موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 11, 12, 13, 14, 15, 16, 17 ... 36  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يناير 25, 2011 12:57 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الستون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( ومتى كنت إذا أعطيت بسطك العطاء , وإذا منعت قبضك
المنع , فاستدل بذلك على ثبوت طفوليتك , وعدم صدقك
في عبوديتك )

الطفولية والتطفل هو الدخول في قوم وليس منهم ولم يستأذنهم
والطفيلي : هو الذي يأتي للوليمة من غير دعوة , وهو منسوب
إلى رجل من أهل الكوفة من بني عبد الله بن غطفان كان يقول
له طفيل الأعراس :كان يأتي إلى الولائم من غير أن يدعي إليها
فشبه المؤلف به من دخل مع القوم ولم يتحقق بما تحققوا به من
استواء الأحوال , فإذا كنت أيها الفقير إذا أعطيت حظوظك
ومناك واتصلت بعوائدك وهواك , من الغنى والعز والجاه
والبسط والصحو والعافية , وغير ذلك من الحظوظ والشهوات
انبسطت وفرحت , وإذا منعت من حظوظك وشهواتك وأبدلك
الغني بالفقر , والعز بالذل , والجاه بالخمول , والبسط بالقبض
والصحة بالمرض , والعافية بالبلية , انقبضت وجزعت

فاستدل بذلك على ثبوت تطفلك على كلامهم , ولا نسبة
لك من مقامهم , وإنما أنت طفيلي الأعراس , مازلت في
غفلة النعاس , واستدل بذلك أيضاً على عدم صدقك في عبوديتك
إذ الصدق في العبودية يقتضي استواء النعمة والبلية
كما قال الشاعر:

أحباي أنتهم أحسن الدهر أم أسا
فكونوا كما شئتم أنا ذلك الخل

قال أبو عثمان الحيري رضي الله عنه : لا يكمل الرجل حتى
يستوي قلبه في أربع أشياء :في المنع والعطاء والعز والذل اهـ

فإذا كان الفقير يتضعضع عند الجلال , وينهزم عند حملة
الأبطال , فاعلم انه ضعيف الحال , متطفل على مقامات الرجال .

قال في التنوير : وقد ابتلى الله بحكمته ووجود منته الفقراء
الذين ليسوا بصادقين , بإظهار ما كتموا من الرغبة وأسروا
من الشهوة , فابتذلوا أنفسهم لأبناء الدنيا مباسطين لهم
ملايمين لهم , موافقين لهم على ملذوذاتهم , مدفوعين على أبوابهم
فترى الواحد منهم يتزين كما تتزين العروس , معتنون بإصلاح
ظواهرهم , غافلون عن إصلاح سرائرهم , ولقد وسمهم الحق
بسمة كشف بها عوارهم وأظهر أخبارهم , فبعد أن كانت نسبته
أن لو صدق مع الله أن يقال فيه عبد الكبير , فخرج من هذه
النسبة لعدم صدقه فصار يقال له شيخ الأمير أولئك الكاذبون
على الله , الصادون العباد عن صحبة أولياء الله , لأن ما يشهده
العموم منهم يسحبونه على كل منتسب لهم , صادق وغير صادق
فهم حجب أهل التحقيق , وسحب شموس أهل التوفيق
ضربوا طبولهم , ونشورا أعلامهم , ولبسوا دروعهم , فإذا وقعت الحملة
ولّوا على أعقابهم ناكصين , ألسنتهم منطلقة بالدعوى وقلوبهم
خاوية من التقوى , ألم يسمعوا قوله تعالى :

{ ليسئل الصادقين عن صدقهم }

أترى إذا سأل الصادقين عن صدقهم , أيترك المدعين من غير سؤال ؟
ألم يسمعوا قوله سبحانه :

{ وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون
إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون }

فهم في الظاهر فى زي الصادقين , وعملهم عمل المعرضين
كما قال القائل :

أما الخيام فإنها كخيامهم ... وارى نساء الحي غير نسائها
لا والذي حجت قريش بيته ... مستقبلين الركن من بطحائها
ما أبصرت عيني خيام قبيلة ... ألا بكيت أحبتي بفنائها

وحاصلها : آداب المريد في المدح والذم , ومرجعها إلى خمسة :
الأول : ذم النفس عند مدحها بما ليس فيها
الثاني : استحياؤه من الله أن يمدح بوصف لا يشهده من نفسه
الثالث : أن يرجع إلى يقين ما عنده عليه , ولا يغتر بظن ما عند
الناس فيعتمد عليه .
الرابع : أن يكثر من الحمد والشكر لمولاه , حيث ستر عيوبه
وأظهر توفيقه وهداه .
الخامس : أن يكون معتدل الحال سليم القلب فلا يحزن عند الذم
ولا يفرح عند المدح .

قال بعض العارفين : إذا قيل لك نعم الرجل أنت فكان أحب إليك
من أن يقال لك بئس الرجل أنت : فأنت والله بئس الرجل اهـ

وجاء رجل إلى شيخ شخنا مولاي العربي رضي الله عنه فجعل
يمدحه في وجهه , فقال له : يا هذا لا تغرني بقولك , أنا أعرف
نفسي حين أكون أفضل الوجود أو أقل الوجود , فالوقت الذي
أكون فيه ذاكراً لربي أنا أفضل الوجود , والوقت الذي لا أذكر
الله فيه أنا أقل الوجود أو كلام هذا معناه
لكن هذا الآدب الخامس يختلف باختلاف الأحوال .

فالعباد يغلبون حب الذم على المدح , والعارفون يغلبون حب
المدح على الذم أو يعتدلون كما يعتدلون في حال المنع والعطاء
والقبض والبسط , والذل والعز , والفقر والغنى وغير ذلك من
اختلاف الآثار , وتنقلات الأطوار , ومن جملة ذلك الخوف والرجاء
بحيث إذا صدرت منهم طاعة لا يزيد رجاؤهم , وإذاوقعت منهم زلة
لا يعظم خوفهم ولا تنقص استقامتهم

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة فبراير 18, 2011 11:44 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الواحد والستون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( إذا وقع منك ذنب فلا يكن سبباً يؤيسك من حصول
الاستقامة مع ربك , فقد يكون ذلك آخر ذنب قدر عليك )

السائر الصديق أو الواصل إلى التحقيق كالراكب المغير
جاداً في المسير ,كاد من السرعة أن يطير , فإذا وقعت منه
كبوة أو سقطه , أو صدرت منه عثرة أو هفوة , استوي
على جواده , واستمر على إغارته في طلب مراده
فإذا سقط وجعل يتمرغ في سقطته , كان ذلك دليلاً على
فترته , وعدم تحصيل طلبته

فإذا وقع منك أيها الفقير ذنب فلا يكن سبباً في قطعك عن
الله , أو يؤيسك من الاستقامة مع الله فيتضاعف عليك وبال
المعصية , وتعظم في حقك المصيبة والبلية , فقد يكون ذلك
رحمة بك وتنبيهاً لك من سنتك , كحصول ملل وفترة

فإذا سقطت نهضت وإذا قمت وقد جددت يكون ذلك آخر
ذنب قدره الله عليك
وتأمل ما وقع لكثير من الأكابر كانوا لصوصاً فصاروا خصوصاً
كإبراهيم بن أدهم والفضيل وأبي يعزى وغيرهم ممن لا يحصى
فليكن لك بهم أسوة في حسن الظن بالله , قال تعالى :
{ قل لعبادى الذين أسرفوا على أنفسهم , لا تقنطوا
من رحمة الله } وقال تعالى :

{ ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون }وقال تعالى :
{ لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون }

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" كل ابن آدم خطّاء , وخير الخطائين التوابين "

وقال عليه السلام :
" إن الله يحب كل مفتنّ تواب "
يعني كثير الذنب كثير التوبة

قال تعالى :{ إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين }

فهذه الآيات تقوى رجاء العباد وتوجب الاعتدال والسداد .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مارس 08, 2011 4:57 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الثانية والستون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :


( إذا أردت أن يتفتح لك باب الرجاء فاشهد ما منه إليك
وإذا أردت أن يتفتح لك باب الخوف فاشهد ما منك إليه )

إذا أردت أيها الإنسان أن يتقوى رجاؤك في الكريم المنان
فاشهد ما منه إليك من الإحسان , واللطف والمبرة والامتنان
فهل عوّد إلا حسناً ؟
وهل أسدي إليك إلا مننا ؟ عليك بسط منته , ولك هيأ جنته
أنعم عليك في هذه الدار بغاية الإنعام وما قنع لك بذلك
حتى أعد لك دار السلام , باقية مستمرة على الدوام ثم أتحفك
بالنظر إلى وجهه الكريم , تماماً على سابق إحسانه القديم .

وإذا أردت أن ينفتح لك باب الحزن والخوف
فاشهد ما منك إليه من الإساءة والتقصير في العبادة
أو من موافقة الشهوة والاسترسال مع الغفلة , فإنك إن
شهدت ذلك دام حزنك وقوي خوفك , وربما كان سبباً
في سوء ظنك بربك : { فتزل قدم بعد ثبوتها }

وفي الحديث : " لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم
آخرين يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم وهو الغفور الرحيم "
فدل الحديث على أن شهود الكرم أفضل عند الله من
شهود الانتقام .

وخصلتان ليس فوقهما شئ من الخير :
حسن الظن بالله , وحسن الظن بعباد الله .
وخصلتان ليس فوقهما شئ من الشر :
سوء الظن بالله , وسوء الظن بعباد الله كما في الحديث .

وبقيت مرتبة ثالثة وهي الغيبة عن الرجاء والخوف بشهود
ما من الله إلى الله , وهو مقام أهل الشهود , فلذلك اعتدل
أمرهم في جميع الأحوال , نفعنا الله بذكرهم آمين .

ثم أن ثمرة الرجاء ونتيجته البسط
وثمرة الخوف ونتيجته القبض

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مارس 17, 2011 12:24 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الثالثة والستون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :


( ربما أفادك في ليل القبض ما لم تستفده في إشراق نهار
البسط لا تدرون أيهم اقرب لكم نفعاً )

القبض والبسط حالتان يتعاقبان على الإنسان كتعاقب
الليل والنهار , فالليل محل السكون والقرار
والنهار محل التحرك والانتشار
القبض لاحظّ فيه للنفس , والبسط تأخذ النفس حظها منه
وما لاحظ فيه للنفس أقرب للسلامة وأعظم للإفادة .

فالقبض كالليل والليل محل المناجاة والمصافاة وملاقاة الأحباب
ورفع الحجاب فربما أفادك في ليل القبض من انخناس النفس
وذهاب الحس , وموالاة الأنس , ما لا تستفيده في نهار البسط
من تحصيل العلوم , وتحقيق الفنون , ومجالسة الأخيار
ومخالطة الأبرار , فالقبض له فوائد , والبسط له فوائد
والعبد لا يدري أيهما أقرب له نفعاً
فتعين الوقوف مع ما يواجهه من جهة الحق , فيتلقاه بالقبول
والأدب وقد تقدم آداب كل واحد منهما عند قوله :
بسطك كي لا يتركك مع القبض الخ .

فلا تطلب البسط إن واجهك بالقبض , ولا تطلب القبض
إن واجهك بالبسط , فقد تستفيد من أحدهما مالا تستفيده
من الآخر , فلا تدري أيهما أنفع ولا أيهما أضر
ولذلك استدل بالآية التي نزلت في ميراث الأب من الابن
فالبسط كالأب لأنه ناشيء من شهود ما منه إليك
وهو فعل الحق الذي صدر منه كل موجود وهو الأصل
والقبض كابن لأنه ناشئ من شهود ما منك إليه وهو الفرع
إذ الفعل كله من القدرة .

وأما الحكمة فإنما هي تغطية , وإذا كان العبد جاهلاً بمنفعتهما
كجهله بالأنفع من الآباء والأبناء , تعين متابعة الحق باتباع
مراده وانتهاجه حاله , من غير تحول ولا انتقال , ولا تشوف
إلى غير ما هو فيه من ذلك الحال

بذلك يتنور قلبه , ويتطهر سره ولبه , فتكشف عنه الحجب
والأستار ويتهيأ لحمل الأنوار والأسرار .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد إبريل 03, 2011 11:27 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الرابعة والستون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( مطالع الأنوار القلوب والأسرار )

المطالع جمع مطلع , وهو محل طلوع الشمس وغيرها
والنوار هنا : الواردات والكشوفات التي تكشف الحجب
وترفع رداء الصون عن مظاهر الكون
وقد تقدم أن النفس والعقل والقلب والروح والسر عند كثير
من الصوفية شئ واحد , وما هي إلا الروح تتطور بحسب
التصفية والترقية , فما دامت مشغولة بحظوظها وشهواتها
فهي نفس ونورها مكسوف , فإذا انزجرت وعقلت بعقال
الشرع إلا أنها تميل إلى المعاصي والذنوب , فتارة تعصى وتتوب
وتارة تحن وتثوب , سميت عقلاً ونروها قليل , لأنها محبوسة
في سجن الأكوان , معقولة بالدليل والبرهان
فإذا سكنت عن المعاصي إلا انها تنقلب بين الغفلة واليقظة
وبين الاهتمام بالطاعة والمعصية
سميت قلباً وهو أول مطالع الأنوار , فتشرق عليه أنوار التوجه
فلا تزال تترادف عليه الواردات وهي أنوار التوجه حتى
يسكن إلى الله ويطمئن بذكر الله , فحينئذ تسمى روحاً
وهو أول مطالع أنوار المواجهة , فبهذه الأنوار ينكشف الحجاب
وينفتح الباب , وتدخل في حضرة الأحباب , فإذا تصفت من
غبش الحس وتطهرت من كدر الأغيار سميت سراً
وهو أول مطالع أنوار المشاهدة, فإذا تزكت من لوث الأنوار
وهو الوقوف مع المقامات , أو الالتفات الى الكرامات
سميت سر السر وهو أول مطالع أنوار المعاينة والمكالمة
ثم لا حال ولا مقام :{ يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا }

وأما الترقي في العلوم والمعارف فلا نهاية له على الأبد
فالقلوب مطالع , ومشارق أنوار التوجه والأسرار مطالع
ومشارق أنوار المواجهة والمشاهدة والمعاينة والروح والسر
قريب بعضها من بعض في المرتبة
فلذلك سكت الشيخ عن الأرواح لاندراجها في الأسرار

والحاصل : أن النفوس والعقول الظلمة غالبة عليهما
لأنهماكهما في الحس وفنائهما في الغلس والخنس , فليستا
مطلعاً لشئ من النور , لعدم توجههما إلى الكريم الغفور

وأما القلب والروح والسر فهي مطالع الأنوار :
أي محل طلوعها وإشراقها إلا أن القلب مطلع لأنوار التوجه
والروح والسر مطلعان لأنوار المواجهة .
وقد تقدم تفسيرهما عند قوله : اهتدى الراحلون الخ , وقد
سوى الشيخ بينهما ومراده ما ذكرناه والله تعالى أعلم .

ثم بين ابتداء مطلع هذا النور وهو القلب ثم يشرق على الروح
ثم على السر

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين إبريل 11, 2011 10:26 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الخامسة والستون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( نور مستودع في القلوب مدده النور الوارد من خزائن الغيوب )

النور المستودع في القلوب هو نور اليقين , ويكون أولاًضعيفاً
كنور النجوم وهو نور الإسلام , ثم لا يزال يتقوي ويستمد
من النور الوارد من خزائن الغيوب , حتى يكون كنوز القمر
وهو نور الإيمان , ثم لا يزال ينمو بالطاعة والذكر والصحبة حتى يكون
كنور الشمس وهو نور الإحسان
وخزائن الغيوب هي أنوار الصفات , وأسرار الذات , فمنها
تستمد أنوار الإسلام وأنوار الإيمان , ثم تشرق أنوار الإحسان
فيتغطى وجود الأكوان .

قال في التنوير : ولو انهتك حجاب الوهم لوقع العيان , على فقد الأعيان
ولأشرق نور الإيقان , فغطى وجود الأكوان اهـ

واعلم أن وجه اصطلاح الصوفية رضي الله عنهم في ترتيب
الإسلام أولاً , ثم الإيمان , ثم الإحسام .
أن العبد ما دام مشغولاً بالعبادة الظاهرة الحسية سمى ذلك
المقام مقام الإسلام , فإذا انتقل العمل للقلب , وهو اشتغاله
بتصفية القلب بالتخلية والتحلية وتحقيق الإخلاص سمى ذلك
مقام الإيمان , فإذا انتقل العمل للروح وللسر وهو الفكرة
والنظرة سمى مقام الإحسان , بخلاف الفقهاء فإنهم يقدمون
الإيمان على الإسلام , فيقولون لا يصح شئ دون الإيمان
ولا مشاحة في الاصطلاح :

( قد علم كل أناس مشربهم )

قال بعض المحققين : اعلم أن لعالم الملك وهو عالم الشهادة
أنواراً ظاهرة , ولعالم الملكوت وهو عالم الغيب أنواراً باطنة
وأشهر ما في عالم الملك ثلاثة أنوار : نور الشمس ونور القمر
ونور النجوم , ويقابلها من عالم الملكوت : نور المعرفة ونور الفهم
ونور العلم , فبطلوع نجم العلم في ليل الجهل تبدو الآخرة والأمور
الغيبية , وبطلوع قمر الفهم في أفق التوحيد يشاهد قرب الحق
وبطلوع شمس المعرفة في أفق التفريد يقوي اليقين ويلوح وجه
المشاهدة وأول نور يلج في الصدر نور الإسلام , فإذا انشرح القلب
به انقذف فيه نور الإيمان , فإذا تقوى فيه صار شهوداً اهـ المراد منه .

وبهذا النور وسع القلب معرفة الحق , وهو الذي أشار إليه
في الحديث القدسي :

" لن يسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن "

فانظر هذا القلب الذي وسع الرب سبحانه ما أعظمه وأجله
فتحبب يا أخي إلى أرباب هذه القلوب التي وسعت علام الغيوب
حتى يوصلوك إلى ما وصلوا إليه من علم الغيوب , وبالله التوفيق

ثم ذكر ثمرة النور وهي الكشف عن حقائق الأشياء

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين إبريل 18, 2011 6:44 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة السادسة والستون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( نور يكشف لك له عن آثاره ونور يكشف لك به عن أوصافه )

أصل النور من حيث هو الكشف , فالنور الحسي يكشف عن
المحسوسات , والنور المعنوي يكشف عن المفهومات
أو تقول : نور الحس يكشف عن الأواني والنور المعنوي يكشف
عن المعاني , ولا عبرة برؤية الأواني خاوية عن المعاني :
ثم أن النور المعنوي ينقسم على ثلاثة أقسام باعتباره القوة والضعف .
فنور الإسلام الذي هو كالنجوم يكشف لك الحق تعالى به عن
وجود آثاره فتستدل بها على صانعها .
ونور الإيمان الذي هو كالقمر يكشف لك به عن ثبوت أوصافه
فلا يتحرك شئ أو يسكن , إلا تراه بقدرة الله وإرادته وعلمه
وحياته إلى آخر صفاته .
ونور الإحسان يكشف لك به عن حقيقة ذاته , فلا ترى شيئاً
إلا رأيت صانعه فيه بواسطة تجلياته :
(الله نور السموات والأرض ) .

فنهاية كشف النور الأول الفناء في الأفعال , ونهاية كشف النور
الثاني الفناء في الصفات , ونهاية كشف النور الثالث التمكين في
الفناء في الذات , واستغنى الشيخ عن النور الثالث بذكر النور
الثاني , لأن الفناء في الصفات قريب من الفناء في الذات
لأن الصفات لا تفارق الموصوف , فمن كان يرى سمعه بالله , وبصره
بالله , وحركته بالله , يري وجوده بالله
ولذلك استغنى بعضهم بالفناء في الذات عن الفناء في الصفات
لتقاربهما , فمهما تحقق أحدهما تحقق الآخر , والله تعالى أعلم .

ويحتمل أن يريد بقوله : نور يكشف لك به عن آثاره النور الحسي المدرك
بالبصر الحسي , ونور يكشف لك به عن أوصاف نور البصيرة المعنوى
وعليه اقتصر الشيخ ابن عباد رضى الله عنه , لكن نور البصر الحسى
لا يستقل بإدراك المؤثر فى الأثر ما لم تمده الأنوار الباطنية العقلية
فالمدار إنما هو على الأنوار الباطنية , وأما الحسية فمدركه لكل أحد
حتى البهائم فلا خصوصية لها , وبالله التوفيق .

ثم المطلوب من العبد هو الترقي من نور شهود الأثر إلى نور الصفات
ثم إلى نور شهود الذات , وقد تقف بعض القلوب مع النور الأول فتحجب
عن الثاني , ومع الثاني فتحجب عن الثالث

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء إبريل 26, 2011 8:21 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة السابعة والستون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( ربما وقفت القلوب مع الأنوار كما حجبت النفوس بكثائف الأغيار )

قد تقف بعض القلوب مع أنوار المقامات , دون الوصول إل الغايات
فتحجبت عن الوصول كما حجبت النفوس بكثائف المحسوسات
عن إدراك لطائف المعاني والمفهومات , وذلك أما لعدم شيخ التربية
أو لضعف الهمة عن الترقية .

فقد ينكشف لبعض القلوب عن سر توحيد الأفعال , فتفنى في العمل
وتذوق حلاوته , فتقف معه وهواتف الحقيقة تناديها الذي تطلبه
أمامك .
وقد ينكشف لها عن سر توحيد الصفات , وتلوح لها أنوار المقامات
كتحقيق الزهد والروع وصحة التوكل , والرضا والتسليم وحلاوة
المحبة والاشتياق , إلى غير ذلك فتقنع بذلك وتقف هنالك
والمطلوب هو الكشف عن سر توحيد الذات وأنوار الصفات
{ وأن إلى ربك المنتهي}

فالنور عبارة عن الحلاوة والقوة التي يجدها المريد في باطنه من
مزيد إيمان وقوة إيقان , فحلاوة الخدمة لأهل الفناء في الأفعال
وحلاوة الذكر الحسي اللساني أو القلبي لأهل الفناء في الصفات
مع الحجاب , وحلاوة الفكرة والنظرة لأهل الفناء في الذات

وأن شئت قلت : ربما وقفت القلوب مع أنوار الأحوال , فتحجبت
عن مقامات الرجال , أو مع أنوار المقامات فتحجب عن معرفة
الذات , ولذلك قال لا شيخ ابن مشيش لتلميذه أبي الحسن :

أشكو إلى الله من برد الرضا والتسليم , كما تشكو أنت من حر
التدبير والاختيار , خاف رضي الله عنه أن يحجب بحلاوة الرضا
والتسليم عن شهود الذات .

واعلم أن الوقوف مع الأحوال أو المقامات إنما هو من عدم الوصول
إلى الشيخ
وأما من صحب الشيخ وأكثر الوصول إليه , فلا بد أن يرحله إلى
المقصود , إلا أن يرى همته ضعينة لا تطيق أنوار الشهود فيتركه
على ما هو عليه حتى تنهض همته إلى شهود المعبود
وشبه الشيخ رضي الله عنه حجب القلوب بالأنوار , بحجب النفوس
بالأغيار , لاشتراكهما في الحجب عن الله
لكن حجب النفس بالأغيار أشد لأنها ظلمة , والظلمة أشد حجاباً من
النور , فالقلوب نورانية حجبت بالنور , والنفوس ظلمانية حجبت
بالظلمة , وكثائف الأغيار هي ما ظهر من بهجة الدنيا وزخرفها
وغرورها وزهرتها , وهي التي أشار إليها الحق تعالى بقوله :

{ زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة }
الخ الآية .

ويدخل فيها ما يلائمها من حب الجاه والرياسة , وحب المدح والتعظيم
وغير ذلك من شهواتها وعوائدها , وهي التي حجبت جل الناس
وساقتهم إلى الخيبة والإفلاس نسأل الله العصمة بمنة وكرمه .

ويدخل في الأغيار العلوم العقلية واللسانية , فالاشتغال بها والوقوف
مع حلاوتها من أشد الحجب عن معرفة الله , أعني المعرفة الخاصة .

ويدخل فيها أيضاً الكرامات الحسية , كالطيران في الهواء والمشي
على الماء , فالوقوف مع ذلك من أشد الحجب أيضاً
ولذلك قال بعضهم :
أشد حجاباً عن الله العلماء ثم العباد ثم الزهاد , فسبحان من حجب
العلماء بعلمهم عن معلومهم , والعباد بعبادتهم معبودهم
والصالحين بصلاحهم عن مصلحهم , والله من وراء ذلك كله
وفي ذلك يقول الششتري رحمه الله :

تقيدت بالأوهام لما تداخلت ... عليك ونور العقل أورثك السجنا
وهمت بأنوار فهمنا أصولها ... ومنبعهما من أين كان فما همنا
وقد تحجب الأنوار للعبد مثل ... ما تبعد من الظلام نفس حوت ضغنا

وحكمة وجود هذه الأنوار الحسية والأغيار ولظلمانية تغطية
وستر لأنوار السرائر الباطنية

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مايو 04, 2011 3:44 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الثامنة والستون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( ستر أنوار السرائر بكثائف الظواهر, إجلالاً لها أن تبتذل
بوجود الإظهار , أن ينادي عليها بلسان الاشتهار )

أنوار السرائر هي العلوم اللدنية والمعارف الربانية , ويجمعها
علم الربوبية الذي يجب كتمه عن غير أهله , ومن أباحه أبيح دمه
وهو الذي قتل بسببه الحلاج , وكثائف الظواهر هي البشرية الظاهرة
أو تقول : أنوار السرائر هي الحرية الباطنية
وكثائف الظواهر هي علم الحكمة الظاهرة
فأنوار السرائر معان لطيفة رقيقة سترها الله تعالى بالكثائف
الظاهرة ولذلك وقع الإنكار على أهلها قديماً وحديثاً حتى
قال الكفار :

{ ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق }
وقالوا : { ما هذا إلا بشر مثلكم }

ووقوع الإنكار على أولياء الله سنة ماضية , وحكمة ذلك إجلال
وتعظيم لها أن تبتذل وتظهر بوجود الإظهار , وأن ينادي عليها
بلسان الاشتهار , فلا يبقى لها سر ولا عز , ولهذا طلب الأولياء
بالخمول واستعمال الخراب والتلبيس
قال الششتري رضي الله عنه :

إذا رأيت الوجـــــــــــــود ... قد لاح في ذاتــــــــــــــــك
هودس ولازم الجحـــو ... د ذاتــــــــــــــــــــــك صفاتك
واضرب بترســـــــك ال ... عقود وألق عصـــــــــــــــاتك

والتهودس : التحمق والترس ما يستر به الإنسان مواقع النبل
والمراد بالعقود العلائق والشواغل : أي اضرب بسيف عزمك
علائقك وعوائقك , وإلقاء العصى كناية عن طرح كل ما يستند
إليه أو يعتمد عليه من أصحاب أو أحباب , أو أسباب أو حول
أو قوة , أو غير ذلك مما يقع الركون إليه .
ويحتمل أن يريد بأنوار السرائر معاني الصفات السارية في الذات
وبكثائف الظواهر المحسوسات الظاهرة , فلا ظهور للصفات
إلا بالذوات الحسية , ولا قيام للذوات إلا بالصفات
فستر الله سبحانه صفاته الأزلية اللطيفة بظهور الذوات البشرية
الكثيفة , صونا لسر الربوبية أن يبتذل بالإظهار أو ينادي عليه
بلسان الاشتهار .

والحاصل , أن الأشياء كلها قائمة , بين ذات وصفات بين حس
ومعنى , بين قدرة وحكمة , فستر الحق سبحانه معاني أسرار
الذات اللطيفة , بظهور الذوات الكثيفة , وستر المعنى اللطيف
بالحس الكثيف وستر القدرة بالحكمة
والكل من الله وإلى الله ولا موجود سواه
وهذه الكثائف الظاهرة هي أردية وقمص للمعاني اللطيفة .

أو تقول : هي رداء الصون الذي نشر على الكون , فإذا انهتك
الرداء أو قطع بقي المعنى سالماً , فالتصرفات القهرية إنما تجر
الأردية والستور , دون المعاني والنور , فالحق منزه ومقدس أن
يلحقه ما يلحق العبيد , فلتكف عن طلب المزيد
والعجز عن الادراك من وصف العبيد , وقد مثلوا أيضاً كمون
المعاني اللطيفة في الأشباح الكثيفة بالحبوب اليابسة في الأغصان
الرطبة , فهي كامنة مستترة , فإذا نزل المطر اخضرت الأشجار
وأخرجت الثمار , التي كانت كامنة فيها , وإلى هذا المعني أشار
ابن البناء في مباحثه الأصلية حيث قال :

وهي من النفوس في كمون ... كما يكون الحب في الغصون
حتى إذا أرعدت الرعـــــود ... وانسكب الماء ولأن العــــود
وجال في أغصانها الرياح ... فعنــــــدها يرتقب اللقــــــــاح

وحاصلها : آداب السائر في حال سيره بحيث لا يقف مع معصية
ولا يركن إلى طاعة , ولا يغلب عليه خوف ولا رجاء ولا قبض
ولا بسط , بل يبرز من الغيب فيتلقاه بالمعرفة والرحب
فإذا فعل ذلك أشرقت عليه الأنوار فتخرجه من رق الآثار حتى
تفضى به إلى شهود الملك القهار
لكن لا بد للحسناء من نقاب , وللشمس من سحاب ولليواقيت من
صوان , فخفيت الأنوار بكثائف الأغيار , إجلالاً لها أن تبتذل بوجود
الإظهار , وأن ينادي عليها بلسان الاشتهار , فمن أجل ذلك أخفى
أوليائه في خلقه فلا يطلع عليهم إلا من أراد أن يخصه بما خصهم
به من سره .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مايو 18, 2011 12:24 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة التاسعة والستون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل
عليه , ولم يوصلهم إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه )

الدليل هو الموصل للمطلوب , فلذا صار الحق تعالى بك إلى
ولىّ عارف به ودلك عليه , فقد سار بك إلى معرفته ودلك عليه
فمهما دلك على وليه , وأطلعك على سره , فقد دلك عليه
ووصلك إلى حضرته سريعاً , فلم يجعل الحق سبحانه الدلالة
على أوليائه , والوصول إليهم إلا من جهة الدلالة عليه , ولم
يوصل أحداً إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه , فلأجل هذه
الملازمة وعدم الإنفكاك تعجب الشيخ من ذلك .

وقال شخنا رضي الله عنه في قول المؤلف رضي الله عنه :
وصولك إلى الله وصولك إلى العلم به قال :
وصولك إليه وصولك إلى عارف به , يعني مهما وصلك إلى
عارف به وأطلعك عليه , فقد وصلك إليه , ومهما حجبك عن
العارفين به فقد حجبك عنه
فلا طريق إلى معرفة الله إلا من طريق معرفتهم
ولا دليل على الله أعني على معرفته الخاصة العيانية إلا من
حيث الدليل عليهم , وكما حجب الحق سبحانه ذاته المقدسة
بعزته وقهريته , كذلك حجب أولياءه بما أظهر عليهم من
أوصاف البشرية , فلا يعرفهم إلا من سبقت له العناية الربانية
إذ لا يعرف الخواص إلا الخواص .

قال في لطائف المنن : أهل الله من خاصة عباده هم عرائس
الوجود , والعرائس محجبون عن المجرمين , فهم أهل كهف
الإيواء , فقليل من يعرفهم .

وقال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه :
معرفة الولى أصعب من معرفة الله , فإن الله معروف بكماله
وجماله , ومتى تعرف مخلوقاً مثلك يأكل كما تأكل ويشرب كما
تشرب ؟
ثم قال : وإذا أراد أن يعرفك بولىّ من أوليائه , طوى عنك شهود
بشريته , وأشهدك وجود خصوصيته ا هـ .

وأيضاً فإن الولى لا يعرف بالصورة الظاهرة , وإنما يعرف
بالمعاني الباطنة , لأن الله لا يعبأ بالصور :
" رب أشعث اغبر ذي طمرين لو أقسم على الله لا بره "
في قسمه .

فمن أراد معرفته بالصورة فلا يعرفه , لأنه لا يري إلا بشراً يأكل
الطعام ويمشي في الأسواق , فالعين لا ترى إلا الأجسام الكثيفة
التي يطرأ عليها ما يطرأ على أهل الحجاب , ولم يدرك ما انطوت
عليه الصورة من المعاني اللطيفة , والأسرار المنيفة .

فمن أراد الله سعادته رزقه الاعتقاد والتصديق أولاً
ثم الهداية والتوفيق ثانياً , فالتصديق بأسرار الولاية أول المعرفة
ولهذا قال الشيخ أبو الحسن : التصديق بطريقتنا هذه ولاية .

وقال بعضهم : لله رجال لا يعرفهم إلا الخاصة , ولله رجال يعرفهم
الخاصة والعامة , ولله رجال لا يعرفهم لا الخاصة ولا العامة
ولله رجال أظهرهم في البداية وسترهم في النهاية , ولله رجال
سترهم في البداية وأظهرهم في النهاية , ولله رجال لا يعرفهم سواه
ولا يطلع على ما بينه وبينهم إلا الحفظة الكرام , الذين وكلوا
بحفظ السرائر , ولله رجال اختص الله بمعرفتهم لا يظهر حقيقة
ما بينه وبينهم إلى الحفظة فمن سواهم حتى يلقونه
فهم شهداء الملكوت الأعلى , وهم المقربون , وهم الذين يتولى
الله قبض أرواحهم بيده , وهم الذين طابت أجسامهم من طيب أرواحهم
فلا يعدو عليها الثرى حتى يبعثون مشرقين بأنوار البقاء المجعول
فيهم ببقاء الأبد مع الباقي الأحد , وهم المخفقون تحت حجاب
الأنس المغموسون في بحار المحبة والقدس , فليس لهم مع
غيره قرار , ولا عن أنفسهم إخبار تولى الله شأنهم :
{ ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله
هم الغالبون } اهـ

قال الشطيبي : وهذه السرار التي انطوت عليها أسرار الأولياء
واحتجبت عن العامة هي أسرار الملكوت الغيبية .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مايو 25, 2011 8:39 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة السبعون بعد المائة من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( ربما أطلعك على غيب ملكوته وحجب عنك الاستشراف
على أسرار العباد )

الملكوت مبالغة في الملك , هذا باعتبار اللغة
وأما باعتبار اصطلاح الصوفية فالعوالم ثلاثة :
ملك وملكوت وجبروت , فالملك ما يدرك بالحس والوهم
والملكوت ما يدرك بالعلم والفهم , والجبروت ما يدرك بالبصيرة
والمعرفة , وهذه العوالم محلها واحد وهو الوجود الأصلى
والفرعي وإنما تختلف التسمية باختلاف النظرة , وتختلف
النظرة باختلاف الترقي في المعرفة , فالوجود عند المحققين
من العارفين : واحد قسم لطيف , غيب لم يدخل عالم التكوين
وقسم كثيف دخل عالم التكوين , فالأول يسمى عالم الغيب
والثاني علام الشهادة , وما كان خفياً في عالم الغيب ظهر في
عالم الشهادة , فمن نظر إلى حس الأشياء الظاهر سماه ملكاً
ويسمى أيضاً عالم الحكمة وعالم الأشباح , ومن نظر إلى أسرار
المعاني القائمة بالأواني وهي أسرار الذات القائمة بانوار الصفات
سماه ملكوتاً , ومن نظر إلى الأسرار الأزلية التي كانت حال
الكنزية التي لم تدخل عالم التكوين سماه جبروتاً .

أو تقول : ومن نظر إلى الكثيف الذي دخل التكوين ورآه مشتغلاً
بنفسه قائماً بقدرة الله سمى في حقه ملكاً , وهو لأهل الحجاب
من أهل الفرق .
ومن رآه نوراً فائضاً من النور اللطيف متصلاً به إلا انه تكثف
بالقدرة وتستر بالحكمة سماه ملكوتاً , وسمى اللطيف الباقي
على أصله الذي لم يدخل عالم التكوين الذي هو اول كل شئ
وآخر كل شئ , ومحيطاً بكل شئ جبروتاً , فإن ضم الفرع إلى
أصله والكثيف إلى اللطيف سمى الجميع جبروتاً , وهذه المعاني
لا يفهمها إلا أهل الأذواق بصحبة أهل الأذواق , وحسب من
لم يبلغ لهذا المقام التسليم وإلا وقع في الإنكار على أولياء الله
بما لم يحط به علماً .

ولنرجع إلى كلام الشيخ رضي الله عنه فنقول :
ربما كشف الله عنك الحجاب , وترقيت إلى الدخول مع الأحباب
فأخرجك من سجن رؤية الأكوان إلى شهود المكون
ومن علم الأشباح إلى عالم الأرواح , فأطلعك على غيب ملكوته
فأبصرت الكون كله نوراً فائضاً من بحر الجبروت , فالحقته بأصله
وفنيت عن شهود الملك الذي هو عالم الفرق بشهود الملكوت
الذي هو عالم الجمع الذي قال فيه ابن البناء :

مهما تعديت عن الأجسام ... أبصرت الحق ذا ابتسام

وحجب عنك الاستشراق على أسرار العباد رحمة بك , لأنك قد
تحجب بذلك عن شهود الملكوت , فلا عبرة عند المحققين
بمكاشفة أسرار العباد , فقد تكون عقوبة في حق صاحبها كما
يأتي , وقد يكون ذلك لمن لا استقامة له أصلا كالكهان والسحرة
وغيرهم .
والغالب أن أهل شهود الملكوت يحجبون عن مكاشفة أسرار العباد
لاشتغالهم بما هو أعظم وأحظى عند الله , وإنما تكون هذه
المكاشفات عند العباد والزهاد وأهل الرياضيات والمجاهدات
ولا تنكر أن تكون عند العارفين , فقد تجتمع لهم المكاشفة
والكشف أي مكاشفة أسرار العباد , وكشف الحجاب عن الفؤاد
إلا أن الغالب هو استغراق الروح في شهود نور الملكوت , دون
الاستشراف إلى أسرار العباد التي هي من عالم الملك .

وقد كان الشيخ أبو يعزي رضي الله عنه يطلع على سرائر الناس
ويفضحهم فكتب إليه شيخه أبو شعيب أيوب المعروف بالسارية
من أزمور يحذره من ذلك , وينهاه عن هتك أستار المسلمين
فكتب له الشيخ أبو يعزي يجيبه : ليس هذا من قدرة البشر أن
يسع أحد معرفة أسرار العباد وإخراج عيوبهم من عالم الغيب
إلى عالم الشهادة وإنما هو شئ يلقي إلىّ ويقال لي قل
واسمع الخطاب , أنت أية من آيات الله , والمراد منك أن يتوب
الخلق على يديك فتأخذني غلبة وتستولى علىّ ملكة لا أقدر
معها عن الكف عن القول اهـ .

وكان الشيخ أبو عبد الله التاودى يقول :
ما قطعه الشيخ أبو يعزي في ستة عشر سنة قطعته أنا في
أربعين يوماً ولم يشم لطريقنا هذه غباراً والله تعالى أعلم .

وكلهم أولياء الله نفعنا الله بذكرهم , وليس قصدنا تنقيص أحد
منهم وإنما مرادنا أن طريق المكاشفة ليس هي النهاية
بل قال بعضهم هي البداية , وبالله التوفيق .

وقد تكون وبالا في حق المريد .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يونيو 06, 2011 10:31 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الواحد والسبعون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( من أطلع على أسرار العباد ولم يتخلق بالرحمة الإلهية
كان إطلاعه فتنة عليه وسبباً لجر الوبال إليه )

الإطلاع على أسرار العباد قبل التمكين في الشهود والتخلق
بأخلاق الملك المعبود , فتنة عظيمة وبلية ومصيبة , وذلك لأنه
قبل التمكين من المعرفة قد يشتغل بذلك قلبه ويتشوش خاطره
ولبه , فيفتّره عن الشهود , ويفتنه عن الرسوخ في معرفة
الملك الودود .

وأيضاً ما دامت النفس حية ولم يقع الفناء عنها , قد يعتقد بذلك
المزية على الناس فيدخله الكبر والعجب وهما أصل المعاصي
فكان اطلاعه حينئذ على أسرار العباد سبباً في جر هذا الوبال
أي العقوبة إليه , وهو التكبر على الناس واعتقاد المزية عليهم
وهو سبب البعد عن الله , بخلاف ما إذا تمكن في معرفة الحق
وتخلق بأخلاقه , وتحقق بمعاني صفاته وأسمائه , فإنه يكون
على خلق الرحمن , فإذا اطلع على معاصي العباد ومساويهم
رحمهم وسترهم وحلم عليهم
وقد قال عليه الصلاة والسلام :
" الخلق عيال الله وأقربكم إلى الله أرحمكم بعياله "

وقال صلى الله عليه وسلم :
" الراحمون يرحمهم الرحمن , ارحموا أهل الأرض يرحمكم
من في السماء "

وفي الإشارات عن الله سبحانه :
عبدي إن أستخلفتك شققت لك من الرحمانية شقاً , فكنت أرحم
من المرء بنفسه .

وروى أن إبراهيم عليه السلام حدث نفسه أنه أرحم الخلق فرفعه
الله حتى أشرف على أهل الأرض فأبصر أعمالهم وما يفعلون
فقال : يا رب دمر عليهم , فقال له الله تعالى :
أنا أرحم بعبادي منك يا إبراهيم فلعلهم يتوبون ويرجعون .

وفي بعض التفاسير أنه كان يعرج كل ليلة إلى السماء وهو
قوله تعالى :
{ وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السموات والأرض }

فعرج به ذات ليلة فاطلع على مذنب على فاحشة فقال :
اللهم أهلكه , يأكل رزقك ويمشي على أرضك ويخالف أمرك
فأهلكه الله تعالى , فاطلع على آخر فقال اللهم أهلكه , فنودي كف
عن عبادي رويداً رويداً فأني طالما رأيتهم عاصين .

وفي رواية أخرى : فأوحى الله إليه يا إبراهيم أين رحمتك للخلق ؟
أنا أرحم بعبادي منك , أما يتوبون فأتوب عليهم , وأما أن أخرج من
أصلابهم من يسبحني ويقدسني , وأما أن يبعثوا في مشيئتي
فأعفوواعاقب
يا إبراهيم كفر ذنبك في دعوتك بدم قربان فنحر إبلا
فنودي في الليلة الثانية كفر ذنبك بدم فذبح بقراً , فقيل له في الثالثة
فذبح غنماً , فقيل له في الرابعة كذلك فقرب من الأنعام إلى الله
ما بقي عنده , فقيل له في الخامسة فقال : يا رب لم يبق لي شئ
فقيل له إنما تكفر ذنبك بذبح ولدك , لأنك دعوت على العصاة فهلكوا
فملا شمر لذلك وأخذ السكين بيده قال :
اللهم هذا ولدي وثمرة فؤادي وأحب الناس إلىّ , فسمع هاتفاً
يقول : أما تذكر الليلة التي سألت إهلاك عبادي ؟
أو ما تعلم أني رحيم بعبادي كما أنت شفيق بولدك ؟ فإذا سألتني
إهلاك عبادي سألتك ذبح ولدك , واحداً بواحد , والبادي اظلم . اهــ

ولما كان الاطلاع على أسرار العباد قد يدرك بكثرة الطاعات
والإجتهاد فقد تقصد النفس بالطاعة هذا الحظ المدنى
وهو مرض خفى

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يونيو 14, 2011 3:17 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الثانى والسبعون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( حظ النفس في المعصية ظاهر جلى وحظها في الطاعة
باطن خفي ومداواة ما خفي صعب علاجه )

حظ النفس في المعصية هي متعة البشرية الظاهرة
كلذة الأكل والشرب والنكاح وسماع اللهو , وغير ذلك مما
هو أذواق الحس التي هي محرمة , وحظها في الطاعة هي
طلب الكرامات وخوارق العادات , والاطلاع على المغيبات
وكحب الخصوصية والمنزلة عند الناس , ومداواة هذا المرض
الخفى من مداواة الأول الجليّ , لأن مداواة المرض الحسي
الخفي أصعب من مداواة الجليّ , فكذلك المعنوي الباطني
ما كان جلياً متعلقاً بالنفس أصعب مما كان خفياً متعلقاً بالروح
فالأول يمكن دواؤه بالعزلة , والفرار من مواطن الأشرار
وبصحبة الأخيار , وبكثرة الطاعة والإذكار
بخلاف الثاني فلا تزيده الطاعة إلا كثرة وقوة إذ بها صارت تطلب
حظها فلا يداويها من هذا إلا خوف مزعج أو شوق مقلق
أو ولى عارف محقق يصحبه بالمحبة والتصديق .

قال بعضهم : من عسرت عليه نفسه فليسلمها إلى شيخ
التربية قال تعالى :
{ وأن تعاسر ثم فسترضع له أخرى }
وأن عسرت عليكم أنفسكم فسترضع له نفسه نفس أخرى حتى
يكمل أوان فطامها , فإن لم يكن واحد من هذه مات وهو سقيم
ولم يلق الله بقلب سليم .

فالواجب على العبد إتهام نفسه ومراقبة قلبه , فلذا استحلت
النفس شيئاً من الطاعات وألفته أخراجها إلى غيرها ولو كانت
مفضولة في ظاهر أمرها , وسيأتي للشيخ :
إذا التبس عليك أمران أنظر أثقلهما على النفس , فإنه لا يثقل
عليها إلا ما كان حياً .
قال أبو محمد المرتعش : حججت كذا وكذا حجة عن التجريد
فبان لي أن جميع ذلك كان مشوباً , وذلك أن والدتي سألتني
يوماً أن أسقي لها جرة ماء فثقل ذلك علىّ فعلمت أن مطاوعة
نفسي في الحج كانت لحظّ وشوب , إذ لو كانت نفسي فانية لم
يصعب عليها ما هو حق في الشرع .

وقال الشيخ أحمد ابن أرقم رضي الله عنه :
حدثتني نفسي بالخروج إلى الغزو , فقلت سبحان الله إن الله
تعالى يقول : { إن النفس لأمارة بالسوء }
وهذه تأمرني بالخير , لا يكون هذا أبداً , ولكنها استوحشت
تريد لقاء الناس فتستروح إليهم , ويتسامع الناس بها فيستقبلونها
بالتعظيم , فقلت لها : لا أسلك العمران ولا أنزل على معرفة
فأجابت , فأسأت ظني وقلت : الله أصدق قولاً , فقلت لها أقاتل
العدو حاسراً بالرأي من غير وقاية فتكوني أول قتيل ؟
فأجابت , ثم عد أشياء كلها أجابت لها , فقلت يا رب نبهني
بها فإني لها متهم ولقولك مصدق , فألهمت كأنها تقول أنك
تقتلني كل يوم مرات بمخالفتك إياي ومنع شهواتي ولا يشعر بي
أحد , فإن قاتلت كانت قتلة واحدة فنجوت منك , ويتسامع
الناس فيقولوا استشهد أحمد , فيكون شرفاً وذكراً في الناس
فقعدت ولم أخرج ذلك العام اهـ .

وقال الجنيد رضي الله عنه : ضاقت على نفسي ليلة حتى لم أطق
الصبر , فخرجت ذاهباً على وجهي , فانتهيت إلى رجل مطروح
في المقابر مغطى الرأس , فلما أحس بي قال : أبو القاسم ؟
قلت : نعم , قال متى يصير داء النفس دواؤها ؟
فقلت : إذا خالفت هواها صار دواؤها دواؤها , فقال لنفسه :
اسمعي , فقد أجبتك بهذا مرارا وأنت تقولين حتى أسمع ذلك من
الجنيد , قال الجنيد فانصرفت وما عرفته اهـ .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يونيو 22, 2011 9:16 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الثالثة والسبعون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( ربما دخل الرياء عليك حيث لا ينظر الخلق إليك )

الرياء : هو طلب المنزلة عند الناس وقصد ذلك بعمل صالح
سواء كان ذلك العمل ظاهراً للناس وهو الغالب أو خفياً عنهم
فقد يكون الرياء في العمل الخفي , فيدخل الرياء عليك حيث
لا ينظر أحد إليك وهذا أصعب من الأول , لأنه أخفي من دبيب
النمل كما في الحديث .

وكان بعض العارفين يقول : اجتهدت في إزالة الرياء من قلبي
بكل حيلة فما أزلته من جهة حتى نبت من أخرى من حيث
لا أظنه .

وقال بعضهم : من أعظم الرياء من رأى العطاء والمنع والضرر
والنفع من الخلق .

وقال بعضهم : أقسام الرياء ثلاثة كلها علة في الدين

الأول : وهو أعظمها أن يقصد بعمله الخلق ولولاهم لم يعمل

الثاني : أن يعمل للمدحة والثناء ولو لم يعلمه الناس

الثالث : أن يعمل لله ويرجو على عمله الثواب ورفع العقاب
وهذا النوع جيد من وجه معلول من وجه , عند العارفين رياء
وعند عامة المسليمن إخلاص , وقد قيل في قوله تعالى :

{ والعمل الصالح يرفعه } هو السالم من الرياء ظاهراً وباطناً
بحيث لا يريد عامله حظاً دنيوياً ولا أخروياً .

والمرائي علامات لا تخفى : منها نشاطه في الجلوة وكسله
في الخلوة
أو إتقان العمل حيث يراه الناس وتساهله حيث لا يراه إلا الله
ومنها التماسه بقلبه توقير الناس له وتعظيمه ومسارعتهم إلى
قضاء حوائجه , وإذا قصر أحد في حقه الذي يستحقه عند نفسه
استبعد ذلك واستنكره , ويجد تفرقة بين إكرامه وإكرام غيره
وإهانته وإهانة غيره من إقرانه , حتى ربما يظهر بعض سخفاء
العقول ذلك على ألسنتهم , فيتوعدون من قصّر في حقهم
بمعاجلة الله لهم بالعقوبة , وأن الله تعالى لا يدعهم حتى ينتصر
لهم ويأخذ ثأرهم , فإن وجد الفقير هذه الإمارت في نفسه فليعلم
انه مراء بعمله وإن أخفاه عن أعين الناس .

وقد روى عن على كرم الله وجهه :
" أن الله تعالى يقول للفقراء يوم القيامة ألم تكونوا ترخص عليكم
الأسعار , ألم تكونوا تبادرون بالسلام ؟ ألم تكونوا تقضي لكم
الحوائج ؟ " .

وفي الحديث الآخر : "لا أجر لكم قد استوفيتم أجوركم "

وقال عبد الله بن المبارك : روى عن وهب بن منبه رضي الله عنه :
أن رجلاً من العباد قال لأصحابه : أنا إنما فارقنا الأموال والأولاد
مخافة الطغيان , فنخاف أن يكون قد دخل علينا في أمرنا هذا من
الطغيان أكثر مما دخل على أهل الأموال في أموالهم , إن أحدنا إذا
لقي أحب أن يعظم لمكانه دينه , وإن سأل حاجة أحب أن تعطي له
لمكان دينه وإن اشترى شيئاً أحب أن يرخص عليه لمكان دينه
فبلغ ذلك ملكهم , فركب في موكب من الناس فإذا السهل والجبل قد
امتلأ من الناس , فقال السائح : ما هذا قيل له الملك قد أظلك , فقال
للغلام ائتني بطعام فأتاه ببقل وزيت وقلوب الشجرة , فأقبل يحشو
شدقه ويأكل أكلاً عنيفاً , فقال الملك : أين صاحبكم ؟ قالوا :
هذا , قالوا له : كيف أنت ؟ قال : كالناس .

وفي حديث آخر: فقال الملك : ما عند هذا من خير فانصرف عنه
فقال السائح : الحمد لله الذي صرفك عني وأنت لي ذام
ومن هذا النوع من الرياء خاف الكبار وعدوا أنفسهم من الأشرار
كما روى عن الفضيل رضي الله عنه أنه قال :
من أراد أن ينظر إلى مراء فلينظر إلى هذا ؟

وسمع مالك بن دينار امرأة تقول له يامرائى , فقال يا هذه وجدت
إسمي الذي أضله أهل البصرة
إلى غير هذا مما روى عنهم في هذا المعنى
ولا يسلم من الرياء الجلي والخفي إلا العارفون الموحدون , لأن الله
تعالى طهرهم من دقائق الشرك , وغيب عن نظرهم رؤية الخلق
بما أشرق على قلوبهم من أنوار اليقين والمعرفة , فلم يرجو منهم
حصول منفعة ولم يخافوا منهم وجود مضرة , فأعمال هؤلاء خالصة
وإن عملوها بين اظهر الناس ومن لم يحظ بهذا وشاهد الخلق
وتوقع منهم حصول المنافع ودفع المضار فهو مراء بعمله , وإن
عبد الله تعالى في قنة جبل بالنون : أي أعلاه , قاله الشيخ ابن عباد
رضي الله عنه اهـ الخ .

ومنها : أي ومن علامة الرياء الخفية أيضاً , إستشراف العبد
وتطلعه أن يعلم الناس بخصوصيته .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يوليو 04, 2011 6:06 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19559

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة الرابعة والسبعون بعد المائة من الحكم
العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( إستشرافك أن يعلم الخلق بخصوصيتك دليل على عدم
صدقك في عبوديتك )

إذا خصك الحق تعالى أيها الفقير بخصوصية من خصوصية خواصه
كزهد أو ورع , أو توكل , أو رضا , أو تسليم , أو محبة , أو يقين
في القلب , أو معرفة , أو اظهر على يديك كرامة حسية أو
معنوية أو استخرجت فكرتك حكماً أو مواهب كسبية أو لدنية
ثم استشرفت أي تطلعت وتمنيت أن يعلم الخلق بخصوصيتك
بأن يطلعوا على تلك الخصوصية التي خصك الله بها , فذلك دليل
على وجود الرياء الخفي في باطنك , ودليل على عدم صدقك
في عبوديتك بل أنت كاذب فيها , إذ لو كنت صادقاً في عبوديتك
لا كتفيت بعلم الله وقنعت بمراقبته إياك , واستغنيت به عن
رؤية غيره .

فالواجب على الفقير إذا خصه الله بخصوصية كتمها وجحدها
وسترها إلا عن شيخه , فإن أظهرها فهو على خطر, فقد يكون
تحدثاً , وقد يكون تبجحاً , وفي الكتمان السلامة , وقد تقدم
قول الشيخ : من رأيته مجيباً عن كل ما سئل ومعبراً عن كل
ما شهد , وذاكراً كل ما علم فاستدل على وجود جهله
وفي هذه المعنى قال شيخ شيوخنا المجذوب رضي الله عنه:

احفر لسرك ودك ... في الأرض سبعين قاما
وخل الخلائق يشكوا ... إلى يوم القيامـــــــا

وكان بعض إخواننا إذا سئل : ما أدركتم وما ذقتم في هذا
الطريق ؟ يقول : البرد والجوع , فكان شيخ شيخنا يعجبه ذلك
ويستحسنه لدلالته على صدق الإخلاص . وما زالت أشياخنا
وأشياخهم يستعملون الخراب في ظواهرهم صوناً لما في
بواطنهم ولأجل هذا فضل عمل السر على عمل العلانية
بسبعين درجة ضعفاً كما فى الحديث.

وقال سيدنا عيسى عليه السلام :
إذا كان يوم صوم أحدكم فليدهن لحيته ويمسح شفتيه , فإذا
خرج إلى الناس رأوا أنه لم يصم , وإذا أعطى أحد فليعط بيمينه
ويخفيها عن شماله , وإذا صلى أحدكم فليسدل عليه ستر بابه
فإن الله يقسم الثناء كما يقسم الرزق .

وقال الشيخ أبو عبد الله القريشي رضي الله عنه :
كل من لم يقنع في أفعاله وأقواله بسمع الله ونظره دخل عليه
الرياء لا محالة .

وقال بعضهم : ما أخلص عبد قط إلا أحب أن يكون في حب لا يعرف
ولهذا كان إسقاط المنزلة شرط في هذا الطريق , فإن تحقق العبد
بالمعرفة ومشاهدة الوحدانية , جاز له الإخبار بالوحدانية بأعماله
والإظهار لمحاسن أحواله بناء منه على نفي الغير وأداء الواجب
من الشكر .

كان بعض السلف يصبح فيقول : صليت كذا وكذا ركعة وتلوت كذا
وكذا سورة , فيقال له أما تخشى من الرياء ؟
فيقول : ويحكم وهل رأيتم من يرائى بفعل غيره .

والحاصل : من فنى عن نفسه وتحقق بشهود ربه فلا كلام عليه
وقد قالوا : من أحب الخفا فهو عبد الخفا , ومن أحب الظهور فهو
عبد الظهور , ومن لم يرد غير ما أراد الله به فهو عبد الله حقاً .

ثم علمك الشيخ الدواء في ترك الاستشراف إلى الخلق
وهو الاكتفاء بنظر الحق

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 11, 12, 13, 14, 15, 16, 17 ... 36  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 8 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط