكل بوصفه الأول والآخر
والظاهر والباطن , وهو هو :

" كان الله ولا شئ معه , وهو الآن على ما عليه كان " اهـ

قال بعضهم : ونبه بقوله وعد الخ على أن ما جرى في كلامه من الظروف
ليست بزمانية ولا مكانية , لأنها من جملة الأكوان : وإنما هي أمور ذوقية
فاعتقد كمال التنزيه وبطلان التشبيه , وتمسك بقوله عز وجل :
{ ليس كمثله شئ وهو السميع البصير }

وسلم ذلك لأهله فإنهم على بصيرة فيما رمزوا إليه مما ذاقوه ووجدوه , بل
هو من محض الإيمان وخالص العرفان , وهو حقيقة التوحيد وصفو الإيمان
وأما قوله وهو الآن على ما عليه كان وإن لم يرد في الحديث الصحيح , فهو
في نفسه صحيح , إذ لا وجود في الحقيقة للأشياء معه تعالى ,وإنما هي
كالخيال , ووجود الظلال , فلا تنسخ أحديته ولا ترفع فردانيته .

وبالجملة فمن غلب عليه شهود الأحدية , وكوشف بسر الوحانية
واستغرق في الحقيقة العيانية , انقطع عن الشهور بنفسه , وغاب عن
السوى بالكلية , وإن رد إلى الشعور به رآه قائماً به وظارهاً فيه وبه
حكماً من أحكامه أهـ

وقال في لطائف المنن : وأشبه شئ بوجود الكائنات إذا نظرت إليها بعين
البصيرة وجود الظلال والظل , لا موجود باعتبار جميع مراتب الوجود
ولا معدوم باعتبار جميع مراتب العدم .

وإذا اثبتت ظلية للآثار لم تنسخ أحدية المؤثر , لأن الشئ إنما يشفع بمثله
ويضم إلى شكله , كذلك أيضاً من شهد ظلية الآثار لم تعقه عن الله
فإن ظلال الأشجار في الأنهار لا تعوق السفن عن التسيار
ومن ها هنا تبين لك أن الحجاب ليس أمراً وجودياً بينك وبين الله تعالى
ولو كان بينك وبينه حجاب وجودي للزم أن يكون أقرب إليك منه ولا شئ
أقرب من الله , فرجعت حقيقة الحجاب إلى توهم الحجاب اهـ

ولما قرر أمرالوحدة ونفي وجود الغيرية , استشعر سائلاً يقول له :
وهذه المكونات الظاهرة فما تقول فيها مع ثبوت الوحدة فأجاب بأنها قائمة
به , ولولا ظهور نوره فيها ما ظهرت

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركةمرسل: الخميس نوفمبر 18, 2010 4:34 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الواحد والخمسون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( لولا ظهوره في المكونات ما وقع عليها وجود أبصار لو ظهرت
صفاته اضمحلت مكوناته)

كان الله ولا شئ معه , فكانت الخمرة الأزلية القديمة لطيفة خفية
نورانية روحانية , وليس هناك شكل ولا رسم متصفة بصفات
المعاني والمعنوية , متسمية بأسمائها القديمة , منعوتة بنعوت
الجلال والجمال فاقتضت الخمرة ظهور حسنها وجمالها
واقتضت الصفات ظهور آثارها والأسماء ظهور مطالبها , فقبضت
الصفات من النور اللطيف قبضة نورانية لمقتضى اسمه الظاهر
واسمه القادر , فطلبها أيضاً أسمه الباطن واسمه الحكيم فابطنها
في حال ظهورها , وغطاها في حال بروزها , فكانت ظاهرة باطنة
ثم تفرغت تلك القبضة على تفاريع كثيرة بعدد الصفات وتنوعت على
أجناس كثيرة بتنوع الأسماء :
فالماء واحد والزهر ألوان *

وفي ذلك يقول صاحب العينية:

وكل الورى طرا مظاهر طلعتي ... مراء بها من حسن وجهي لامع

ظهرت بأوصاف البرية كلها ... أجل لي ذوات الكل نوري ســــــاطع

فبحر الجبروت فياض إلى عالم الملكوت ,ثم احتجب بالحكمة
فصار ظاهره ظلمة وباطنه نوراً , ظاهره حكمة وباطنه قدرة , ظاهره
ملك وباطنه ملكوت , والجميع جبروت .

فإذا تقرر هذا علمت أن الأكوان لا وجود لها من ذاتها , فلولا ظهور
الحق بها ما ظهرت , ولا وقع عليها أبصار الخلق كما قال القائل :

من لا وجود لذاته من ذاته ... فوجوده لولاه عين محال
وقال آخر :
فلم يبق إلا الحق لم يبق كائن ... فما ثم موصول وما ثم بائن
بذا جاء برهان العيان فما رأى ... بعيني شيئاً غيره إذ أعاين

وظهور تعالى بواسطة تجليات الأكوان فيه لطف كبير , إذ لا يمكن
شهوده ومعرفته إلا بواسطة هذه التجليات , ولو ظهر بالأوصاف
التي كان عليها في الأزل بلا واسطة لتلاشت الكائنات واضمحلت .

وفي الحديث :
" حجابه النور , لو كشف عنه لأحرقت سبحات وجهه كل شئ
أدركه بصره " اهـ

وهذا معنى قوله : لو ظهرت صفاته اضمحلت مكوناته
أي : لو ظهرت نعوته الأصلية الأزلية لاضمحلت المكونات الحديثة
إذ الكائنات كلها تكثيف للأسرار اللطيفة , التي هي نعوت الخمرة
الأزلية , التي أشار إليها ابن الفارض في خمر يته بقوله :

صفاء ولا ماء ولطف ولا هوى ... ونور ولا نار وروح ولا جسم
تقدم كل الكائنات حديثها ... قديم ولا شكل هناك ولا رسم

فلو ظهرت الأسرار اللطيفة لتلاشت الكائنات الكثيفة
إذ لا ظهور للكثيف إذا رجع لطيفاً . وما مثال الكون إلا كالثلجة
ظاهرها جامد وباطنها مائع , فإذا ذوبت الثلجة رجعت إلى أصلها
ماء ولم يبق للثلجة أثر .

فكذلك المكونات الحسية إذا ظهرت أسرارها اللطيفة التي قامت
بها ذابت ذواتها الكثيفة ولا تلاشت ورجعت لأصلها , وإلى هذا
المعنى أشار صاحب العينية بقوله :

وما الكون في التمثال إلا كثلجة ... وأنت لها لا ماء الذي هو نابع
فما الثلج في تحقيقنا غير مائة ... وغيران في حكم دعته الشرائع
ولكن بذوب الماء يرفع حكمه ... ويوضع حكم الماء والأمر واقع

فمن وقف مع ظاهر الثلجة أنكر الماء الذي في باطنها وكان جاهلاً
بحقيقتها , ومن نفذ إلى باطنها عرف أصلها وفرعها
وكذلك الأكوان ظاهرها غرة لمن وقف مع كثافتها وباطنها عبرة لمن
نفذ إلى أصلها
وقد مثلوا أيضاً الكون بصورة جبريل حين كان يتصور في صورة دحية
فمن رآه كثيفاً قال دحية وأنكر أن يكون ملكاً
ومن عرف أصله لم ينكره ولم يقف مع ظاهره , فإذا تلطف ورجع إلى
أصله ذهبت تلك الصورة واضمحلت فكذلك الكون إنما هو خيال فما دام
موجوداً في الحس رأى وظهر , فإذا رجع إلى أصله بظهور أسراره التي
قام بها اضمحل ولم يبق له أثر , وقد أشار إلى هذا صاحب العينية
أيضاً بقوله :

تجليت بالتحقيق في كل صورة ... ففي كل شئ من جمالي لوامع
فما الكون في التمثال إلا كدحية ... تصور روحي فيه شكل مخادع

ويسمون هذه الأسرار التي قامت بها الأكوان معاني , ويسمون
الأكوان أواني حاملة للمعاني , فلو ظهرت المعاني لاضمحلت الأواني
ومن وقف مع حس الأواني حجب عن أسرار المعاني , وفي ذلك
يقول الششترى رضي الله عنه :

لا تنظر إلى الأواني ... وخض بحر لا معاني
علك أن تراني

وقال ابن الفارض رضي الله عنه :
ولطف الأواني في الحقيقة تابع ... للطف المعاني والمعاني بها تسمو

فالأواني كلها لطيفة في الحقيقية تابعة للطف المعاني لأنها منها
وإنما تكثفت في حق أهل الحجاب الذين وقفوا مع ظواهر الأشياء
واشتغلوا بخدمة الحس قلباً وقالباً , فعظم عليهم الحس وقويت
دائرة حسهم وغلظ الحجاب في حقهم , فعبادتهم حسية , وفكرتهم
حسية وذلك لصحبتهم أهل الحس , ولو صحبوا أهل المعاني
لاشتغلوا بخدمة المعاني حتى تتلطف لهم الأواني .

وللحكمة بقية إن شاء الله تعالى

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركةمرسل: الأربعاء نوفمبر 24, 2010 1:04 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

نكمل باقى الحكمة السابقة :

قال شيخ شوخنا سيدي على الجمل رضي الله عنه :

سألت الشيخ يعني سيدي العربي ابن عبد الله فقلت :
يا سيدي كنت أظن أنه لا يشفى غليل الإنسان إلا الحس يعني
العبادة الحسية , ولا ظننت قط أن فعل المعاني يشفي الغليل
أبداً والآن وجدت نفسي بالعكس لا يشفي غليلها إلا المعاني
فأجابني بأن قال :
يا ولدي لما كانت همتك مشورة للحسيات , أمدك الله فيها فصرت
لا تقنع إلا بالحسيات , والآن انعكس الأمر لما وافقت أهل المعاني
أثرت معرفتهم فيك بتشوير همتك لبلاد المعاني , ولما انقلبت همتك
عن بلاد الحس وشورت لبلاد المعاني , أمدك الله فيها فصرت تقطع
بالمعاني كما كنت تقطع بالحسيات اهـ

مختصراً . فكل من صحب أهل المعاني وانقلبت همته لبلاد المعاني
حتى صارت عبادته باطنية معنوية تلطفت في حقه الأواني
ولم ير إلا المعاني .

ومما منّ الله علىّ بصحبة أهل المعاني أني إذا نظرت إلى الكون
بعين بصيرتي من عرشه إلى فرشه ذاب وتلاشى ولم يبق له أثر :

{ والله ذو الفضل العظيم }

تنبيه : سئل سيدي أحمد بن يوسف الملياني عن ذات الحق تعالى
هل معنوية أو حسية ؟ فقال : هي حسية لا تدرك , قال سيدي
عبد الله الهبطي : وهذا مما يدل على تحقيق معرفته

ذات الحق تعالى موجودة لطيفة , لا تدركها الأبصار , ولا تكيفها العقول
متصفة بصفات المعاني والمعنوية , ولو كانت صفة أو معنى
كما يزعمه النصارى لم تتصف بصفات المعاني ولا المعنوية
لأن الصفة والمعنى لا يقوم بنفسه ولا بد أن يقوم بغيره
والصفة لا تتصف بصفة أخرى .

وأما قول بعض المتأخرين : المعنى لا يقبض إلا بالحس , وقولهم أيضاً:
لا تنظر إلى الأواني , وخض بحر المعاني

وقولهم : الأكوان أواني حاملة للمعاني
فاعلم انه قد تقدم أنهم يطلقونهم على أسرار الذات وهي الخمرة
الأزلية معاني لخفائها ولطاقتها , فأشبهت المعاني من هذا الوجه .

فتحصل أن الحس لا قيام له إلا بالمعنى وهي معاني أسرار الذات
فصار قيام الأشياء كلها بالله ولا وجود لها معه , وهو الذي أشار
إليه بن الفارض بقوله :

وقامت بها الأشياء ثم لحكمه ... بها احتجبت عن كل من لا له فهم

أي قامت الأشياء كلها بالذات العلية أي بأسرارها اللطيفة الأزلية

وقولهم أيضاً : الذات عين الصفات والصفات عين الذات .
فاعلم أنه لما كان لا ظهور للذات إلا من أنوار الصفات
ولا قيام للصفات إلا بالذات , والصفات لا تفارق الموصوف
صار كأن هذا عين هذا , فنطقوا بتلك العبارة تحويشاً للجمع
وفراراً من الفرق , وهو اصطلاح منهم سموا ما تكثف وظهر للحس
صفات وما بطن من سر الربوبية ذاتاً ومعني , والصفات لا تفارق
الموصوف كما تقول في الثلجة ظاهرها ثلج وباطنها ماء فالثلج
صفات والماء ذات و الثلج حس , والماء معنى للطافته وخفائه صار
كأن معنى قال بن عباس رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى :

{ وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه }

قال : في كل شئ اسم من أسمائه , واسم كل شئ من اسمه
فإنما أنت بين أسمائه وصفاته وأفعاله , باطناً بقدرته ,ظاهراً بحكمته
ظهر بصفاته , وبطن بذاته , حجب الذات بالصفات , وحجبت الصفات
بالأفعال , وكشف العلم بالإرادة , وأظهر الإرادة بالحركات وأخفى
الصنع في الصنعة , وأظهر الصنعة بالذوات , فهو باطن في غيبه
وظاهر بحكمته وقدرته :

{ ليس كمثله شئ وهو السميع البصير } اهـ

نقله شارح بداية السلوك هكذا عن ابن عباس رضي الله عنها .

فقوله : حجب الذات بالصفات أي حجب أسرار الذات بأنوار الصفات
وهي أثرها .

وقوله : وحجب الصفات بالأفعال , لأن الأفعال ظروف للصفات لأنها
أثر من آثارها ومظهرة لها .

وقوله : وكشف العلم بالإرادة : أي أظهر ما سبق في علمه بإرادته
المخصصة لوقت إظهاره .

وقوله : وأظهر الإرادة بالحركات : أي أظهر ما سبق من إرادته بظهور
الحركات الدالة على ما أراد .

وقوله : وأخفي الصنع في الصنعة : أي أخفى الصانع في صنعته .

وقوله : وأظهر الصنعة بالذوات : أي أظهر قدرته في الإجرام وسائر
الذات , والله تعالى أعلم .

وقوله شيخ شيوخنا سيدي على رضي الله عنه في كتابه في
تفسير الذات والصفات إن كل ما هو جلال فهو ذات , وكل ما هو
جمال فهو صفات , فإنما ذلك على وجه التشبيه , فإن تجلى
الصفات كله جمال , لأنه محل نزهة أرواح العارفين , وبه يرتقى
أهل الدليل إلى معرفة رب العالمين , وهو الذي شبهه الشيخ
ابن مشيش بالرياض في قوله : فرياض الملكوت الخ .

وأيضاً هو الذي تمكن رؤيته وتحصل المعرفة به , بخلاف تجلى الذات
فإنه حلال محض , إذ لو ظهر ذرة من نوره الأصلي بلا واسطة
لاحتراق الكون من أصله , وفي الحديث :

" حجابه النار " وفي رواية :
" النور , لو كشف عنها لأحرقت سبحات وجهه كل شئ أدركه بصره ".

فصار تجلى الصفات كله جمال , وتجلى الذات كله جلال , فأطلق
وجهه التشبيه أن كل لما يشق على النفس فهو ذات. لأنه جلال
كتجلى الذات ,وكل مايخف على النفس فهو صفات لأنه جمال كتجلي
الصفات , والله تعالى أعلم .

وإنما أطلت الكلام في هذه المسألة , لأني لم أر من تكلم عليها
ولا من شفي فيها الغليل , وكنت كثير البحث عنها فلم أجد من
يشفيني فيها وهذا ما ظهر لي فيها وما أنتجبته فكرتي
والله تعالى أعلم , وبالله التوفيق .

ثم استدل على ظهوره في المكونات بقوله تعالى :
{ هو الأول والآخر والظاهر الباطن }

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركةمرسل: الأحد نوفمبر 28, 2010 7:00 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الثانية والخمسون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( أظهر كل شئ بأنه الباطن , وطوى وجود كل شئ
بأنه الظاهر )

ومضمون هذا : أن اسمه تعالى الباطن يقتضى ظهور الأشياء
حساً ليكون باطناً بسبب ظهور حسها , لأن الحس رداء
أسرار المعانى , واسمه الظاهر يقتضى بطون الأشياء :
أى هلاكها واضمحلالها , ليكون ظاهراً بما ظهر منها
هذا معنى قوله إظهر كل شىء بأنه الباطن : أى سبب أنه
الباطن ليتحقق بطونه بها, وطوى وجود كل شئ بسبب
أنه الظاهر ليتحقق انفراده بالظهور فيها .

والحاصل أن الحصر في قوله تعالى :
{ هو الظاهر } يدل على أنه لا ظاهر معه فانطوي
الأشياء واضمحل لها .
وقوله { هو الباطن } يدل على أنه لا باطن سواه
فبطنت الأشياء كلها بعد ظهورها , فدل كلامه سبحانه
أن ما ظهر به هو الذي بطن فيه والذي بطن به هو الذي
ظهر فيه والألم لم يصح الحصر .

فإن قلت المتقابلان لا يجتمعان كالضدين وكيف جمعتهما
في ذات واحدة ؟
قلت لم يتواردا على محل واحد بل ذلك باعتبارين :
فاسمه الظاهر باعتبار الحس في عالم الحكمة , واسمه الباطن
باعتبار المعني في عالم القدرة , فالحكمة ظاهرة والقدرة باطنة .

أو تقول ظاهر باعتبار مظاهر الربوبية , باطن باعتبار
قوالب العبودية, أو تقول ظاهر باعتبار التعريف , باطن
باعتبار التكييف
فالذات واحدة والاعتبارات مختلفة وذلك كثير .

فتحصل أن الحق سبحانه ظاهر في بطونه , باطن في ظهوره
ما ظهر به هو الذي بطن فيه , وما بطن به هو الذي ظهر فيه
أي ما ظهر فيه بحكمته هو الذي بطن فيه بقدرته , وما بطن
فيه بقدرته هو الذي ظهر فيه بحكمته , وهو الذي قصده
الشاعر بقوله:

لقد ظهرت فلا تخفى على أحد
إلا على أكمه لا يبصر القمرا

لكن بطنت بما أظهرت محتجباً
وكيف يعرف من بالعزة استترا

والله تعالى أعلم .

تنبيه قد كنت سألت الشيخين : أعني شيخنا وشيخه
عن الخمرة الأزلية قبل تجليها هل تسمى ظاهرة باطنة
أو إنما تسمي باطنة فقط للطافتها حينئذ ؟
فأجابتني : بأن ما كان هو الذي ظهر وليس الذي ظهر
غير ما كان في الأزل
" كان الله ولا شئ معه , وهو الآن على ما عليه كان "

يعني أن الذات العلية كما كانت متصفة بصفاتها وأسمائها
في الأزل بقيت كذلك فيما لا يزال , فكان في الأزل
ظاهراً باطناً , وبقي بعد التجلي كذلك ظاهراً لنفسه باطناً
عن خلقه , ما تجلى به ظاهرا هو فيه أيضاً باطن .

وقال القاشاني في شرح تائية ابن الفارض ما نصه بعد كلامه
وأظهر الحق تعالى سرد ذاته وصفاته في مظاهر أفعاله
وما كان لخفائه عليه قبل ذلك كما حكاه عن المحبوبة
بلسان الجمع في قوله :

مظاهر لي فيها بدوت ولم أكن
علىّ بخاف قبل موطن برزة

ولكن ليتجلى باسمه الظاهر آخر كما كان متجلياً باسمه
الباطن أولاً والعجب كل العجب أنه تعالى ما ظهر
بشئ من مظاهر أفعاله إلا وقد احتجب به كما قال :

بدت باحتجاب واختفت بمظاهر
على صيغ الأكوان في كل برزة

اهـ كلامه رضي الله عنه .

والتحقيق أن يقال : الحق تعالى لم يزل متصفاً بأسمائه
وصفاته في الأزل وفيما لا يزال , لكن ظهور آثارها
وقع فيما لا يزال , فكان متصفاً باسمه الظاهر والباطن
في الأزل , وظهر بعد ذلك آثارهما فيما لا يزال
والله تعالى اعلم .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركةمرسل: الأربعاء ديسمبر 08, 2010 11:19 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الثالثة والخمسون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( أباح لك أن تنظر في المكونات , وما أذن لك أن تقف مع
ذوات المكونات , قل انظروا ماذا في السموات والأرض
فبقوله : انظروا ماذا في السموات فتح لك باب الإفهام
ولم يقل انظروا السوات لئلا يدلك على وجود الإجرام )

إنما أبرز الله هذه المكونات وأظهر هذه العوالم ليعرف بها
ويظهر نوره فيها . قال تعالى :
{ وما خلقنا السوات والأرض وما بينهما لاعبين .
ما خلقناهما إلا بالحق }
وقال تعالى : { أفحسبتم إنما خلقناكم عبثا }

قال في لظائف المنن : فما نصبت الكائنات لتراها ولكن
لترى فيها مولاها , فمراد الحق منك أن تراها بعين من
لا يراها , تراها من حيث ظهوره فيها ولا تراها من حيث
كونيتها , قال ولنا في هذا المعني :

ما أقام لك العوالم إلا
لتراها بعين من لا يراها

فارق عنها رقي من ليس يرضى
حالة دون أن يرى مولاهــا

فأباح لك أيها الإنسان أن تنظر ماذا في السموات والأرض
من النور الذي قامت به الأشياء , وما أباح لك أن تقف
مع ذوات المكونات , تقف مع القشر وتحجب عن اللب
وقد تقدم قوله :
الأكوان ظاهرها غرة وباطنها عبرة , فمن وقف مع ظاهرها كان
محجوباً , ومن نفذ إلى باطنها كان عارفاً محبوباً , ولأجل هذا السر
قال تعالى :
{ قل انظروا ماذا في السموات }

أي ما فيها من عظمته ومعاني أسرار ذاته وكمال قدرته
وإرادته وسائر صفاته , فقد فتح لك باب الإفهام , جمع فهم :
أي قتح لك باب الفهم لتدخل بها من ظاهر القشر إلى باطن
اللب , حتى تعرفه في كل شئ , وتفهم عنه في كل شئ
ولو قال الحق تعالى : قل انظروا السموات , لدلك على الأجرام
وسد لك باب الإفهام وكيف يدلك على الأجرام وهي أغيار
والأغيار مانعة من الدخول إلى شهود الأنوار ؟

ومثال ذلك في التقريب لو قال لك قائل :
انظر هذه الثلجة لدلك على ظاهر جرمها , ولو قال لك انظر
ما في هذه الثلجة لفتح لك باب الفهم إلى نظر ما في باطنها من
الماء دون الوقوف مع ظاهر جرمها .

واعلم أن الحق سبحانه ندب عباده إلي معرفة ذاته ودرجهم إليها
شيئاً فشيئاً , فمنهم من قصر , ومنهم من وصل , فدرجهم أولا
ً إلى توحيد الأفعال وأنه لا فاعل سواه فقال تعالى :
{ وربك يخلق ما يشاء ويختار}, { إن ربك فعال لما يريد }
{ والله خلقكم وما تعلمون }
{ ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد }

وقال في فعل غير الآدمي :
{ ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها }

وفي شأن الطير :{ ما يمسكهن إلا الرحمن }
وقال تعالى : { وما من دابة في الأرض ولا ظائر يطير بجناحيه
إلا أمم أمثالكم }
أي في قهر قبضتنا , مقدرة آجالها , مقسومة أرزاقها
معدودة أنفاسها , محفوظة أجسامها , معلومة أماكنها
ظاهرة أشباحها , باطنة أنوارها .

وقال في توحيد الصفات , وأنه لا سميع ولا بصير ولا قدير
ولا متكلم إلا الله :{ إنه هو السميع البصير }
أي دون غيره , فلا سمع ولا بصر إلا به سبحانه

وقال تعالى :{ إنه هو الحكيم العليم }
وقال تعالى :{ وما تشاؤن إلا أن يشاء الله }

إلى غير ذلك من الآيات .
وقال تعالى في توحيد الذات:{وهو الله في السوات وفي الأرض}
{ الله نور السموات والأرض }

على تفسير أهل الإشارة وهم أهل الباطن , وقال :
{ فأينما تولوا فثم وجه الله } {وإذ قلنا لك أن ربك أحاط بالناس }
{إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله }

وقال في محو الواسطة :{ فإذا قرأناه فاتبع قرآنه }
{ أنا صببنا الماء صباً ثم شققنا الأرض } أي بالحرث ( شقاً )

ويحتمل أن تكون منها أو من توحيد الأفعال :
{ وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى }
{ ولكن الله ألف بينهم } وقد يجمع الحق تعالى في آية واحدة
توحيد الصفات , ويرقى إلى توحيد الذات كقوله تعالى :
{ سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق }
ثم رقاهم إلى الشهود بقوله :
{ أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد }
{ ألا أنهم في مرية من لقاء ربهم ألا أنه بكل شيء محيط }
وقال تعالى : { إن الذين يخشون ربهم بالغيب لم مغفرة وأجر كبير}

ثم رقاهم من الغيب إلى الشهادة بقوله :
{وأسروا قولكم أو أجهروا به أنه عليم بذات الصدور
ألا يعمل من خلق وهو اللطيف الخبير }

فتحصل أن الأشياء كلها قائمة بالله أثبتها ليعرف بها , ثم
محاها بوحدانيته .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 14, 2010 1:03 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين ديسمبر 13, 2010 6:35 pm
مشاركات: 2
هل يوجد تسجيل صوتى للحكم بصوت الشيخ البوطى اكرمكم الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 14, 2010 8:34 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا

أولاً : نرحب بالأخ د- عطية مصطفى معنا فى الموقع وأهلاً وسهلاً به
ثانياً : والله أنا لا أعلم إن يوجد تسجيل صوتى للحكم فى الموقع لكن
قد وعد الأخ جليبيب بتنزيل للحكم على هيئة ملف صوتى
إن شاء الله قريباً والله الموفق للجميع

======================================

معنا اليوم الحكمة الرابعة والخمسون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( الأكوان ثابتة بإثباته ممحوة بأحدية ذاته )

الأكوان : هي ما ظهر في عالم الشهادة .
أو تقول ما دخل عالم التكوين , وهي موجودة بوجود الحق
قائمة به ثابتة بإثباته , ليعرف بها , ممحوة باحدية ذاته لانفراد
وجوده , فمن أثبتها لنفسها فقد جهله فيها وحجب بها عن
شهود موجدها , ومن أثبتها بالله فقد عرف فيها وشهد فيها
مولاها , فالثبوت للأكوان أمر عرضي , والحق اللازم هو
وجود أحدية الحق تعالى , والأحدية مبالغة في الوحدة
ولا تتحقق إلا إذا كانت الوحدة بحيث لا يتمكن أن يكون
أشد وأكمل منها , فمن مقتضى حقيقتها محو الأكوان وبطلانها
بحيث لا توجد , إذ لو وجدت لم تكن أحدية ولكان في ذلك
متعدداً وأثنينية كما قيل :

أرب وعبد ونفى ضد ... قلت له ليس ذاك عندي
فقال ما عندكم فقلنا ... وجود فقد وفقد وجد
توحيد حق بترك حق ... وليس حق سواى وحد

ومعنى كلام الشاعر : الإنكار على من أثبت الفرق بان جعل
للعبودية محلاً مستقلاً منفصلاً عن أسرار معاني الربوبية قائماً
بنفسه , ولا شك أن العبودية تضاد أوصاف الربوبية على هذا
الفرق وأنت تقول في توحيد الحق لا ضد له , فقد نقضت
كلامك , ولذلك قال ونفى ضد , فالواو بمعنى مع . وهو داخل
في الإنكار أي أيوجد رب وعبد ستقل مع نفي الضد للربوبية
والعبودية تضاد أوصاف الروبوبية , والحق أن الحق تعالى تجلى
بمظاهر لجمع في قوالب الفرق وظهر بعظمة الربوبية في إظهار
قوالب العبودية , فلا شئ معه .

وقوله في الجواب : وجود فقد : أي عندنا وجود فقد السوى
وفقد وجود النفس .

وقوله توحيد حق بترك حق : أي توحيد حق الحق بترك حق
الغير ولا غير , ولذلك قال وليس حق موجود سوى وجودي
وحدى , تكلم على لسان الفناء والله تعالى أعلم .

وقال آخر:
سر سرى من جناب القدس أفناني
لكن بذاك الفـنا عني قد أحياني

وردني للبقاء حتى أعـــبر عن
جمال حضرته لكل هيـــمان

وصرت في ملكوت من عجــائبه
لم ألف غير وجود ماله ثـــاني

وأنشد المؤلف لنفسه في لظائف المنن يوصى رجلاً من إخوانه
اسمه حسن :

حسن بأن تدع الوجود بأسره
حسن فلا يشغلك عنه شاغل

ولئن فهمت لتعلمن بانــه
لا ترك إلا للذي هو حاصل

ومتى شهدت سواه فاعلم أنه
من وهمك الأدنى وقلبك ذاهل

حسب الإله شهوده لوجوده
والله يعلم ما يقول القائـل

ولقد أشرت إلى الصريح من الهدى
دلت عليه أن فهمت دلائـــل

وحديث كان وليس شيء دونــه
يقضي به الآن اللبيــب العاقل

لا غرو إلا نسبــــة مثبوتة
ليذم ذو ترك ويحمد فاعــل

وحاصلها : تحويش العباد إلى الله وتحبيبه إليهم , بذكر
ما اشتمل عليه الحق سبحانه من الكرم والإحسان ,وغاية اللطف
والمبرة والامتنان , وذلك أن سبحانه منّ علينا أولا بالطاعة والعمل
وتفضل علينا ثانياً بالقبول مع ما اشتمل عليه علمنا من النقص
والخلل , ثم إذا وقعت منا معصية أو زلل عطانا بستره وبمغفرته
لنا تفضلاً , وإذا توجهنا إليه بقلوبنا سترنا منها وعصمنا ليعظم
قدرنا , ويظهر شكرنا , فنتخذه صاحباً , وندع جانباً , فحينئذ
تشرق في قلوبنا أنوار اليقين , ونرحل إلى الآخرة في أقرب حين
ثم تشرق علينا أنوار الإحسان، فتنطوى لنا رؤية الأكوان , بشهود نور
الملك الديان , فحينئذ ينشر محاسننا للعباد , فيقبلون علينا
بالثناء والمحبة والوداد

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركةمرسل: الثلاثاء ديسمبر 14, 2010 9:01 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس يونيو 14, 2007 2:19 pm
مشاركات: 5938
سيدى الفاضل الدكتور عطية مصطفى

هذه سلسلة كاملة لحلقات الدكتور البوطى فى شرح الحكم العطائية فى الرابط التالى

الرابط


و هذه مجموعة للحلقات مرئية, و يمكن أن تجد حضرتك مجموعة اخرى على موقع اليوتيوب


رابط 2


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركةمرسل: الأحد ديسمبر 19, 2010 10:10 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الخامسة والخمسون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

(الناس يمدحونك بما يظنون فيك , فكن أنت ذاماً لنفسك
بما تعلمه منها )

إذا مدحك الناس بشئ ليس هو موجود فيك , فاعلم
أن ذلك هواتف من الحق يهتفون بك ويحوشونك إلى الزيادة
ويقولون لك : الخير أمامك فلا تقنع بذلك , ولا تركن إلى ما هنالك
بل ارجع إلى نفسك باللوم , ولا يغرنك ثناء القوم فإنهم لا يعلمون
منك إلا الصوان الظاهر , وأنت تعلم من نفسك اللب الباطن .

قال بعضهم : من فرح بمدح الناس فقد مكن الشيطان أن يدخل
بطنه .
وكان بعضهم : يقول اللهم اجعلني خيراً مما يظنون , ولا تؤاخذني
بما يقولون , واغفر لنا ما لا يعلمون , وإنما قلنا مدائح الناس هواتف
الحق إذ ليس في الوجود إلا الحق :

{ ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك }

فأهل الفهم عن الله يستمعون إلى الخطاب , فإذا سمعوه مدحهم
بشئ نظروا , فإذا كان فيهم علموا أنه تنبيه لهم على مقام الشكر
وأن لم يجدوه فيهم علموا أنه تنبيه لهم على تحصيل ذلك المقام
ولهذا لما سمع أبو حنيفة قوماً يمدحونه بقيام الليل كله وكان لا يقوم
إلا نصفه جعل يقوم الليل كله .
وقد ذم الله قوماً أحبوا أن يمدحوا بما لم يفعلوا فقال :
{ ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب }

وقال المحاسبي رضي الله عنه : مثل الذي يفرح بمدح الباطل كمن
يقال له : العذرة التي تخرج من جوفك لها رائحة المسك
وهو يفرح بذلك ويرضى بالسخرية به . اهـ

ثم إن ذمك لنفسك إذا توجه الخلق إليك بالمدح إنما هو حياء من
ربك حيث ستر عيوبك وأظهر محاسنك .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركةمرسل: الأحد ديسمبر 19, 2010 10:10 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الخامسة والخمسون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

(الناس يمدحونك بما يظنون فيك , فكن أنت ذاماً لنفسك
بما تعلمه منها )

إذا مدحك الناس بشئ ليس هو موجود فيك , فاعلم
أن ذلك هواتف من الحق يهتفون بك ويحوشونك إلى الزيادة
ويقولون لك : الخير أمامك فلا تقنع بذلك , ولا تركن إلى ما هنالك
بل ارجع إلى نفسك باللوم , ولا يغرنك ثناء القوم فإنهم لا يعلمون
منك إلا الصوان الظاهر , وأنت تعلم من نفسك اللب الباطن .

قال بعضهم : من فرح بمدح الناس فقد مكن الشيطان أن يدخل
بطنه .
وكان بعضهم : يقول اللهم اجعلني خيراً مما يظنون , ولا تؤاخذني
بما يقولون , واغفر لنا ما لا يعلمون , وإنما قلنا مدائح الناس هواتف
الحق إذ ليس في الوجود إلا الحق :

{ ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك }

فأهل الفهم عن الله يستمعون إلى الخطاب , فإذا سمعوه مدحهم
بشئ نظروا , فإذا كان فيهم علموا أنه تنبيه لهم على مقام الشكر
وأن لم يجدوه فيهم علموا أنه تنبيه لهم على تحصيل ذلك المقام
ولهذا لما سمع أبو حنيفة قوماً يمدحونه بقيام الليل كله وكان لا يقوم
إلا نصفه جعل يقوم الليل كله .
وقد ذم الله قوماً أحبوا أن يمدحوا بما لم يفعلوا فقال :
{ ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب }

وقال المحاسبي رضي الله عنه : مثل الذي يفرح بمدح الباطل كمن
يقال له : العذرة التي تخرج من جوفك لها رائحة المسك
وهو يفرح بذلك ويرضى بالسخرية به . اهـ

ثم إن ذمك لنفسك إذا توجه الخلق إليك بالمدح إنما هو حياء من
ربك حيث ستر عيوبك وأظهر محاسنك .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركةمرسل: الخميس ديسمبر 30, 2010 2:32 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمةالسادسة والخمسون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( المؤمن إذا مدح استحى من الله أن يثنى عليه بوصف
لا يشهد من نفسه )

قد تقرر أن التحقيق ما ثم إلا سابقة التوفيق , ومن تمام نعمته
عليك أن خلق فيك ونسب إليك , فإذا أطلق الثناء عليك
بشئ لا نسبة لك فيه وإنما أنت محل لظهوره فاستحي منه
تعالى أن يثني عليك بشئ تعلمه أنه من فعل غيرك , أو لم
يظهر عليك شئ منه أصلاً , فإن مدحت بشئ زائد على
ما ظهر فيك فاطلب منه القوة على الزيد
( فإن ربك فعال لما يريد )

ولا يضرك مدحك بما تفعل أن لم تقصد التعريض للمدح .
ففي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :

" أتدرون من المؤمن ؟ قالوا الله ورسوله أعلم , قال :
الذي لا يموت حتى يملأ مسامعه مما يحب , ولو أن رجل
عمل بطاعة الله في جوف بيت إلى سبعين بيتاً على كل بيت
باب من حديد لألبسه الله رداء عمله حتى يتحدث الناس
بذلك ويزيدون , قيل : يا رسول الله كيف يزيدون ؟
قال : المؤمن يحب ما زاد في عمله " الحديث .

وفي حديث آخر : " قيل : يا رسول الله الرجل يعمل العمل
خفية ثم يتحدث الناس به فيفرح , فقال عليه السلام :
له الأجر مرتين : أجر العمل , وأجر الفرح "

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركةمرسل: الأربعاء يناير 05, 2011 12:11 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة السابعة والخمسون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( أجهل الناس من ترك يقين ما عنده لظن ما عند الناس )

اليقين الذي عنده هو عمله بمساويه وخفايا عيوبه , وما انطوت
عليه سرائره من النقائص والتقصير , وظن ما عند الناس هو
ما يرون على ظاهره من الكمالات وأنوار الطاعات التي
تصحبها العلل الباطنية , والحظوظ النفسانية , فيتوجهون إليه
بالمدح والثناء , فإذا قنع بذلك وفرح بما هنالك , فهو أجهل
الناس وأحمق الناس , إذ قد قنع بعلم الخلق , ولم يخف من
مقت الحق , والمطلوب من الفقير عكس هذا , وهو أن ينقبض
عند المدح , وينبسط عند الذم حتى يستويا عنده هذا إن كان
المادح من أهل الدين والخير , وأما أن كان جاهلاً أو فاسقاً
فلا غباوة أعظم من الرضا بمدحهم والفرح به .

فقد روى عن بعض الحكماء أنه مدحه بعض العوام فبكى
فقال له تلميذه أتبكي وقد مدحك ؟ فقال له :
أنه لم يمدحني حتى وافق بعض خلقي خلقه فلذلك بكيت .

وقال يحيى بن معاذ رضي الله عنه :
تزكية الأشرار هجنة لك , وحبهم لك عيب عليك .

وقيل لبعض الحكماء : أن العامة يثنون عليك , فأظهر
الوحشة من ذلك وقال : لعلهم رأوا منى شيئاً أعجبهم
ولا خير في شئ يعجبهم ويسؤني اهـ

فينبغي للفقير أن يخفي محاسنه وأعماله التي يمدح عليها
ويظهر ما يسقط به من أعينهم مما هو مباح كما تقدم
في الخمول .

وكان شيخ شيخنا مولاي العربي رضي الله عنه يقول :
فينبغي للفقير ألا يكون صيته أكبر من قدمه , بل يكون قدمه
أكبر من صيته , وقدره أكبر من دعواه اهـ
فيكون جلاليّ الظاهر جماليّ الباطن , فكل ما تظهر على
ظاهرك من الجلال يدخل في باطنك قدره من الجمال
وكل ما تظهره من الجمال يدخل قدره في باطنك من الجلال
فتزيين الظواهر يخرب البواطن , وتخريب الظواهر يزين
البواطن , فبقدر ما تخرب في الظاهر يكون عمارة في الباطن
وبقدر ما تعمر في الظاهر يكون خراباً في الباطن
ولله در شبح المجذوب رضي الله عنه حيث قال في
شأن الجهال :

اتفقوا على الدين تركوه ... تعاندوا في المال والكساوى

الثوب من فوق غسلوه ... وخلوا القلب خــــــــــــــاوي

فإذا أظهرت الجلال وأخفيت الجمال , ثم أطلق الثناء عليك
الكبير المتعال , بما لست له أهلاً , فأثن عليه بما هو أهله .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركةمرسل: الأحد يناير 09, 2011 7:32 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الثامنة والخمسون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :


( إذا أطلق الثناء عليك ولست بأهل فأثن عليه بما هو أهله )

إذا أطلق الله تعالى الثناء عليك على ألسنة خلقه بما لا تعلمه
من نفسك ولست بأهل له , فأثن على الله بما هو أهله :
أي بما يستحقه من التعظيم ليكون ذلك شكراً لنعمة إطلاق
الألسنة بالثناء عليك ,وأيضاً فإنه هو الذي ستر عنهم مساويك
واظهر لهم محاسنك , ولو أظهر لهم ذرة من مساويك لمقتوك
وأبغضوك , فإن العبد محل النقائص والحق تعالى محل الكمالات
فكل ما ظهر عليك من الكمالات فإنما هي رشحة من كمالاته
تعالى فالثناء في الحقيقة إنما هو لله
فإذا وقع عليك فرده أنت إلى أصله , وفي الحقيقة ما وقع إلا
في أصله ولكن , لما اختلف القصد اختلف الحكم

أثنى على بعض السادات وهو ساكت , فقيل له في ذلك ؟
فقال : وما على من ذلك فقال ولست أغلط في نفسي بل
لست في البين , والمجرى والمنشي هو الله تعالى اهـ
هذه حالة أهل الجمع .

وكان بعض السادات يستعمل الفرق إذا سمع الثناء عليه ألقى
على رأسه التراب في خلوته .

فالناس في حالة المدح والذم على ثلاثة أقسام :
قسم يفرحون بالمدح ويكرهون الذم , لأن نفوسهم غالبة عليهم
ولا شك أنها تفرح بالعز والرفعة , وتنقبض بالذم والضعة
وهم العوام الغافلون
وقسم يكوهون المدح ويحبون الذم , لأنهم في مجاهدة نفوسهم
فكل ما يؤلمها ويقتلها أقبلوا عليه , وكل ما يحييها ويقويها
فروا منه وهم العباد والزهاد والسائرون من المريدين
وقسم يفرحون بالمدح لشهوده من مولاهم , وينقبضون من
الذم لشهودهم جلال من تولاهم وهم العارفون .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركةمرسل: الأحد يناير 16, 2011 10:59 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة التاسعة والخمسون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( الزهاد إذا مدحوا انقبضوا لشهودهم الثناء من الخلق
والعارفون إذا مدحوا انبسطوا لشهودهم ذلك من الملك الحق )

أما العباد والزهاد , فلأنهم محجبون برؤية الخلق عن شهود الحق
فإذا مدحوا شهدوا ذلك من الخلق , وحجبوا عن الجمع بالفرق
فانقبضوا وخافوا على نفوسهم أن تغتر بذلك أو تقف هنالك
وهم عاملون على ما تموت به نفوسهم وتحيي به قلوبهم
ولا شك أن المدح لها فيه حظ وافر , فربما تميل إلى ذلك فتعتقد
المزية على الغير , فيوجب لها التكبر والرضا وهما أصل كل معصية
واما الذم فلاحظ لها فيه , إنما فيه موتها وفي موتها حياتها
فلذلك إذا مدحوا انقبضوا , وإذا ذموا انبسطوا
وسكت عنه الشيخ , وكأنه يؤخذ بالمفهوم .

وأما العارفون الواصلون , فلأنهم فانون عن أنفسهم , باقون
بربهم غائبون عن الخلق بشهود الملك الحق
فإذا أثنى عليهم رأوا ألسنة الخلق أقلام الحق , وشهدوا الجمع
في عين الفرق , ففرحوا بمدح مولاهم , وانبسطوا عند من
تولاهم , فيزدادون له حباً وشوقاً , ويفنون فيه شفعاً وعشقاً
وفي مثل هؤلاء ورد الحديث :
" إذا مدح المؤمن ربا الإيمان في قلبه ربوة ".

وإذا ذموا انقبضوا سكوناً تحت قهرية الحق , وأدباً مع جلاله
وليس في هذا الانقباض دليل على كراهية الذم من حيث نسبته
للخلق , لأنهم يرون الخلق مصرفين بقدرة الحق , وعلامة ذلك
أنهم يسمحون لمن أجرى ذلك عليه بل يتعطفون عليه
ويتوددون بالمحبة إليه كما قال الشاعر :

رب رام لي بأحجار الأذى ... لم أجد بداً من العطف عليه
فعسى يطلع الله على ... فرح القــــــوم فيدنيني إليه

وفي تعبير آخر :
الناس في المدح والذم على أربعة أقسام :
عوام جهال , وعباد زهاد
ومريدون سالكون , وعارفون واصلون

فأما العوام فنفوسهم غالبة عليهم , ودائرة الحس محيطة بهم
محط نظرهم الخلق , غافلون عن طلب الحق
إذا مدحوا وأقبل عليهم الخلق فرحوا وبطروا لنيل مرادهم
وتحصيل أغراضهم , والنفس الأمارة مجبولة على حب الإمارة
وإذا ذموا وأدبر عنهم الخلق انقبضوا وحزنوا لفوات ما أملوا
فهؤلاء قلوبهم خربة من النور .

وأما العباد والزهاد : فهم مجتهدون في العبادة , فارون من
الخلق , طالبون رضى الحق , مستوحشون من الناس , تحققوا
منهم الإياس , فإذا أقبلوا عليهم بالمدح والثناء انقبضوا وخافوا
أن يشغلوهم عما هم فيه , وإذا ذموا وأدبر عنهم الخلق فرحوا
وانبسطوا لتفرغهم حينئذ للعبادة وإقبالهم على ما هم عليه من
المجاهدة .

وما المريدون السالكون : فهم عالمون على قتل نفوسهم وحياة
قلوبهم , فإذا ذموا وأدبر الخلق عنهم فرحوا لما في ذلك من موت
نفوسهم وحياة قلوبهم , وإذا مدحوا انقبضوا خوفاً على قوة
نفوسهم وضعف قلوبهم , إذ في موت النفس حياة القلوب
وفي حياة القلوب موت النفوس .

وأما العارفون : فقد ظفروا بنفوسهم , ووصلوا إلى شهود
معبودهم , فهم يستأنسون لكل شئ , لمعرفتهم في كل شئ
يأخذون النصيب من كل شيء , ويفهمون عن الله في كل شئ
فإذا مدحوا انبسطوا بالله لشهودهم المدح من الله وإلى الله
ولا شئ في الكون سواه , وليس أحد أحب إليه المدح من الله
كما في الحديث وإذا ذموا انقبضوا تأدباً مع جلال الله أو شفقة
على عباد الله :
" من عادى إلى ولياً فقد آذنته بالحرب ".

فصار بسطهم بالله وقبضهم بالله واستغنوا به عما سواه
وبهذا المعنى وهو الفناء على النفوس صح مدحهم لأنفسهم , تحدثاً
بما أنعم الله عليهم , كالشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه
والشاذلي والمرسي والشيخ زروق وأشباهمهم رضي الله عنهم
وذلك مشهور عنهم نظماً ونثراً , ومن أجل ذلك أيضاً أقروا من مدحهم
وأظهروا الانبساط عند مدحهم , وللمؤلف رحمه الله قصائد في
مدح شيخه أبي العباس وكان يقول له :
أيدك الله بروح القدس كما كان يقول عليه السلام لحسان بن ثابت رضي
الله عنه حين يمدحه عليه الصلاة والسلام .

ومدح الشيوخ من أعظم القربات وأقرب الوسائل إلي الوصول
إذ هم باب الله الأعظم , ويد الله الآخذة بيد الداخلين إلى الحضرة
فمن مدحهم فقد مدح الله :
{ إن الذين يبايعونك إنما يباعيون الله}
ومن ذمهم فقد ذم الله , وكذلك مدح الرسول صلى الله عليه وسلم
هو باب عظيم في الوصول إلى حضرة الكريم .

فإن قلت قوله : عليه السلام:
" احثوا التراب في أوجه المادحين "
يقتضي العموم فيصدق بمدح العارفين وغيرهم .

هو محمول على المدح بالكذب على وجه الطمع , كما يقع
للموك وأرباب الأموال طمعاً فيما عندهم , أو يحمل على من
كان باقياً مع نفسه خائفاً عليها كالعباد والزهاد
فإذا مدحهم أحد فينبغي أن يزجروه ويحثوا في وجهه التراب
قيل حقيقة , وقيل كناية عن الخيبة والرد والنهي والزجر .

وأما العارفون المتحققون فقد عرفوا الممدوح , وغابوا عن
شهود الواسطة في المادح والممدوح ,نفعنا الله بذكرهم
وخرطنا في سلكهم آمين .

ثم من علامة الكمال تحقيق الاعتدال واستواء الأحوال
في ثمانية خصال : المدح والذم , العز والذل , والقبض والبسط
والمنع والعطاء

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 10, 11, 12, 13, 14, 15, 16 ... 36  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: [AhrefsBot] و 15 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط