بسم الله , والحمد لله , والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله , وآله ومن والاه ... وبعد نستكمل الحديث عن البيت العباسى ورجاله , ومقدمات التمهيد لقيام الدولة العباسية .
خرج أبوالعباس السفاح يوم الجمعة (13 ربيع الأول) فصلى بالناس , و قال فى خطبته - بعد أن حمدالله والثناء عليه وافتخر بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم ذكر الخلفاء الراشدين وأثنى عليهم , ونعى على ابن حرب وبنى مروان أثرتهم وظلمهم.
ثم قال : " وإنى لأرجو ألا يأتيكم الجور من حيث أتاكم الخير , ولا الفساد من حيث جاءهم الصلاح , وماتوفيقنا أهل البيت إلا بالله .
ياأهل الكوفة أنتم محل محبتنا ومنزل مودتنا , أنتم الذين لم تتغيروا على ذلك ولم يثنكم عنه تحامل أهل الجور عليكم حتى أدركتم زمننا وأتاكم الله بدولتنا , فأنتم أسعد الناس بنا وأكرمهم علينا , وقد زدتكم فى أعطياتكم مائة درهم فاستعدوا فأنا السفاح المبيح والثائر المتيح "
وبهذه الجملة الأخيرة لقب بالسفاح . كان السفاح إذ ذاك موعوكاً فاشتد به الوعك فجلس على المنبر , وصعد داود بن على عمه - وكان من أفصح بنى العباس - فخطب خطبة جاء فيها :
" إنا والله ماخرجنا فى هذا الأمر لنكثر لجيناً ولا عقياناً ولانحفر نهراً ولانبنى قصرا , وإنما أخرجنا الأنفة من ابتزازهم حقنا , والغضب لبنى عمنا , وماكرثنا من أموركم وبهظنا من شؤونكم .
ولقد كانت أموركم ترمضنا ونحن فى فرشنا , ويشتد علينا سوء سيرة بنى أمية فيكم وخرقهم بكم واستذلالهم لكم واستئثارهم بفيئكم وصدقاتكم ومغانمكم .
لكم ذمة الله وذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذمة العباس رحمه الله أن نحكم فيكم بما أنزله الله , ونعمل فيكم بكتاب الله ونسير فى العامة منكم والخاصة بسير رسول الله صلى الله عليه وسلم "
ثم منى الكوفة بما يحلو فى أسماعهم , ومدح أهل خراسان بما قاموا به من نصر أهل بيت النبى صلى الله عليه وسلم وإعادة حقوقهم .
وقال فى اَخر خطبته : " ألا وإنه ما صعد منبركم هذا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أمير المؤمنين على بن أبى طالب وأمير المؤمنين عبدالله بن محمد - وأشار بيده إلى أبى العباس السفاح - فاعلموا أن هذا الأمر فينا حتى نسلمه إلى عيسى ابن مريم صلوات الله عليه " . بعد أن تمت الخطبتان والصلاة خرج السفاح إلى القصر وأجلس أخاه أبا جعفر ليأخذ البيعة على الناس فى المسجد , فلم يزل يأخذها عليهم حتى صلى بهم العصر , ثم صلى بهم المغرب وجنهم الليل فدخل .
ثم خرج أبوالعباس السفاح إلى المعسكر بحمام أعين واستخلف على الكوفة عمه داود بن على . بعد أن بلغوا هذا المبلغ بقى عليهم أن يقضوا على مروان بن محمد والقوة العظمى التى بالجزيرة , وعلى ابن هبيرة والقوة التى معه بواسط .
ونستكمل الحديث فى المشاركة القادمة بإذن الله تعالى
وصل اللهم وسلم على سيدنا ومولانا رسول الله , وآله , وعظم وشرف وكرم
|