موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 15, 16, 17, 18, 19, 20, 21 ... 36  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يوليو 30, 2012 6:01 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان والسادس عشر من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( لا تستبطئ النوال , ولكن استبطيء من نفسك وجود الإقبال )

الحق سبحانه جواد كريم حليم رحيم :
من تقرب إليه شبراً تقرب منه ذراعاً , ومن تقرب منه ذراعاً
تقرب منه باعا , ومن أتاه يمشى أتاه هرولة . كما في الحديث .

فإن توجهت إليه بقلبك ثم تأخر الفتح من قبله فلا تسبطيء
منه النوال أي العطاء وهو كشف الحجاب
ولكن استبطيء من نفسك وجود الإقبال فلعل إقبالك عليه
لم يكن بكليتك , فإن الله سبحانه يقول بلسان الحال :
وليس يدرك وصالي كل من فيه بقية أو كان بحرف أو خط
وأما لو زالت أغيارك لأشرقت أنوارك , ولو تطهرت من جنابة
الغفلة لا ستحققت الدخول إلى مسجده الحضرة
وقد يكمل إقبالك ويفوتك الأدب مع سيدك , وهو استبطاؤك
النوال ولو صح منك الإقبال .

قال بعضهم : هب أن السيد الكريم أهل لكل فضل وكرم
افترى العبد يقبل الأدب بين يدي سيده , ويكشف جلباب
الحياء عن وجهه ؟ فإن فعل ذلك فهو بالعقوبة أولى من الكرم .

وقد قال أرباب المعرفة : لأن تكون صاحب استقامة خير من أن
تكون صاحب كرامة اهـ . ومن باع نفسه لله وكان عبد مملوكاً
لمولاه فأي شيء يستحق على مولاه .

حكي عن ذي النون المصري رضي الله عنه:
أنه رأى رجلاً قد اشترى داراً وأراد أن يكتب عقدها , فقال له ذو النون :
يا أخي إن قبلت وصيتي أوصيتك , فقال نعم قل يا سيدي , فقال له:
لا تشتر داراً تفنى, وتدع داراً تبقى , فقال له : من لي بها ؟
فقال له : هلا اشتريت من الله داراً دار السلام ومجاورة الكرام
لتنال فيها الأمان , وتتنعم بنعيم لا يدرك بالأثمان ؟
دار لها أربع حدود :
الأول منازل الخائفين , الثاني منازل العارفين
والثالث منازل المشتاقين, الرابع رياض المحبين
دار سقفها عرش الرحمن, وبابها باب الرضوان , مكتوب
على بابها بالخط الأزلي :

دار تقى ورضا عليهما ... أسست ونعم دار المتقين
ثم نادى الحق من أرجائها ... " ادخلوها بسلام آمنين "

فإن أردت عقد شرائها قلت : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{ أن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة }

هذا ما اشترى العبد الثواب من الملك الوهاب , بثمن قيمته الخروج
من ذل المعاصي إلى عز الطاعة , ومن تعب الحرص والطمع إلى
راحة الزهد والورع , شهد بذلك عدول القلب واللسان, وصحيح
ما نزل من القرآن , وبتاريخ حل عقدة الإصرار من وقت الإنابة :

{ ومن أوفى بعهده من الله }

قال له : نعم ثم تصدق بما له وخرج معه إلى الله اهـ .

ثم من صح إقباله على الله لم يضيع شيئاً من الأقوات في
غير طاعة مولاه .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين أغسطس 06, 2012 10:40 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان والسابع عشر من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :

(( حقوق في الأوقات يمكن قضاؤها وحقوق الأوقات لا يمكن قضاؤها )

أما الحقوق التي في الأوقات , فهي الطاعة التي عين الله تعالى
لها وقتاً محدوداً ,كالصلوات الخمس والسنن المؤكدة
وكذلك الزكاة والصيام , لهما وقت محدود فى العام
فإذا خرج وقتها أمكن قضاؤها وإن كان يسمى مفرطاً
لكن بعض الشر أهون من بعض

وأما حقوق الأوقات بأنفسها , فهي مراقبة الحق أو مشاهدته
كل واحد على قدر وسعه :

{ لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها }

وهذه الحقوق إذا فات وقتها لا يمكن قضاؤها
إذ الوقت الثاني له حق مخصوص لا يسع غيره

فما من لحظة إلا ويجب عليك فيها أن تكون عاملاً لله
مشتغلاً فيها بما يوصلك إلى قربه ورضاه

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أغسطس 14, 2012 2:05 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان والثامن عشر من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :


( إذ ما من وقت يرد إلا ولله عليك فيه حق جديد وأمرأ أكيد
فكيف تقضي فيه حق غيره وأنت لم تقض حق الله فيه )

ما من وقت أو لحظة ترد عليك أيها العبد إلا ولله عليك فيها حق
جديد من ذكري أو فكرة أو نظرة أو من مراقبة أو مشاهدة أو من
خدمة حسية أو معنوية :

{ قد علم كل أناس مشربهم }

وأمر أكيد من التحقق بالعبودية والقيام بوظائف الربوبية
فإن غفلت عن الحق الجديد أو الأمر الأكيد في وقت ما ودخل
الوقت الثاني فقد فاتك القضاء وندمت على ما مضى
فكيف يمكن أن تقضي في الوقت الثاني حق غيره
وهو أيضاً له حق يجب عليك أن تؤديه فيه
فلا يمكنك أن تقضي حق الوقت الأول في الوقت الثاني وأنت
لم تقض حق الله فيه أي في الوقت الثاني .

والحاصل : أن كل وقت له حق , فإن فات فلا قضاء له
ولذلك قالوا في الآداب :
التصوف هو ضبط الأنفاس , وحفظ الحواس
والأنفاس هي دقائق الساعات , وضبطها :
هي عمارتها بأنواع الطاعات , فإذا ضيع حقوق الساعات
خرج عن أدب التصوف , والله تعالى أعلم .

قال الشيخ أبو العباس رضي الله عنه :
أوقات العبد أربعة لا خامس لها نعمة أو بلية , طاعة أو معصية
وله على عبده في كل وقتا منها حق ففي النعمة الشكر, وفي
البلية الصبر , وفي الطاعة شهود المنة , وفي المعصية اللجأ
والإنابة وطلب الإقالة بالمعنى
وفي هذا المعنى قال عليه الصلاة والسلام :

" من أعطى فشكر , وابتلى فصبر , وظلم فغفر , وأذنب فاستغفر
ثم سكت عليه الصلاة والسلام , فقالوا : ما له يا رسول الله ؟
قال : أولئك لهم الأمن وهم مهتدون "

أي لهم الأمن يوم القيامة , وهم مهتدون في الدنيا , وقبل لهم
الأمن في الدارين وهم مهتدون إلى حضرته في الكونين .

واعلم أن القيام بحقوق الأوقات على التمام يكاد أن يكون متعذرا
في حق البشر ,قال تعالى : { وما قدروا الله حق قدره } .

أي ما عبدوه حق عبادته , وما عرفوه حق معرفته
فلهذا كانت حقوق الأوقات لا يمكن قضاؤها , لأنها راجعة لحفظ
الأنفاس والخطرات , وقد أعيا الرجال حفظها في حال الصلاة
فكيف في كل وقت ؟ لكن قد { يختص برحمته من يشاء }

قال بعضهم : منذ عشرين سنة ما خطر على قلبي شيء
سوى الله تعالى .

وقال الشيخ أبو الحسن : من أحب الله لم يستعمل جوارحه
إلا فيما يوافق محبوبه , وأنفاسه كلها محفوظة بالطاعة
ولو حيل بينه وبين الخدمة لفارق الدنيا من ساعته
لأن الطاعة قد صارت غذاء أرواحهم فإن فارقوها
ماتوا نفعنا الله بهم آمين .

ثم في تضييع حقوق الأوقات تضييع العمر الذي هو أعز
من الكبرين الأحمر

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين أغسطس 20, 2012 12:16 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان والتاسع عشر من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :


( ما فات من عمرك لا عوض له , وما حصل لك منه لا قيمة له )

عمر المؤمن هو رأس ماله , فيه ربحه وخسرانه فمن شد يده
عليه كان من الفائزين , ومن ضيعه في البطالة والتقصير كان من
الخاسرين , فما فات منه في غير طاعة ربه لا عوض له
إذا ما ذهب لا يرجع أبداً , وما حصل لك منه لا قيمة له تفي بقدره
إذ لو اشترى ساعة منه بملء الأرض ذهبا لكان نزراً في حقه
لأن شاعة منه تذكر الله فيها تنال بذلك ملكاً كبيراً وتنعيماً مقيماً
لو بيعت الدنيا بحذافيرها ما بلغت منه عشر العشر
ولأجل هذا المعنى اشتدى محافظة السلف الصالح على الأوقات
وبذلوا مجهودهم في اغتنام الساعات , ولم يقنعوا من أنفسهم
إلا بالحد والتشمير , ولم يسمحوا لها في الراحة والبطالة بقليل
ولا كثير وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" لا تأتي على العبد ساعة لا يذكر الله فيها إلا كانت عليه حسرة
يوم القيمة "

وقال على كرم الله وجهه : بقية عمر العبد ما لها ثمن , يدرك بها
ما فات ويحيى بها ما مات .

وقال الجنيد رضي الله عنه : الوقت إذا فات لا يستدرك , وليس شيء
أعز من الوقت , وفي معناه قيل :

السباق السباق قولا وفعلا ... حذر النفس حسرة المسبوق

وقال الحسن البصري رضي الله : عنه أدركت أقواماً كانوا على
أنفاسهم وأوقاتهم أشد حفظاً وأحرص شفقة منكم على دنانيركم
ودراهمكم كما لا يخرج أحدكم درهمه ولا ديناره إلا في ورود منفة
واستجلاب فائدة كذلك كانوا لا يضيعون نفساً من أنفاسهم في
غير طاعة أبداً .

كان سيدنا علي رضي الله عنه يقول لفاطمة بنت رسول الله صلى
الله عليه وسلم :
إذا صنعت طعاماً فميعيه : أي اجعليه مائعاً خفيفاً , فإن بين المائع
واليابس خمسين تسبيحة .

وقال أبو علي الجرجاني : ما مضغت الخبز منذ أربعين سنة وإنما
أسف السويق وأعود لذكر الله تعالى . قال : وقد كنت عددت
ما بين المضغ والبلع ستين تسبيحة .

وقبل : إن ساعات الليل والنهار أربع وعشرون ساعة , تبعث يوم
القيامة خزائن مصفوفة أربعاً وعشرين خزانة
فمن كان عمرها في الدنيا بطاعة الله رآها خزائن معمورة بالنعيم
ومن كان ضيعها رآها خزائن فارغة خاوية , فيتحسر عليها ويندم .

وجاء في الخبر : " إن أهل الجنة بينما هم في نعيمهم إذ سطع
لهم نور من فوق أضاءت منه منازلهم كما تضئ الشمس لأهل الدنيا
فينظرون إلى رجال من فوقهم أهل عليين يرونهم كما يرى الكوكب
الدرى في أفق السماء وقد فضلوا عليهم في الأنوار والجمال والنعيم
كما فضل القمر على سائر النجوم فينظرون إليهم يسيرون على نجب
تسرح بهم في الهواء يزورون ذا الجلال والإكرام , فينادي هؤلاء
يا أخواننا ما أنصفتمونا , كنا نصلي كما نصلون ونصوم كما تصومون
فما هذا الذي فضلتم به علينا , فإذا النداء من قبل الله عز وجل :
انهم كانوا يجوعون حين تشيعون , ويعطشون حين تروون
ويعرون حين تكسون , ويذكرون حين تنسون , ويبكون حين تضحكون
ويقومون حين تنامون , ويخافون حين تأمنون , بذلك فضلوا عليكم
اليوم , فذلك قوله تعالى :
{ فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاءً
بما كانوا يعلمون } اهـ .

ومما يعين على حفظ الأوقات واتصال الطاعات , الزهد في السوى
ومحبة المولى , فإن من أحب شيئاً أكثر من ذكره , وخدمه وخضع
له وكان عبدا حقيقة له .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس أغسطس 30, 2012 5:51 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان والعشرون من الحكم العطائية لسيدى
ابن عطاء الله السكندرى وهى :


( ما أحببت شيئاً إلا كنت له عبداً وهو لا يحب أن تكون لغيره عبدا )

القلب إذا أحب شيئاً أقبل إليه خضع له , وأطاعه في كل ما يأمره
* إن المحب لمن يحب مطيع *

وهذه حقيقة العبودية , الخضوع والطاعة , وليس للقلب إلا وجهة
واحدة وليس للإنسان إلا قلب واحد , قال تعالى :

{ ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه }

وإذا كان للقلب وجهة واحدة فمهما أقبل بها على مولاه أعرض
عما سواه وكان عبدا له حقيقة , وإذا أقبل على هواه أعرض
قطعاً عن مولاه وكان عبداً لسواه , والحق سبحانه لا يرضى
لعبده أن يكون عبداً لغيره قال تعالى في ذم من كان عبداً لهواه :

{ أفرأيت من اتخذ إلهه هوه وأضله الله على علم وختم على
سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من عبد الله }

فالآية نص في ذم من أحب هواه واتخذ ربا من دون مولاه
وأما تفسير أهل الباطل : فهو إشارة لا تفسير معنى
وفي الحديث :

" إن للقرآن ظاهراً وباطناً وحدا ومطلعاً "

فقد ورد عن شيخ شيوخنا سيدي محمد بن عبد الله في إشارة
هذه الآية أنه يمكن أن يكون مدحاً , ومعناه حينئذ : أفرأيت من اتخذ
إلهه الذي خلقه هواه لا حيب سواه , وأضله في محبته على علم
وبينة من ربه , وختم على سمعه وقلبه بمحبته , وجعل على بصره
غشاوة منعه من النظر لما سواه , فمن يهديه هذه الهداية العظمى
من بعد الله ؟ لا هادي له سواه , وهذا في ظاهر العبارة خارج عن
سياق ظاهر الآية , لكنه باطنها ولا يصح تفسير الآية به .

واعلم أن تفسير هذه الطائفة لكلام الله وكلام رسول الله صلى الله
عليه وسلم على غير المعنى المعهود , ليس هو عندهم عين
المعنى المراد , ولكنهم يقررون الآية والحديث على ما يعطيه اللفظ
ثم يفهمون إشارات ودقائق وأسرار خارجة عن مقتضى الظاهر
خصهم الله بها لصفاء أسرارهم , هكذا ذكر المؤلف في لطائفة .

ثم نرجع إلى ما كنا فيه من طلب العبودية لله والحرية مما سواه
قال صلى الله عليه وسلم :

" تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة " .

زاد في رواية : " والزوجة , تعس وانتكس , وإذا شيك فلا انتقش " .

وقيل للجنيد : من العبد ؟ قال : من بقي في قلبه أدنى علاقة
غير الله لأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم . قيل له : ومن الحر ؟
قال : من تخلص من رق طبعه , واستنقذ قلبه من شهوات نفسه .

وكان للشبلي تلميذ فكساه رجل يوماً جبة وكان على رأس الشبلي
قلنسوة فخرط على قلب التلميذ محبة القلنسوة ليجمعها مع الجبة
فكاشفه الشيخ فأزال له الجبة وجمعها مع القلنسوة ورمى بهما
في النار وقال له لا تبق في قلبك التفاتاً لغير الله .
وأنكر عليه بعض أهل الظاهر المتجمدين على ظاهر الشريعة جهلاً
بالمقصود , لأن أعمال الصوفية مبنية عل العبادة القلبية , لأن الأعمال
الظاهرة إن لم يوافقها القلب كانت أشباحاً خاوية , وبالله التوفيق .

واعلم أن من تخلص من رق طبعه واستنقذ من أسر نفسه فقد تحقق
بمحبة ربه , والمحبة لها بداية ووسط ونهاية فأول المحبة وبدايتها
ملازمة امتثال الأمر واجتناب النهي , قال تعالى :

{ قل أن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله }

ووسطها لهج اللسان بالذكر , وتعلق القلب بشهود المحبوب
ونهايتها لا تدرك بالعبارة , ولا تلحقها الاشارة وفي
هذا المعنى قيل:

فلم يبق إلا الله لا رب غيره ... حبيب لقلب غاب عن كل مقصد
هنيئاً لمن قد نال حب حبيبه ... وخاص بترك الغير اكرم مورد
نعيم بلا حد لديه مجدد ... على عدد الأنفاس في كل مشهد

روى أن أبا يزيد رضي الله عنه كان بحذاء المنبر فقرأ الخطيب :

{ وما قدروا الله حق قدره }

فصبر نفسه حتى طار الدم من عينه , فهذه المعاني لا تدركها
العامة ولا الخاصة , وإنما يذوقها خاصة الخاصة , وأنشدوا :

وحقك لو أفنيت قلبي صبابة ... لكنت على ذا حبيباً إلى قلبي
أزيد على عذل العذول تشوقاً ... ووجدا على وجد وحباً إلى حب
أبي القلب إلا أنت في كل حالة ... حبيباً ولو دارت عليه يد الكرب
فلا تبتليه بالبعاد فإنـــــما ... تلذذ أنفاس المحبين بالقرب

ومعنى محبة الله لعبده حين يقبل عليه هو تقريبه لحضرته
وهدايته لمحبته من غير نفع له في ذلك , إذ لا تنفعه طاعة من
أقبل عليه ولا تضره معصية من أدبر عنه , إذ هو غنى عن الكل

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد سبتمبر 09, 2012 10:57 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان والواحد والعشرون من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :


( لا تنفعه طاعتك , ولا تضره معصيتك , وإنما أمرك بهذا ونهاك
عن هذا لما يعود إليك , لا يزيد عن عزه إقبال من اقبل عليه
ولا ينقص من قدره إدبار من أدبر عنه )

الحق سبحانه غنى عن كل شيء مفتقر إليه كل شيء , لا تنفعه
طاعة الطائعين , ولا تضره معصية العاصين , وسيأتي في المناجاة :

إلهي تقدس رضاك أن تكون له علة منك , فكيف تكون له علة مني ؟
أنت الغني بذاتك أن يصل إليك النفع منك فكيف لا تكون غنيا عني اهـ .

فلا تنفعه أيها العبد طاعتك فيكون محتاجاً إليها , تعالى الله عن ذلك
ولا تضره معصيتك فيكون مقهوراً بها : ( وهو القاهر فوق عباده )
فإنما أمرك بالطاعة ليقربك إليه .

( إن رحمة الله قريب من المحسنين ) .

وإنما نهاك عن المعاصي لما جعل فيها من علامة البعد عن حضرته
فما أمرك الله بشيء إلا وفيه تقريب وآداب للحضرة . وما نهى الله
عن شيء إلا وفيه ضرر وإبعاد عن الحضرة , لما فيه من سوء الأدب
والتحقيق انه :( لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون ) .

لا يزيد عن عزه إقبال من أقبل عليه , لأن عزته أزلية قديمة
ولا ينقص من عمره إدبار من أدبر عنه , لأنه غنى عن العالمين .
وفي الحديث القدسي :
" لو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل
واحد ما زاد ذلك في ملكي شيئاً , ولو أن أولكم وآخركم وإنسكم
وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئاً "
الحديث أخرجه مسلم في صحيحه , ومن أسمائه تعالى : ( القدوس )

قال بعضهم : معناه أنه منزه عن كل كمال لا يليق بذاته , ولا يقال انه
منزه عن النقائص , إذ لا تصح نسبتها إليه حتى ينزه عنها , إذ لا ينفي
عن الشيء إلا ما يصح إثباته له , فإن نفيت مالا يصح إثباته فربما يكون
نقصاً كما يقال :
السلطان ليس بجزار , ومن أجاز ذلك فإنما مراده التعميم وكمال
التقديس والتنزيه .

قال بعضهم : لو أراد الخلق تنزيه الخالق إلا بلسان العجزة ما استطاعوا
ولذلك قال صلى الله عليه وسلم :
" لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " اهـ

قال ذلك البعض : إن صفات البارى وأسماءه كلها كليات والمخلوق جزء
والجزءلا يحيط بالكل , ولا يدرك حقيقته , فليتحرز من التأويلات المخرجة
عن المعنى اللائق بجناب الحق , مسلماً أن لا يعرف الله إلا الله
وأنشدوا :
لا يعلم الله إلا الله فاتئدوا ... والدين دينان إيمان وإشراك
وللعقول حدود لا تجاوزها ... والعجز دراك الإدراك إدراك

فهذا أوائل المعرفة
وأما وسطها : فهو اغتراف من بحر الحقيقة , واستشراف على غوامض
الطريقة , ولا تسعه كل عقول العامة , وإنما يخوض فيه الخاصة
فإنما تقدم كان فيه استلال بالإسم على المسمى , وهذه مرتبة تسقط
التفرقة بين الإسم والمسمى , وبين الصفة والموصوف . ثم قال
ولهذا قالوا : الجمع سقوط التفرقة وليس بعد هذا إلا جمع الجمع وهو
غاية المعرفة , فأول المعرفة دلالة الصنعة على الصانع ووسطها دلالة
الصانع على الصنعة , وغايتها تلاشي كل ما دون الحق
( كل من عليها فإن . ويبقى وجه بك ذو الجلال والإكرام ) اهـ .

قاله الشطي مختصراً ,
وحاصلها : الترغيب في تحصيل الأنوار بالتفرغ من الأكدار, فإذا فرغت
قلبك وتأخر الفتح عليك , فلا تسبطئ منه وجود النوال , ولكن استبطئ
من نفسك وجود الإقبال , ولا يكمل إقبال العبد على ربه حتى يستغرق
الأوقات كلها في طلبه , فكل وقت من العمر لا ثمن له ولا يمكنه التفرغ
لحفظ الأوقات حتى يتحرر من رق الكائنات , فإذا تحرر مما سواه كان
عبداً حقيقة لمولاه فحينئذ اجتباه ولحضرته اصطفاه , من غير منفعة
له فيه ولا ضرر وإنما يعود نفعه له وضرره عليه , إذا لا يزيد في عزه
إقبال من أقبل ولا إدبار من أدبر , وإنما وصل من وصل بمحض فضله
وأبعد من أبعد بمحض عدله ومعنى وصول العهد إلى مولاه
علمه بنور عظمة ربه وسناه .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 19, 2012 11:00 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وإثنان وعشرون من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( وصولك إليه وصولك إلى العلم به , والا فجل ربنا أن يتصل
هو بشيء )

قلت : قد ذكر أهل الفن في هذا الفن في هذا المقام اصطلاحات
وألفاظاً تداولوها بينهم تقريباً لفهم المعاني .
فمنها : السير , والرحيل , وذكر المنازل , والمناهل , والمقامات .
ومنها : الرجوع , والوقوف , وكل ذلك كناية عن مجاهدة النفوس
ومحاربتها وقطع العوائق و العلائق عنها . أو الوقوف مع شيء منها .
وسيأتي للمؤلف : لولا ميادين النفوس ما تحقق سير السائرين .

ومنها الوصول , والتمكين , والسكون والطمأنينة .
ومنها : المشاهدة , والمكالمة , والمجالسة , والمساورة وغير ذلك
وكل ذلك كناية عما أدركته أورواحهم , وذاقته أسرارهم :
من عظمة الحق وجلاله , وسيأتي تفسير شيء من ذلك في
محله أن شاء الله .

ومعنى الوصول عندهم تحقيق العلم بوجوده وحده , فوصولك إليه هو
شعورك بعدمك حتى يكون عدمك عندك ضروروياً , وعلمك بوجوده
كذلك , وهذا الامر كان حاصلا لك في نفس الأمر . لكن لم تشعر به
وفي هذا المعني قال بعضهم , وبعضه للششتري :

بين طلوع ونزول ... تخبلت الغزول
أفن من لم يكن ... يبق من لم يزول

فالزوال هو المعرفة : وهو معنى الوصول , وسببها جولان الفكرة
ولذلك أمره بها .

وقال شيخ شيوخنا سيدي على : الناس كلهم يشاهدون ولا يعرفون .
وسمعت شيخنا يقول : الناس كلهم في البحر , أي في بحر الوحدة
ولكن لا يشعرون
فوصول العبد إلى الله تحقيق العلم بوجوده , والغيبة عن نفسه , وعن
كل ما سواه وإلا تكن كذلك بأن تعتقد أن الوصول يكون حسياً فجل ربنا :
أي تعالى وترفع أن يتصل به شيء للزوم تحيزه , أو يتصل هو بشيء
للزوم افتقاره وحصره , تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .

واعلم أن هذا العلم بالله يكون كسيباً ثم لا يزال يغيب عن نفسه وحسه
سكرة بعد سكرة , وحيرة بعد حيرة , حتى يصحو وينجلي عن ضباب
الحس وسحاب الجهل , وظلمة النفس , فتشرق عليه شمس النهار
وتنجلي عنه ظلمة الأغيار وفي ذلك قيل :

ليلى بوجهك مشرق ... وظلامه في الناس سار
الناس في سدف الظلام ... ونحن في ضوء النهار

أي ليل وجودى صار مشرقاً مضيئاً بسبب شهود ذاتك , وظلام ليل
القطيعة سار في جل الناس , الناس في جوف ظلمة الأكوان
ونحن في ضوء شموس العرفان , ثم لا يزال في تربية الشيخ وتحت
حضانته ومدده سار إليه بقدر صدقه حتى يسلم له خصيم الظلماني
ويحس ذلك من نفسه , فحينئذ يقول بلسان الحال : أقرّ الخصم
فارتقع النزاع , فإذا انفرد الخصم النوراني استمد من كل شيء
وشرب من كل شيء وأخذ النصيب من كل شيء , فيبقى وصوله
إلى الواسطة شكراً وإحسانا { أن اشكر لي والوالديك }
وينشد حينئذ بلسان حاله ومقاله :

الحمد لله لا تفنى محامده
والحمد لله في الآصال والبكر

من يهده الله أضحى عالماً فطناً
بالله في كل ما يبدو من الصور

يا طالب الوصل جد بالنفس ملتفتاً
عنها إلى منزل الأشياء بالقدر

فإن ظفرت فأنت الفرد والعلم ال
منعوت بالحسن والحسنى لذى نظر

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 26, 2012 9:50 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وثلاث وعشرون من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :


( قربك منه أن تكون مشاهداً لقربه , وإلا فمن أين أنت
ووجود قربه )

إذا حققت أن الأكوان ثابتة بإثباته ممحوة بأحدية ذاته , علمت
علم يقين أن الأكوان والمكان والزمان لا وجود لها , وأن الحق
كما كان وجود وحده ولا أين ولا مكان , بقي كذلك لا أين ولا مكان
ولا زمان نور أحديته محا وجود الأكوان , فانتفى بوجوده الزمان
والمكان ولم يبق إلا الواحد المنان .

وفي البخاري عنه صلى الله عليه وسلم :
" يقول الله تعالى : يسب ابن آدم الدهر وأنا الدهر بيدي
الليل والنهار " .

فالوجود الحقيقي إنما هو لذاته وأثر صفاته , تجلى واستتر
واختفي فيما ظهر .
فإذا علمت هذا علمت انه تعالى قريب من كل شيء , محيط
بكل شئ ولا شئ إلا الذي : ( ليس كمثله شئ ) .

لكن حكمة الحكيم أثبتت الحادث والقديم , فمن فتح الله عين
بصيرته شهد عدمه لوجوده , فأبصر الحق محيطاً به , وماحياً
لوجوده ومن طمس الله عين بصيرته لم ير إلا الفرق ولم يدرك
إلا البعد فإذا أراد الله أن يقربه إليه فتح شعاع بصيرته , فيبصر
الحق قريباً منه محيطاً به .

روى أن الشيخ أبا الحسن رضي الله عنه قال يوماً بين يدي
أستاذه :
اللهم اغفر لي يوم لقائك , فقال له شيخه هو أقرب إليك من
ليلك ونهارك ولكن الظلم أوجب الظلال , وسيق القضاء حكم
بالزوال عن درجات الأنس ومنازل الوصال , وللظالم يوم لا يرتاب
فيه ولا يحتال , والسابق قد وصل في الحال :
{ أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في
ضلال مبين } اهـ كلامه رضي الله عنه .

فمعنى قربك من الحق أن تكون مشاهداً لقربه منك قرب وجود
وإحاطة وذلك بعد أن تلطفت عواملك , وفنيت دائرة حسك
وحينئذ يتحقق قربك منه .

قال تعالى : { وإذا قلنا لك إن ربك أحاط بالناس }
وقال تعالى :{ أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد } الآية .
وإن لا تعتقد هذا , واعتقدت وجود نفسك وثبوت حسك الوهمي
فلا تشاهد إلا العبد , فمن أين أنت ووجود قربك الحسى من نوره
اللطيف حتى تراه بعين الحس ؟ فما دمت في عالم الأشباح فأنت
بعيد من عالم الأرواح , في حال قربك منه كما قال القائل :
ومن عجب أنى أحن إليهم
واسئل شوقاً عنهم وهم معي

وتبكيهم عيني وهم بســوادها
ويشكو النوى قلبي وهم بين أضلعي

سبحان من بعد قوماً في حال قربهم , وقرب قوماً من غير بعدهم
وراجع ما تقدم لنا في الشرح عند قوله :
شعاع البصيرة تفهم المسئلة على أصلها . وحق هذه الحكمة أن
تتقدم على التي قبلها , لأن القرب سابق على الوصول , ولما
ترتب على ذكر الوصول من ذكر الواردات والأمر قريب , والله
تعالى أعلم .

وقال الشيخ زروق رضي الله عنه في شرح هذه الحكمة :
القرب في الجملة على ثلاثة أوجه :
أحدها : قرب الكرامة , وهو تقريب الحق عبده حتى يكون
مشاهداً لقربه منه فيتولاه دون ما سواه .
الثاني : قرب الإحاطة , إحاطة العلم والقدرة والإرادة , وعموم
التصرف وهذا الحق من عبده .
الثالث : قرب المناسبة والمسافة , ولا يصح في جناب الربوبية
لاستحالة المسافة عليه ونفى مناسبة العبد للرب , فتقدير
الكلام قربك منه على وجه الكرامة أن تكون مشاهداً لقربه منك
على وجه الإحاطة وإلا فمن أين أنت ووجود قربه على وجه
التناسب والمسافة اهـ

وإنما نقلته لعلمي أن الكتاب يطالعه من يحسن العوم ومن
لا يحسنه فإذا خاف من البحر وجد جزيرة يأوى إليها
وبالله التوفيق .

ومن حصل على مقام القرب والوصول , ترد عليه الحقائق العرفانية
والأسرار الربانية , والعلوم اللدينة , تارة ترد مجملة ثم يقع التفصيل
وتارة مفصلة وهو غالب واردات أهل التمكين , والغالب أن
هذه الواردات إنما ترد بعد الفتح والوصول

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس أكتوبر 04, 2012 1:03 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وأربع وعشرون من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :


( الحقائق ترد في حال التجلي مجملة , وبعد الوعي يكون البيان
فإذا قرأناه فابتع قرآنه ثم أن علينا بيانه )

الحقائق هي ما يرد على قلب العارف من تجليات العلوم والحكم
والمعارف , فتارة تكون علوماً , وتارة تكون حكماً ومعارفاً
وتارة تكون كشفاً بغيب كان أو سيكون .
وحكمة ذلك الروح إذا تخلصت وتصفت من غبش الحس كان
غالب ما يتجلى فيها حقاً , ثم إن هذه الحقائق قد رد في حال
التجلي مجملة فيقيدها الإنسان كما تجلب ثم يتفكر فيها فيتبين
معناها فبعد الوعي وهو الحفظ يكون البيان .
ثم استدل بآية الوحي لأن الوحي على أربعة أقسام :
وحي وإلهام , ووحي إعلام , ووحي أحكام
فشاركت الأولياء الأنبياء فى ثلاثة :
وحى إلهام , ووحى منام , ووحى إعلام وهو الفهم عن الله
وانفردت الأنبياء بوحى الأحكام فالأولياء لهم وحي الإلهام
ويكون أولاًً مجملاً في القلب , فإذا قرأه , وأظهره تتبعه
وبينه , قال تعالى : { فإذا قرأناه فاتبع قرآنه }
كما قرأناه عليك { ثم إن علينا بيانه } .

حتى تفهمه وتبينه للناس , كان عليه الصلاة والسلام يعالج من
التنزيل شدة مخافة أن ينساه , فلما نزلت الآية كان يستمع
لجبريل , فإذا فرغ قرأه كما أنزل فالوحي الذي هو وحي
أحكام , مصون فلا ينسى , بخلاف وحي الإلهام
فلذلك ينبغي للولي ان يقيد تلك الواردات قريباً , فإن الحكمة
في حال التجلي تكون كالجبل , فإذا غفل عنها ترجع كالجمل
فإذا غفل عنها بعد رجعت كالثور, ثم كالكبش , ثم كالبيضة
ثم تغيب , ولذلك كان شيخ شيوخنا سيدي علي رضي الله عنه
لا تفارقه الدواة والقلم والقرطاس ليقيد المواهب , وكذلك كان
أشياخنا وكانوا يأمورن بذلك .

وجل هذا الشرح الذي نقيده إنما هو مواهب , لأني أكتب الحكمة
ولا أدري ما اكتب فأقف مفتقراً إلى ما عند الله , فإذا ورد شيء
من عند الله كتبته أولاً , ثم أنظر في كتب القوم إن وجدت نقلاً
غريباً موافقاً لما أفاض الله على كتبته , وإلا تركته واكتفيت بما
أتى الله , وكثيراً ما نكتب الكلام ثم نطالعه ونستغرب أني كتبته
أو صدر مني , وذلك كله ببركة صحبة أشياخنا فجزاهم الله
عنا أحسن جزائه .

ولقد كنت في حال الرياضة والمجاهدة إذا أردت أن نتكلم في التفسير
أو غيره , نشرع في الكلام ثم نغيب , فكنت أحس بالكلام يخرج منى
من غير اختيار كأنه السحاب , فتصدر مني علوم وحكم , فإذا سكت
لم يبق منها إلا القليل .
ولقد حضر معنا ذات يوم رجل صالح كبير السن فسمع ذلك , فقال
والله لقد حضرت مجالس العلماء والصالحين والله ما رأيت مثل هذه
الجواهر واليواقيت التي تخرج من سيدي فلان , فبقيت كذلك مدة
غير أني لم نكن نقيد شيئاً , ثم انتقل ذلك إلى حال التقييد فصار
القلم عندي أفصح من عبارة اللسان
وكان بعض العارفين يقول لأصحابه : إذا كنت اتكلم عليكم أكون
أستفيد من نفسي ما يجزيه الله على لساني كما تستفيدون أنتم
منى , وفي ذلك يقول ابن الفارض رضي الله عنه :

ولا تك ممن طيشته طروسه ... بحيث استخفت عقله واستفزت
فثم وراء النقل علم يدق عن ... مدارك غايات العقول السليمة
تلقيته منى وعنى أخذته ..... ونفسى كانت من عطائى ممدتى

وكان الشيخ أبو الحسن رضى الله عنه إذا استغرق فى الكلام
وفاضت عليه العلوم يقول : هلا رجل يقيد عنا هذه الأسرار
هلموا الى رجل صيره الله بحر العلوم أو كلاماً نحوه , وكان
يحضر مجلسه أكابر وقته كعز الدين بن عبد السلام وابن الحاجب
وابن عصفور وابن دقيق العيد وعبد العظيم المنذرى , وكان عز
الدين بن عبد السلام إذا سمع كلامه يقول قريب عهد بالله .

وكان الشيخ تقى الدين بن دقيق العيد يقول : والله ما رأيت أعرف
بالله من أبى الحسن الشاذلى رضى الله عنه .
وكان فى كل سنة يطلع الى القاهرة ويجتمع عليه مشايخ القاهرة
ومصر ومن بتلك الناحية , فيفيض عليهم بالعلوم ومواهب الربانية
والأسرار اللدنية , فلما مات رضى الله عنه واستخلفه أبو العباس
المرسى جعل يطلع الى القاهرة كما يقعل شيخه , فاجتمع إليه
جماعة من أكابرمصر وعلمائها وقالوا ياشيخ كان الشيخ أبو الحسن
إذا جاء الى هذا الموضع يجىء عندنا ونتبرك بقدومه وما نسمع
منه من مواهب الله تعالى , وأنت قد أقامك الله مقامه , فنحب أن
نتبرك بكلامه , فقال لهم : إذا كان صبيحة غد نجىء إليكم إن
شاء الله , فلما كان صبيحة غد أمر أصحابه بالمسير الى مصر
وأمر بحمل رسالة القشيرى رضى الله عنه . قال ابن الصباغ
فحملتها ووصلنا الى جامع عمرو بن العاص , فوجدناه قد امتلأ
بأكابر أهل مصر وعلمائها , فقال لى منتقد ومعتقد , قال :
فجلسنا بشرقى الجامع , فقال أخرج رسالة القشيرى فأخرجتها
فقال اقرأ , فقلت وما أقرأ ؟ قال : الذى يظهر لك , ففتحنا الكتاب
فوجدنا باب الفراسة , فقرأت أول الباب فلما فرغت من حديث
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لى : اغلق الكتاب , ثم قال :
الفراسة تنقسم الى أربعة أقسام : فراسة المؤمنين
وفراسة الموقنين , وفراسة الأولياء , وفراسة الصديقين
فأما المؤمنين فحالها كذا ومددها من كذا ثم تكلم بكلام عظيم
ثم انتقل الى فراسة الموقنين فتكلم بطبقه أعلى . ثم قال :
وأما فراسة الاولياء فمددها من كذا وحالها من كذا , وتكلم فى ذلك
بكلام موهوب غير مكسوب أذهل عقول الحاضرين واستغرق بذلك
إلى آذان الظهر والناس يبكون ورأيت العرق ينحدر من جبينه حتى
ينحدر على لحيته وكانت لحيته كبيره اهـ .

يتبع إن شاء الله تعالى .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أكتوبر 16, 2012 10:48 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وأربع وعشرون من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

وقال فى لطائف المنن : وكنت أنا لأمره من المنكرين , وعليه من
المعترضين , لا لشىء سمعته منه , ولا لشىء صح نقله عنه
حتى جرت مقاولة بينى و بين بعض أصحابه وذلك قبل صحبتى
إياه , و قلت لذلك الرجل ليس إلا أهل العلم الظاهر , و هؤلاء
القوم يدعون أمورا عظاما و ظاهر الشرع يأباها
فقال لى ذلك الرجل بعد أن صحبت الشيخ :
تدرى ما قال لى الشيخ يوم تخاصمنا ؟ قلت لا , قال :
دخلت عليه فأول ما قال لى هؤلاء كالحجر ما أخطأك منه
خير مما أصابك , فعلمت أن الشيخ كوشف بنا , قال :
ولعمرى لقد صحبت الشيخ اثنى عشر عاماً , فما سمعت منه
شيئا ينكره ظاهر العلم من الذى كان ينقله عن من يقصد الأذى .
و كان سبب اجتماعى به أن قلت فى نفسى بعد أن جرت
المخاصمة بينى و بين ذلك الرجل : دعنى أذهب فأرى هذا الرجل :
فصاحب الحق له أمارة لا يخفى شأنها , فأتيت إلى مجلسه
فوجدته يتكلم فى الأنفاس التى أمر الشارع بها , فقال :
الأول إسلام , والثانى إيمان , والثالث إحسان .
و إن شئت قلت: الأول عبادة , والثانى عبودية , والثالث عبودة .
و إن شئت قلت : الأول شريعة , والثانى حقيقة , والثالث تحقق
أو نحو هذا , فما زال يقول : و إن شئت قلت : و إن شئت إلى أن
أبهر عقلى , و علمت أن الرجل إنما يغرف من فيض بحر إلهى
و مدد ربانى : فأذهب الله ما كان عندى إلى أخر كلامه .

فهذه الحقائق التى يفيضها الحق تعالى على قلوب أوليائه
فينطقون بها تكون أولا مجملة , فإذا حفظت و تقيدت تبين معناها
فمنها ما تدركها العقول ويطابق المنقول , و منها مالا تفهمها
العقول فتكلها إلى أربابها ولا تنتقدها عليهم بمجرد سماعها
وانظر قول ابن الفائض رضى الله عنه :
فثم وراء النقل علم يدق عن مدارك غايات العقول السليمة

ومع هذا كان الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه يقول :
إذا عارض كشفك الصحيح الكتاب والسنة فاعمل بالكتاب والسنة
ودع الكشف , وقل لنفسك إن الله تعالى ضمن لي العصمة في
الكتاب والسنة , ولم يضمنها لي في جانب الكشف والإلهام
ومثل هذا أيضاً قول الجنيد : إن النكتة لتقع في قلبي من جهة
الكشف فلا أقبلها إلا بشاهدى عدل : الكتاب والسنة
ولا يلزم من عدم العمل بها انتقادها على أهلها, فإن العلم
واسع له ظاهر وباطن ومسائل الإلهامات تارة ترد على حسب
العلم الظاهر, وتارة ترد على حسب العلم الباطن فإن لم تفهم
فسلم ودع ما تعرف لما لا تعرف .

وكان الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عن يقول :
من آدب مجالسة الصديقين أن تفارق ما تعلم لتظفر
بالسر المكنون . اهـ

يعني أن أردت أن تظفر بما عندهم من السر المكنون
فاسقط عنهم الميزان في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم
وأما ما دمت تزن عليهم بميزان علمك فلا تشم رائحة
من سرهم .

وكان شيخ شيوخنا سيدي على رضي الله عنه يقول :
طريقتنا لا ينال منها شيئاً إلا من يصدق بالمحال .

فإن أردت يا أخي أن يهب عليك نسيم أسرارهم ونفخات
مواهبهم فدع ما تعرف إلى ما لا تعرف , واغتسل من علمك
وعملك حتى تبقى فقيراً إلى ما عندهم كما فعل شيخ
طريقتنا الشاذلي رضي الله عنه .

ولقد حدثني من أثق به أن الشيخ أبا الحسن رضي الله عنه
طلع إلى الشيخ ابن مشيش رضي الله عنه بالميزان , فلم
يشم رائحة الولاية فرجع ثم طلع ثانياً كذلك فرجع كما طلع
فلما أسقط الميزان واغتسل من علمه وعمله وطلع فقيراً
أغناه الله , قال له الشيخ ابن مشيش :
يا أبا الحسن طلعت إلينا فقيراً من علمك وعملك فأخذت منا
غنى الدارين اهـ نفعنا الله بذكرهم ونفح علينا ما نفح عليهم
حتى نستغني بهم غنى لا فقر معه أبداً آمين

ثم أن هذه الواردات التي تتجلى بالحقائق والعلوم إنما هي
واردات أهل النهاية وأما واردات أهل البداية فإنها تأتي قوية قهارية :
أما بخوف مزعج , أو شوق مقلق , لترحله عن شهواته وعوائده .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أكتوبر 30, 2012 1:35 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان وخمس وعشرون من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( متى وردت الواردات الإلهية إليك هدمت العوائد عليك
أن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها )

الوارد الإلهي هو قوة شوق أو اشتياق أو محبة يخلقها الله في قلب
العبد وقد تنشأ عن قوة خوف أو هيبة أو جلال , فتزعجه تلك القوة
إلى النهوض إلى مولاه , فيخرج عن عوائده وشهواته وهواه , ويرحل
إلى معرفة ربه ورضاه , وقد تترادف عليه أنوار تلك المحبة والشوق
فتغيبه عن حسه بالكلية , وهو الجذب , وإنما جمع الواردات باعتبار
تلك المحبة والشوق فإنها لا تهدم عوائدها إلا أن كثرت وتزايدت
وتسمى أيضاً هذه الواردات نفحات .
قال عليه الصلاو والسلام :

" أن لله نفحات فتعرضوا لنفحاته "

فمن لم ترد عليه هذه الواردات اختياراً فليتعرض لها بصحبة العارفين
أهل الأكسير الذي يقلب الأعيان , فإن صحبهم ولم ترد عليه فليخرق
عوائد نفسه من الظاهر فإنها تدخل منه إلى الباطن

فمتى وردت عليك حينئذ تلك الواردات الإلهية هدمت العوائد عليك
وأفسدتها لديك فترد عزك ذلا وغناك فقراً , وجاهك خمولاً , ورياستك
تواضعاً وحنواً وكلامك صمتاً ولذيذ طعامك خشنا , وشبعك جوعاً
وكثرة كلامك صمتاً , وقرارك في وطنك سياحة وسفراً
هكذا شأن الوارد الإلهي يخرب العوائد ويهدمها فهو كملك جبار ذي
جيش طغاة دخل قرية أو مدينة فأفسد بنائها وغير عوائدها
قال تعالى:

( أن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها ) أي نزعوها وخربوها
( وجعلوا أعزة أهلها أذلة ) أي رؤساء اتباعاً مرؤوسين
( وكذلك بفعلون ) .
أي هذا شأنهم , والاستشهاد بالآية في غاية الحسن والمناسبة .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس نوفمبر 08, 2012 1:08 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان والسادس وعشرون من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( الوارد يأني من حضرة قهار , لأجل ذلك لا يصادمه شيء إلا دمغة
بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق )

إنما كان الوارد الذي يرد على قلوب السائرين أو الطالبين قوياً شديداً
لأنه ياتي من حضرة اسمه تعالى ليدمغ بقهريته كل ما وجد في النفس
أو القلب من الأغيار , وإنما قلنا من حضرة اسمه القهار لأن الحق تعالى
له حضرات بعدد أسمائه
فاسمه تعالى القهار يتجلى من حضرة قهريته
واسمه جميل يتجلى من حضرة جماله
واسمه جليل يتجلى من حضرة جلاله
واسمه رحيم يتجلى من حضرة رحمته
واسمه الحليم يتجلى من حضرة حلمه
واسمه الكريم يتجلى من حضرة كرمه
وهكذا , فكل اسم يخرج تجليه على وفق حضرته
قال تعالى : { وإن من شيء إلا عندنا خزائنه }

ولو كان هذا الوارد الذي يرد على قلوب أهل البداية من
حضرة الرحيم أو الحليم أو الجميل ما أمكن أن يدفع بحكمة الله
ما صادمه من الباطل .
وشبه الشيخ : الباطل : وهو كل ما سوى الله بحيوان له دماغ
فإذا ضرب دماغه وتشتت مات , كذلك الباطل إذا صادمه الحق
أهلكه وتشتت دماغه .
فالوارد محض حق , فإذا صادم الباطل دمغه وقتله , ولذلك أتى بالآية
التى نزلت فى شأن القرآن مع الكفر , فإن الكفر تشتت واضمحل
حين نزل القرآن , كذلك السوى إذا تجلى الحق بقهرية نوره
تشتت واضمحل .

وكان الشيخ أبو العباس رضى الله عنه كثيراً ما نشد هذه الأبيات
فى هذا المعنى :

فلو عاينت عيناك يوم تزلزلت *** أرض النفوس ودكت الأجبال
لرأيت شمس الحق يسطع نورها *** عند التزلزل والرجال رجال

قال : والأرض أرض النفوس , والجبال جبال العقل .

يعنى أن الوارد الإلهى إذا ورد قوياً من حضرة قهاريته تعالى
دك وجود النفوس , وتدكدكت منه جبال العقول , فيكشف له حينئذ
عن أسرار خارجة عن مدارك العقول غير مدركة بعبارة النقول
فيصبر صاحب هذا الوارد كله حقاً لا يصادم شيئاً إلا دمغه
وهذا المعنى قصده شخ شيوخنا القطب ابن مشيش بقوله :
واقذف بى على الباطل فأدمغه , طلب أن يكون حقاً محضاً يقذف به
على السوى فيدمغه .

فإذا ذهب السوى واضمحل بقى الخق الذى لايقنى , ظاهراً لاخفى

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد نوفمبر 25, 2012 9:25 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان والسابع والعشرون من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( كيف يحجب الحق بشىء والذى يحجب به هو فيه ظاهر
وموجود حاضر ؟ )

كرر الشيخ هذا المعنى فى كتابه مراراً تحريضاً على الجمع وتحذيراً
من الفرق , فقد تقرر أن الحق تعالى ليس محجوباً بشىء ولا يصح
أن يحتجب بشىء , إذ لو احتجب بشىء وجودى لكان ذلك من
أثر قدرته وقدرته لا تفارق ذاته , فالصفة لا تفارق الموصوف
فما ظهر شىء من بحر الجبروت إلا كان نوراً من أنوراه
وأثراً من أثر صفاته , وقد قال صاحب العينية :

فأوصافه والاسم والأثر الذى
هو الكون عين الذات والله جامع

فلذلك تعجب الشيخ من تصور الحجاب فى حقه تعالى
مع أن كل ما يبرز من عنصر القدرة كله نور من نور ملكوته
فائضاً متدفقاً من بحر جبروته , فتحققت الوحدة وانتفى
الحجاب بالكلية , فكل موجود نور الحق فيه حاضر موجود .

ثم إن الواردات هى الأحوال , والأحوال نتائج الأعمال فى الغالب
فلذلك ذكر الشيخ العمل ألا تتركه حيث لم تذق حلاوته ,
والعمل منه مايجد العامل ثمرته وهو الحال والحلاوة
ومنه مالا يجد ثمرته عاجلاً , فلا ينبغى تركه
ولاييأس من ثمرته , ولا من قبوله .

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء ديسمبر 19, 2012 10:34 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان والثامن والعشرون من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

[ لا تيأس من قبول عمل لا تجد فيه وجود الحضور , فربما قُبل
من العمل ما لم تدرك ثمرته عاجلا ] .

قد تقدم قوله : من وجد ثمرة عمله عاجلا فهو دليل على وجود
القبول ولا يقتضى المفهوم أنه إن لم يجد ثمرته فليس بمقبول
بل هو مسكوت عنه , فإن توفرت فيه شروط القبول من جهة الشريعة
إن صحبه الإخلاص والتقوى والإتقان الشرعى فهو مقبول عند الله
إن شاء الله , سواء وجد ثمرته أم لا , قال الله تعالى :

( إنما يتقبل الله من المتقين ) وقال صلى الله عليه وسلم :
(( لا يقبل الله من مُسَمعٍ ولا مُراءٍ )) .

فإن كنت متقياً لله فى ظاهرك وباطنك على قدر استطاعتك
ومخلصاً لله فى أعمالك , ثم لم تجد حلاوة العمل ولا حضور قلبك فيه
ولم تجد ثمرته من أحوال الواجدين وأذواق العارفين
فلا تيأس من قبوله عند الله , فليس وجود الحال ولا الحلاوة شرطاً
فى العمل إنما هى علامة , والعلامة لا يلزم طردها
فربما قُبل من العمل ما لم تدرك ثمرته عاجلا , فيعطيك ثوابه آجلا
فلا ينبغى لك أن تستحقر عملك فتتركه , لعدم حضورك فيه
أو لعدم وجدان حلاوته , بل يجب عليك أن تدوم عليه حتى تجنى ثمرته
فمن قرع الباب يوشك أن يفتح له , واسمع قول الشاعر :

اطلب ولا تضجرن من مطلب *** فآفة الطــالب أن يضجرا
أما ترى الحبل بتكراره *** فى الصخرة الصماء قد أثرا

واذكر قضية العابد الذى بقى فى مكة أربعين سنة وهو يقول :
لبيك اللهم لبيك , والهاتف يقول : لا لبيك ولا سعديك
وحجك مردود عليك , وهو ملازم لم يبرح من موضعه ولم
يرجع عن عمله , فجاء إليه رجل يزوره فلما قال الرجل العابد لبيك
فقال له الهاتف لا لبيك , فقام الزائر منصرفاً عنه وقال فى نفسه
هذا رجل مطرود , فناداه العابد مالك ؟ فقال :
يا سيدى أنت قلت لبيك والقائل قال لك لا لبيك , فقال له
يا هذا لى أربعون سنة أسمع هذا الخطاب , وهل ثم أبواب
أخرى نأتيه منها ؟ أنا واقف ببابه , ولو طردنى ألف مرة
ما برحت عن بابه , فقبله الحق تعالى , فلما قال لبيك
قال له الحق تعالى لبيك وسعديك أو كما قال .

فانظر من لازم الباب كيف التحق بالأحباب , وفتح فى وجهه
الباب , ولذلك قال عليه الصلاة والسلام :

(( أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل )) وقال :
(( إن الله لا يمل حتى تملوا )) .

فالمراد من العمل القيام برسم العبودية , وتعظيم جانب الربوبية
وليس المراد منها طلب الأحوال والمقامات , فإن ذلك قدح فى
الإخلاص عند أهل التوحيد الخاص .

وقد يكون الحال سبباً فى الحجاب لمن وقف معه واستحلاه
ولذلك قال بعضهم :
اتقوا حلاوة الطاعة فإنها سموم قاتلة , أى لمن وقف معها
وكم ينفذ لى شهود المعبود بها , فلا تكن عبد الحل
وكن عبد المحول

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: الحكم العطائية لسيدى ابن عطاء الله السكندرى
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس ديسمبر 27, 2012 12:38 am 
غير متصل

اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 4:45 am
مشاركات: 19600
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله
وسلم تسليماً كثيرا
معنا اليوم الحكمة المائتان والتاسع والعشرون من الحكم العطائية
لسيدى ابن عطاء الله السكندرى وهى :

( لا تزكين واردا لا تعلم ثمرته , فليس المراد من السحابة الأمطار
وإنما المراد منها وجود الأثمار )

ثمرة الوارد هو هدم العوائد , واكتساب الفوائد والتخلية من الرذائل
والتحلية بالفضائل .

وإن شئت قلت : ثمرة الوارد الصادق هو ما ينشأ عنه من الذلة والإنكسار
والخشوع والسكينة والوقار والحلم والزهد والسخاء والإيثار والتخلص
من رق الشهوات الجسمانية والعوائد النفسانية
والخروج من سجن الأكوان , والترقي إلى فضاء الشهود والعيان
والتحرر من يد الأغيار , والتمحض إلى تحقيق المعارف والأسرار
وكل هذا قد تقدم للمؤلف مفرقاً .

قال في أول الكتاب : أورد عليك الوارد لتكون به عليه وارداً

أورد عليك الوارد ليتسلمك من يد الأغيار , وليحررك من رق الآثار

أورد عليك الوارد ليخرجك من سجن وجودك إلى فضاء شهودك

وقال فيما تقدم قريباً :
متى وردت الواردات الإلهية إليك هدمت العوائد عليك

وقال أيضاً الوارد ياتي من حضرة قهار لأجل ذلك لا يصادمه
شئ إلا دمغة .

فإذا ورد عليك وارد ولم يترك فيك هذه الخصال فلا تزكه , واتهم نفسك فيه
لئلا يكون شطانياً
فإن الوارد الإلهي تعقبه برودة وسكون وزهد وطمأنينة وفترة
والوارد الشياطين تعقبه حرارة وقساوة وتكبر وصولة ورؤية نفس

فليس المراد من الحال فرحه وخفته وشطحته إنما المراد منه ثمرته
فهو كسحابة الأمطار , فليس المراد منها وجود الأمطار وإنما المراد
ما ينشأ عنها من وجود الأثمار , فلا تطلب بقاء الحال فقد يكون بقاؤه
ضررا لك فإن دوام الأمطار يعود نفعها ضررا

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 540 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1 ... 15, 16, 17, 18, 19, 20, 21 ... 36  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 2 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط